في وقت تواصل فيه مدينة طنجة توسعها الحضري وتزايدها الديمغرافي، تقف مؤشرات السلامة الطرقية في الجهة على أرقام مقلقة، لا سيما على صعيد ضحايا الدراجات النارية، التي باتت تمثل أحد أكبر التحديات المطروحة على السلطات المحلية والمركزية على السواء. فخلال لقاء صحافي عقده ناصر بولعجول، المدير العام للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية "نارسا"، ضمن فعاليات تقديم برنامج صيف 2025، جرى التأكيد على أن جهة طنجةتطوانالحسيمة سجلت 28% من الوفيات الناجمة عن حوادث السير خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بجهات أخرى، وتضع الجهة في المرتبة الثالثة وطنيا بعد سوس ماسة (40%) ومراكش آسفي (38%). السبب الرئيسي لهذا الارتفاع، بحسب بولعجول، يعود إلى تنامي استعمال الدراجات النارية ذات العجلتين والثلاث عجلات، التي تحولت من وسيلة نقل بسيطة إلى مصدر حقيقي للخطر في النسيج الحضري. فمنذ سنة 2015، تضاعف عدد القتلى في صفوف مستعملي هذه المركبات، منتقلا من 1066 حالة إلى 1738 في سنة 2024، وهو ما يمثل 43% من مجموع ضحايا الطرقات على الصعيد الوطني. في طنجة، حيث تنتشر الدراجات النارية بشكل واسع في الأحياء الشعبية والمناطق الصناعية وشبكات التوصيل، يُطرح مشكل الخوذة كأحد أبرز عناصر الخطر. فمعدل ارتدائها لا يتجاوز 58% لدى السائقين، ولا يتعدى 32% لدى المرافقين، رغم أن عدم استخدامها يرفع احتمال الوفاة بنسبة تفوق ستة أضعاف. وتزداد الخطورة مع انتشار خوذ غير مطابقة للمعايير. ورغم تفعيل نظام خصم النقط من رخص السياقة، الذي أسفر عن سحب حوالي مليوني نقطة منذ دخوله حيز التنفيذ، وإلغاء 1500 رخصة نهائيا إلى حدود يونيو 2025، إلا أن تأثير ذلك يظل محدودا أمام حجم الظاهرة، التي تعكسها الأرقام المرتفعة لوفيات الحوادث المسجلة سنويا. في هذا السياق، دعا المدير العام ل"نارسا" إلى تعبئة شاملة تشمل الإدارات الترابية، والمجتمع المدني، والمؤسسات التربوية، مذكرا بأن السلامة الطرقية في المغرب تمر عبر أربع مراحل متباينة منذ سنة 1996، وأن الفترة الحالية تقتضي إجراءات أكثر صرامة، وصرامة تطبيق القانون على مستوى المدن الكبرى مثل طنجة، التي تعرف كثافة مرورية مرتفعة، وتوسعا حضريا متسارعا، ما يجعل التحدي مضاعفا.