طالبت مكونات التجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر محمد الحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب، ب"تقديم الأدلة الكافية بشأن مزاعمه بوجود تعامل مباشر بين الأطباء وشركات أو مختبرات تصنيع وتوزيع الأدوية"، مشددة على أن "تصريحا من هذا النوع، إذا لم يستند إلى حُجّة دامغة، فلن يتوقف الموضوع هنا". وقال الحبابي، في تصريح لهسبريس، وهو يدافع عن ضرورة منح الصيدلي حقّ استبدال الدواء، كما هو معمول به عالميا، إن دفع بعض الأطباء بأن غياب الصيدلي عن صيدليته يقوّض هذا الحقّ، أمام صعوبة قيام المساعدين التقنيين بهذا الدور، "مجرد ذريعة من بين الذرائع الواهية التي يقدمها بعضهم، مع العلم أننا نعرف التعامل الموجود بين عيّنة منهم وشركات الأدوية". وتابع رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب: "بعض هذه الشركات تخاطب بعض الأطباء: (أمنحك هذا القدر لوصف هذا الدواء للمرضى بهذا المقابل)"، وزاد: "ليس من مصلحتهم أن يكون للصيدلي حق استبدال الدواء". وأضاف المتحدث سالف الذكر: "ثم، نحن لا نعارض القانون؛ فإذا كان هناك صيدلي غائب عن صيدليته، فإن للوزارة ما يكفي من الترسانة القانونية لزجره". هذا التصريح أثار حفيظة مهنيّي الطب؛ فقد طالب سعد أكومي، الرئيس المؤسس للتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر، الحبابي بكشف "الأدلة التي تُبيِّن وجود تواطؤ بين هذه الشركات والأطباء". وتابع البروفيسور سعد أكومي: "حتى لو تعلّق الأمر بطبيب واحد، فلا بدّ من تقديم الأدلة على ذلك، حتى لا نكون أمام تصريحات غير مسؤولة سنصل بها إلى القضاء". وأبرز الرئيس المؤسس للتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر: "إذا كان لديه دليل، فليأتِ به إلى القضاء، فلا يمكن أن نسمع مثل هذا الادعاء الخطير دون محاسبة". وزاد الفاعل المعني عينه قائلا: "هذا عبث بكرامة المهنة. قد يقصد مثلا قلّة؛ لكنّنا، ونحن نُقدَّر بنحو ثلاثة عشر ألف طبيب، لا نقبل ذلك إذا لم يستند إلى معطيات غير قابلة للنقاش. إذا كان يقصد واحدا فقط، فكأنه يقصدنا جميعا، ونحن ننتظر ما لديه من حجج". وأمّا بخصوص منح الصيدلي المغربي حق الاستبدال، فقد أكّد أكومي أن "الوضع في المغرب يختلف عن الدول التي يُستشهد بها كمثال في هذا المجال"، لافتا إلى أن "أول اختلاف جوهري هو أن الصيدلي في تلك الدول لا يغادر الصيدلية إطلاقا أثناء ساعات العمل، حتى ولو لخمس دقائق، ويكون إلى جانبه مساعد مؤهّل، غالبا ما يكون صيدليا أو طالبا في سنته الأخيرة من كلية الصيدلة". وأضاف المتحدث: "لا توجد صيدلية في المغرب تحترم هذه المعايير"، مسجلا أن "حق الاستبدال يتصل بمشكل قانوني أساسي مرتبط بالمسؤولية الطبية على صحة المريض"، مشدّدا على أن "المسؤولية الطبية هي مسؤولية مشتركة يتحمّلها الطبيب، والصيدلي، والممرض، والمصحة، كلٌّ في حدود اختصاصه". وتابع أكومي: "كطبيب، أتولّى تشخيص الحالة وتحرير وصفة طبية تتضمّن أدوية أتحمّل مسؤولية وصفها كاملة، لأنني أوقّع بخطّي وأضع ختْمي". وأشار الرئيس المؤسس للتجمع النقابي الوطني للأطباء الأخصائيين بالقطاع الحر إلى أن "الطبيب يتحمّل كامل المسؤولية إذا أدّى الدواء المدَوَّن في الوصفة إلى أعراض جانبية خطيرة"؛ لكن "إذا وقع ضرر بالمريض نتيجة تغيير الدواء دون الرجوع إليَّ، فإنني لا أتحمّل إلا جزءا من المسؤولية، لأنّ الدواء لا يقتصر على المادة الفعّالة فحسب، بل يضمّ مكوناتٍ إضافية تدخل في تركيبه، وهي تختلف بالضرورة بين الدواء الجنيس والدواء الأصلي". وفي هذا السياق، أكّد الطبيب الأخصائي في أمراض النساء والتوليد أن "الصيادلة الذين ينادون بحق الاستبدال، يجب أن يقبلوا أن ينصّ القانون على أن من يستبدل الدواء يتحمّل المسؤولية الطبية الكاملة". وأضاف الفاعل: "ثمّ، من الناحية المهنية والأخلاقية، لا يصحّ للصيدلي أن يُفوِّض قرار الاستبدال إلى مساعد غير مؤهّل، وغير حاصل على تكوين يجعله قادرا من الناحية الطبية على القيام بهذه العملية". وضرب مثالا بدول مثل فرنسا، حيث "يلتزم الصيدلي، في حال استبداله للدواء، بتدوين اسمه". وزاد أكومي قائلا: "في المغرب، نحن بعيدون عن هذا النموذج؛ فالواقع والتجربة تؤكدان صعوبة العمل بهذا المطلب، لأن نسبة غير قليلة من الصيدليات لا تشتغل وفق المعايير المطلوبة، ويكون الصيدلي غائبا عنها طيلة النهار في مناطق كثيرة من التراب الوطني... وبالتالي هناك مشكلة موضوعية لا يمكن تغطيتها باتهام الأطباء بالتواطؤ".