وكالة الأدوية عن تضارب المصالح: "عمليات الإستيراد شفافة"        برادة يواجه تصعيدا جديدا يقوده المتطرفون التربويون    وزير الصحة: صفقات الأدوية قانونية .. ولا وجود ل "تضارب المصالح"        إيطاليا بين هجرة شبابها واستقبال المهاجرين: وطنٌ يبحث عن معادلة الاستمرار    النيابة العامة تطلق خدمة رقمية للإشعار الفوري بمصير الشكايات    لقجع: كان المغرب انطلاقة نحو التظاهرات العالمية والإنجازات بالمغرب لن تتوقف في 2030        هيئات مغربية ترفض الوصاية على غزة وتطالب بوقف جرائم الاحتلال وإعادة إعمار القطاع    بوعياش تدعو إلى استثمار الخصوصيات المجالية في التنمية وحقوق الإنسان    لقجع: كأس إفريقيا 2025 بداية مسار رياضي سيمتد عبر التاريخ    شيوخ وأعيان وشباب قبائل جهة الداخلة يحتفون بالذكرى ال70 لعيد الاستقلال المجيد بالداخلة    الأرصاد: استقرار الطقس نهاية الأسبوع    بركة: المغرب يدخل مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة وبناء الاستقلال الثاني    وسائل الإعلام الهولندية .. تشيد بتألق صيباري مع المغرب    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يقاطع اجتماعات الوزارة..    هذا هو موعد مباراة المغرب والبرازيل في ربع نهائي كأس العالم لأقل من 17 سنة    أزيد من 10 ملايين درهم لدعم 303 مشروعا لإدماج اقتصادي للسجناء السابقين    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    نقل جوي عاجل لإنقاذ رضيع من العيون إلى الرباط    بدء العمل بمركز المراقبة الأمنية بأكادير    توقيف افراد شبكة تستغل القاصرين في الدعارة وترويج الكوكايين داخل شقة بإمزورن    شركة ميكروسوفت تعلن عن إعادة صياغة مستقبل ويندوز القائم على الذكاء الاصطناعي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    الصين توقف استيراد المأكولات البحرية اليابانية    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    بلادنا ‬تعزز ‬مكانتها ‬كأحد ‬الدول ‬الرائدة ‬إفريقيًا ‬في ‬مجال ‬تحلية ‬المياه    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    بعد الإطاحة بمالي.. باها يؤكد أن المغرب قادر على الذهاب بعيدا في المونديال    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    الركراكي: لدينا حالة ذهنية عالية ومجموعة جيدة لخوض كأس أمم إفريقيا    الرئيس ترامب يعلن السعودية "حليفا رئيسيا" من خارج حلف شمال الأطلسي    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    طنجة.. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الأوغندي وديا بأربعة أهداف لصفر    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    العرائش: رئيس الائتلاف المغربي للسائقين غير المالكين يؤطر لقاء تواصليا لمهنيي سيارات الأجرة    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى أين يسير التكوين المهني بالمغرب بعد جملة من الفضائح التي شهدها في السنوات الأخيرة ؟
نشر في تليكسبريس يوم 15 - 04 - 2013

العربي بن الشيخ، مدير التكوين المهني، كأي مهندس خريج مدرسة عليا فرنسية، يحب الأرقام أو لعبة الأرقام، الأرقام بالنسبة إليه لها سلطة وسطوة تفوق سلطة الواقع. عندما عين مكان منير الشرايبي منذ سنة 2000، كان حلمه أن يصل إلى مليون متدرب بالتكوين المهني في سنة 2012 دون أن يأخذ بعين الاعتبار ما إذا كانت مؤسسة التكوين المهني قادرة على استيعاب حلمه. يقولون عن العربي بن الشيخ إنه لا يقبل النقاش، لا يجد داخل مكتب التكوين المهني من يعترض على برامجه. عندما اتصلنا به من أجل أخذ وجهة نظره والدفاع عن نفسه، أجاب بجدة «ليس لدي وقت، ألا ترى بأني في اجتماع !!». لكن مقابل الصورة «السلبية» التي يحاول أطر مكتب التكوين المهني رسمها للعربي بن الشيخ، فإن البعض يعتقد بأن ابن مدينة ابن أحمد وخريج المدرسة الوطنية للأشغال العمومية بفرنسا استطاع ضبط المؤسسة ومحاربة الفساد المستشري في جسدها...


«خدامين في النوار مع وزارة (التشغيل) التي يفترض فيها أن تدافع عن حقوق العمال». بنبرة أمازيغية واضحة يتحدث سعيد من إحدى مدن الجنوب المغربي، عن معاناة الأساتذة والمؤطرين بمعاهد التكوين المهني.


يوم 10 دجنبر تجمع عدد من هؤلاء الأساتذة والمؤطرين للاحتجاج أمام مركز التكوين المهني بتزنيت. لم يكن اختيارهم لعاشر دجنبر اختيارا اعتباطيا، فهو اليوم الذي يحتفل فيه العالم بحقوق الإنسان، ويعتقدون أن حقهم في العمل بشروط واضحة هو حق من حقوق الإنسان.


بحسب سعيد، الذي رفض الكشف عن هويته وعن المدينة التي ينتمي إليها خوفا من أي عقاب قد يلحقه جراء تحدثه إلى «المساء»، فإن عددا كبيرا من الأساتذة والمؤطرين بمعاهد التكوين المهني يعانون مما أسماه «التهميش والاستغلال»، إذ إن أزيد من ألفي أستاذ يشتغلون بعقود عمل أحادية الجانب، بمعنى أن هؤلاء الأساتذة لا يملكون نسخة من العقد، وهو «الأمر الذي يجعلهم عبيدا غير قادرين على الدفاع عن حقوقهم المشروعة، فأغلب هذه الأطر شباب تترواح أعمارهم ما بين 25 و35 سنة، غير مرسمين ويتقاضون أجورا هزيلة لا تتجاوز 3000 درهم في الشهر مع اقتطاعات تتجاوز 400 درهم، ويشتغلون أزيد من 36 ساعة في الأسبوع مع مختلف الوحدات التكوينية التي تصل إلى أزيد من 13 وحدة عند البعض، وقد تصل لدى البعض إلى 20 وحدة. كما أنهم محرومون من أجرة شهر غشت، وزيادة على هذا لا يحصلون على بيان الأجرة، ولا على شهادة عمل بالمؤسسة وهو الأمر الذي يجعل حصولهم على قروض بنكية مستحيلا»، يضيف سعيد.


الكم والكيف
«الخطأ الذي وقع فيه بن الشيخ هو أنه حاول تغليب الكم على الكيف». يعتقد «ع» وهو مكون بالتكوين المهني بالدار البيضاء، أن الاستراتيجية التي أتبعها المدير العام للتكوين المهني العربي بن الشيخ منذ تعيينه في هذا المنصب «لا يمكن أن تؤدي إلا إلى الكارثة». الهدف الذي يسعى إليه بن الشيخ هو أن يصل إلى عدد مليون متدرب في أفق 2012، بزيادة سنوية تتراوح بين 15 و20 في المائة. الخطأ الذي وقع فيه بن الشيخ، لا يتعلق بهذه الأهداف، وإنما يعود بالأساس إلى أنه لم يواكب هذا الطموح «أراد أن يصل إلى مليون متدرب بنفس الإمكانيات البشرية والمادية. فهناك ما يقرب من 70 في المائة من آليات معاهد التكوين متقادمة وتتطلب صيانة وإصلاحا، تصوروا أننا إلى حد الساعة لم نتوصل في الدارالبيضاء بالمواد الأولية للتكوين. وحصل أيضا اكتظاظ داخل معاهد التكوين، وتم اللجوء إلى التعاقد مع أساتذة ومؤطرين ليست لهم نفس الحقوق، وليس لهم تكوين بيداغوجي يؤهلهم لتكوين المتدربين». والنتيجة كانت مخيبة للآمال: تكوين متدربين غير مؤهلين.


«المشكل في التكوين المهني أن لا أحد يمكنه أن يعارض رغبات المدير العام أو يصارحه بالحقيقة. كان بن الشيخ قد ذهب إلى موريتانيا وأعجب بنظام الامتحانات هناك، وأراد أن يطبقه في معاهد التكوين بالمغرب، سأل الأطر التي تساعده عن إمكانية تطبيقه بالمغرب فقالوا له نعم بالطبع، وهم يعرفون أنه من الصعوبة تطبيقه في حالة المغرب. ثم تمت عملية الضغط على الأطر العاملة في التكوين المهني من أجل إنجاح الفكرة الجديدة، وبالتالي يتم إرهاق تلك الأطر، والأخطر من ذلك أننا نبدأ في إعداد تقارير مغلوطة وكاذبة عن الوضع».


بن الشيخ مقابل الشرايبي
يحاول البعض أن يقيم مرحلة تدبير العربي بن الشيخ لمكتب التكوين المهني بالمقارنة مع خلفه منير الشرايبي الوالي السابق لمدينة مراكش. يقول أحد أطر المكتب «عايشت مدراء كثر من عبد الرحمان الفاسي، ومحمد حلب (الوالي الحالي للدار البيضاء)، ومنير الشرايبي، والعربي بن الشيخ، ويمكن أن أقول إن بن الشيخ هو أسوأهم». يحاول بعض أطر مكتب التكوين المهني أن يدعموا هذا الحكم القاسي في حق العربي بن الشيخ بعدد من المعطيات.


«لقد عين بن الشيخ في سنة 2000 خلفا لمنير الشرايبي، والذي عاش في عهده المكتب طفرة على جميع المستويات المادية والتكوينية.
فمنير الشرايبي يشهد له الجميع بأنه كان إنسانا متواضعا متفهما لا تحس عند الحديث معه أو حتى مناقشته أنك أمام مدير عام للتكوين المهني، بل أمام مدير شاب يعطي لكل واحد, سواء كان صغيرا في منصبه أو كبيرا, إمكانية التعبير عن آرائه»، تقول بعض المصادر. مكونون بأعداد كافية في جميع المجالات حيث لا يتم اللجوء إلى المكونين العرضيين إلا في مواد العربية والفرنسية والإنجليزية. وقد كان هؤلاء المكونون مختارون بعناية فائقة من بين أوائل خريجي المدارس الكبرى أو حتى مؤسسات التكوين المهني، يتابعون بعد نجاحهم في مباريات التشغيل وقبل تسلمهم مسؤولية التدريس تدريبا لمدة عام على الأقل في معاهد فرنسا وألمانيا وكندا إضافة إلى دورات في البيداغوجيا.


متدربون مختارون بعناية وبأعداد قليلة يمرون بامتحانات كتابية وبيداغوجية وإذا اقتضى الحال امتحانا شفويا أمام مكون من الشعبة.


موارد مالية هامة وكافية لتوفير كل المواد الأولية والآلات والمعدات الصغيرة والكبيرة لتنفيذ شعار التكوين المهني، والذي ينص على أن تمثل الحصص التطبيقية نسبة 80 في المائة من مدة التكوين. وقد كانت هذه الموارد مكونة من ميزانية التسيير التي يبعث بها المكتب إضافة إلى حساب خارج الميزانية يمول بواسطة ضمانة المصاريف التي يؤديها المتدربون، إضافة إلى المداخيل التي تحصلها المؤسسة من الدروس الليلية أو عمليات التكوين المستمر المؤدى عنها لفائدة مستخدمي الشركات والإدارات. وقد مكن الحساب الثاني في جميع المؤسسات من ضمان سير عادي في حالة تأخر صرف ميزانية التسيير ومن القيام بإصلاحات وتجهيزات من قبل صباغة وصيانة البنايات، بناء أقسام جديدة، وتجهيز قاعات بالحواسيب... كما أن عمليات التكوين المستمر لفائدة الشركات والإدارات أفادت ماديا جميع المتدخلين في هذه العملية من أبسط موظف يعد الشاي والقهوة في فترات الاستراحة إلى مدير المؤسسة والمديرية الجهوية.


من هو بن الشيخ؟
من مواليد مدينة بن أحمد حيث تابع دراسته الابتدائية والثانوية. درس الهندسة بفرنسا سنة 1978 حيث حصل بها خمس سنوات بعد ذلك على ديبلوم المدرسة الوطنية للأشغال العمومية بمدينة ليون. بعد عودته إلى المغرب، التحق العربي بن الشيخ بوزارة التجهيز والأشغال العمومية حيث أشرف فيها على إنشاء عدد من السدود. وخلال السنوات التي قضاها بالوزارة استطاع أن ينال ثقة المهندس عبد العزيز مزيان بلفقيه، وترقى داخل الوزارة ليصل إلى مناصب عليا مثل إشرافه على إدارة ميناء الناظور. بعدما عين بوعمر تغوان, من حزب الاستقلال على رأس وزارة التجهيز خلال حكومة التناوب التوافقي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي سنة 1998، كان أول قرار اتخذه تغوان عندما دخل الوزارة. هو اقتراحه على القصر تغيير ثلاثة مدراء، هم كريم غلاب مدير الطرق، والعربي بن الشيخ مدير الموانئ، ومحمد حلب مدير استغلال الموانئ، حيث أراد تعويضهم بثلاثة مدراء مقربين منه. غير أنه لم تمض على تنحية هؤلاء المدراء الثلاثة، سوى شهور قليلة حتى عين الملك كريم غلاب على رأس المكتب الوطني للسكك الحديدية، وحلب واليا على تطوان، وبن الشيخ مديرا عاما للتكوين المهني.


من يراقب من؟
قوي بشبكة علاقاته التي استطاع نسجها، أصبح العربي بن الشيخ الرجل القوي داخل مكتب التكوين المهني. من المعلوم أن مكتب التكوين المهني يتبع لوزارة التشغيل وتكوين الأطر، إلا أن بن الشيخ يحرص دائما على استقلالية قراره تجاه وزراء الشغل. في سنة 2005، وقع خلاف بين بن الشيخ وكاتب الدولة المنتدب لدى وزير التشغيل المكلف بالتكوين المهني سعيد أولباشا, الذي قام بمراسلة الوزير الأول حينها, إدريس جطو بشأن «مشاكل في التسيير داخل مكتب التكوين المهني». ترك أولباشا الوزارة مع رحيل حكومة إدريس جطو، وبقي بن الشيخ على رأس المكتب. سلطات بن الشيخ تفوق سلطات الوزير الوصي على قطاع التكوين المهني. «حتى جمال أغماني لا يستطيع أن يفرض إرادته على مدير المكتب الذي يقول إنه معين بظهير ولا يمكنه أن يقدم الحساب لأي أحد كان»، يقول أحد المراقبين.


هناك واقعة معروفة حدثت في الوقت الذي كان فيه سعيد أولباشا وزيرا منتدبا مكلفا بالتكوين المهني. الواقعة حدثت بعدما قام المدير العام بصفع المدير المركزي المكلف بالأمور المالية بسبب خلاف في وجهات النظر, وهو ما نفاه المدير العام. وبسبب السخط العام الذي كان يسود المكتب فقد تضامن معظم المدراء المركزيين مع زميلهم، تبعهم بعد ذلك 7 من المدراء الجهويين العشرة, ثم بعدهم جل مدراء المؤسسات التكوينية الذين بعثوا فاكسات احتجاج إلى كاتب الدولة في التكوين المهني سعيد أولباشا، وكرد فعل على هذا المد التضامني مع زميل لهم قام المدير العام بإقالة المديرين المركزيين من مناصبهم. هؤلاء المديرون لجؤوا إلى أولباشا باعتباره الوزير الوصي على المكتب، فبعث برسالة إلى المدير العام يأمره فيها بإعادة المقالين إلى مناصبهم, إلا أن بن الشيخ أصر على موقفه وبعث برسالة جوابية مفادها أنه معين بظهير، وأنه لا ينفذ أوامر أحد. وبعد أن اسبتدل المديرين المركزيين بآخرين جاء بهم من وزارات مختلفة, التفت ناحية المديرين الجهويين وبدأ حملة تطهيرية في صفوف معارضيه. من أجل ذلك عقد في كل مديرية جهوية اجتماعا بحضور المدير الجهوي المغضوب عليه ومدراء المؤسسات التكوينية, وبما أنه لم يرد أن يؤلب عليه الجميع فقد كال السب والشتم للمدير الجهوي وتودد إلى مدراء المؤسسات التكوينية على أساس أنهم مغرر بهم. هذا الأسلوب استهجنه المديرون وخاصة في المديريات الجهوية التي كان فيها المدير الجهوي مشهودا له فيها بحسن الخلق والعفة والنزاهة.


ولم ينته العام التكويني إلا وكان جميع المديرين الجهويين المغضوب عليهم قد أقيلوا من مناصبهم وأعيدوا إلى المحارف كمكونين بسطاء, بينما كان غالبيتهم قد أمضوا عشرات السنين بعيدا عن جو التدريس في ظل تطور المناهج. غير أن بعض المصادر ترفض أن يتم جلد بن الشيخ أو تصويره وكأنه شخص لا يحمل إلا السيئات، ف«للرجل أيضا حسنات»، كما يقول المصدر. من بين حسناته أنه استطاع ضبط المؤسسة وتخليص مكتب التكوين المهني من الفوضى التي كانت تعمه. ومن حسناته أيضا أنه قام بتدبير عقلاني للموارد المالية للمكتب، ومحاربة الفساد المالي، ففي عهده تم الكشف عن فضيحة العقود الخاصة للتكوين بالرغم من أنه لم يذهب في تحقيقه إلى كشف الرؤوس الكبرى المتورطة في تلك الفضيحة.


العقود الخاصة للتكوين هو برنامج يقوم على شراكة بين مكتب التكوين المهني والشركات، يقوم بموجبه المكتب بتكوين مستمر لأجراء شركة ما مقابل مبلغ مالي تعاد نسبة 80 في المائة منه للشركة بعد أن تقدم ملفا للتكوين إلى المكتب يصادق عليه هذا الأخير. وتقول الرواية الرسمية إن سكرتيرة بالمكتب اكتشفت أن ملفات عديدة لشركات مختلفة تحمل نفس العنوان الاجتماعي لمقراتها وبعد البحث اتضح أن كل الملفات كانت مزيفة بتواطؤ بين موظفين بالمكتب وجهات خارجية...


وقد أدى اكتشاف هذا الموضوع إلى سجن موظفين صغار, بينما يقول العارفون أن المدير العام اكتشف تواطؤ رؤوس كبيرة من الاتحاد المغربي للشغل، فأضحى هذا الاكتشاف ورقة ضغط بين يديه يلوي بها ذراع النقابة المهيمنة على المكتب، ومما يزكي هذا الطرح أن النقابة لم تحرك ساكنا من 2002 إلى اليوم رغم الظروف الكارثية التي يعيشها المكتب بجميع مكوناته، ورغم أنها الممثل الوحيد للموظفين وبإمكان رئيس جامعة التكوين المهني بدعوة واحدة إلى الإضراب أن يشل المكتب بأسره، وأن يفرض على المدير العام أن يقوم بالإصلاحات الضرورية وإعادة النظر في قراراته التي لا تخدم المكتب.


أطر التكوين المهني محرومون من خدمات مؤسسة الأعمال الاجتماعية لرجال التعليم

على عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي، صدر في شهر غشت من العام 2001، الظهير الشريف رقم 1.01.197 القاضي بإحداث وتنظيم مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين.


وينص الفصل الثاني من هذا الظهير على أن المؤسسة تهدف إلى التشجيع والمساعدة على إحداث وتنمية وتقوية وتفعيل البنيات التابعة للقطاع العام أو الخاص التي تسعى إلى القيام بخدمات اجتماعية لفائدة موظفي وأعوان الدولة، الذين يتقاضون أجورهم من ميزانية الدولة، والمعينين للقيام بمهام تعليمية أو إدارية أو تقنية بوزارات التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي وبالمؤسسات التابعة لها.

ويضيف نفس النص أن اتفاقية خاصة ستبرم بين المؤسسة ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، ستحدد الشروط التي يمكن وفقها للمستخدمين التابعين لهذا المكتب الاستفادة من المنافع المنصوص عليها في هذا الظهير.


كانت أطر مكتب التكوين المهني تأمل أن يتم تفعيل هذا البند القانوني وأن يستفيدوا من خدمات هذه المؤسسة، غير أن أملهم خاب، بالرغم من أن أطر وأساتذة التكوين المهني يعتبرون جزءا لا يتجزأ من منظومة التعليم والتكوين بالمغرب.


يقول عبد الكريم, وهو إطار بالتكوين المهني «أنا دائما أطرح التساؤل حول سبب عدم استفادة أطر التكوين المهني من مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين؟»، ويضيف «إذا أتيحت لي فرصة أن أحصل على تسهيلات للحصول على حاسوب بثلاثة آلاف درهم عوض عشرة آلاف، ألا يساهم هذا في حل إشكال طالما تعانيه معاهد التكوين المهني التي لا تتوفر حواسيب وأنترنيت إلا في مكتب المدير، والاستعانة بها في التدريس بتلك المعاهد». ويحمل الكثيرون داخل مكتب التكوين المهني لبن الشيخ نفسه عدم استفادة أطره من خدمات تلك المؤسسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.