لماذا يخاف مغاربة المهجر من الاستثمار بالمغرب ويقتنون العقار فقط؟    أزمة أدوية حادة تثير قلق المستهلكين والجمعيات الحقوقية تدق ناقوس الخطر    بوصوف: صفوية الخميني وعسكرة الجزائر .. وجهان لمخطط واحد يعادي المغرب    أمن وجدة يحجز 10 آلاف و820 قرصا طبيا مخدرا    رمسيس بولعيون يكتب.. المحقق شورطان.. قصة مواجهة العري الإداري في العروي    300 ألف طلب في ساعة على سيارة "شاومي" الكهربائية رباعية الدفع    المغرب في صدارة موردي الكليمانتين والماندارين لأوروبا    محمد مدني: دستور 2011 نتاج وضعية سياسية توفيقية متناقضة    سوريا ولبنان تستعدان للتطبيع مع "إسرائيل"    الوداد في مونديال الأندية.. خيبة الأمل والفشل: كيف قضى أيت منا على طموحات الوداديين؟    بتوجيهات ملكية سامية.. الوزيرة بنعلي تقود أول ثورة إصلاحية مؤسساتية في القطاع العام وتظفر بشرف تنفيذ أول إصلاح سيادي    الدرهم المغربي يرتفع أمام الدولار ويتراجع مقابل الأورو خلال الأسبوع الأخير من يونيو    انطلاق نشر خرائط تنبؤية لحرائق الغابات.. هذه الأقاليم في "المستوى الأحمر"    أمير المؤمنين يهنئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    مونديال الأندية.. الهلال يتأهل إلى دور ال16 والريال يتصدر بثلاثية نظيفة    النصر السعودي يجدد عقد النجم البرتغالي رونالدو    الوداد الرياضي ينهزم أمام العين الاماراتي    تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان في صلب ندوة عقدت بمدريد    قرب تصنيف "البوليساريو" منظمة إرهابية من طرف واشنطن: تحول سياسي كبير يربك حسابات الجزائر        توقعات طقس الجمعة بالمغرب    بوغطاط المغربي | حصري.. قرار جديد للقضاء الألماني يُثَبِّت نهائيا قانونية تصنيف محمد حاجب كعنصر إرهابي ويرفض الطعن    رحيل مأساوي يهز الرياضة النسوية.. وفاة لاعبة نهضة بركان مروى الحمري في حادثة سير بالخميسات    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    الوداد يسقط في اختبار العالمية: حضور باهت أساء لصورة كرة القدم المغربية    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    الجزائر تفشل في السيطرة على الأرض فتحاول اختراق الثقافة الحسّانية المغربية    غوتيريش: ميثاق الأمم المتحدة ليس "قائمة طعام" بحسب الطلب    إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصيّد ضحاياه عبر "تويتر"    الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية    كيوسك الجمعة | الاتحاد الأوروبي يتمسك بدعم شراكته الإستراتيجية مع المغرب    موجة حر بالمغرب ابتداء من الجمعة    "سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    قوانين جديدة للمركبات والدراجات في المغرب    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء        عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذهب
نشر في تطوان نيوز يوم 11 - 10 - 2013

وأسموه بالأصفر الرنان. والصفرة لذة عين، والرنة نغمة في أذن. وما كل صفرة بلذة عين، وما كل رنة بنغمة حبيبة في أذن. إنه الذهب وحده، جعل من صفرته لونا لذيذا، وإنه الذهب وحده جعل من رنته نغمة حبيبة.
وأشياء هذه الدنيا في القيم مراتب، بعضها الرفيع، وبعضها الوضيع. وهي مراتب ألف. والذهب أب المراتب جميعا. وحسبك انك بالذهب تستطيع أن تنال من أي مرتبة من مراتب هذه الدنيا ما تشاء. وأهل هذه الأرض، من طواهم الدهر ومن لم يطو بعد، هم الذين وضعوا الذهب على رأس المراتب جميعا. ولكم تساءلت عن سبب ذلك، صغيرا، وتساءلت كبيرا، فلم أحظ بجواب شاف.
إن الذهب لا يؤكل، وان الذهب لا يلبس وان الذهب لا يسكن، وتلك هي حاجات العيش الأولى، ولو أنهم وضعوني يوما بصحراء، ومعي قنطار من ذهب، لما أغناني من الحياة شيئا، ولأغنى رغيفخبز وكأس من ماء.
وقالوا إن بالذهب جمالا، وإن به لزينة، وخلت دائما أنه جمال اصطنعه الناس في أنفسهم اصطناعا، فمن زينة الزجاج اليوم ما هو أزين، ومن جمال الحجر، الحجر الذي أسموه ثمينا، ما هو أجمل.
وقالوا: بل هي الندرة جعلت من قيمته ما جعلت. ولقد جاء وقت زعم العلماء فيه أن بإمكانهم تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة، وإلى الذهب خاصة، وعندئذ كادت إمبراطورية الذهب أن تنهار انهيارا، ثم حماها أن ما استطاعه العلماء من التحويل كان النزر القليل الحقير، وأنفقوا على ذلك من التكلفة الشيء الكثير، فتحول الحلم الجميل إلى حلم مروع عقيم، وظل الذهب امبراطورا على رأس إمبراطوريته يتحكم في أقدار الناس، ويتلاعب بذممهم، ويربط مآله بمآلهم.
إن الذهب فرية عالمية كبرى، إن لم يذهب بها العلماء الأحدثون، فسوف لاشك تذهب بها الصناعة والتقنية عندما تزدري أن يكون لها الذهب مثقالا به توزن أو معيارا به تقاس.
والآن فلننتقل بالذهب، من حديث ليل إلى حديث نهار.
أول ما يأخذك من الذهب لونه، فهو أصفر بارق جميل. ويظل له هذا اللون بعد نقائه. وكذلكيحتفظ النحاس بلونه بعد تنقيته، وغير ذلك سائر الفلزات من حديد وقصدير وفضة، فهي بعد النقاء تكون بيضاء أو رمادية اللون.
ومما يأخذك من الذهب ثقله. ومن أثقل الفلزات الرصاص. ومع هذا فالذهب أثقل منه بمقدار يبلغ الضعف، وكثافته 19,3 غراما للسنتيمتر المكعب في درجة حرارة 20 مائوية.
والذهب أطوع الفلزات عند الطرق، وهو يصنع ورقا يبلغ سمكه جزءا من نحو 150.000 جزء من المليمتر أو دون ذلك.
والذهب أطوع المعادن عند السحب فالأنسة (Ounce) (تزن 28,25 غراما)، يمكن أن يصنع منها بالمط سلك طوله 40 ميلا أو يزيد. (الميل الواحد= 1.609م). والذهب موصل للكهرباء، ولكن النحاس أكثر توصيلا، وتليه الفضة، ويأتي الذهب بعدها ثالثا.
والذهب فلز لين، وهو يخلط بالنحاس لتتكون منه اشابات أصلب Alloys. وهو يخلط كذلك بالفضة ويخلط بالبلاتين والبلاديوم. وتستخدم هذه الاشابات في أغراض شتى، منها العملة الذهبية، ومنها الحلي وأدوات الزينة.
والذهب يختلط بالزئبق بمجرد مسه إياه. ولهذا يحذر من يشتغل بالزئبق أن يمس الزئبق ساعة معصمه أو خاتم بنصره. وتعرف الاشابة الناتجة بالملغمة.
إن القيراط هو المقياس الذي يدل على مقدار الذهب في اشاباته، والمعروف بالطبع أن الذهب لا يستعمل نقيا بسبب لينه. فإن قيل أن ذهبا عياره 24 قيراطا عرفنا من ذلك أنه ذهب خالص. وإن قيل 18 قيراطا عرفنا أن به من الذهب الخالص ثلاثة أرباع وزنه، والربع من فضة أو نحاس أو غير ذلك.والذهب يوزن في العالم بالأنسة Ounce، وقد سبق أن شرحناها.
إن الفلزات التي أسموها بالنبيلة Noble هي الذهب، والبلاتين، والبلاديوم، والرويديوم، والذهب أنبلها.
وسموها بالنبيلة لأنها تتأبى على التفاعلات الكيماوية أن تشترك فيها، فكأنما تترفع عن ذلك، وتحتفظ بكينونتها واستقلالها.
ومن أمثلة ذلك، أن الذهب لا يتحد مباشرة بالأكسجين، وهو عنصر في الهواء دائم، فهو لايتأكسد فينطمس.
والذهب لا يذوب في الأحماض العادية كحامض الأدروكلوريك والكبريتك، والنتريك، ولكنه يذوب في خليط يتألف من حامض الأدروكلوريك وحامض النتريك، 4/3 من الأول، مع ربع من الثاني، ومن أجل هذا سمي هذا الخليط بالماء الملكي Agua Regia، لأنه أذاب ملكا، هو الذهب.
يوجد الذهب في الأرض على صورتين إما رواسب في سائر رواسب الصخر، حملها الماء من حيث تصدع الصخر الأصلي الذي احتواه، وتعرى وتفتت، واما عروقا سلكت سبيلها من جوف الأرض بين الصخور، واحتوت من الذهب ما احتوت.
وليس كل ذهب في الأرض يستخرج، إنما يستخرج ما تزيد قيمته عن كلفة يتكلفها استخراجه.
أما استخراجه من رواسب الأرض أو عروق الصخر، فتختلف طرائقه وفقا للحالة التي عليها الخامة.
وتستخدم في ذلك حقائق نعرفها عن الذهب، منها أنه ثقيل، فلو سحق صخره، وجرفه الماء لتخلف الذهب لكثافته، وسقط في أرض المجرى قبل أن يسقط الأخف من الصخر السحيق. ومنها أن الذهب لا تؤثر فيه الأحماض، وهي تؤثر في سائر الصخور، فيستعان بذلك على فصله. ومنها أن الذهب إن مس الزئبق تملغم معه، ولم يتملغم سائر الصخر. وبذلك يفصل الذهب. ومنها أن الذهب يذوب في محلول السيانيد Cyanide ولا يذوب غيره، وبذلك يفصل. ولا داعي للدخول في تفاصيل كل ذلك، فهذا للمختص ضرورة.
ولكن يكفي أن نقول، أن قلة ما يحتويه الصخر من ذهب، يزيد أولا في ندرته ويزيد أيضا في تكلفة استخراجه، فيجعل من الذهب شيئا مطلوبا عزيز المنال.
كانت التجارة في قديم الزمان، أعني البيع والشراء، تجري تبادلا بين السلعة والسلعة. وقد تتميز سلعة بقيمتها، وثبات هذه القيمة، فترد إليها قيم السلع جميعا. ثم اتخذت الفلزات، لاسيما الذهب والفضة، مكان السلعة المتميزة الثابتة التي ترد إليها قيم الأشياء جميعا، فكان من ذلك النقد، من ذهب ومن فضة، ومن اشابات تتخذ منهما.
ثم حدث في التاريخ، ان طائفة من رجال من أرباب المال والأعمال موثوقا بها، كانت تشتري وتبيع، ولا تدفع، أو تأخذ أو تعطي فضة أو ذهبا. وإنما يتم الشراء والبيع بينها بورقة يكتب عليها أن أحد الطرفين، البائع أو المشتري، عنده في ذمته للآخر، مبلغ مقداره كذا وكذا، وأنه مستعد لدفعه إياه عند الطلب، ذهبا أو فضة.
ولما زادت الثقة في هذه الوعود الورقية، بزيادة الثقة في أربابها، شاعت، وأغنت الناس عن تبادل الذهب وتبادل الفضة، عند كل معاملة. وظهرت فوائد هذا الأسلوب سريعا. فالفضة والذهب وسائر الفلزات ثقيلة في الحمل. وصاحبها من أفراد الناس لا يأمن عليها السرقة. وهي مأمونة عند تاجر كبير محمود السيرة، أو عند شركة أو عند حكومة دولة.
وبهذا اخترعت عملة الورق تنافس عملة الذهب والفضة، وتطور الأمر حتى لم يكد يبقى اليوم في أيدي الناس، من عملة الذهب خاصة شيء. كلها الدرهم الورق، والجنيه الورق، والدولار الورق والأوروالورق، أصدرتها حكوماتها.
ويذهب حامل العملة الورق إلى مصدرها، تاجرا كان، أو بنكا، أو دولة يطلب منه أن يدفعها له ذهبا عينا، فيدفع له الذهب على الفور كاملا. على كل حال هذا ما كان من أمرها يوم ابتدعوها. ثم تغيرت على الزمن الظروف وتبدلت الأحوال.
والله الموفق
11/10/2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.