المغرب يسجل فائضا تجاريا صغيرا مع فرنسا وافريفيا.. وعجزا تجاريا كبيرا مع الصين وأمريكا    تهريب أقراص الهلوسة يقود فتاتين إلى سجن تطوان    لشكر يتفاعل مع انتظارات في تطوان    إصدار أكاديمي يُقارب رهانات الجهوية    تفاقم العجز التجاري ب6.8 في المائة    الأول في شمال إفريقيا .. جواز السفر المغربي يتقدم إلى المركز 67 عالميا    وكالة "AMDIE" ترفع دينامية المغرب لجذب الاستثمار وتوسيع الأسواق    غزة تسجل 10 وفيات جديدة بالمجاعة    مديرة يونسكو تأسف لانسحاب أمريكا    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    أمين فرحان يعزز دفاع الفتح الرباطي    السكتيوي يكشف صعوبات حسم اللائحة    غامبيا تجدد دعم مقترح الحكم الذاتي    ذوو احتياجات خاصة يطالبون بإصلاح شامل لمنظومة الاستهداف الاجتماعي    المجمع الزراعي بالخميسات ينال لقب "أفضل اكتشاف أثري" في إفريقيا    العرائش تبقي هوية الشرفة الأطلسية    زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    التشكيلي عفيف بناني في ذمة الله    إسبانيا تكسر عقدة ألمانيا وتصعد لملاقاة إنجلترا في نهائي "يورو" السيدات    فرنسا تفرض حظر تجول ليليًا على القاصرين في مدن عدة بسبب تصاعد عنف المخدرات    ميسي وألبا يواجهان خطر الإيقاف بعد الانسحاب من مباراة كل النجوم في الدوري الأميركي        الكنيست يؤيد بالأغلبية اقتراحا يدعم "ضم" الضفة الغربية المحتلة        المجلس الأعلى للاتصال يُحفظ شكايات ضد بث حفل "طوطو" بموازين ويشدد على احترام حرية التعبير وسياق البث            الدرك يعتقل بارون مخدرات نواحي اقليم الحسيمة مبحوث عنه وطنيا    الصين تدعم المغرب لتطوير شبكة السكك الحديدية عبر أسرع قطارات العالم    كلمة .. المغرب أولا أيها المشرعون        وكالة بيت مال القدس الشريف توقع اتفاقية مع مستشفى المقاصد لإيواء مرضى ومرافقيهم من قطاع غزة    يواجهن منتخب نيجيريا يوم السبت في نهائي قوي .. ضربات الترجيح تُقَرِّبُ لبؤات الأطلس من لقبهن القاري الأول    جمعية أمل إنزكان تفوز بكأس العرش للسباحة بالزعانف    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    ‬أعلنت ‬الحكومة ‬الإسبانية ‬في ‬مارس ‬2022 ‬دعمها ‬لمشروع ‬الحكم ‬الذاتي ‬و ‬اعتبرته ‬يمثل ‬الأساس ‬الأكثر ‬جدية ‬و ‬مصداقية ‬لحل ‬النزاع    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    اختتمت المعرض الجهوي للمنتوجات الفلاحية بإقليم الحسيمة    تسجيل أكثر من 100 ألف عضة و33 وفاة بالسعار في 2024 بالمغرب    لأول مرة بإفريقيا.. المغرب ينجح في زراعة جهاز تنظيم ضربات القلب اللاسلكي    تنظيم مهرجان كانگا إفريقيا 2025 بتارودانت    غدا تنطلق فعاليات الدورة 19 لمهرجان تويزة    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع اليابان يتضمن خفض الرسوم الجمركية إلى 15%    أمن أكادير يحقق في دخول سيارة أجنبية إلى رمال الشاطئ    مهرجان "إيكودار" يعود في دورته السابعة بإداوكنظيف: الثقافة الحية عنوان للاحتفاء بالتراث والتنمية    معرض الصناعة التقليدية والفن التشكيلي يضيء فعاليات ربيع أكدال الرياض في دورته الثامنة عشرة    المغرب يتجه نحو إصلاح جذري في السياسة الدوائية    دراسة: متلازمة القولون العصبي لا ترتبط بحساسية الغلوتين    "أونروا": فلسطينيو غزة يموتون وموظفونا يغمى عليهم من التجويع الشديد    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملاحظات حول موقف العالم المقاصدي احمد الريسوني من الاساتذة المتدربين
نشر في صحراء بريس يوم 20 - 05 - 2016


باسم الله الرحمن الرحيم
عندما قرأت مقال الدكتور الريسوني حول الاساتذة المتدربين تحت عنوان : (أبناؤنا و أساتذة الغد...؟ ) الذي نشره على الموقع الالكتروني لحركة التوحيد والاصلاح يوم 15 ابريل 2016 ، أحسست بحيرة كبيرة ، كيف لشيخنا ان يتعرض لآلاف من الاساتذة بهذه الطريقة التي تحمل قدرا كبيرا من الاهانة (المس بأشخاصهم ومؤهلاتهم وقيمهم) ، و يعمم بهذه السهولة ، و هو الذي تعلمنا منه الحدر و البينة ، وترتيب الامور في درجاتها المتفاوتة ، سواء كانت حسنة أو سيئة . فأخدت قرارا بكتابة مقال ابسط فيه ملاحظاتي حول ما جاء في مقال الدكتور .
واني إذ أبدي ملاحظاتي في الموضوع ، فإني أوكد ابتداء احترامي لشخص كاتبه ومكانته ، واني ما قصدت منه الا المساهمة في التصحيح والتسديد . فلربما أثير انتباهه بكل هدوء و احترام و حسن نية ، الى أمر عظيم غفل عنه ، وهو العالم الكبير المعروف .
وان مما دفعني الى ذلك ، هو محبتي للحق أولا ، ولوطني ثانيا ، و لأهل العلم ثالتا واعتزازي بهم ، فكم تعلمنا منهم واستنرنا بعلمهم .
وقد شجعني لبسط رأيي هذا ، ما تزخر به حضارتنا من سير سلفنا الصالح في قول الحق دون خجل أو خوف ، وقبولهم النصيحة بكل تواضع و محبة ، نصرة للحق لا غير ، لا لشخص ولا فئة و لا نفس . فلا خير فينا ان لم نقلها ، ولو في حق عالم بمستوى الدكتور الريسوني ، اذ لا أحد منزه ، مع استحضاري ما يلزم من اللياقة والادب و الاحترام مع المشايخ والعلماء .
كما استحضر في هذا المقام موقفا رائعا لسيدنا عمر بن عبد العزيز ، فقد كان له مستشار خاص ، اسمه عمر بن مهاجر، قال له : يا عمر بن مهاجر ،إذا رأيتني ضللت - أي اخطأت - فخد بمجامع ثيابي ، وهزني هزا عنيفا وقل لي : اتق الله يا عمر ، فإنك ستموت . وهذا ما ينقصنا للأسف اليوم ، في عدد من مواقع المسؤولية المتفاوتة الدرجات . واني أخشى ان يكون الريسوني قد ظلم أحدا من الاساتذة المتدربين بوصفه بما ليس فيه. وانه بلا شك لا بد فيهم رجل لا ينطبق عليه ما وصفهم به. ففيهم الصالح والطالح كعموم الناس ، فيهم المجتهد والنشيط ، وفيهم ذو المبادئ و المسؤولية والمواطنة.. فهل منا من يقدر على مظلمة أحد ، غدا يوم يكون المرؤ احوج الى حسنة واحدة تدفع عنه سيئة ؟!
لكل هذا استسمح العالم الجليل الريسوني ، لبسط ملاحظاتي حول مقاله ، فإن كان فيه ما يدفعه لمراجعة موقفه ، فهو أهل لذلك ، وان رأى فيه - أو رآه غيره – ما يسيء اليه ، فليس من قصدي .
ان اول ملاحظة اشير اليها في هذا الصدد ، واستغربت لها كثيرا ، هي غياب أي رد على مقال الريسوني من طرف أحد من اخوانه في حركة التوحيد والاصلاح أو حزب العدالة والتنمية ، رغم ان هناك عدد كبير ممن لا يوافقونه الرأي في مضمون مقاله ، لكن أحدا لم يجرؤ على الرد ! ولو تحدث احدهم لأعفاني عن الحديث .. فمتى شرع لنا ديننا تعظيم الافراد الى هذا الحد ، والسكوت عن ابداء الرأي إذا أخطأوا ؟!
ان موقف الدكتور احمد الريسوني حول الاساتذة المتدربين ، في جزء كبير منه غير موفق ، فقد حكم جماعيا على عشرة الاف استاذ بعدم اهليتهم ، ونعتهم بأوصاف لا تليق بهم ، فقد وصفهم ( باحتراف الغوغائية و الفوضوية ) ، وتحدث بعاطفية كبيرة ادت به الى السقوط في العموميات و مجانبة الحكم بالعدل ، بوصفهم ( عاطلين عن المبادئ و المسؤولية و روح المواطنة ) ! حكمه عليهم بعدم الاهلية التربوية ، يستلزم تقويما من طرف لجنة مختصة و بشكل فردي . فقد قال انهم مجموعة من ( الكسالى الخاملين) ، رغم انهم نجحوا في امتحان الدخول الى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين ، والقاعدة في المغرب الى الامس القريب ان النجاح في هذا الامتحان يساوي التخرج باطار استاذ متدرب شرط النجاح في امتحان التخرج ، ويبقى التكوين داخل المركز عبارة عن اعداد نسبي لهؤلاء الاساتذة ، بإعطائهم بعض المبادئ الاساسية و المقاربات التربوية للفعل التربوي ، و الاليات الممارساتية الضرورية لبداية مشوارهم التدريسي الذي يعتبر المحطة الحقيقية للتكوين و التأهيل الذاتيين والتعلم مدى الحياة . فالممارسة اليومية في الفصل والبحث خارجه ، هو الذي يطور الفعل التدريسي و التربوي للأستاذ.
كما نسي الاخ الريسوني ان قطاع التعليم يعج بالآلاف ممن تخرجوا مباشرة من مراكز التكوين دون اجتياز المباراة المحدثة هذا الموسم ، إضافة الى أفواج بالآلاف كذلك ، اندمجوا مباشرة في اسلاك الوظيفة العمومية و قطاع التعليم مند التسعينات الى الان ، في حملات للتوظيف المباشر دون تكوين حتى!! و رغم ذلك ساهموا جميعا في بناء هذا الوطن كل من موقعه ، و في تكوين وتربية اجيال من ابناء الشعب ، وتخرجت على ايديهم اطر عليا للوطن في كل المجالات . فما موقع هؤلاء كذلك ؟ أضمن الكسالى و الخاملين ؟!
ß النتيجة : وقع الاخ الدكتور الريسوني في تعميم في غير محله .
كما عاب عليهم الدكتور نضالهم ، واستغرب كيف سيتعامل معهم المديرون والتلاميذ ، وكأن النضال جريمة ، يستوجب حرمان كل من مارسه ، من التمتع بحقه الدستوري في ولوج الوظيفة التي يختارها ، ان توفرت فيه الشروط المحددة لها بدون تمييز او اقصاء. وكأن عالمنا نسي ان جل الاساتذة وجل مسؤولي الاحزاب ، بمن فيهم حزب العدالة و التنمية ، مارسوا النضال في الجامعة وفي الشارع ، و منهم من لا زال يمارسه في القطاع الذي ينتمي اليه الى الان ، اتفقنا ام اختلفنا معه ، وفي بعض الاحيان أكثر حدة من نضالات الاساتذة المتدربين .
كما ابدى الاخ الريسوني تخوفه من ان يدرسوا ابناءنا ، وما يحمله ذلك من اسقاط لأهليتهم وعدم احقيتهم في ممارسة مهنة التدريس ، حين شدد بقوله :( لو علمت أن أحد أحفادي سيكون في قسم يُدرّسه ويحكمه أحد هؤلاء، لبادرت إلى نقله وتخليصه منه بأي ثمن) . وانطلاقا من هذا القول ، ونحن نستحضر منزلة عالمنا ، فيلزم الدولة طردهم جميعا اذا اخدنا ورجحنا حكم و رأي عالم الفقه المقاصدي ، خدمة لمصلحة الامة ، والا فإننا نكون قد سكتنا عن مفسدة عظمى ، وساهمنا في (خراب) للوطن كبير !!على حد تعبيره . و ان كنت اعلم يقينا انه لا يمكن ان نأخذ كل كلام او موقف اتخذه الدكتور محمل الحكم المطلق ، اولا لأنه بشر يؤخذ من قوله و يرد ، و ثانيا لأنه يخص مجالا ليس من ضمن تخصصه المعروف له كعالم مقاصد الشريعة . و رغم ذلك ، فإن مكانته كعالم ، تجعل مثل هذه الخرجات بهذه الحدة ، أمرا غير مقبول ، ومحير لكل متتبع لملف الاساتذة المتدربين ، من كل الاتجاهات والاطراف.
ان هؤلاء الذين وصفتهم بهذه الصفات سيدي الريسوني ، اساتذة اكفاء بكل المقاييس ، القانونية والشرعية والاخلاقية والواقعية . وهم من خيرة ما جاد به الوطن من مجازين و دكاترة في تخصصات متعددة ، و منهم من مارس مهنة التدريس في القطاع الخاص لسنوات ، و يشرفني شخصيا ان يتتلمذ على ايديهم ابنائي او أحفادي .
كيف نسمح لأنفسنا فجأة بسبب موقفهم من مرسومين وزاريين ، ودخولهما في أشكال نضالية - وصفت للأسف من بعض المخالفين بالغوغائية ومنهم د.الريسوني - أن نسقط عنهم كل تلك المؤهلات والقدرات والمكانة العلمية ، التي أكدتها نتائج المباراة التي اجتازوها و الشواهد التي حصلوا عليها ؟!
اين المنهج العلمي في الحكم على الافراد والاستنباط والتعميم؟!
بالعكس ، من وجهة نظري المتواضعة ، ارى انهم زادوا تكوينا في الحياة و النضال و الاتحاد والصبر والتحاور والمراجعة ، و حتى التنازل لما اقتضتها الظروف والضرورة ، من اجل مصلحة الوطن و مصلحة المجموعة ، ولا عيب في ذلك في اطار سنة التدافع .
تحية لهم على هذه الملحمة ، وانشاء الله سيكونون احسن من جيلنا نحن الاساتذة الممارسين الان ، ولا شك عندي في ذلك ، تفاؤلا مني بمنطق تطور التاريخ ، و تراكم المعرفة والتجربة الانسانيتين ، وباتجاه مسار اصلاح منظومتنا التربوية عموما . فإنشاء الله سيكونون خير سلف لخير خلف ، املنا فيهم بعد الله كبير .
الشكر موصول لكل من ساهم في حلحلة هذا الملف، لتنتصر الحكمة والمصلحة العليا للبلاد .
فدعونا نفرح مع هذا الوطن في هذه اللحظة التاريخية ، التي ساهمت اطراف عدة في رسم ملامحها ، فقد كدنا أن تخسر الامة في جيل من ابنائها بدون اساتذة لموسم كامل ، لولا ان الله سلم و يسر اسباب الحل .
ارجوكم يا ابناء الوطن الواحد، و يا نخبته ، اتركوا صفة الاختلاف التي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليها ، تظهر لنا محاسن الامور في من نخالف .. وكفى من وأد الاختلاف ، وتحقير المخالف واهانته ، فقد ضقنا درعا بالنمطية واستنساخ المواقف وردود الافعال..
وفي الاخير
اتمنى ان يراجع الدكتور الريسوني موقفه بنظره وعلمه ، تحريا للإنصاف والعدل ،، وينشره كما نشر مقاله الأول ، فهو اهل المراجعة والتسديد ، و من اهل العلم والتواضع . فقد أهان أحبة لنا في اسرة التعليم ، واحبط عزائم و ونكس سواعد لنا في مهنة التربية و التعليم .
فالأمة تحتاج في هذه اللحظة من عموم المواطنين وخاصتهم ، فضلا عن النخبة ، الى توجيه الجهود نحو البناء والتسديد واستدراك ما فات ، ومن العلماء والدعاة خصوصا اصلاح القلوب ، و تهدئة الاجواء ، واطفاء الفتنة والنعرات . بيد ان عالمنا بموقفه هذا ، اختار ركنا ضيقا محدودا ما احببنا ان نجده فيه ! فقد اردناه للجميع ابا وأخا ، مواسيا رحيما حليما ، واردناه للجميع مربيا و موجها و محفزا...واردناه للوطن رزينا متسامحا و مقربا ، مستمسكا بما يجمع مجانبا ما يفرق ، خاصة ان الملف وجد اخيرا طريقه للحل والحمد لله .
وآخر كلامي ان ، حفظ الله بلدنا و ادام استقراره ، وقوى أواصر المحبة والتعاون والتسامح بين افراد شعبه ، وجعل من سمة التنوع التي يتميز بها في روافده المختلفة ، مصدرا للإغناء لما يخدم المصلحة العليا للوطن و المواطنين .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.