الذكرى ال70 لعيد الاستقلال المجيد .. ذكرى مجيدة لتلاحم العرش والشعب في سبيل الحرية والوحدة    في إطار فعاليات الدورة الخامسة للمنتدى السنوي «المغرب الدبلوماسي- الصحراء» بمدينة الداخلة .. عمر هلال يؤكد أن الدبلوماسية المغربية، بقيادة جلالة الملك، ترتكز على فلسفة العمل والفعل الملموس    "الفتيان" يستعدّون بثقة لمواجهة مالي    كوريا والولايات المتحدة تعززان تعاونهما في مجال الأمن السيبراني    برمجة 5 ملايين هكتار للزراعات الخريفية    جنوب إفريقيا تحقق في ملابسات وصول "غامض" ل 153 فلسطينيا وتحذر من أجندة لتطهير غزة    عودة كابوس الخطف بنيجيريا .. 25 تلميذة في قبضة مسلحين    دار الشعر بمراكش .. الموسم التاسع لورشات الكتابة الشعرية للأطفال واليافعين    بعد إدانتهم ابتدائيا.. استئنافية الرباط تؤجل محاكمة 13 مناهضا للتطبيع وسط مطالب بتبرئتهم    بوانو يجدد مطالبته في البرلمان بإحداث لجنة لتقصي الحقائق حول صفقات الأدوية    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء سلبي    سجلماسة.. مدينة ذهبية تعود إلى الواجهة رغم لغز أطلالها الصحراوية    الهيئة المغربية لسوق الرساميل تعيد هيكلة مجلسها التأديبي    مرصد يطالب بفتح تحقيق في زيادات مفاجئة طالت أسعار أدوية أساسية    سباق جهوي في رياضة الدراجات الهوائية بجرسيف    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الموقع الهولندي المتخصص "فوتبولزون": المغرب "يهيمن" على القوائم النهائية للمرشحين ل"جوائز كاف 2025″    الجيش الملكي يعلن استقبال الأهلي المصري بملعب مولاي الحسن    التنقل النظيف.. تعبئة أزيد من 78 مليار درهم بالمغرب في أفق 2029    الأمم المتحدة تشيد بالجهود المغربية في تطهير الصحراء من المخلفات الحربية    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يقدم تجارب سينمائية آسرة لجميع أفراد العائلة    اندلاع حريق داخل منزل بشارع بمدينة الحسيمة يثير حالة هلع بين السكان    بنكيران يتقدم باعتذار لمدينة بركان    إعلام عبري: شركة إسرائيلية تفتح مصنعا لإنتاج الطائرات الانتحارية المسيرة في المغرب    "الماط" ينفرد بالصدارة على حساب رجاء بني ملال وشباب المحمدية يواصل نزيف النقاط    حركة ضمير تدعو إلى نموذج سياسي جديد يعيد الثقة للمغاربة    خبير: قدرة المغرب على التوازن الاقتصادي تكمن بإدارة الأزمات وسرعة الاستجابة للصدمات الخارجية    إطلاق إجازة في السينما داخل السجون لتعزيز إدماج النزلاء بالمغرب    دعم الحبوب… "أرباب المخابز": تصريحات لقجع "غير دقيقة ومجانبة للصواب"    قضاء بنغلادش يحكم بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة    انهيار أرضي يحطم حافلة ويخلف قتلى في فيتنام    حقوقيو تيزنيت يطالبون بالتحقيق في تسمم 25 تلميذا بداخلية ثانوية الرسموكي    استغلال جنسي لشابة في وضعية إعاقة نتج عنه حمل .. هيئة تطالب بفتح تحقيق مستعجل وإرساء منظومة حماية    تصفيات مونديال 2026.. توخل يحذّر بيلينغهام المستاء من ضرورة احترام قراراته    قطاع الفلاحة يتصدر جلسة مسائلة الحكومة بمجلس النواب ب13 سؤالاً    انعقاد ‬الدورة ‬العادية ‬الثالثة ‬للمجلس ‬الوطني ‬لحزب ‬الاستقلال    أكادير تحتضن المعرض الدولي للتصوير الفوتوغرافي    الإذاعة والتلفزة تُقرّب الجيل الصاعد من كواليس عملها في التغطية الإخبارية للأحداث الكبرى    الطالبي العلمي يترأس الوفد البرلماني في أشغال المؤتمر 47 والدورة 84 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي    تصفيات مونديال 2026.. الكونغو الديموقراطية تعبر إلى الملحق العالمي بعد التفوق على نيجيريا بركلات الترجيح (4-3)    إرسموكن : "بصحة جيدة وقميص جديد"… أملال إرسموكن لكرة القدم يُطلق موسمه ببادرة مزدوجة    أحكام ثقيلة في الحسيمة ضد متهمين بالاتجار في المخدرات القوية والاعتداء على موظفين عموميين    "جمهورية نفيديا".. سباق التسلّح التكنولوجي يبدّد وهم السيادة الرقمية    تشكيلنا المغربي..    التواصل في الفضاء العمومي    العرب في معرض فرانكفورت    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيد والكوفيد وأشياء أخرى..
نشر في تطوان بلوس يوم 23 - 05 - 2020

يحل عيد الفطر السعيد على المغرب والعالم العربي الإسلامي، في ظرفية خاصة واستثنائية مرتبطة بوباء "كورونا المستجد"، الذي فرض على دول العالم الانخراط في الحرب الشرسة ضد الفيروس التاجي والحد من انتشار العدوى، عبر استعجال اتخاذ حزمة من الإجراءات والتدابير الوقائية والاحترازية، وعلى رأسها إغلاق الحدود الوطنية، وبات بالواضح، أن كل دولة انغمست بشكل تلقائي في معركة النجاة والخلاص، بالرهان على إمكانياتها وقدراتها الذاتية، ولم يخرج العالم العربي والإسلامي عن هذه القاعدة، فانغلقت كل دولة على الذات بالإقدام على إغلاق الحدود الوطنية، مسخرة ما هو متاح من القدرات الذاتية، لمواجهة جائحة فتاكة، تحتاج إلى تملك قيم التعاون والتعاضد والتضامن، والتنازل القسري عن ممارسات الحقد والكراهية، وسياسات إنتاج القلاقل والنعرات السامة والخلافات الهدامة.
إذا كنا كعرب وكمسلمين، قد استسلمنا لسنوات لكوفيد التفرقة والشتات، فقد كنا نأمل أن نلتف حول بعضنا البعض في زمن الجائحة الكورونية، ونستحضر ما يجمعنا من قيم مشتركة، بدءا بالدين مرورا باللغة وانتهاء بالتاريخ والمصير المشترك، وتقدير حجم ما يعترضنا من تحديات آنية ومستقبلية، كنا نتطلع أن نطوي ما يسيطر علينا من أحاسيس الخلاف ومشاعر الصدام والعناد، ونجعل من حرب التصدي للجائحة، حربا مشتركة نسخر فيها الطاقات ونستثمر فيها ما هو متاح أمامنا من موارد طبيعية وبشرية، ليس فقط، لكسب رهان الحرب الكورونية والخروج منها بأقل الأضرار الممكنة، ولكن أيضا، من أجل الإسهام في صناعة مجال عربي إسلامي، نطلق فيه العنان للطاقات والإمكانيات والقدرات، لكسب معارك التنمية الشاملة، وتملك "المناعة الكافية" التي تجعلنا نواجه التحديات الآنية والمستقبلية والمخاطر المحتملة، برؤية متبصرة ورصينة.
لكن، حتى "الجائحة" التي هزت أركان العالم، لم تستطع زحزحة قارات عبثنا وعنادنا وصراعاتنا الخفية والمعلنة، ولم تمنع بعضنا، من التمادي في سياسة بئيسة تقتات على الدسائس وإشعال الفتن وتحيى على تغذية "بؤر" العنف والنعرات والقلاقل، فلا صوت يعلو على صوت الحقد والكراهية "غير المفهومة"، و لا مجال يخلو من فيروسات التوجس والترقب والترصد لبعضنا البعض، والنتيجة عالم عربي إسلامي، حولناه إلى قاموس تسيطر عليه مفردات التشرذم والتفرقة والشتات، ومفاهيم الدسائس والقلاقل والنعرات، فحولنا واقعنا بخبثنا وعنادنا، إلى حقل تجارب، تتحكم في أزراره القوى المتربصة بنا، التي باتت تتحكم في خيراتنا وتحدد لنا معالم مستقبلنا بالنيابة عنا، ونحن نهدر الزمن، متربصين ببعضنا البعض، منشغلين بنسج الدسائس وإثارة القلاقل لإسقاط بعضنا البعض، في نزاعات "جبانة" كلنا فيها خاسرون.
صرنا كالإخوة الأعداء أو كالأعداء الإخوة، ندق على طبول الأخوة المزيفة في العلن، ونتبادل الرسائل الباردة في الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية، ونرفع أمام الميكروفونات وعدسات الكاميرا، شعارات الدين والقومية والعروبة، وفي الخفاء، نحيك الدسائس ونحرك النعرات ونثير القلاقل، لحرمان بعضنا البعض من فرص التحرك والنهوض والارتقاء، لنرسم بأيدينا لوحات الضعف والهوان، ونكتب بأقلام "مراهقتنا" المتأخرة، قصائد العناد والصدام والشتات من الخليج إلى المحيط، ولا أبشع من صورة وأحقر من مشهد، أن نهدر الطاقة في زمن الجائحة، للهجوم على بعضنا البعض وتسخير الأقلام المأجورة والإعلام "المتحكم فيه"، لزرع الفتن وإثارة القلاقل للمساس بأمن وسيادة واستقرار بعضنا البعض، بدل هدر الطاقة في مواجهة المشاكل الداخلية والانخراط الفعلي والمسؤول، فيما تقتضيه الجائحة من إجراءات وتدابير.
جائحة كورونا، لن نقول أنها كشفت عن مدى ضعفنا، لآننا ندرك تمام الإدراك أننا ضعفاء وليس لنا أي تأثير يستحق الذكر في السياسات الدولية والفكر الإنساني (مع وجود الاستثناء)، ولن نؤكد، أنها عرت عن حقيقة واقعنا وما يعتري ممارستنا من مشاهد العناد والصدام والخلاف، لأننا على بينة بحجم تفرقتنا ودرجة تشرذمنا وشتاتنا ومستوى أنانيتنا المفرطة، ولكنها تفرض علينا استخلاص الدروس والعبر، لتذويب جليد الخلاف والعناد والصدام، والقطع بشكل لا رجعة فيه مع "مراهقة" الدسائس والقلاقل والنعرات، للإسهام الجماعي في خلق مناخ من "الثقة"، يسمح بتحرير الطاقات والقدرات لما فيه خير للبلاد والعباد، بعيدا عن لغة السلاح ومنطق القتال والخراب، ونحن نرفع راية الأمل في واقع عربي إسلامي يعيش على وقع التفرقة والصدام والتوتر خاصة في العالم العربي، ندرك تمام الإدراك أن ما نحمله من آمال مشروعة، هو أقرب لأحلام حماسية تبدو كالسراب في الصحاري القاحلة، وإذا كان هاجس الوحدة والاندماج، يبدو مستعصيا في الوقت الراهن، فنحن نأمل – على الأقل -، أن تلتفت كل دولة لقضاياها وشؤونها الداخلية، ولا تحشر أنفها فيما لا يعنيها، في انتظار زمن، نهزم فيه ما يسيطر علينا من "كوفيدات فتاكة"، لعل أخطرها "كوفيد الدسائس" و"كوفيد النعرات" و"كوفيد التحرشات" و"كوفيد القلاقل" و"كوفيد الصدام والأنانية المفرطة"…
العيد في زمن الكوفيد، يفرض استحضار عين العقل وصوت الحكمة في الخليج (العلاقات مع قطر) واليمن الذي دخل في مصير مجهول، وليبيا التي باتت "بؤرة" ساخنة قد تقود البلاد إلى حافة الإفلاس، والانخراط في ما يجمعنا من قيم التعاون والتضامن والتعاضد، لمساعدة بعضنا البعض في ظل جائحة حاملة لتداعيات متعددة المستويات اقتصاديا واجتماعيا، خاصة على الدول غير النفطية، ودعم القضية الفلسطينية ورعاية مدينة القدس الشريف، والحرص كل الحرص على صون "الأمن القومي العربي" في ظل ما يشهده العالم العربي من مشاهد التوتر والنزاع والاضطراب خاصة في سوريا واليمن وليبيا، وبهذه الأحاسيس، يحق لنا أن نستقبل "العيد السعيد" ويحق لنا أن نحتفي ونتبادل عبارات التهاني والتبريك، بعيدا عن مفردات المجاملة المزيفة، غير هذا، فما جدوى العيد وما جدوى رسائل التهاني، بل ما جدوى التفكير في "زمن ما بعد كورونا"، وبعضنا يفتح الأحضان إلى الغرباء، ليعمقوا جراحنا ويخططوا ويرسموا خارطة طريق مستقبلنا بدلا عنا …
في المغرب، لم نسلم حتى في زمن الجائحة، من "كوفيدات" الدسائس والتحرشات الخفية والمعلنة، ونحن ندرك تمام الإدراك، أن القلاقل "المراهقاتية" والمناورات "الجبانة"، تزيدنا قوة وصمودا والتفافا حول ما يجمعنا كمغاربة من ثوابت وقيم، كما تزيدنا حماسة في الانكباب على شؤوننا الداخلية وتطوير ممارساتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، والإسهام الجماعي في بلورة "نموذج تنموي جديد"، نصحح من خلاله ما يعتري واقعنا التنموي من مشاهد القصور والمحدودية، بشكل يسمح بكسب رهان مرحلة "المسؤولية" و "الإقلاع الشامل"، وإذا كانت "الجغرافيا" قد أتاحت لنا التموقع في أقصى شمال غرب إفريقيا، بشكل يجعل منا أبعد نقطة في العالم العربي، فنحن أوفياء للتاريخ والجغرافيا، كبلد ظل عبر سنوات خلت، أرضا للسلام واللقاء والتعاون والتعايش، لذلك، فنحن لا نكترث للدسائس ولا ننخرط في السياسات الجبانة، نكرس الطاقة في بناء الذات وتطوير القدرات، بدل هدر الزمن واستنزاف الطاقة في أية ممارسة غير مسؤولة فاقدة للبوصلة، وعلاقتنا بعمقنا العربي، لا يمكن تصورها إلا داخل مفردات التعاون والتضامن والمسؤولية والاحترام المتبادل والحياد والالتزام بالقضايا العادلة، وعليه، وفي ظل ضبابية المشهد العربي، واعتبارا لتبخر مشروع الحلم المغاربي (اتحاد المغرب العربي)، لم يجد المغرب بدا، من الانخراط في مواجهة الجائحة الكورونية، بالقدرات الذاتية وبالرهان على ما يميز المغاربة من تضامن ومن "إبداع مغربي" برز مع "الكمامات" وتصنيع بعض المعدات والمستلزمات الطبية وتنزيل جملة من التطبيقات الإلكترونية ذات الصلة بتدبير الجائحة، على أمل حسن استثمار معطيات الظرفية الخاصة والاستثنائية، في رسم ملامح صورة "مغرب ما بعد كورونا".. وبما أن المناسبة هي مناسبة "عيد الفطر السعيد"، نختم القول، بأن نبارك العيد السعيد لكل المغاربة (ملكا وحكومة وشعبا) ولكل العرب و المسلمين عبر العالم، في انتظار الحلم بواقع "غير الواقع" و "عيد جديد" خارج "زمن الكوفيد"، نحسن فيه بنسمات العروبة ونفحات الإسلام.. الغالب الله …
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.