أثار مسلسل" el tiempo entre costuras" غيضي بقدر إثارة إعجابي اللامتناهي به، رغم عدم إتقاني للغة الإسبانية بالشكل المطلوب، وتغاضيت عن فهم العديد من المصطلحات المدرجة بالحوار كي لا تفوتني أي كبيرة أو صغيرة بشأن التصوير الذي اختار العديد من مشاهده في أزقة و دروب المدينة العتيقة بتطوان. سبب الإعجاب واضح و هو تركيز هؤلاء" النصارى، و الله ينعال من كفر بالله" على التدقيق في كل شيء و حتى إن تبين لنا بأنه تافه ، لكنهم يشددون عليه كي تصاغ الصورة بالشكل المطلوب مهما كلفهم ذلك من وقت أو مجهود، رغم المشاكل الناتجة عن الموقع المتميز لهذه المدينة و المعرضة للضوء الساطع أحيانا و عتمة السحاب في نفس الوقت مما يخلق مشاكل تصويرية بالفضاء، وبسبب هذه التدقيقات فالنتيجة دائما مبهرة، و لعل كل اللقطات المدرجة بالمسلسل لدليل واضح لكل هذا. أما الغيظ فمصدره تأكدي الدائم بأننا لسنا أهل لأي إبداع رغم أننا نملك إرثا تاريخيا لا يضاهى، بل الأدهى من هذا أننا لا نعيره أي اهتمام. ولعل الصرخات المنبعثة من الغيورين على هذا التراث كي لا يؤول للضياع و الاندثار خير دليل … وكرزة كعكة هذا الانجاز من إنتاج مؤلفة إسبانية أرادت تخليد ماضي أمها المزدادة بمدينة تطوان سنة 1940 كرد جميل لأصولها البديعة… ***أرعبني تقرير بشأن الدور الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة، و عيش ساكنتها في هلع دائم من سقوطها على رؤوسهم في يوم ما علما بأنها تستقطب العديد من الناس الذين وجدوا في شساعتها الملاذ الآمن من دور الصفيح – و لعله الشرح الواضح لعدم انتشار هذه "البرارك" بضواحي تطوان على غرارالمدن المغربية الأخرى- و قد تكون الخسائر البشرية و المادية "لا قدر الله" جسيمة في حالة حدوث كارثة من هذا النوع. ولهذا السبب يجب التجند الصادق و الجاد لإنقاذ هؤلاء مما لا يحمد عقباه و إنقاذ تراث لا يقدر بثمن.*** مشاهد المسلسل الإسباني في بعض الأزقة و الدروب للمدينة العتيقة أعادت لنا حنين الركض فيها أيام الطفولة الهادئة، و أعادت لنا أيضا مشاهد النظافة و الترتيب رغم بساطة العيش. وضعتنا في الصورة أيام معاناة أجدادنا مع الاستعمار الغاشم و معاناته مع قلة ذات اليد و محاولة تعايشهم مع بعضهم رغم التباين الفكري و الديني، فكانوا مثالا بارزا لتعايش الديانات مع تباعد الثقافات. ليست هذه حملة دعائية لمشاهدة فصول أحداث هذا المسلسل بقدر ما هو تنبيه لوجوب مشاهدة لقطاته المصورة في دروبنا و أزقة مدينتنا الحبلى بالموارد و العطاءات، و المفتقرة للصيانة و الاهتمام الذي يتنبه له غيرنا فيخرج إنتاجات غاية في الدقة و الجمال ليغني خزانة عطاءاته الفنية بإرث لا يشكل لصاحبه أي إضافة أو زيادة، و لعل من عاش فيها سيشاطرني الرأي و يعمل جاهدا على تقييم ما له قيمة لا تقدر بثمن..