بالقاعة الفسيحة للأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين الثلاثاء الماضي، نائب رئيس المجلس يعطي الإذن للعربي حبشي عن الفريق الفيدرالي لتوجيه سؤالي شفوي، المستشار الفيدرالي، يخرج من ملفه ورقة، وبعدما أشعل الميكرفون، يشرع في قراءة نص الاحاطة علما، موجها كلامه إلى الحكومة عن الخروقات التي يعرفها قانون الصفقات العمومية «إن تطبيق النص الحالي المتعلق بالصفقات العمومية أبان عن حقيقة مرة وهي أنه لا يحمي المنافسة الاقتصادية الشريفة ولا يضمن المساواة بين المقاولات المتبارية»، يقول العربي حبشي، وهو يحيط المجلس علما بحجم الكلفة السنوية للفساد في الصفقات العمومية، ويضيف أنها «تجاوزت 2700 مليار سنتيم حسب بعض المؤسسات المهتمة بالمجال»، ويعزز كلامه في هذا الاتجاه بتقارير كل من المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية التي كشفت عن اختلالات وتجاوزات يعرفها هذا المجال في العديد من المؤسسات العامة والجماعات المحلية. النواقص التي تشوب النص الحالي للصفقات العمومية، من خلال اعتماده على طرق تقليدية لتدبير وتفويت الصفقات مثل طلب العروض والمباراة والمسطرة التفاوضية وسندات الطلب، دفعت حبشي إلى مطالبته الحكومة إلى «الإسراع في إخراج نص جديد يعالج هذه الاختلالات ويحمي قواعد المنافسة الشريفة، ويراجع نسبة أفضلية المقاولات المغربية على نظيرتها الأجنبية»، لكن بالمقابل بقي يتساءل عن سبب تباطئها في اصدار هذا القانون. وفي الوقت الذي بقي فيه المستشارون البرلمانيون يتابعون عن كثب تدخل الفريق الفيدرالي حول تداعيات الفسادفي تعميق الهوة بين الطبقات، وحرمان خزينة الدولة من عائدات مهمة، مع إفراز واقع اجتماعي يتسم بتراجع مؤشر التنمية البشرية وتنامي معدلات الفقر والبطالة، فإن حبشي لم يدع الفرصة تمر، وطالب ب«إحالة ملفات الفساد التي عرفها ميدان الصفقات العمومية إلى القضاء من أجل محاسبة المسؤولين» وإذا كان الفريق الفيدرالي الذي مافتىء يشدد على ضرورة أن يرقى النص المنظم للصفقات العمومية من مرسوم ينفذ مباشرة دون عرضه على أنظار المؤسسة التشريعية إلى مرتبة قانون يناقش تحت قبة البرلمان، فذلك راجع حسب مداخلة الفريق إلى أهمية «الصفقات العمومية في تحريك دينامية الاقتصاد الوطني حيث بلغ حجم الاستثمارات العمومية ما بين سنتي 2008 و2011 ما يفوق 400 مليار درهم».