تمكنت بعض العناصر الأمنية التابعين لفرقة الدراجين بولاية أمن فاس، وبمساعدة المواطنين ليلة الإثنين 1 شتنبر الجاري ، من توقيف ثلاثة مجرمين اعتدوا بالسلاح الأبيض على أحد ساكنة درب الحاج إدريس مكينة الحبابي منطقة باب الخوخة بمدينة فاس في إطار تصفية الحسابات. وعرف الأسبوع الماضي سلسلة من الجرائم أبرزها جريمة الاعتداء على رجال الأمن بعد تدخلهم لإيقاف مجرم مشهور بدرب غلف بالدار البيضاء حيث اضطر أحد رجال الأمن إلى إطلاق خمس رصاصات . تصدرت حوادث السرقة بالعنف واستعمال الأسلحة البيضاء التي تسمى ب" التشرميل " اهتمام الرأي العام ووسائل الإعلام بعدما خفت حدتها مع الحملات الأمنية التي أثارها تجرؤ مراهقين على نشر صورهم عبر صفحات الفايسبوك يعرضون أسلحتهم البيضاء وغنائم سرقاتهم مرتدين ألبسة رياضية وساعات ثمينة ودراجاتهم النارية . وتولد فيما يشبه الاقتناع لدى المواطنين أن " الجريمة " أو" التشرميل" تنامت في العديد من المدن حيث اضطرت الفرق الأمنية أحيانا إلى إطلاق الرصاص في مواجهة المجرمين الذين لم يتورعوا في الاعتداء على رجال الأمن . ومن أجل استمزاج راي المختصين ، اتصلت " رسالة الأمة بالدكتورمحمد الأزهرأستاذ جامعي وخبير متخصص بعلم الإجرام الذي أكد أن الحملات الأمنية بمفردها لا تكفي لمحاربة الجريمة أو ما يعرف بظاهرة التشرميل، كونها محدودة الزمن رغم فعاليتها ونجاعتها، مشددا في اتصال هاتفي ل"رسالة الأمة"على ضرورة التخطيط البعيد الأمد للقيام بمحاولة استئصال الظاهرة التي أصبحت رهينة بمجموعة من العوامل المتداخلة في ما بينها تشمل الجانب الثقافي والتربوي والأسري، في إشارة منه إلى أهمية المنظومة التربوية ودورها في التقليص من الظاهرة إلى جانب المركبات الرياضية والثقافية كفضاءات للترفيه وملء الفراغ القاتل الذي يؤدي إلى التعاطي إلى الإجرام والولوج إليه من أبوابه الواسعة. كما أوضح الدكتور الأزهر في سياق حديثه أن المدرسة العمومية تقهقرت وأصبحت تساهم في إنتاج العنف على عكس الدول الغربية التي تولي اهتماما كبيرا للجانب التعليمي من أجل إنتاج أطر قادرة على المحافظة على المجتمع وبيئته. من جانبه، أوضح علي الشعباني متخصص في علم الاجتماع، أن ظاهرة التشرميل لا تزال في بدايتها ولا يمكن الحديت عن عودتها كونها لم تختف بشكل تام ومن الجذور، مبرزا أن الحملة الأمنية أعطت أكلها للتقليص من الظاهرة وحصرها في زمن محدد، في إشارة منه إلى أن الغياب القصير والظرفي لرؤوس التشرميل يوحي باستعدادهم المرحلي للظهور من جديد في حلة جديدة وبوسائل وآليات جديدة أكثر تطورا. وأضاف الشعباني، أن الأسباب والعوامل التي أفرزت الظاهرة لم تعالج بعد ولا تزال قائمة في شتى جوانبها الاقتصادية والاجتماعية التي تترجم إلى الفقر والبطالة وغياب تكافؤ الفرص، كما كشف المتحدث عن إمكانية بروز ظواهر مماثلة، سيما وأن المجرمين يغيرون طرق وسائل عملهم ويتفنون فيها في إطار لذة الإبداع التي يراهنون عليها. هذا وعاينت "رسالة الأمة" العديد من مظاهر " التشرميل " آخرها كان صباح أمس الثلاثاء بالقرب من إحدى مقاهي ليساسفة، حيث عاينت وجود " مشرملين " بأسلحتهم البيضاء في تحد صارخ للمواطنين وأجمعت آراء بعض المواطنين التي استمزجتها "رسالة الأمة" على أن الإجرام الذي يعد "التشرميل " الافتراضي في مواقع " التواصل الاجتماعي أو في شوارع المدن مشكلة هيكلية يجب التعامل معها ببعد استراتيجي وليس التعاطي معها بمقاربة الحملات التي ما أن تنتهي حتى يعود الوضع إلى ما هو أخطر منه . كما أن هذه الآراء ترى أن اجتثاث " التشرميل " يبدأ من المقاربة الأمنية التي لا يجب أن تنحصر في حملات ويشمل أبعادا أخرى ، كما يجب التعاطي معها بمنطق لا تهوين ولا تهويل ، بمعنى لا تهوين من طرف السلطات الأمنية التي قد تعتبرالتركيز على أخبار الجرائم تنقيصا من يقظتها ، ولا تهويل من طرف المواطنين الذين يجب أن يثمنوا مجهودات المصالح الأمنية .