أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريرا أوليا يتضمن مجموعة من الخلاصات والتوصيات بخصوص موجة الاحتجاجات التي تشهدها عدة مدن مغربية خلال الأيام الأخيرة، والتي يقودها شباب يرفعون مطالب اجتماعية وحقوقية. الاجتماع الذي عقدته رئيسة المجلس آمنة بوعياش يوم الأربعاء فاتح أكتوبر 2025، بحضور رؤساء اللجان الجهوية وأطر من الإدارة المركزية، خُصص لبحث سبل متابعة هذه التحركات وضمان حماية الحقوق في سياقها. المجلس أوضح أنه منذ بداية الدعوات للاحتجاج بادر إلى تشكيل فرق للرصد الميداني والرقمي، تعمل على ثلاثة مستويات: جهويا من خلال لجانه الاثنتي عشرة، وطنيا عبر طاقمه المركزي، وعلى مستوى الفضاء الرقمي الذي تحول إلى مجال رئيسي للتعبير عن المواقف. وفي هذا الصدد، أكد أن الإنترنت أصبح فضاءً أساسيا لتشكل التعبيرات الشبابية السلمية، لكنه حذر في المقابل من انتشار محتويات مضللة ودعوات إلى العنف، وصلت حد التحريض على حرق مؤسسات عمومية واستهداف مقرات مسؤولي الدولة، إلى جانب تهديدات تطال بعض النشطاء خاصة من النساء. وأشار المجلس إلى أن بعض هذه الحسابات تعود لمصادر أجنبية أو لهويات مجهولة. وفي تقييمه لسير هذه الأحداث، أبرز المجلس أن غالبية التظاهرات انطلقت سلمية، قبل أن تنزلق في بعض المناطق نحو أعمال عنف شملت الرشق بالحجارة، سرقة ممتلكات، وإضرام النار في سيارات ومرافق عمومية وخاصة، مع تسجيل ما وصفه بتدخلات سلطوية "غير ملائمة" في بعض الحالات. ومن هذا المنطلق، دعا المجلس إلى احترام الحق الدستوري في التظاهر السلمي باعتباره مكسبا ديمقراطيا، مشددا على أن الحفاظ على النظام العام وضمان حرية التعبير مسؤولية مشتركة بين السلطات العمومية والمنظمين. كما أوصى بضرورة اعتماد مقاربة حقوقية في تفسير ممارسة حق التظاهر، سواء كان مصرحا به أو غير مصرح، وربط ذلك بضمان سلمية الحركات الاجتماعية. المجلس أشار أيضا إلى استمرار الاحتجاجات السلمية في مدن كالرباط والداخلة والراشيدية وتارودانت، مع تسجيل مشاركة واسعة للقاصرين، في حين شهدت مناطق أخرى مواجهات عنيفة. وأعرب عن أسفه العميق لوفاة ثلاثة أشخاص في أحداث القليعة بعمالة إنزكان، إلى جانب إصابات طالت محتجين وأفرادا من القوات العمومية، مطالبا بفتح تحقيق نزيه في كل الحالات التي مست الحق في الحياة أو السلامة الجسدية. ورحب المجلس في المقابل بإطلاق سراح عدد من الموقوفين، لكنه أدان محاولة اقتحام مركز الدرك الملكي في القليعة وإضرام النار فيه رغم تواجد عائلات داخل المبنى. وفي ختام بيانه، جدد المجلس تأكيده على أن حرية التعبير حق أساسي لا يمكن المساس به إلا في حدود ضيقة تتعلق بحماية حقوق الغير والأمن العام، مذكرا بأن حرية التجمع السلمي تعد من الركائز الجوهرية لدولة القانون. كما أعلن عن استمراره في متابعة الوضع عبر آلياته الميدانية والرقمية، ورصده للمحاكمات الجارية، مبديا انفتاحه الكامل على الحوار مع جميع الفاعلين لضمان احترام الحقوق والحريات، ومعربا عن تعازيه لعائلات الضحايا الثلاث.