يجد المئات من المواطنين بجواتيمالا في القمامة مصدر رزقهم، حيث أن الحاجة ونقص فرص العمل جعلتهم يحترفون مهنة البحث بين النفايات عن أشياء ثمينة مثل القطع الذهبية أو النحاسية التي يتمكنون من بيعها فيما بعد. في بعض الأحيان نرى أشخاصا يبحثون بين القمامة نعتقد أنهم فقراء لا يجدون طعاما ويضطرون للبحث عن نفايات الطعام التي يتركها آخرون بهدف البقاء على قيد الحياة، ولكن ربما لا يعرف كثيرون أنه في مناطق يتخذ البعض من عملية البحث في القمامة والنفايات مهنة يحترفونها على الرغم من أن ظروف الحياة أيضا هي التي تجبرهم على اللجوء إليها. فنظرا لنقص الوظائف وفرص العمل في جواتيمالا، يتكسب مئات الأشخاص قوت يومهم من خلال البحث عن معادن قيمة وعملات معدنية وسط النفايات، وحال حالفهم الحظ يعثرون على قطع ذهبية أو فضية بين القمامة فيما يعتبر أكبر مكب للنفايات بأمريكا الوسطى. ويتم البحث عن الكنوز بشغف بين النفايات التي يلقيها سكان جواتيمالا العاصمة لانعدام فائدتها والتي تصل إلى نهر صغير مكون من المخلفات الصلبة ومياه الصرف الصحي بالعاصمة بعد معالجتها من قبل محطات سلطات البلدية. وعلى طول أكثر من 15 كلم حيث يمتد هذا النهر، يرتاد يوميا من يطلقون على أنفسهم "الباحثون عن الذهب" ليفتشوا بمساعدة مجارف ومعاول معدنية بين القمامة وهم نصف عراة وبدون أي احتياطات أمنية، عن الأشياء القيمة من أجل تجميعها وبيعها بعد عشر ساعات من العمل إلى شركات تقوم بإعادة تدويرها من أجل الحصول على رزق الأسرة. "عمل بسيط لكنه شريف" :. وفي تصريحات ل(إفي)، قال خوان كارلوس روساليس (38 عاما) أحد العاملين في البحث عن الكنوز بين القمامة إنه "عمل سخيف لكنه شريف". ويتميز روساليس الذي يعول أسرة بالبشرة السمراء جراء تعرضه لفترات طويلة لأشعة الشمس، حيث أنه يقوم بالبحث عبر المعول في مياه الجدول عن معادن ثمينة بين الرمال السوداء التي يستخرجها من النهر. وذكر روساليس أنه " يتقاضى 75 كيتزال (نحو 9.30 دولار) مقابل قنطار من الخردة، وفي حال عثر على قطعة نحاس يحصل على 15 كيتزال (نحو 2 دولار) وإذا حالفه الحظ ووجد قطعة ذهب يحصل على 153 كيتزال (قرابة 19 دولار) لكل جرام". ويرى روساليس أن قطع النحاس التي يبيعها تشهد إقبالا لأنها تنقل إلى المكسيك من أجل إعادة استغلالها كونه يعتقد أنه في جواتيمالا تمنع إعادة معالجتها. وعانى روساليس خلال الأشهر الأولى من الأعوام الأربعة التي تخصص فيها في هذه المهنة من التهابات خطيرة كادت تودي بحياته وقال "كنت قد دخلت أحد المستشفيات قرابة شهر لعدوى أصابتني في المعدة جراء تناولي مياه كانت ملوثة وتمكن الأطباء من معالجتي.. بعدها بشهرين أصبت بعدوى في الرئة جراء المطر والبرد ورغم ذلك أيضا أنقذوا حياتي". ومن جانبه أخرج جيوفاني، نجل شقيق روساليس، خلال المقابلة مع (إفي) من ملابسه ستة خواتم ذهبية مشيرا إلى أنها حصيلة عمل استمر ثلاثة أيام متواصلة من البحث بين القمامة. وتأتي هذه "الكنوز" من مئات الأطنان من القمامة التي تذهب يوميا إلى المركز الرئيسي لتجميع النفايات بالمدينة، ولكن لا يحالف الحظ الآلاف من العمال الذين يستقبلون الشاحنات المسئولة عن إيصال القمامة إلى هذا المكان، حيث أنهم لا يعثرون على الكنوز التي يجدها "الباحثون عن الذهب". وأشار أحد العاملين بهذا المجال ويدعى ديفيد فلوريس (42 عاما) إلى أن "الأجهزة الخاصة بالبلدية تقوم بمعالجة القمامة التي تذهب بعد ذلك إلى النهر حيث تغرق القمامة في المياه نظرا لثقل وزنها وتختلط بالرمال الأمر الذي يتوجب علينا حياله الدخول إلى النهر وسحب الرمال إلى الجانبين". وجدير بالذكر أن هذا الرجل الذي لديه ثلاثة أطفال كان يعمل في مجال الصحافة وكان يكسب كل أسبوعين ألف و50 كيتزال (نحو 131 دولار) لكن هذا فقط عندما كان يجد عملا. وقال فلوريس إنه "من خلال عملي في البحث بين النفايات عن القطع المعدنية النحاسية والذهبية أحصل في أسبوع على ما كنت أحصل عليه في عملي السابق بالصحافة إلا أن هنا عملي مستمر طوال الأيام". وأكد أن وصفته للعثور على الذهب تكمن في "الإيمان بالقدرة على العثور عليه" موضحا "من يبحثون عن الذهب دون إيمان، لا يجدونه. وأنا لدي هذا الإيمان ولذا لا يمر اسبوع دون أن أجد ما لا يقل عن جرامين من الذهب". يذكر أن بلدية المدينة ليس لديها إحصائيات حول تعداد العاملين في البحث بين النفايات عن الكنوز نظرا لأن "أعدادا كبيرة من المواطنين تقبل يوما بعد يوم على العمل في هذا المجال" ولكن تمكن مشروع للرعاية الاجتماعية أطلقته السلطات منذ أكثر من نحو عشرة أعوام من إبعاد الأطفال الذين كانوا يساعدون آبائهم في هذه الأعمال بتأهيلهم من خلال رياض أطفال ومدارس ومراكز تعليمية ورياضية وفنية خاصة بتقديم الرعاية لهم. (إفي)قسم الريبورتاج. كارلوس أراوسلا. أعده بالعربية : محمود عباس