في سياق التنافس العالمي على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية تبرز أهمية المؤشرات الاقتصادية الدولية التي ترصد الأداء الاقتصادي للدول وتقيس مدى جاذبيتها للمستثمرين. ويعد مؤشر الربحية الأساسي العالمي "Basic Profitability Index – BPI" أحد أبرز هذه المؤشرات لما يوفره من رؤية شاملة حول قدرة الدول على تنمية الأصول والحفاظ على القيمة، ومدى إمكانية تحقيق عوائد مستدامة للمستثمرين الأجانب. وفي أحدث تصنيف صادر عن هذا المؤشر، تمكن المغرب من تحقيق تقدم ملموس في تصنيفه العالمي، ليحل في المرتبة 52 من أصل حوالي 100 دولة، محققا 1.06 نقطة على سلم التقييم، مقارنة بالمرتبة 53 التي شغلها في تصنيف العام الماضي. ويأتي هذا التحسن استكمالا لمسار تصاعدي بدأ منذ عام 2022، حيث كان المغرب يحتل حينها المركز 63 قبل أن ينتقل إلى المرتبة 65 في عام 2023، ما يعكس استقرارا نسبيا وتحسنا تدريجيا في مناخ الاستثمار الوطني. وعلى الصعيد العالمي، تصدرت الهند قائمة الدول الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي برصيد 1.28 نقطة، تلتها رواندا في المركز الثاني ب 1.27 نقطة، لتحتل بذلك صدارة الترتيب على مستوى القارة الإفريقية. أما ماليزيا فقد جاءت في المركز الثالث ب 1.25 نقطة. وضمت قائمة العشرين الأوائل دولا مثل بوتسوانا، الفلبين، فيتنام، إندونيسيا، جورجيا، أوغندا، بولندا، والسويد، إلى جانب دولتين عربيتين هما المملكة العربية السعودية في المركز ال11 ب 1.14 نقطة، وجمهورية مصر العربية في المرتبة ال13. ويمثل مؤشر BPI أداة تحليلية فريدة لقياس جاذبية الدول للاستثمار الأجنبي المباشر، إذ يعتمد على مجموعة من المعايير الدقيقة تشمل: معدل نمو الأصول، قدرة الدولة على الحفاظ على القيمة، واستقرار رؤوس الأموال، خلال فترة زمنية تمتد إلى خمس سنوات. ما يميز هذا المؤشر عن غيره هو أنه لا يكتفي بقياس العائد المحتمل فقط، بل يربط ذلك بإمكانية إعادة هذه العوائد إلى بلد المنشأ، فيقدم بذلك تصورا واقعيا لحجم الربحية الحقيقية التي يمكن تحقيقها من الاستثمار في دولة ما. ويشرف على إعداد هذا المؤشر الخبير الاقتصادي العالمي دانيال ألتمان، استنادا إلى قاعدة بيانات صندوق النقد الدولي حول الآفاق الاقتصادية العالمية. وينطلق المؤشر من فرضية أساسية تعتبر أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تمثل شراء لجزء عام من الاقتصاد، وبالتالي فإن أي تغير في الحجم العام لهذا الاقتصاد ينعكس على القيمة النسبية للاستثمار. يعد تحسن تصنيف المغرب في هذا المؤشر إشارة إيجابية على جاذبية بيئته الاستثمارية، ويعكس ثقة متزايدة من قبل المستثمرين الأجانب في استقرار الاقتصاد الوطني وآفاق نموه المستقبلي.