في قلب مدينة طنجة وعلى امتداد شوارعها الرئيسية، تبرز دراجات "موتو تاكسي" المرتبطة بتطبيق اندرايف كوسيلة نقل بديلة فرضت حضورها بقوة خلال الاشهر الاخيرة. لا لوحات تعريف، لا انتظار طويل، مجرد نقرة على الهاتف، وسائق مستعد للانطلاق في دقائق. خدمة سريعة ومرنة وجدت مكانها في سوق يعاني من اختلالات مزمنة، خاصة مع تكرار مشاهد الاكتظاظ، وصعوبة العثور على سيارات الاجرة، وتفاوت العرض بين الاحياء. وساهمت البساطة التقنية لهذه التقنية وسرعة استجابتها في استقطاب فئات واسعة من المستعملين، خصوصا في الفترات التي تشهد ضغطا مروريا خانقا. يقول عادل، سائق دراجة يبلغ من العمر اثنين وثلاثين سنة، انه التحق بالخدمة بعد تجربة غير موفقة في مجال التوصيل. "اندرايف مربحة اكثر، الدراجة تستهلك القليل، والزحام لا يعنينا. اقوم بعشرين مشوارا في اليوم، واحيانا اكثر". لكن خلف هذا التوسع المتسارع، تطفو على السطح ممارسات ميدانية تثير القلق، تتعلق اساسا بغياب الخوذة، وعدم احترام مدارات السير، والمرور من ممرات غير مسموح بها للدراجات النارية. في نفق ساحة الجامعة العربية، يعبر سائقو "موتو تاكسي" يوميا رغم وجود علامات تمنع ذلك صراحة. السائقون يقودون بسرعات متفاوتة، دون تجهيزات حماية، ولا تفاعل يذكر من مصالح المراقبة. ويقر سعيد، سائق دراجة عمره 28 سنة، بوجود تجاوزات ميدانية، لكنه يؤكد ان الوضع يتطلب معالجة اشمل. ويقول هذا الساىق الشاب، "نحن نعرف ان هناك اختلالات، لكن من واجبنا كمشتغلين في هذا القطاع الجديد ان نوفر الارضية المهنية التي تسهّل علينا الاندماج في اطار قانوني واضح ومحترم". ولا يشترط تطبيق اندرايف التوفر على خوذة ثانية، ولا يفرض شروطا تقنية على الدراجة، ما يجعل شروط السلامة خاضعة لاجتهاد كل سائق. كما ان خاصية التقييم الرقمي، رغم وجودها، لا تعوض الرقابة الميدانية. ويرى مراقبون ان هذا النمط الجديد من النقل يتمدد في فراغ تشريعي واضح، باعتبار ان الاعتراف به وتأطيره يقع ضمن اختصاصات الحكومة، وليس الجماعات الترابية. كما ان غياب تصور وطني لتقنين هذه الخدمات يجعل المدن، ومنها طنجة، تواجه تحولات سريعة دون ادوات تنظيمية، مما يفتح المجال امام فوضى ميدانية تهدد سلامة التنقل داخل المجال الحضري. ورغم بعض الاصوات التي تنادي بتنظيم هذا النشاط في اطار قانوني واضح، الا ان غالبية المشتغلين لا تُظهر اهتماما فعليا بالتأطير، بحكم الطابع الثانوي والعرضي الذي يتخذه هذا العمل عند فئة واسعة منهم. اذ يلجأ كثيرون الى "موتو تاكسي" كمصدر دخل مؤقت او كحل موازٍ لانشطة اخرى، ما يجعل النقاش حول التنظيم غائبا عمليا على مستوى القاعدة. وفي ظل غياب الاعتراف الرسمي، وتنامي الطلب اليومي، تواصل دراجات "موتو تاكسي" فرض واقعها، بينما تبقى السلامة والتقنين رهينين بقرار حكومي لم يصدر بعد.