على امتداد شوارع مولاي رشيد بمدينة طنجة، تنتصب اعواد خشبية قصيرة، تتصل بحبال رفيعة تحيط ببقع خضراء مستحدثة. مشهد يتكرر في عدد من المحاور التي شملتها مؤخرا اشغال التاهيل الحضري. ورغم حضور هذه الحواجز على طول المساحات المزروعة، الا انها بالكاد تلاحظ. فالاعمدة ضعيفة، والحبال بالكاد ترى، وبعضها مائل او متراخ. اما على العشب، فتظهر اثار اقدام، وبقايا نفايات، ومواضع فقدت غطائها النباتي بفعل العبور المتكرر. متصفحك لا يدعم تشغيل هذا الفيديو. متصفحك لا يدعم تشغيل هذا الفيديو. متصفحك لا يدعم تشغيل هذا الفيديو. هذا الشكل من التسييج لم يكن هو المعتمد سابقا. ففي سنوات سابقة، استخدمت اسلاك شائكة لاحاطة الفضاءات الخضراء، غير انها اثارت احتجاجات واسعة بسبب تعرض مارة لاصابات، حتى وان لم يطؤوا العشب عمدا. لاحقا، استجابت جماعة طنجة لعريضة مدنية دعت الى ازالة تلك الاسلاك، لتستبدل بما يعتبره البعض حلا رمزيا اكثر من كونه فعالا. لكن التجربة على الارض تظهر محدودية هذا التوجه. فالمشاة يعبرون فوق المساحات الخضراء دون اكتراث، والاطفال يتخذونها فضاء للعب، بينما تفتقر اماكن كثيرة الى لوحات ارشادية او اشارات واضحة تنبه الى ضرورة احترام المكان. في بعض المواقع، يحاول عمال الصيانة اعادة ربط الحبال او تثبيت الاعمدة المنزوعة، لكن المواد المستعملة سرعان ما تتلف، او تتعرض للكسر. وتشير المعطيات الميدانية الى ان الجماعة تتفادى استخدام حواجز حديدية او بلاستيكية خشية تعرضها للسرقة او التخريب، ما يدفع نحو حلول خفيفة لا تصمد طويلا. من داخل الجماعة، يرى مصدر مسؤول ان الهدف من هذه الحواجز "ليس فرض المنع بالقوة، بل توجيه رسالة حضرية واضحة". ويضيف في تصريحات لجريدة طنجة 24 الالكترونية "هذه المساحات ليست ممرات، وليست فضاءات للعب او الجلوس العشوائي، بل عناصر جمالية ينبغي احترامها، تماما كما تحترم ممرات الراجلين او الارصفة المخصصة للمارة". وتاتي هذه الملاحظات في وقت تواصل فيه طنجة مشاريع تاهيل واسعة، تشمل الارصفة، والتشوير، وتحسين المحاور الطرقية، فضلا عن توسعة الرقعة الخضراء داخل المجال الحضري. غير ان هذه الاستثمارات تصطدم يوميا بسلوكيات غير منضبطة، تفرغ المجهود من محتواه، وتحول دون تثبيت مكتسباته على المدى المتوسط. في نهاية المطاف، تظل الاعواد الخشبية والحبال الرقيقة شاهدة على معادلة معقدة: مدينة تتجه الى واجهة عمرانية اكثر انتظاما، لكنها لم تضمن بعد التزاما مدنيا يوازي هذا الطموح.