يحلو للعصابة الحاكمة في الجزائر عبر التصريحات البئيسة لقياداتها الموتورة، أو التعليقات السخيفة لأبواقها الإعلامية الكريهة، أن تردد بغباء لا نظير له، عبارة خطابية شهيرة، تخفف بها على نفسها من وقع مبادرات قوية وناجحة ومقْنِعة وذات مصداقية لمن تعتبره عدوها الكلاسيكي الدائم وهو المغرب، وهي عبارة "وُلِد ميتا"، كحكم قبلي وقطعي منها على كل مبادرة أو مشاريع استقرار وأمن وأمان وخير وسلام، بأنها لا قيمة لها ولا وزن ولا اعتبار ولا مصداقية، لأنها تعزز من حظوظ استفادة المغرب ودول الجوار من وعودها ومقاصدها النبيلة التي تراها العصابة عدوانا واعتداء عليها، وفضحا لفشلها الذريع في تدبير سياستها الداخلية والخارجية وعلاقاتها البينية وأزماتها وصراعاتها، وفشلها أيضا في التجسيد الفعلي لشعار"القوة الضاربة والمحورية". فمقترح الحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بكل الدينامية السياسية والديبلوماسية التي خلقها، وبما يضمنه من إنهاء عادل وشامل ودائم للنزاع، وبما يتمتع به من مصداقية وترحيب دولي وأممي، وبما يحمله للجزائر نفسها من حفظ ماء وجهها وانتشالها من ورطة الدعم السياسي والديبلوماسي والعسكري لميليشيات إرهابية، هو في حكم العصابة : "ولد ميتا". وفتح الدول الشقيقة والصديقة لقنصلياتها بأقاليمنا الصحراوية المسترجعة، هو في النظر الأعمى للعصابة وأبواقها الإعلامية: "ولد ميتا". وأنبوب الغاز النيجيري المغربي الذي قطع أشواطا في الإقناع بجدواه، وضمان انخراط الدول المستفيدة منه، وبناء الثقة في الشراكات بينها، وجلب الاستثمارات والتمويلات اللازمة والكافية له، هو في تعليق العصابة وحكمها: "مولود سقط ميتا" منذ المبادرة إلى اقتراحه، ولم يخرج بعد إلى دنيا الناس ولن يخرج أبدا، فقط لأن أُمنية العصابة هي في هذا الموت، ومواصلة إشاعة هذا المناخ الجنائزي في المنطقة، والاستمرار في أعمال حفر القبور وتشييع الموتى إلى مثواهم الأخير، خصوصا إذا كان هؤلاء الموتى من الأجنة التي سقطت قبل نفخ الروح فيها، ورغم أن واقع العمل على تنزيل الاتفاقيات والشراكات بشأن هذا الأنبوب الواعد هو على قدم وساق تدب فيه الحياة ويدرج نحو اليوم الموعود لولادته ونحو العمر المديد لبقائه وإمداده، إلا أن العصابة ترى أنبوبها الذي في رحم خيالها العقيم، وحده ولا سواه من يحق له أن يتمتع بالحضور والحياة والخلود في عالم آخر من العوالم الممكنة والموازية، ومن ثمة فكل أنبوب غير الأنبوب الجزائري النيجيري الوهمي، ميت ولادةً، ساقط أصلا، ولو جرت فيه كل دماء النفط والغاز. والمبادرة الملكية الأطلسية لتمكين دول الساحل من ولوج المحيط الأطلسي، بكل ما وفرته من أرضيات إقناعية مشتركة، ومن ضمانات للنجاح وجلب المصالح ودفع المضار، وبكل ما راكمته في وقت وجيز من مناقشات وتفاهمات ولقاءات وانخراطات عفوية لدول الجوار المعنية بها، ومن توسيع لمجال إشراك دول أطلسية وغير أطلسية من مختلف القارات في المبادرة الملكية، خصوصا تلك الدول الوازنة التي عبرت منذ إطلاق المبادرة عن انضمامها إليها وجاهزيتها للاستثمار في مشاريعها، هي عند العصابة محكوم عليها مسبقا ليس بالفشل والشلل اللاحقين بها مستقبلا، بل بالموت والعدم ابتداء، فمنذ اقتراح المبادرة وإعطاء انطلاقة المشاورات حولها، شيعتها العصابة وأبواقها وأزلامها في أجواء احتفالية وكرنفالية حكت فيها قصص الأحياء الأموات، والأموات الأحياء، والمواليد الخدج والسقط وناقصي التخلق والنمو والحياة، بل كيف يمكن أن يولد المرء، أو الأمر ميتا، ويواصل مواته وإلهامه للأحياء. لازمة "ولد ميتا"، في التعليقات التسفيهية على مشاريع المغرب التعاونية والتشاركية، ومبادراته التنموية والوحدوية والسلمية، لا تعكس واقع هذه المشاريع والمبادرات الناجحة ولا حقيقتها ولا حياتها ونموها، بل تعكس عجز نظام العصابة عن قراءة الأحداث في محيطه الإقليمي والدولي وفشله في تقويم ما يجري حوله من تطورات ومستجدات، كما أن هذه اللازمة "الموات" تترجم الشر المستطير الذي تضمره العصابة لبلادنا ولشعبنا ولكل شعوب ودول الجوار التي ترفض إملاءاتها وهيمنتها وتطاولها على سيادتها، مثلما تترجم وتعكس أماني العصابة وأحلامها في زرع الدمار والخراب والموت في محيطها، وتقمص دور ملَك الموت أو دور مولدة مرعبة متخصصة في سحب المواليد الميتة من الأرحام والإعلان عنها وإحصائها في "كتاب الموتى"، أو دور حفار القبور الذي يصُفّ الجثث صفا ويهيل عليها التراب. ولو أحصينا عدد هذه المواليد الموصوفة زورا وبهتانا بأنها ميتة من الأصل، في كل هذه المشاريع والمبادرات المغربية المنطلقة نحو الحياة والمستقبل، بعضها تكرس وحقق ويحقق مكتسبات، وبعضها الآخر في طور التخلق والتشكل أو النمو والازدهار، لوجدنا منها عددا كبيرا أحصاه الواقع في عداد الأحياء الذين يُرزَقون ويَرزِقون، وأحصته العصابة في سجلات الموتى، بل الذين سقطوا من الأرحام أجنة غير مخلقة. أينما وليت وجهك في العلاقات الخارجية لنظام العصابة تصادفك رائحة الموت والخراب والدمار، والأحكام الجاهزة بالموت والفشل والشلل، والدعوات بالشر والويل والقتل والمصائب. ولعل أبلغ حدث موات ودمار، استقبلت به العصابة ما بعد رمضان المبارك، هو إطلاق حملة الاجتماعات الموعودة لإنشاء تحالف أو كيان بدون أفق ولا مشروع على هامش الاتحاد المغاربي القائم الذي جمدته وتآمرت عليه، دعت إليه بعض الدول المغاربية، تحت طائلة التهديد والوعيد، غير أن هذا التجمع أو الكيان الوهمي انطبقت عليه بالحرف مقولة العصابة: "ولد ميتا"، فإلى غاية اليوم ومع كل الكثافة في الاتصالات والضغوط والمؤامرات لعقد اللقاء الأول "بعيد رمضان" لقادة ورؤساء مغاربيين، كما وعد وأملى تبون العصابة، لا حركة في الأفق للانخراط في هذه الأجندة العدوانية ضد الاتحاد المغاربي والتي تستهدف نسف المشروع التاريخي للمقاومة والتحرير والوحدة بين الدول المغاربية الخمس، لصالح كيان كريه ملؤه الحقد والبغضاء والتحريش بين الشعوب المغاربية، وإجهاض حلم الوحدة والتنمية والتعاون، وإرادة الهيمنة والغطرسة والعربدة في المنطقة.