جماهير نهضة بركان ترحب باتحاد الجزائر بمطار وجدة    فيديو.. زياش يواصل تألقه ويقود غلطة سراي للفوز في الدوري التركي    أكبر صيد أمني منذ عشر سنوات.. 25 طنا من الحشيش المغربي تدخل أوروبا    "طوطو" يشرب الخمر أمام الجمهور في سهرة غنائية    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    رئيس اتحاد العاصمة صدم الكابرانات: المغاربة استقبلونا مزيان وكنشكروهم وغانلعبو الماتش مع بركان    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. الشباب السالمي يتعادل مع ضيفه مولودية وجدة 0-0    المغرب – فرنسا: فتاح تدعو إلى أشكال تعاون جديدة تستشرف المستقبل    ابتداء من الليلة.. أمطار ورياح قوية بهذه المناطق من المملكة    توقيف شخص بطنجة لتورطه في استعمال معدات إلكترونية لتحويل المكالمات الهاتفية الدولية إلى محلية    خلافات حول "الرئاسة" توقف أشغال مؤتمر حزب الاستقلال    بركة: مرتاحون داخل التحالف الحكومي ونعتز بحصيلة الوزراء الاستقلاليين    أنشيلوتي يدعم استمرار تشافي مع برشلونة    السعودية تحذر من حملات الحج الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    عاجل... توقف أشغال مؤتمر حزب الاستقلال بسبب خلاف حول رئيس المؤتمر    الملك محمد السادس يعود لأرض الوطن بعد زيارة خاصة لفرنسا    في ظل الوضع المائي المقلق ببلادنا.. حملة تحسيسية واسعة للتوعية بضرورة الحفاظ على الماء    تفريغ 84 طنا من منتجات الصيد البحري بميناء مرتيل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2024    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    المغرب يعتزم بناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات بجهة الشمال    بركة: مناورات الجزائر لإحداث تكتل جديد دون المغرب خيانة للشعوب المغاربية    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    مكتب الوداد يعلن عن تعيينات جديدة    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    مصرع 10 أشخاص في حريق بفندق برازيلي    الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط    اليوم العاشر بجامعات أمريكية.. تضامن مع فلسطين والشرطة تقمع    هل ستعتمدها مديرية الناظور؟.. مذكرة تمنع تناول "المسكة" في المدارس    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    مكناس : المعرض الدولي للفلاحة في نسخته 16يفتح أبوابه في وجه العموم    طلبة الطب يعلقون كل الخطوات الاحتجاجية تفاعلا مع دعوات الحوار    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    بوطازوت تفتتح فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الشرق للضحك    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    الشرقاوي يسلط الضوءَ على جوانب الاختلاف والتفرد في جلسات الحصيلة المرحلية    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى        العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    الأمثال العامية بتطوان... (582)    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات.. معلمة حضارية تضطلع بدور إشعاعي
نشر في أكورا بريس يوم 24 - 05 - 2019

في كل مرة، ووعيا منها بدورها الإقليمي والدولي الفاعل في شتى الميادين وعلى مختلف الواجهات، تنبري المملكة كعادتها لإبداع آليات حضارية تستجيب لمتطلبات اللحظة التاريخية، وتأبى إلا أن تترك بصمة إشعاعية تجد لها صدى محمودا إقليميا ودوليا، ويشكل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات الذي دشنه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 27 مارس 2015 واحدة من هذه المبادرات الرشيدة التي تعنى بالشأن الديني وتروم نشر الخطاب الوسطي المعتدل.
ويندرج تأسيس معهد محمد السادس ضمن مقاربة مبنية على الحفاظ على المرجعية الدينية للمملكة المرتكزة على إمارة المؤمنين والعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني، مع احترام المقومات الخاصة لكل بلد يستفيد أئمته من التكوين بالمعهد.
كما تندرج مهامه ضمن استراتيجية مندمجة وشمولية تروم تأهيل الحقل الديني وتجديده، حفاظا على وسطية واعتدال الخطاب الديني وتحصينا للمجتمعات الإسلامية من منزلقات التطرف.
وفي هذا السياق، تضطلع هذه المعلمة الحضارية الكبيرة بدور تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، مغاربة وأجانب، وتمكينهم من المناهج والمعارف التي تؤهلهم للقيام بالمهام الموكولة إليهم وفق برنامج يتوزع بين تكوين أساسي، مدته سنة بالنسبة للطلبة المغاربة، وسنتان بالنسبة للطلبة الأفارقة ، وثلاث سنوات بالنسبة للطلبة الفرنسيين.
كما يتيح معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات تكوينا قصير المدى، مدته ثلاثة أشهر على الأقل، لفائدة الأئمة المزاولين للإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد في بلدانهم، فيكون هذا التكوين بالنسبة لهم استكمالا للخبرة وتعميقا للفهم والمكتسبات.
وينحدر طلاب المعهد الأجانب من بلدان مالي، وغينيا كوناكري وكوت ديفوار وفرنسا والسنيغال ونيجيريا والتشاد والغابون وغامبيا ، وسيتم قريبا استقبال طلبة من النيجر وتايلاند .
وحول طبيعة التكوين الذي يتلقاه طلاب المعهد، يقول مدير معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، السيد عبد السلام الأزعر، "إنه مع تطور المجتمعات ، تطورت أسئلة المواطنين في المجال الديني فأصبح لزاما على الإمام أن يواكب هذا التطور، فلا يمكن أن يكون الإمام في واد والمجتمع في واد آخر"، مؤكدا على " ضرورة إلمام الإمام بجميع العلوم الشرعية وكذا العلوم الإنسانية حتى يستطيع أن يتواصل مع الناس ويجيب عن تساؤلاتهم ويصحح المفاهيم إذا كانت خاطئة عندهم" .
ولمن يرغب في الالتحاق بالمعهد للدراسة من المغاربة، أوضح السيد الأزعر في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه يشترط الحصول على إجازة تعليمية بميزة "رفعا لمستوى الإمام"، وأن يقل السن عن 45 سنة، مشيرا إلى أنه سنويا يجتاز ألف من المرشحين الذكور وألف من الإناث مباراة الولوج، التي تنتهي باصطفاء 150 من الذكور و100 من الإناث.
أما بالنسبة للطلبة الأجانب من إفريقيا وفرنسا، يتابع مدير المعهد، فإن بلدانهم هي من يتكلف بتعيينهم، بينما يقوم المعهد بإجراء اختبار لهم يتم بناء عليه تصنيفهم إلى ثلاث مستويات لكل منها برنامج خاص ، بحيث يضم المستوى الأول الطلبة الممتازين من مختلف الدول والجنسيات، والمستوى الثاني الطلبة المتوسطين، فيما يضم المستوى الثالث الطلبة الأقل من المتوسط.
ولفت السيد الأزعر النظر إلى أن الطالب الذي يفد إلى المعهد من الدول الأخرى بمستوى ضعيف في اللغة والعلوم الشرعية، يعود إلى بلده بعد إنهاء دراسته وقد تعلم اللغة العربية وحفظ القرآن الكريم ومتن بن عاشر، ونقل معه نموذج التدين الوسطي المعتدل فكرا وسلوكا.
وحول مدى استفادة الأئمة المرشدين والمرشدات من تكوين مهاري في مجال الخطابة وفن التواصل والإقناع، أكد السيد الأزعر على وجود مادة الخطابة والوعظ ، ومادة التواصل ضمن مواد الدراسة بالمعهد، مشيرا إلى أن اكتساب المعرفة غير كاف لوحده بالنسبة للإمام والخطيب لذلك "فهم يتعلمون أيضا كيف يتواصلون مع المسلمين وغير المسلمين، مع المخالف وغير المخالف ، وكيف يخاطبون الناس خطابا وسطيا معتدلا مقنعا ".
ويدل الحضور الوازن للعنصر النسوي ضمن قائمة طلاب المعهد على الوعي الراسخ بدور المرأة الطلائعي إلى جانب أخيها الرجل في تجديد الخطاب الديني وبيان نموذج التدين الوسطي بعيدا عن التنطع والتطرف في الدين، هذا الدور الذي ما فتئ يتطور ويوتي ثماره في المجتمع بأسره.
فمنذ أن أعطى أمير المؤمنين تعليماته السامية بفتح برنامج لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات سنة 2005 ؛ لم يكن عدد المرشدات يتجاوز حينها الخمسين ، يقول مدير المعهد، "لكن لما تخرجن وبدأن العمل في المندوبيات الإقليمية والجهوية وفي المجالس العلمية، برزت أهمية عملهن، فأمر جلالته بأن يضاعف العدد ليصبح الآن مائة كل سنة ".
ولقد استفاد المجتمع المغربي بكل فئاته من خبرة وعلم هؤلاء النساء المرشدات خريجات المعهد إلى جانب إخوانهم المرشدين ، وظهرت – حسب السيد الأزعر – ثمار تكوينهن في المساجد، والمؤسسات التعليمية، ودور الشباب، والسجون، وكشفت التجربة الإقبال الكبير للمرأة المغربية على أنشطة التأطير الديني التي تنظمها المرشدات "مما يدل على أن رغبة المرأة المغربية في التعلم كبيرة جدا، وأن على المرشدة أن تساير هذه الرغبة وتحقق كفايتها ".
وحول مآل الأئمة المرشدين والمرشدات بعد التخرج من المعهد، أوضح أنه يتم تعيين المتخرجين المغاربة مباشرة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. أما بالنسبة للخريجين الأجانب، فيتم تعيين المتفوقين منهم في مساجد كبرى ببلدانهم لوجود حاجة ماسة إليهم، في حين يعمل ذوو المستوى المتوسط في دور القرآن الكريم أو في تعليم اللغة العربية، مبرزا أن الوزارة ارتأت بالنسبة للصنف الأخير أن يتم تكوينهم تكوينا مهنيا موازيا في الخياطة والإعلاميات والفلاحة والكهرباء حسب الرغبة، حتى إذا رجع الطالب إلى بلده ولم يجد عملا في مسجد، تكون لديه فرصة لإيجاد عمل يعيش به .
تقول آمنة يوسف توري، وهي طالبة بالمعهد من غينيا، في تصريح مماثل " التحقت بالمعهد هذه السنة، وأنا أدرس الآن علوم القرآن والتوحيد والفقه وعلم التواصل واللغة ، ولدي رغبة في أن أستزيد من ثقافتي الدينية ، وأعمق فهمي لأمور الدين "، مشيرة إلى أنها ستعمل مرشدة بعد استكمالها لفترة التكوين المحددة في سنتين "حتى أعلم النسوة في بلدي أمور الدين والقرآن وأنقل إليهن ما تعلمت من علوم ليزددن علما وإيمانا ".
أما سارة سانوغو ذات 31 ربيعا، وهي متزوجة وأم لطفلة وحافظة لثلاثة أجزاء من القرآن الكريم من كوت ديفوار، فقد عبرت بكلمات عربية متقطعة والابتسامة تعلو محياها عن سعادتها بوجودها في المعهد "جئت إلى هنا لأتعلم وأفهم أمور الدين، حتى أعلمه لأهل بلدي ، كما أنني اخترت تعلم الخياطة بموازاة ذلك، لأني أحب هذه المهنة. لقد استفدت وتعلمت أشياء كثيرة بما في ذلك اللغة وفن التواصل ".
وبدوره، قال مصطفى عبد الكريم يحيى من نيجيريا، وهو أحد خطباء الجمعة بمسجد الأخوة الإسلامية التابع لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات " أدرس في السنة الثانية، استفدنا كثيرا، وتعلمنا أشياء لم تكن تدرس لنا في بلدنا كعلم التوقيت ومواد أخرى كالجغرافيا والاقتصاد باللغة العربية وغيرها التي تدرس في بلدنا بالإنجليزية".
وأضاف "قبل أن نأتي إلى المغرب ، كنا نسمع أن به الكثير من العلماء والشيوخ وكنا نتوق للقاء بهم والأخذ عنهم، ولم نكن نتوقع أن يكون لنا شرف الدراسة بالمملكة بهذا المعهد، والآن الحمد لله نحن بين أيدي علماء وشيوخ وأساتذة أجلاء نتتلمذ عليهم ، كما أن الظروف ميسرة جدا للطالب من سكن وغيره ، ولا نواجه أي مشاكل أو صعوبات".
يوما بعد يوم، تتبين نجاعة السياسة الملكية في مجال تأهيل الحقل الديني وتجديد آلياته من خلال هذه المعلمة الحضارية التي ذاع صيتها في العالم ، وأصبحت تتقاطر عليها طلبات العديد من الدول الأجنبية من أجل الاستفادة من التكوين الذي تتيحه وكذا من تجربتها باعتبارها تعكس دبلوماسية متفردة للمملكة في الشأن الديني قادرة على الاستيعاب الناعم وتحظى بالإشادة على الصعيد العالمي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.