فيما يترقب سكان دوار تمرابط، التابع لجماعة زاوية سيدي قاسمبإقليمتطوان، تغطية منطقتهم بوثائق التعمير، تؤكد السلطات أن الإقليم سجل تقدما ملحوظا في هذا الملف خلال السنوات الأخيرة. وتقول شهادات متطابقة من هذه القرية الساحلية، المطلة على خليج صغير على بعد 22 كيلومترا شرق تطوان، إن مجرد وضع لبنة واحدة يكفي لاستدعاء تدخل السلطة المحلية، في مؤشر على رقابة يومية يراها السكان لافتة، خصوصا أن منطقتهم لم يشملها بعد أي تصميم تعمير رسمي. - إعلان - لكن وضع قرية تمرابط لا يعكس واقع الإقليم ككل. إذ تشير بيانات الوكالة الحضرية لتطوان إلى أن نسبة التغطية بلغت 96,3 في المئة من نفوذها الترابي. وحسب آخر المعطيات الرسمية، فإن خمس وثائق اعتمدت خلال هذا العام، وثلاث أخرى في طور المصادقة، إضافة إلى 28 تصميما قيد الإعداد. وعلى صعيد القرى، يظهر التفاوت جليا. ففي إقليمتطوان شملت عمليات التحديد 95 دوارا، أي ما يعادل 70 في المئة من ترابه. في المقابل، لم يتجاوز العدد في إقليمشفشاون 38 دوارا بنسبة 27 في المئة فقط. وبحسب المسؤولين، يعكس هذا الفرق صعوبة الملكيات العقارية وتشابكها في المناطق القروية. أما في إقليمالحسيمة، فتبدو المؤشرات أوضح. تغطية كاملة بنسبة 100 في المئة على مستوى المجال الحضري تعتبرها السلطات إنهاءً لمرحلة طويلة من الفراغ التنظيمي. وتقدم السلطات هذه الأرقام كدليل على جديتها في استكمال التغطية. لكنها لا تخفي أن الوثائق تثير خلافات محلية كلما اقتربت من المصادقة النهائية. في تصريح سابق، أكد والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، يونس التازي، أن "تصاميم التهيئة لا يمكن أن ترضي الجميع"، مشيرا إلى أن تضارب المصالح أمر طبيعي في وثائق تجمع بين اعتبارات عمرانية واقتصادية واجتماعية. ومع ذلك، شدد التازي على أن القانون يظل المرجع الوحيد لتسوية الاعتراضات. وقال إن من يرفض مضامين التصاميم عليه أن يلجأ إلى المساطر القانونية، لا أن يحاول فرض الأمر الواقع على الأرض. وترافقت تصريحات الوالي مع لهجة حازمة تجاه بعض المنعشين العقاريين. فقد وصفهم ب"الجشعين"، متهما إياهم بمحاولة شرعنة تجزئات سرية أو تمرير مشاريع تخالف المقتضيات القانونية. وللرد على هذه المحاولات، شددت السلطات من آليات المراقبة. حيث كثفت لجان ميدانية نشاطها خلال الأشهر الماضية خصوصا في إقليميوزانوشفشاون، اللذين يشهدان ضغطا متزايدا من فاعلين يسعون إلى استغلال الثغرات التنظيمية. وإلى جانب ضغوط السوق العقارية، يطل هاجس آخر كلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية: البناء العشوائي. فالتجربة أظهرت أن هذه الظاهرة تتصاعد في مثل هذه الفترات، حيث يسعى البعض إلى استغلال الظرفية لفرض أمر واقع على الأرض، في تحدٍ مباشر لروح التصاميم ومصداقيتها. لهذا رفعت اللجان المحلية وتيرة تدخلاتها في القرى الأكثر عرضة للبناء غير المرخص. والهدف، وفق المسؤولين، منع أي محاولة لاستغلال الظرفية السياسية لإقامة بنايات قد تربك جهود التخطيط. ورغم هذه التحديات، يرى متابعون أن الوضع الحالي يختلف كثيرا عن الماضي القريب. فقبل سنوات قليلة، كانت مساحات واسعة من القرى والدواوير بلا أي وثائق تنظيمية. واليوم، باتت المجالس المنتخبة تشتغل وفق خرائط أوضح، فيما يواجه المستثمرون إطارا قانونيا أكثر صرامة. ورغم التفاوت القائم بين الأقاليم، تبقى القرى غير المغطاة مثل تمرابط جزءا من المسار الجاري. وأمام المؤشرات التي تصفها السلطات بأنها إيجابية، يواصل سكان الدوار انتظار لحظة إدماج منطقتهم في هذه الخرائط. فبين يقظة يومية تمنع أي بناء غير مرخص وتطلع إلى مستقبل أكثر وضوحا، يعيش الأهالي شعورا بأن قريتهم ليست بعيدة عن المسار، بل محطة مؤجلة في مشروع أوسع يروم تقليص الفوارق وتحقيق العدالة المجالية في شمال المغرب.