اتفقت أبرز ردود الفعل الواردة في الصحف الأوروبية، على التركيز في الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس للأمة السبت المنصرم، بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء المظفرة، حول مبدئية قضية الصحراء للمملكة المغربية، وعدم تفاوض المغرب على أراضيه الصحراوية، إضافة إلى حديث الملك محمد السادس عن عدم قيام الرباط باتفاقيات اقتصادية أو تجارية لا تشمل الصحراء مع أصحاب المواقف المزدوجة. وقالت صحيفة "الباييس" في هذا الخصوص، إن الملك في خطابه وجه رسالة بشكل غير مباشر إلى الحكومة الإسبانية، وحكومات ومنظمات أخرى. وأضافت الصحيفة الإسبانية الواسعة الانتشار، أن الملك في إشارة إلى الصحراء، زاد بالقول بأن من حق المغرب الآن أن يتوقع من شركائه مواقف أكثر جرأة وأوضح، فيما يتعلق بمسألة وحدة أراضي المملكة". وتحدثت الصحيفة ذاتها، عن استبعاد الملك تماما أي تنازلات لاستفتاء تقرير المصير الذي تطالب به جبهة البوليساريو في المنطقة المتنازع عليها، مؤكدا أنه بالنسبة للمغرب، لا يمكن أن تكون الصحراء موضوع تفاوض، علاوة على ذلك، فإن مغربية الصحراء لم تثر قط ولن تثار على طاولة المفاوضات. من جانبها كتبت صحيفة "الموندو" ، أن الملك محمد السادس رغم التحديات التي يعيشها المغرب مع جاره الشرقي والتي تعتبر قضية الصحراء المغربية أبرز تجلياتها، لم يشر الملك إلى الجزائر في خطاب المسيرة . كما أوردت "الموندو" حديث الملك عن فخر المملكة باعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية على سيادة المغرب على الصحراء، وترحيبه بالقرار السيادي الأمريكي. كما أعطت "الموندو" نبذة عن المسيرة الخضراء، وأبرزت من خلالها على وقوف الملك الراحل الحسن الثاني في وجه مخططات فرانكو حاكم إسبانيا آنذاك، لإجراء استفتاء في الأقاليم الجنوبية للمملكة المستعمرة سابقا من قبل إسبانيا. وحول عدم قيام المغرب باتفاقيات لا تشمل الصحراء مع أصحاب المواقف المزدوجة والغامضة، قالت صحيفة "الريبوبليكا" الإسبانية كذلك، إن الملك أشار بشكل غير مباشر إلى أحكام سبتمبر الصادرة عن المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، التي ألغت اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لإدراج الأقاليم الصحراوية والمزايا الجمركية التي تمنحها الكتلة لاستيراد المنتجات الزراعية وصيد الأسماك. وفي سياق متصل، وفي واحد من المقالات النادرة لصحيفة "تلغراف" البريطانية حول قضية الصحراء، والذي خصصته هذه المرة لطرح الأمر من وجهة نظر البوليساريو، أو لنقل من داخل معسكر الجبهة ما يجعل من المقالة بالغة الأهمية لأنها لن تغرق في البروبغندا، ولا في لغة الأقصاف، بل ستقدم صورة أقرب إلى الواقع. وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء شكل صدمة للجبهة البوليساريو، واصفة السيارات التي يتنقل عليها مقاتلو الجبهة بأنها مهترئة وكذلك الأسلحة. كما كشف النقاب أيضا، كيف أن الطائرات المسيرة المغربية قلبت موازين اللعبة في الصحراء، مع التأكيد على أن إغلاق معبر الكركرات، كان الغرض منه فعلا خلق حالة اختناق تثير انتباه العالم، لأن الجبهة تشعر أن العالم نسيها أو نسي مطالبها. وشدد الصحيفة البريطانية نفسها، أن هناك وعي لدى قادة الجبهة العسكريين، بأن اختراق الجدار الأمني أصبح أمرا شبه مستحيل، وبأن هناك الكثير من الإحباط في الجبهة وإحساس بأن الحرب الدبلوماسية والسياسية تسير لصالح المغرب، وبأن التلويح بالتصعيد أكثر أو ما يسميه المقال "الخروج من السرعة الأولى" إلى تفجير المواجهة غرضه لإثارة انتباه العالم لهذا الملف فقط، وذاك في ظل غياب لأي بديل أو أطروحة سياسية متينة في معسكر الانفصال سوى التصعيد أكثر، إذ لم يعد يخفي القادة العسكريون للجبهة رغبتهم في المزيد من الدعم العسكري من الجزائر بالأسلحة المتطورة، كما وصف المقال الوضع المزري لسكان مخيمات تيندوف وضياع الأحلام في الصحراء القاحلة. جدير ذكره أن ما تكتبه "تلغراف" له وقع وتاثير كبير في الساحة السياسية البريطانية، بل إن أحد مستشاري رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، قال مرة، إن جونسون لا يتخذ احيانا قرارا إلا بعد أن يعرف رأي "تلغراف" فيه.