إعادة إعمار الحوز: 91% من الأشغال انتهت وكل الخيام أزيلت ولهذا تأخر بناء بعض المنازل    قمة تؤيد الوحدة الترابية للدول    الركراكي: جئنا لزامبيا متأهلين وسعداء.. لكن أمامي 3 أشهر لاختيار قائمة "الكان"    الفانوس " يضيء ليالي مهرجان المسرح التجريبي والضنحاني يوقع النسخة العربية والإنجليزية للمسرحية    روسيا تعلن جاهزية أول لقاح ضد السرطان    طقس الأحد: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    مسؤول أممي يحرج الأنظمة العربية: دعمها للاجئين الفلسطينيين يتراجع 90% ودعوة عاجلة للتحرك    فيلم مريم التوزاني يمثل المغرب بأوسكار 2026    مايكروسوفت تحذّر من بطء محتمل لخدمة الأنترنيت جراء انقطاع كابلات بحرية في البحر الأحمر    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى الرئيس البرازيلي بمناسبة العيد الوطني لبلاده    زخات رعدية متوقعة في عدة أقاليم    آسفي.. إيقاف شخصين ظهرا في فيديو يوثق تبادلهما للعنف بالشارع العام    المغرب ثالث أكبر منتج للأفوكادو في إفريقيا بإيرادات صادرات بلغت 179 مليون دولار    تونس.. تأجيل انطلاق أسطول "الصمود العالمي" الذي ينقل مساعدات إلى قطاع غزة    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    سلا.. تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز أكثر من 1200 قرص مهلوس وكوكايين    المكتب المسير لمولودية وجدة يعبر عن رغبته في إعادة سندباد الشرق لأمجاده    غزو القضاء يتواصل بإطلاق 24 قمرا اصطناعيا جديدا    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    رصد فلكي غير مسبوق لمذنب يقترب من المجموعة الشمسية    السطو المسلح يقود ستة أشخاص للإعتقال بالدار البيضاء        زيادة ملحوظة في حركة المسافرين عبر مطار الحسيمة الشريف الإدريسي        المغرب يستقبل شحنات جديدة من الأعلاف الروسية    إنفانتينو يحتفي بالمغرب بعد تأهله إلى مونديال 2026    تواصل أشغال الربط السككي بميناء الناظور غرب المتوسط ب111 مليون درهم    الفتح الرباطي يدخل الموسم الجديد بطموح المنافسة على الألقاب    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    المراهق الإيطالي الراحل كارلو أكويتس يصبح أول قديس لجيل الألفية    تل أبيب: وقف الحرب مرهون بشروط    الجمارك تحجز باخرتين بالأبقار البرازيلية وتطالب بملياري سنتيم ضريبة    هزائم تدفع رئيس وزراء اليابان للتنحي    إقليم فكيك يتصدر مقاييس الأمطار    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    المنتخب الوطني المغربي يصل إلى ندولا استعدادا لمواجهة زامبيا    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    البراهمة: "استمرار اعتقال نشطاء الريف ينص جرحا مفتوحا في مسار العدالة والحقوق بالمغرب"    متابعة رئيس جماعة سيدي قاسم بتهمة التزوير وإخفاء وثيقة    أسعار المحروقات تتراجع دوليا وتباع بضعف قيمتها محليا    وفاة سائح مغربي وإصابة زوجته في حادث القطار المائل "غلوريا" بالعاصمة البرتغالية    مهرجان البندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    المغرب.. جدل متصاعد حول التمويل العمومي للأحزاب مع اقتراب انتخابات 2026    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين الملاحقات ضد مناضليها وتحذر من تقويض الديمقراطية عشية الانتخابات    العصبة الاحترافية تفرج عن برنامج الجولتين الأولى والثانية من البطولة الوطنية    منير الحدادي يفاجئ الجميع بتوقيعه لفريق إيراني    فيليز سارسفيلد يحرز لقب كأس السوبر الأرجنتيني بفوزه على سنترال كوردوبا    المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    انطلاق الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفن التشكيلي بتطوان    افتتاح الدورة ال13 للمهرجان الدولي "ملحونيات" بأزمور    نقد مقال الريسوني    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا مغرب جديد ولا نموذج تنموي جديد بدون نخب جديدة !!
نشر في أكادير 24 يوم 08 - 08 - 2021

متى يبدا رهان تأهيل المؤسسات الحزبية والنقابية لإنتاج نخب جديدة؟
* ازمة قيادات ونخب سياسية وثقافية ؟ ام ازمة الثقة بالجماهير؟؟؟
ماتزال نخبنا السياسية والثقافية التقليدية مستمرة في اعتقادها انها اولى بان تكون وصية على الحقيقة المطلقة حين تعاملها مع العامة. سواء كانت هذه النخب ذات تفكير ليبيرالي محافظ او يساري ثوري او اسلامي، وسواء تحدثوا عن " العامة " او خاطبوا " الجماهير" او توجهوا بالنصح الى " المواطنين" او انخرطوا و قادوا " المجتمع المدني" فانهم يتعاملون مع هذه العامة بعقلية " الوصاية الفوقية المعصومة"
مشكلة هذه النخب السياسية والثقافية الثقليدية انها سجينة افكارها، حيث تعيش في وهم مرضي يتوهمون ان دعواتهم ومقولاتهم عن الحرية او الديموقراطية تستطيع ان تفعل في الواقع ما تريده دون الدخول في موازين قوى هذا الواقع اي في ضرورة هذا الواقع، انها تسعى ( الى تنصيب نفسها وصية على الحرية والديموقراطية او رسولا للحقيقة والهداية او قائدا للمجتمع والامة).
فالمثقفون حين سعوا الى تغيير الواقع من خلال مقولاتهم فوجئوا دوما بما لا يتوقع، طالبوا بالوحدة فاذا بالواقع ينتج مزيدا من الفرقة، وناضلوا من اجل الحرية فاذا بالحريات تتراجع، وامنوا بالعلمنة فاذا بالحركات الاصولية تكتسح ساحة الفكر والعمل.
المثقفون والسياسيون وكذا الاحزاب التي يناضلون في صفوفها كانوا قد رفعوا شعارات سياسية عظيمة من قبيل: ( حتمية الحل الاشتراكي ) – (الديموقراطية طريق للقضاء على الاستبداد )- ( الحرية طريق الحياة) وغيرها من الشعارات الا انهم لم يلتزموا بالاشتراكية طريقا للتطور الاجتماعي والسياسي، ولم يختاروا الديموقراطية مطلبا والية ووسيلة لتدبير الصراع في تنظيماتهم اوفي تسييرهم للشأن العام، بل اصبحت هذه المفاهيم شعارات للاستهلاك، لا تتمتع بقوة تصديق جماهيرية ، بسبب ما عانته هذه المفاهيم (الاشتراكية – الديموقراطية –الحرية) من عمليات ابتدال وتشويه تكشف خلالها ان اعدى اعداء هذه المفاهيم الانسانية قد تخفوا تحت هذه الشعارات وحولوها في الممارسة والتطبيق الى نقيضها، والاغرب هنا (ان من الذين يدافعون عن الحرية تنظيرا مضادا للحرية ، الماركسيين الذين ينسون ان ماركس ذاته قال " من الافضل الذهاب مباشرة الى الواقع بدلا من الاكتفاء بتخيله " وهو الذي قال " يتعين علينا ان نخرج رؤوسنا من الواقع لا ان نخرج الواقع من رؤوسنا ") د. عماد فوزي شعيبي
ان هؤلاء الساسة ومن ينظر لهم حين سعوا الى اقامة بنيات للمجتمع وقوانين للحياة السياسية والاجتماعية تفاجئوا بالانفجارات العميقة المزلزلة للمؤسسات الاجتماعية والسياسية ونسوا ان( الديموقراطية في مجتمع ديموقراطي لا تكمن في البنيات، بل في التفاعلات) سارتوري –
وظلوا منعزلين عن الجماهير، وهذا الانعزال ادى بهم الى العجز عن معايشة الواقع، فهم يدعون الى الديموقراطية والى الحرية، ولكن لا يمارسونها وان مارسوها فهم لا يحسنون ممارستها اي انهم يمارسونها بشكل اسوا. وابسط دليل على ذلك انهم حولوا احزابهم الى اوليغارشيات، وجعلوا الديموقراطية الداخلية داخل الحزب الى تصويت ابدي على الزعيم.
يقول مثل الماني ( نقيم التماثيل من الثلج تم نشكو من انها تذوب)، وفي حالتنا نستطيع ان نتصرف في مثل هذا المثل فنقول: ( نقيم التماثيل من الصخر تم نشكو من انها لا تتحرك ). في الحالة الالمانية يقيمون التماثيل من ثلج لا يلبت ان يذوب مما يعطي الفرصة لصنع تماثيل جديدة – اي نخب سياسية جديدة – اما في حالتنا فان التماثيل عبارة عن جلاميد صخر لا تذوب وبالتالي لا تمنح الفرصة لصنع تماثيل اخرى جديدة – نخب جديدة- .
ان مشكلة السياسي والمثقف في اوطاننا انهما لا يتغيران مع المتغيرات ولا يحاولان ان يفهما هذه المتغيرات ومعناها الفعلي، فرغم كل ما حدث ويحدث على الساحة السياسية والثقافية والاجتماعية وطنيا وجهويا غالبا ما لا يعيدان النظر في مسلماتهما الفكرية والسياسية ملقيان باللوم على كل شيء الا ذات المسلمات وكل ذلك يأتي من باب الثبات على "المبدأ" والاخلاص "للمثل العليا" التي تخلى عنها الجميع الا هو بطبيعة الحال، وذلك يشكل عند التحليل نوعا من اليات الدفاع عن الذات في وجه متغيرات تهدد بسلب دور الوصاية والنخبوية عنه
وعند الاخرين، سبق لجان بول سارتر ان شكك من وجوده كمثقف بعد احداث ماي 1968 وتساءل حول دور المثقف الجديد حين قال ( ان المثقف محكوم عليه بالانسحاب من الافق كانسان يفكر بدل الاخرين، وان نفكر بدل الاخرين امر غير معقول والا فإننا سنضع مفهوم المثقف موضع سؤال؟) وجاء ميشيل فوكو بعده وعبر عن ذات النقطة، اي موت المثقف التقليدي وذلك حين يضع المثقف ذاته ضمن نطاق نظام السلطة وليس مفارقا لها.
ان مثقفينا ومعهم سياسيونا يدورون في حلقة نخبوية مغلقة يتناقشون مع بعضهم البعض، يتخاصمون ويتحالفون دون ان يصل صدى ما يطرحون الى الشارع والتعبير عنه رغم ان الشارع يسير في واد وهم في كل واد يهيمون.
* النخب التقليدية والنخب الجديدة وازمة الثقة
بعد مرحلة تردد وياس امتدت من بداية استقلال اوطاننا الى فترة انهيار جدران الايديولوجيا والحروب الباردة، دخلت نخبنا الشابة الى ميدان السياسة والنضال الديموقراطي، لكنه يبدوانها غير راضية عن البيروقراطية المخترقة التي تتسيد العمل الحزبي والنقابي داخل تنظيماتنا النقابية والحزبية والجمعوية، غير ان اصرار هذه النخب الجديدة على تغيير وجه العمل السياسي والنقابي امر طبيعي وضروري وحتمي لعدة اسباب من اهمها :
* اولا رفض هذه النخب الشابة للدور" القزمي" الموكول اليها داخل الاحزاب والنقابات من قبيل: القيام بالتعبئة والتجييش خلال الحملات الانتخابية او المؤتمرات الوطنية، او القيام بالإنزالات الاستعراضية في الجامعات والكليات، والحضور في احتفالات العيد الاممي للعمال…دونما السماح لهذه النخب الشابة " بالترقي " التنظيمي في الاجهزة التقريرية و التنفيذية او الترشح للراسة والكتابة الاولى …وهم الذين يسمعون صباح مساء ان الحزب والنقابة و والتنظيمات الموازية انما تستهدف تحقيق انفتاح سياسي وتنظيمي في الداخل والخارج، والفوا ان يقرؤوا دوما بيانات الادانة للأسلوب البيروقراطي التقليدي للأجهزة الادارية للسلطة … لكنهم يشاهدون ويعايشون سلوكات تشوه العمل الحزبي والنقابي من ممارسات بيروقراطية مبتذلة و زبونية ومصالح شخصية في حين ان غايتهم هي البحث عن دور نشيط واكثر فرصا للظهور والعمل.
* ثانيا ان هذه النخب الشابة مشبعة بفكر الثورة والانتفاض على الشخصيات والوجوه التقليدية التي طال خلودها في "توابيت" الاحزاب والنقابات، مع ان هذه الشخصيات " الموماوية " قد اعطيت فرصا عدة لتحقيق شيء ذي قيمة ولكنها لم تفعل. وعندما تحاول هذه النخب الشابة ان تتمعن في تاريخ وفي واقع النقابات والاحزاب بل في تاريخ وواقع المجتمع الكبير الذي تنتمي اليه فإنها تكتشف ان هذه القيادات المحنطة هي التي قادت هذه التنظيمات طوال الفترة الطويلة الماضية وهي التي وصلت بها وبالمجتمع ايضا الى ما وصلا اليه. كما تكتشف ايضا ان هذه القيادات تقوم بدور دؤوب في ضرب الحصار حول الوجوه والنخب الشابة واعاقة وصولها الى المواقع المؤثرة دخل هذه التنظيمات سواء بالإقصاء المباشر او الطرد من التنظيم او تجميد عضويتها او وضع قوانين وشروط متعسفة للترشيح والانتخاب
الان وبعد ان تغيرت الظروف وتعقدت العلاقات والبنيات الاقتصادية واختلفت الرؤية السياسية عن ذي قبل، من الطبيعي ان تفرز هذه العلاقات والبنيات المحدثة قيادات جديدة تملك ميزة التجانس مع هذا الواقع الذي نتعامل معه .
لكن قياداتنا المهترئة لا تزال تصر على احتكار مواقع القيادة في هذه التنظيمات بل وتحارب في عنف – رمزي- غبي كل كفاءة نقابية وحزبية او مهنية جديدة تخالفها الراي حتى ولو لم تبداها هذه الكفاءات الجديدة بالنزال التنظيمي، كما نزلت هذه القيادات بالخلاف في الراي الى مرتبة الخصومة، ونزلت بالخصومة الشريفة الى مستوى الاسفاف وخلطت بين الالوان، وفقدت التمييز بين ما هو شخصي وبين ما هو سياسي ونقابي، كما لم تتورع مجالس بعض هذه التنظيمات عن استخدام الامكانات التي اؤتمنت عليها وهي حق لجميع اعضاء التنظيم وتوظيفها ضد الفريق او الاشخاص المخالفين لرايهم ( استغلال بعض المواقع الالكترونية وبعض الصحف التي اصبحت صفحاتها ومواقعها موصده في وجه المخالفين في الراي سواء كانوا يكتبون في القضايا النقابية او الحزبية الخلافية او في القضايا الاجتماعية والمهنية التي لا خلاف فيها، بل ان اعدادا وملاحق خاصة قد تطبع (تطبخ) وتصدر للهجوم على الافراد او الفرق التي تعارضها وتخالفها الراي.
* متى يبدا رهان تأهيل المؤسسات الحزبية والنقابية لإنتاج نخب جديدة؟
النقاش الدائر اليوم حول تأهيل المؤسسات الحزبية والنقابية ليس نقاشا جديدا وانما رافق الظاهرة النقابية والحزبية المغربية منذ السنوات الاولى للاستقلال واختلفت المقاربات في تفسير و تأويل الوظائف السياسية والوظائف الاجتماعية التي تؤديها الاحزاب والنقابات في ظل نظام سياسي اجتماعي يستند الى شرعية تتداخل فيها المرجعية التاريخية بمرجعية المقدس الديني وينبني على علاقات اجتماعية تحكمها ضوابط تقليدية انتروبولوجية انقسامية بالأساس- محمد المسكي
سبق لجون واتربوري في كتابه " امير المؤمنين " ان وقف عند نتيجة مفادها ان التنظيمات الحزبية وعلى غرار السلطة السياسية تشكل امتدادا لأشكال التنظيم الجماعي والقبلي خصوصا في البعد المتعلق بتحديد الوظائف والادوار الاجتماعية والبعد الخاص بالاستقطاب والادماج السياسي والاجتماعي سواء تعلق الامر بالسلطة السياسية المجسدة في المؤسسة الحكومية او المؤسسة الحزبية في بعدها العام الشمولي
ان ازمة المؤسسة الحزبية التي يكاد يجمع الفاعلون السياسيون على الضرورة الموضوعية لتأهيلها التنظيمي والمذهبي تعكس في العمق انحصار وازمة بل الاستنفاذ التاريخي لقواعد " اللعبة السياسية" التي وضعت بعد الاستقلال على اساس توافقات ومستويات سياسية تعكس ظروف المرحلة واصبحت اليوم في سياقات تاريخية مغايرة تفرض تطورها في اتجاه منطق التاريخ منطق فصل الوظائف السياسية والادوار الاجتماعية ..- نفس الكاتب اعلاه
ان المؤسسة الحزبية بالمغرب تعيش ازمة داخلية تتداخل في تفسيرها اسباب ذاتية وموضوعية تعكس في العمق ازمة الدولة والمجتمع وحالة الانحصار التي تبرر " الانتقال الديموقراطي المعاق"
انه لا يمكن تصور اصلاح للمؤسسة الحزبية وتأهيل الحياة السياسية دون اعادة النظر في الاليات التقليدية لإدارة وتدبير المؤسسة الحزبية، وهي اليات فشلت في تدبير الاختلاف والاعتراف بالتيارات كما فشلت في انتاج نخب سياسية جديدة بل انها حاربت وصارعت ضد تطور هذه النخب، لهذا فإننا نحتاج لطبقة سياسية جديدة للقيام بهذه المهمة تمتلك شرعية ديموقراطية شرعية الامتداد الجماهيري وشرعية المشروع المجتمعي والقوة الاقتراحية وتأهيل المؤسسة الحزبية والنقابية
وفي هذا الصدد اهتمت المؤسسة الملكية في البداية بموضوع الديموقراطية الداخلية للأحزاب على اعتبار ان غيابها يؤدي الى غياب الاليات القانونية والتنظيمية لتدبير الاختلاف وانتاج وتداول النخب على ادارة وتدبير وتجديد المؤسسة الحزبية ( خطاب 13 اكتوبر 2000)
* اين تبدا مسؤولية الدولة واين تنتهي مسؤولية الاحزاب ؟
ان السمة البارزة التي ميزت المجتمع المغربي تاريخيا، هي غلبة الطابع الجماعي عليه، فقد شكلت هذه السمة الارضية الاساسية التي ارتكزت عليها مؤسساته الاجتماعية والدينية والسياسية، فالمغربي كانت تحركاته سواء السياسية او الفكرية او التنظيمية تتم من خلال الجماعة سواء كانت هذه الجماعة قبيلة او طائفة او زاوية او عائلة، لذا فان المبادرة الجماعية هي السلوك السائد في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية – د. محمد شقير
لهذا تركز دور الدولة منذ الاستقلال في مراقبة تفاعلات و تمددات هذه التنظيمات بين افراد المجتمع، ولأجل احتوائها او ضبط ايقاعها قامت بسن قوانين ل " عقلنة " مؤسسات المجتمع المدني واعطائها جرعات – عبر مراحل – من الاستقلالية تساعدها على خلق مجتمع مدني ومستقل عن الدولة من خلال دسترة ومأسسة الحقوق الفردية وترسيخ استقلالية القضاء واستقلالية الجمعيات ايمانا بان خلق مجتمع مدني قوي وترسيخ دولة الحق والقانون رهين بإعادة التوازن بينهما باستمرار- د. محمد شقير
لكن تأهيل المؤسسات الحزبية والنقابية وخلق مجتمع مدني قوي لم تعرف تطورا ملموسا حيث شيوع تفتيت الاحزاب السياسية الوطنية، وتسهيل الانشقاقات داخل صفوفها، وقمع التيارات الراديكالية داخل هذه الاحزاب او اعتقالها، وفي المقابل تشجيع انشاء احزاب موالية للإدارة – ربط النخب المحلية بالدولة ( الجماعات المحلية وخصوصا الجماعات القروية) وفبركة اعيان جدد عوض نخب جديدة او منتخبين جدد ممثلين للسكان – التحكم في التقطيع الانتخابي للجماعات وللبرلمان – اختراق الاحزاب السياسية من قبل اللوبيات، وعدد من كبار الباطرونا بغض النظر عن مشاربها الفكرية والسياسية-.. وكل ذلك اعاق توفير الشروط الملائمة لتكون المجتمع المدني وتنظيمه وضمان استقلاليته، وولد لدينا ازمة قيادات ونخب طموحة.
ان الدولة لها مسؤولية كبرى في انشاء وخلق نخب فكرية وسياسية وتكنوقراطية وعلمية قادرة على تدبير الشأن العام، والشأن المحلي بشكل فعال وايجابي، كما ان الاحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية بكل اتجاهاتها لم تساهم هي الاخرى في تكوين النخب الجديدة، ولا في توجيه اطرها وكوادرها الاتجاه الصحيح، ولا حتى في تقييم تجاربها داخل المؤسسات التمثيلية والمنتخبة.
النخب المحلية هي اداة من ادوات توسيع قاعدة الحكم، وتوسيع قاعدة تسيير الشأن العام، لكن في تجاربنا الانتخابية تظهر لنا الوقائع العينية اننا فشلنا في انتاج وابراز قيادات ادارية محلية قادرة على تحمل اعباء المسؤولية، وقادرة على ان تكون على مستوى الفعالية والجدية. فأزمة الجماعات المحلية هي ازمة المجتمع المدني، وازمة الاحزاب ونخبها واطرها، وازمة قيادات ونخب فكرية وتكنوقراطية واعيان ، وازمة فاعلين جمعويين واقتصاديين قادرين على ان يكون لهم مشروع تنموي ،او قادرين على ان يكون لهم طموح سياسي وقادرين على التأثير في وتيرة حل المشاكل الوطنية او المحلية، والبدء وفي النهاية مشكلتنا تكمن في وجود ازمة نخبة وازمة قيادات وهذا اتر بشكل كبير على وتيرة التنمية وهو ما يفسر- كذلك- التراجع الذي حصل فيما يخص بناء المشاريع المحلية والجهوية.
ان الازمة عندنا ليست ازمة يسار او يمين، كما يريد البعض ان يبررها، وليست ازمة في وعي مواطنينا وجماهيرنا، بل هي ازمة قيادات ونخب عاجزة عن انجاز دورها في الظرف الراهن… اذن لابد من استشراف دور جديد للدولة وللأحزاب ويجعلهما بنية توليدية لأطر ونخب شبابية اكثر كفاءة واحسن تكوين و تتوفر فيهم كل المواصفات الفكرية والنضالية والاخلاقية التي تمنح الفعل الحزبي والنقابي قوة متوهجة.
ذ: محمد بادرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.