طالب عدد من النواب البرلمانيين بإجراء تحقيق برلماني في الدعم العمومي الموجه لاستيراد المواشي، والذي رُصدت له اعتمادات مالية ضخمة منذ سنة 2022. المبادرة، التي تقدمت بها ثلاث كتل نيابية، تأتي وسط تصاعد التساؤلات حول نجاعة هذه السياسة ومدى شفافتها، في ظل تزايد الشكوك بشأن المستفيدين الحقيقيين منها. الفرق البرلمانية لكل من الحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية، والعدالة والتنمية، أطلقت مبادرة لتشكيل لجنة نيابية تعنى بتقصي معطيات هذا الملف، مركزةً على حجم الإعفاءات الجمركية والضريبية التي استفاد منها المستوردون، وكذا طبيعة الدعم المباشر الممنوح خلال فترات حساسة، خاصةً في مواسم مثل عيد الأضحى. وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن الدولة قدمت مساعدات بملايين الدراهم لتشجيع استيراد المواشي، بهدف توفير العرض وضبط أسعار اللحوم. غير أن الغموض ما زال يلف تفاصيل هذه العمليات، من قبيل عدد المستفيدين، والمعايير المعتمدة في اختيارهم، إضافة إلى مدى احترامهم لشروط الدعم. النواب أصحاب المبادرة عبروا عن مخاوفهم من أن يكون الدعم قد وُجه بشكل غير منصف، مما ألحق ضرراً بالمربين المحليين، وخلق منافسة غير متكافئة في السوق الوطني، حيث تؤكد بعض التحليلات أن الاستيراد المدعوم أدى إلى إغراق السوق بلحوم أجنبية على حساب الإنتاج الوطني. كما تساءلت الكتل المعنية عن مدى تحقق الأهداف المعلنة من هذا الدعم، وفي مقدمتها ضمان استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، معتبرة أن التقييم الشفاف لهذه السياسة بات ضرورة ملحة. وتطمح المبادرة البرلمانية، في حال تمت الموافقة عليها، إلى كشف الحقائق كاملة منذ انطلاق عمليات الدعم، وتقديم توصيات عملية لتصحيح أي اختلالات محتملة، بما يخدم الحكامة الجيدة وحماية المال العام. ورغم أن المبادرة ما تزال في مراحلها الأولى، فإنها تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول سبل تدبير الدعم العمومي في القطاعات الحساسة، كما تطرح تحدياً على الحكومة من أجل تقديم توضيحات دقيقة وتفصيلية حول هذا الملف الذي بات محط أنظار الرأي العام.