في ظل تنامي سوق الكراء اليومي عبر الإنترنت وتطبيقات الهاتف، تعرف مدينة طنجة تحولا مقلقا في البنية الخفية لظاهرة الدعارة، التي باتت تجد في الشقق المفروشة والمساكن المعدة للكراء القصير الامد منفذا مرنا للتمركز، بعيدا عن انظار السلطات وفي غياب رقابة منتظمة. وتشير معطيات ميدانية الى ان عددا متزايدا من الشقق السكنية، خاصة داخل المجمعات الحديثة والأحياء الهامشية، تستغل من طرف شبكات دعارة منظمة او ممتهنات للبغاء يشتغلن بشكل فردي، وذلك لفترات وجيزة لا تتجاوز في الغالب ثلاثة او اربعة ايام. ويفيد سكان عدة أحياء، بتكرار مشاهد لأشخاص غرباء يترددون على نفس الوحدات بشكل متواتر، خلال الفترة الليلية غالبا، ضمن نمط لا يخلو من الريبة. ويعزز هذه الشهادات ما أكدته واقعة امنية حديثة، حين قامت السلطات بتوقيف خمس مهاجرات من جنسية ايفوارية أواخر ماي الماضي، على خلفية استغلال شقة مفروشة في مجمع سكني معروف بمحيط المحطة الطرقية الجديدة، ضمن نشاط دعارة يتم الترويج له إلكترونيا. وقد أعادت هذه الحادثة تسليط الضوء على الهشاشة القانونية التي تحيط بنظام الكراء اليومي، حيث يندر التحقق من هوية المكتري او الغرض الحقيقي من الاستعمال. وتشير بعض المصادر، الى أن جزءا كبيرا من هذه الانشطة ينتقل تدريجيا من وسط المدينة، حيث تشتد المراقبة حول الفنادق والممرات السياحية، نحو مناطق شعبية أقل خضوعا للتفتيش، مثل العوامة، ظهر القنفوذ، وحي المجد، حيث تنتشر مجمعات سكنية حديثة تفتقر في الغالب الى آليات صارمة لمراقبة الولوج وتحديد هويات المستفيدين من الشقق المفروشة. ويتقاطع هذا الواقع الميداني مع انتشار اعلانات رقمية تروج بشكل صريح لعروض جنسية على منصات الكترونية مفتوحة، تعرض صورا وتفاصيل دقيقة، وتشير الى خدمات تقدم داخل شقق مفروشة موزعة على عدة احياء بمدينة طنجة. ولا تخضع هذه الاعلانات لاي مراقبة فعلية، رغم ما تتضمنه من محتويات يمكن تصنيفها قانونا ضمن التحريض العلني على الدعارة. وبحسب مصدر مطلع، فان الاجهزة الامنية اصبحت تخصص موارد متزايدة لتتبع هذه الاعلانات الرقمية، التي باتت تعد أحد أبرز منافذ التنسيق بين ممتهنات الدعارة والزبائن، وتستغل احيانا كوسيلة لاستقطاب ضحايا الاتجار بالبشر تحت غطاء خدمات حرة. وينظر الى هذا التوجه كاشارة على تنامي وعي السلطات بخطورة الامتدادات الرقمية للظاهرة. ويشير مراقبون الى ان المنصات الالكترونية التي تحتضن هذه الاعلانات تسهم بشكل مباشر في تغذية نشاط غير قانوني، يجد في مرونة العقار وانعدام التتبع فرصة للانتشار بهدوء، وسط احياء تتحول تدريجيا الى نقاط توتر اجتماعي صامت.