وضعت المديرية العامة للضرائب اللمسات الأخيرة على مشروع قاعدة بيانات عقارية متطورة، تروم إرساء الشفافية في المعاملات العقارية والحد من التهرب الضريبي، خاصة من طرف الوداديات السكنية التي تشكل نقطة ضعف في المنظومة الجبائية الحالية. ويستند هذا المشروع إلى نظام مستلهم من قاعدة بيانات الشركات الأجنبية المرتبطة بأسعار التحويل، ليصبح أداة مرجعية لتقييم العقارات بناءً على بيانات فعلية بدل الاعتماد على التقديرات الذاتية أو الجداول الثابتة، التي تعرضت لانتقادات واسعة بسبب ابتعادها عن واقع السوق. وأكد المدير العام للضرائب، يونس إدريسي قيطوني، خلال إفطار-نقاش نظمته صحيفة ليكونوميست، أن المنظومة الجديدة ستُحدث تحوّلًا جذريًا في علاقة الإدارة بالملزمين، من خلال فرض ممارسات تقييمية دقيقة وقابلة للمقارنة، تمنع أي تعديل ضريبي دون مبررات واقعية، مما سيقلل من النزاعات ويكرّس العدالة الجبائية. وأوضح قيطوني أن 10% من عمليات نقل الملكية تخضع حاليًا لمراجعات ضريبية، بسبب تضخيم النفقات الاستثمارية المصرّح بها، مشيرًا إلى أن هذا النظام الجديد سيساهم في تقليص تلك المراجعات إلى الحالات المثبتة فقط، مما سيعزز الحماية القانونية للمواطنين في وجه أي تعسف محتمل. ويهدف المشروع كذلك إلى سدّ الثغرات التي تستغلها بعض الوداديات السكنية للالتفاف على أداء الضرائب، في ظل غياب الإطار القانوني المنظم لها، وما يترتب عن ذلك من مخاطر تمس بحقوق المشترين وتشوّه سوق العقار. وتطمح المديرية من خلال هذا التحديث إلى ضبط هذه التجمعات غير المهيكلة وربطها بتتبع دقيق للمعاملات. ويأتي هذا التحرك في سياق تفعيل إجراء "الرأي المسبق" المنصوص عليه في المادة 234 مكررة أربع مرات من المدونة العامة للضرائب، والذي يُمكّن الملزمين من معرفة الربح العقاري الخاضع للضريبة قبل أي تفويت، ويُجنّبهم الوقوع في مساطر مراجعة ضريبية لاحقة، حيث تلتزم الإدارة بالرد على الطلب في آجال محددة. واعتبر قيطوني أن المرجع العقاري المزمع إطلاقه يعكس توجّهًا نحو التحول من منطق الرقابة إلى منطق الثقة، عبر الجمع بين الصرامة التقنية والعدالة الجبائية، ما يعزّز مناخ الثقة بين الإدارة ودافعي الضرائب، ويرفع من مصداقية النظام الجبائي العقاري ككل.