تتواصل تداعيات مشروع تهيئة الشرفة الأطلسية بمدينة العرائش، في ظل تنامي الاحتجاجات المدنية التي تطالب بإعادة النظر في بعض الجوانب التقنية والمعمارية، وسط دعوات متزايدة إلى احترام الرمزية التاريخية والمعمارية لهذا الموقع المطل على الساحل الأطلسي. وشهدت المدينة في الأيام الماضية وقفة احتجاجية سلمية، شارك فيها مواطنون وممثلو جمعيات مدنية، بالإضافة إلى أفراد من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، عبّروا خلالها عن تخوفهم من أن تؤدي الأشغال الجارية إلى طمس الطابع الأصيل للشرفة، التي تشكل أحد أبرز معالم العرائش. في هذا السياق، عبّرت المفتشية الإقليمية لحزب الاستقلال عن تأييدها لمطالب الساكنة، مؤكدة انخراطها في ما وصفته ب"دينامية التعبئة الجماعية" من أجل تنمية المدينة في إطار يحترم قيم الدستور وهوية المكان. ودعت الهيئة الحزبية إلى اعتماد اللونين الأبيض والأزرق في التهيئة، لما لهما من دلالة حضارية مرتبطة بذاكرة المدينة وعمقها الأندلسي والمتوسطي. كما شددت على أهمية الحفاظ على العناصر التاريخية للشرفة الأطلسية، من قبيل الأعمدة الرومانية وحدائق إسبريديس والمظلات التقليدية، مع ضرورة إشراك مهندسين مختصين في ترميم التراث، وتوفير الولوجيات للمعاقين، وتعزيز الغطاء النباتي دون المساس بالطبوغرافيا الأصلية للموقع. وبينما أشادت المفتشية بالحوار الذي فتحته السلطات الإقليمية مع المجتمع المدني، وأعلنت دعمها للاجتماع المرتقب في 22 يوليوز بمقر العمالة لمناقشة الجوانب الفنية، دعت في المقابل إلى تجويد مخرجات المشاريع الجارية، وعلى رأسها مشروع تهيئة الشرفة الأطلسية، باعتبارها جزءا من رؤية تنموية شاملة تشمل أيضا ترميم برج السعديين، وتوسيع شارع مولاي إسماعيل، وتهيئة شارع الدارالبيضاء. ويأتي هذا الحراك في وقت تعرف فيه العرائش ورشا عمرانيا لافتا، بعد سنوات من التهميش الذي طال المدينة مقارنة بمدن مجاورة. إلا أن الأصوات المتزايدة المطالبة بالمحافظة على الهوية المعمارية والخصوصية التاريخية، تؤشر على تحول جديد في وعي الساكنة بأهمية التوازن بين التنمية الحديثة والحفاظ على الإرث الثقافي. ولم تصدر السلطات المحلية لحد الساعة أي توضيحات رسمية حول تفاصيل المشروع أو طبيعة التعديلات المحتملة، غير أن فتح قنوات الحوار مع الفاعلين المدنيين قد يشكل مدخلا لمعالجة النقاط الخلافية، وتفادي أي توتر اجتماعي قد يرافق الأشغال المستمرة على الواجهة البحرية. ويظل مستقبل الشرفة الأطلسية، أحد أبرز معالم المدينة المطلة على المحيط الأطلسي، معلقا بين رؤية عمرانية جديدة ورغبة جماعية في عدم التفريط في الذاكرة والمشهد البصري الفريد الذي ميز العرائش لعقود.