لا يخفى على المهتمين بالشأن التربوي والفاعلين التربويين ما تلعبه البحوث التعليمية التعلمية من دور ريادي في توسيع مدارك المتعلمين وصقل لملكة البحث والتنقيب عن المعرفة ومحاولة مستدامة لإرواء الظمإ المعرفي وانفتاح بيداغوجي معقلن على محيطهم الوطني والقاري والدولي.. ومن الملاحظ أن بعض المتعلمين يتعاملون مع هذا النشاط الذهني الفريد والمتميز والإشباع المعرفي بإرادات وعزائم شتى تتأرجح بين اعتبار البحث ثقلا آخر أضيف إلى كاهلهم الأمرالذي يستوجب التخلص منه بأي وسيلة وفي أسرع وقت ممكن وبين رؤية مغايرة تماما تعتبر البحوث فرصة سانحة للتوسع في معارف سابقة مقتضبة لسبر أغوارها والتنقيب عن كنهها ومنبعها ومراحل نموها وازدهارها من عدمه، وذلك كله باعتماد مصدر يكاد يكون وحيدا ويتعلق الأمر بالشبكة العنكبوتية بعُجرها وبُجرها والزاخرة بمعرفة لا حدود لها وموارد رقمية لا قبل لهم بها، فمن جهة يسهل الإبحار فيها بنقرة بسيطة، ومن جهة ثانية يصعب ضبطها ولجمها وتكييفها مع مستوى قدراتهم الذهنية والاستيعابية إلا عن طريق التدخّل والتوجيه والإرشاد حول أبجديات خوض غمار معرفة لامتناهية وثورة رقمية أدهشت الكبير قبل الصغير وحيرت الراشد قبل القاصر.. ومن نافلة القول أن العثور على مواقع إلكترونية تفي بغرض البحث المناسب لمتعلمي الابتدائي مثلا يتطلب دربة ودراية بكمّها وكيفها وتمييز لغثها من سمينها وغنيّها من فقيرها، ومصادرها من مراجعها، بغية توفير الوقت والجهد وتجنب البحث الارتجالي عبر محركات بحث شهيرة تجعل المتعلمين يحضرون بحوثا أقل ما يمكن أن يقال في حقها أن جلّها نسخ طبق الأصل ناجمة عن اعتماد نفس الرابط / نتيجة البحث بتفاصيلها وعناوينها دونما أي بصمة أو لمسة من التلميذ الباحث عبر تعديل أو تلخيص يبرز مجهود المتعلم الفردي وينمي لديه قدرة تصرفه في النص وإدلائه بدلوه حوله ولو بنزر يسير.. عوض طبعه من متصفح الإنترنت مباشرة أو نسخه كاملا ولصقه على صفحة الوورد في الغالب ومن تم طباعته دون أي إطلالة تذكر ولا قراءة تعتبر بل يُؤخذ الجمل بما حمل اللهم بعض الاستثناءات المعدودة على رؤوس الأصابع.. هذا إن تمّ البحث من قبل المتعلم ولم يوكل عنه غيره ويفوض هذا القريب أو ذاك في البيت أو مقابل ثمن بخس دراهم معدودة في مقهى الإنترنت. البحث التعليمي التعلمي رافعة أساسية من رافعات التعلم والتكوين الذاتيين لتنمية ملكات المتعلمين، بجعله وجها لوجه مع معرفة جمّة متشعبة الروافد والجداول إن لم يتدرب على التحكم في زمامها عاجلا صعب عليه الأمر – وقد يستحيل – آجلا ومن تم يتحتم عليه أخذ المتلائم مع ما هو مطلوب منه ومبحوث عنه وكذا مع مرحلته العمرية ومستواه الدراسي.