في ساعات متأخرة من الليل، لا تتوقف الحركة في الشرايين الرئيسية لمدينة طنجة، فعلى بعد أيام قليلة من انطلاق العرس الكروي الإفريقي المرتقب منتصف الأسبوع المقبل، تحولت شوارع "عاصمة البوغاز" إلى ورش ميداني مفتوح، حيث تتسارع وتيرة الأشغال لوضع اللمسات الأخيرة على البنية التحتية والمشهد الحضري للمدينة. وعلى طول الطرق المؤدية إلى وسط المدينة والمنطقة السياحية، رصدت المعاينة الميدانية فرق تقنية تابعة للجماعة الحضرية وشركات التدبير المفوض وهي تسابق الزمن لتثبيت مئات الأعلام الوطنية للدول المشاركة. وتظهر في المحاور الطرقية الرئيسية رايات دول مثل نيجيريا، غينيا الاستوائية، والسودان، وقد نصبت بعناية فائقة على سواري بيضاء حديثة، لتشكل ممر شرفي يرحب بالوفود التي ستبدأ بالوصول تباعا. وتتجاوز الاستعدادات مجرد التزيين الشكلي؛ إذ تشهد البنية التحتية الطرقية عمليات صيانة مكثفة. ففي الشوارع المحيطة بالكورنيش والساحات الكبرى، تنتشر شاحنات الصيانة المجهزة برافعة لتفقد شبكة الإنارة العمومية. وقد تم استبدال المصابيح القديمة بأخرى حديثة من نوع "ليد" لضمان إضاءة قوية تغطي مسارات الجماهير والزوار، وهو ما يظهر بشكل جلي في الساحات التي بدت ساطعة الإنارة خلال الليل كما توثق المشاهدات العينية. عمال النظافة والبستنة ينتشرون بدورهم في مجموعات صغيرة، يعملون على تشذيب أشجار النخيل الباسقة التي تميز شوارع طنجة، وإعادة تهيئة المساحات الخضراء المحاذية للأرصفة. كما تمت صيانة الحواجز الحديدية الفاصلة بين الممرات، وطلائها باللون الأخضر الداكن الموحد، لضمان انسيابية حركة السير ومنع التدافع في النقاط التي يتوقع أن تشهد اكتظاظ جماهيري. وفي تقاطع الطرق الرئيسية، نصبت لوحات إشهارية ضخمة وأخرى إلكترونية، ليس فقط للترحيب، بل لتوجيه الزوار نحو المسارات الصحيحة للملعب ومناطق المشجعين، في خطوة تهدف لتفادي الاختناقات المرورية المتوقعة يوم المباراة. وعلى الصعيد الميداني، بدأت ملامح الخطة الأمنية والتنظيمية تظهر للعيان، حيث كثفت دوريات الشرطة من تواجدها في المدارات الرئيسية لضمان سلاسة المرور رغم الأشغال الجارية. ويلاحظ المارة عمليات تثبيت حواجز تنظيمية إضافية في محيط الفنادق المصنفة التي ستقيم فيها منتخبات القارة السمراء، لتأمين وصول الحافلات بمرونة تامة. وفي حديث مقتضب لأحد المشرفين الميدانيين على عمليات التزيين، أكد أن التعليمات تقضي بإنهاء كافة الأشغال "الخشنة" قبل 48 ساعة من انطلاق الحدث، لإفساح المجال للجان التنظيمية التابعة للاتحاد القاري لاستلام المواقع. وأضاف المتحدث وهو يوجه رافعة لتثبيت علم نيجيريا الأخضر والأبيض: "نعمل بنظام المناوبة المستمرة لضمان أن تكون كل سارية وكل مصباح في مكانه الصحيح". وبينما تستعد المطاعم والمقاهي المطلة على الشوارع الرئيسية لاستقبال المشجعين عبر تجهيز واجهاتها، تبدو طنجة بورشها المفتوح ليل ونهار، كمن يضبط ساعته بدقة متناهية على توقيت المباراة، مؤكدة جاهزية ميدانية لاحتضان هذا الموعد القاري.