تكشف قصة «جيسيكا رادكليف» الزائفة حجم التلوّث الإعلامي الخطير الذي يتعرّض له القارئ على منصات التواصل؛ إذ تُروَّج رواية "ابتلاع" أوركا/دلفين لمروِّضة خلال عرض مباشر مع وعود بمقاطع "حصرية"، بينما يغيب أي سند موثوق: لا أخبار رئيسية، لا بلاغات شرطة أو نعوات، ولا تقارير لجهات السلامة المهنية؛ وقد فنّد تحقيق مُفصّل القصة وخلص إلى أنها مختلقة بالكامل. وتنجح الخدعة لأنها تستعير عناصر من وقائع حقيقية لكنها مختلفة جذريًا عن "الابتلاع" المزعوم؛ فوفاة المروِّضة داون برانتشو في سي وورلد (أورلاندو 2010) وُثّقت رسميًا لدى وزارة العمل الأميركية «OSHA» وفي أحكام محكمة الاستئناف، وانتهت إلى تقييد "العروض داخل الماء" وتعزيز الحواجز مع الأوركا، من دون وجود واقعة ابتلاع. كما تُستحضر حادثة أليكسيس مارتينيث في لورو بارك (تينريف 2009) التي ثبّتت التقارير الرسمية أنها نجمت عن صدمة وجرّ تحت الماء من الأوركا «كيتو»، لا ابتلاع. ويستعاد كذلك ملف كيلتي بيرن (سي لاند أوف ذا باسيفيك، كندا 1991) حيث أُغرقت بعد سحبها وتغريقها مرارًا، وهي واقعة موثّقة في مصادر جادّة. أمّا أحدث المقاطع المتداولة من عروض بحرية فتخصّ حادث ميامي سيكواريم (2022) الذي أسفر عن إصابات فقط ووثّقته قنوات محلية ووطنيّة بالفيديو. wplgNBC 6 South Florida ويدحض العلم نواة الادعاء ذاته؛ فالأوركا والدلافين غير مُهيّأة تشريحيًا لابتلاع إنسان كامل، إذ يبلغ قطر الحلق لدى الحيتان الحدباء نحو حجم قبضة اليد تقريبًا، ما يجعل ابتلاع الإنسان غير ممكن، والاستثناء النظري يُذكر مع حوت العنبر فقط ولا يتعلّق بالأوركا والدلافين. ويحميك من هذا التلوّث الإعلامي الالتزام بعدة قواعد بسيطة: لا تُشارك قبل أن تتحقّق من المصدر والتاريخ والسياق؛ وابحث عن أثر رسمي عند الحديث عن حوادث جسيمة (تقارير شرطة/OSHA/محاكم)؛ وقارن القصص بالوقائع المعروفة تاريخيًا؛ وانتبه لعلامات "اصطياد النقرات" من روابط مبهمة وعناوين مثيرة ومقاطع مُعاد تدويرها. وتؤكد الخلاصة أن قصة «جيسيكا رادكليف» مختلقة، وأن رواية "الابتلاع" غير مسنودة علميًا ولا توثيقيًا؛ وأفضل درعٍ أمام التضليل على وسائل التواصل هو التحري المنهجي والامتناع عن إعادة النشر دون تحقق. شارك هذا المحتوى فيسبوك X واتساب تلغرام لينكدإن نسخ الرابط