33% من المستوى الثاني 17% من المستوى الثالث من التعليم الابتدائي المغربي لم يتمكنوا من نطق كلمة واحدة بالفصحى 2.5% هم فقط من أجابوا إجابات صحيحة على خمسة من أصل ست أسئلة الفهم. ما زال الركب مستقرا، في تناقض تام مع نظرائه داخل وخارج الحدود، على مستوى قاطرة تحريك الشعوب: التعليم. بشهادة العالم وبتقاريره الفاضحة لكل الكذب والنفاق الداخلي، نعيش أرذل الأحوال، ما زال تلامذتنا أقل مستوى من جل دول العالم، حتى التي تعاني الحروب والحصار والدمار قد تفوقت علينا كفلسطين مثلا. تقارير دولية تبكي الغيور، وتحزن المتتبع، مئات وءالاف التلاميذ بالمغرب عامة وبالابتدائي خاصة لا يتقنون إنشاء جمل مفيدة صحيحة ! ووقفت شخصيا على حالة قبل أيام بالشاون الزرقاء، أقسم لكم أيها القراء أنها تبكي العين دما، تلميذ في الخامس ابتدائي، لا يستطيع استظهار أيام الأسبوع. لماذا كل هذا ونحن من دول شمال افريقيا، والحوض المتوسطي، والوطن العربي ؟ الجواب سهل إذا تصالح الجميع، وتآمرنا على ضحد هذا التخلف، بدل أن نلعب الكرة خارج الملعب. نحن في حاجة حقيقية وماسة إلى حروف الإصلاح الصادقة، لا أن نحافظ على سمعة فلان، وشخص علان، لنستر بذلك مشاكل آلاف التلاميذ والطلبة. التعليم المغربي يحتاج إلى ثورة حقيقية = تغيير جذري، على كافة المستويات: مقررات، أوقات الدراسة، مكتبات المدارس، التنشيط المدرسي ... بمعنى ءاخر في احتياج حقيقي إلى إعادة النظر بدل غض البصر ! فالعالم لم يعد في حاجة إلى تناقضاتنا، تفرقات شتى ومشاكل عدة، مثلا التعليم الديني مشتت كلية في زوايا عدة: عتيق، أصيل بفرعيه العصري والقديم ... وكلما جمعنا المتفرق نُظم الحال وقُلص إلا كان أفيد للسير قدما نحو أرضية يمكننا بها مسايرة الصيرورة العالمية. نرى أن تعليمنا متنكر لجل مكوناتنا الثاقفية والدينية فلماذا تعليمنا يتنكر للغة الأم بمجرد الوصول لمستوى الباكالوريا إلا قليلا ؟ أكيد أن الجواب سيكون بعلة أن اللغة الأم لا تساير التطور العلمي العالمي، ولا تواكب الحداثة، طبعا بتقصير أهلها وسباتهم وتنكراتهم، نرد بسؤال ءاخر: لماذا الفرنسية بالضبط ؟ أهي لغة علم حقا ؟ لماذا لم نرحب بعد بلغة العلم والاقتصاد، اللغة التي يفهمها العالم، الإنجليزية ؟ مما يحزننا أن التلميذ المغربي ما زال الموطن الأسمى لتربيته هو الشارع، نقذف به إليه كلما عجزنا، إذ ما زالت الجملة المحرمة المحذورة تستعمل عندنا بكثرة: ((اخروج عليا)) ضمنيا نفهم أننا نرسل بهم إلى مكان أرقى من القسم، وهذا شر مذموم. هناك أمور يجب الحسم فيها بالمرة، ويقف الآباء وأولياء الأمور وقفة حاسمة لصالح التلميذ والمدرسة، ولمصلحة الوطن، ضد كل العوائق والدواخل، فهل يعقل مثلا أن يُخرج التلميذ إلى ما وراء أبواب الأقسام، لتعقد بأقسامه اجتماعات وجلسات جمعيات خارج إطار مصلحته ؟ صراحة وصلت الوقاحة إلى حد كبير، حتى فقدت بعض المدارس أكلها. أما على مستوى الهدر المدرسي فلطالما ناقشناه، دون الوقوف على الأسباب الحقيقية، أو بتركها حبرا على ورق إن توصل إليها، في جلسات تخصص لها أموال الشعب، فهل نتطرق في نقاشنا للأحوال الاقتصادية الأسرية ؟ هل نناقش أثمنة الكتب المدرسية ؟ هل نتطرق للوازم التسجيل ؟ هل نناقش تاريخ انتهاء صلاحية الباكلوريا للطلبة الذي عزموا على استئناف دراساتهم ؟ هل نتحدث عمن يتربصون بالمخدرات بالأبواب المدرسية لجلب الزبون الطاهر –التلميذ- بل وجعله مراسلا داخل المدرسة يجلب أصدقاءه، إن لم نقل أن هناك من يروج للمخدرات داخل أسوار المدارس التعليمية بهذا الوطن الشريف ؟! سننهض بالتعليم، ونجعل العالم يقر أننا في المستوى يوم نتخلص من نفاق ((المونطاج)) الذي يكتسي التقارير، يوم ننفض الغبار عن أجنداتنا ونقف وقفة رجل واحد، بغيرة شديدة لإقامة هذا الصرح، بدل أن نعتكف بالمقاهي نعد ((للتقاعد)) كل لحظة. ليست العبرة باستبدال الحكومات، وتوالي الوزارات، وتتابع الأجيال، وتنوع الأوراق، العبرة باستبدال فكر التعليم جذريا، وتغييرا ملموسا حقيقيا، لسنا في حاجة إلى من يشتاقون لوقت ((التقاعد))، وكل من لهم ضيقة بالتواجد في مؤسسة التعليم عامة، رجاء أتيحوا لهم فرصة كي يرحلوا. بعثرت هاته المشاكل عبر كلمات عدة، لشدة اكتظاظ التناقضات في موضوع التعليم بالمملكة الشريفة؛ فلنقف وقفة حزن وتحسر، لنرثي أنفسنا ونستدرك الحال، ونراجع الوضع حتى لا يسبقنا الزمن أكثر من الآن، وحتى لا تلعننا شعوب الدنيا، وحتى لا يتنكر لنا التاريخ –بالمناسبة التاريخ يشهد أن لنا أقدم جامعة بالدنيا-، وننسى كما نسي ءادم عليه السلام تحذير ربه. = جرأتي ليست وقاحة ولكنها غيرة.