نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    فاطمة سعدي ضمن لائحة أعضاء المكتب السياسي للبام    بعد اعتقال بعيوي والناصيري.."البام" يصدر ميثاق الأخلاقيات    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    البحرين تحضر لانعقاد القمة العربية    حضور متميز لأسود الأطلس في نهائيات المسابقات الأوروبية للأندية    العين الإماراتي يسقط ذهابا أمام يوكوهاما الياباني في ذهاب نهائي دوري أبطال آسيا    الرئيس الفرنسي يطالب نادي ريال مدريد ب"تحرير مبابي"    وزارة التجهيز والماء تهيب بمستعملي الطرق توخي المزيد من الحيطة والحذر    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق    دار الشعر بتطوان تفتتح ليالي الشعر في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    الكراوي يتناول "معطيات مرجعية" لتجربة تدريس العلوم الاقتصادية في المغرب    بحضور العديد من الدول.. تنظيم الدورة ال20 من تمرين "الأسد الإفريقي" بالمغرب    القنصل العام للسنغال بالداخلة: لا وجود لمهاجرين عالقين في الصحراء المغربية    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة    هلال: المبادرة الأطلسية مقاربة متبصرة لتحقيق التنمية المشتركة    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    مكافحة الاتجار بالبشر.. الولايات المتحدة تمنح 2.5 مليون دولار للوكالات الأممية بالمغرب    بنعدي، بلحاج، العيادي، بنحمو وآخرون بالمجلس الوطني لحزب "البام"... هل يدخلون المكتب السياسي؟    المعرض الدولي للكتاب والنشر.. المجلس الأعلى للتربية والتكوين يناقش الرافعات الكبرى لحكامة المنظومة التربوية الوطنية    إطلاق أشغال إنجاز خط سككي بين الدار البيضاء وبني ملال قريبا    "أسبوع القفطان" يقدم عرض أزياء لدعم المواهب الشابة في مجال صناعة القفطان        بعد شهر على الانتخابات.. أمير الكويت يحل مجلس الأمة ويعلق بعض مواد الدستور    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تبرز الأدوار التاريخية والرهانات المستقبلية لقنواتها الأمازيغية في المعرض الدولي للنشر والكتاب    كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    مباراة انتقامية بين حسنية أكادير والرجاء الرياضي وصدام متكافئ بين "الماص" والمغرب التطواني    مستشار بوتين السابق: الأمريكييون ينجذبون إلى جُحر الثعابين.. والحرب ستنتهي باستسلام الغرب في أوكرانيا    مظاهرات في 58 مدينة مغربية تضامنا مع غزة ورفضا لاجتياح رفح (فيديو وصور)    أمير الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق العمل ببعض مواد الدستور ويقول:"لن أسمح بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة"    بنسعيد: المغرب منخرط في خلق صناعات ثقافية وإبداعية قوية وتنافسية    فرقة كانديلا ارت الفنيدق- تطوان تترافع عن التراث الوطني في المهرجان الوطني لهواة المسرح بمراكش    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الفيضانات أفغانستان تودي بأكثر من 200 شخص    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    سحب 317 "رخصة ثقة" من "سيارات الأجرة في مدينة واحدة بسبب ممارسات مخالفة للقوانين    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا بالمغرب    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتمية استمرار التقنية ودمقرطة الأخلاقي
نشر في الأحداث المغربية يوم 24 - 08 - 2011

«لقد تخلينا عن الطبيعة وأردنا أن نلقنها درسا في حين هي التي وفقت في هدايتنا إلى بر الإيمان»
مونتيني
يقول الفيلسوف الإنجليزي جون لوك «إن العقل الإنساني سيظل ينشد المزيد من المعرفة إلا أنه لن يبلغ في ذلك غايته النهائية» وهو ما حاول كارل بوبر أن يفسره، عندما بين لنا أن إنتاج المعرفة هو حلاقات تتوالى وبهذا ضمنت أجيال البشر المتعاقبة حقها الأبدي في إنتاج المعرفة، من خلال هذه العملية المستمرة لضرورة تحديثها وتصويبها . وهو الأمر الذي يمكن لنا أن نحيله إلى ما يعرف بخاصية “الانتظام الذاتي ” التي تتميز بها المعرفة شأنها في ذلك شأن كثير من الظواهر المعقدة المحكومة بإرادة الفعل الإنساني أو بمنطق القانون الطبيعي .
المعرفة إذن هي ذات قوة دفع لتوليد معرفة جديدة، سواء بدافع الحاجة إليها لحل إشكاليات عجزت المعرفة القائمة على حلها، أو حثي بغير هذا الدافع، فما أكثرما ظهرت معارف جديدة لم تتضح قيمتها في حينها، وظهرت الحاجة إلى تطبيقها فيما بعد. وستظل المعرفة تتعطش إلى المزيد من المعرفة وستظل دوما في حاجة إلى ذلك لحل ألغازنا الاجتماعية والنفسية والاقتصادية و البيئية، وما أضيف عليها بفعل تكنولوجيا المعلومات من ألغاز أخرى إبستمولوجية وتربوية وثقافية وتكنولوجية .
لقد فتحت الانترنيت علينا بوابات الفيضانات وتهاوت السدود أمام تيار المعلومات الجارف. لقد كانت المشكلة فيما مضى هي ندرة المعلومات أما الآن فأصبحت المشكلة هي إفراط المعلومات أو حمل المعلومات الزائدة .
مجتمع المعرفة وليد التكنولوجيا، ولا مفر أمام الإنسان الحديث من مواجهة الانفجار التكنولوجي الأحادي التفاقم، الذي أضحت عملية ترويضه و احتوائه هي أقصى التحديات التي تواجه هذا الإنسان الحديث . والذي يلزمه في الوقت نفسه، أن يتخلص من وهمه القديم، أن بالعقل والمعرفة وحدهما، يمكنه أن يصنع عالما أفضل. وأن كل المشكلات قابلة للحل بمجرد أن نقوم بما يحتاج إليه من جهد، فسوف تبقى، يقول الكاتب العربي الدكتور نبيل على صاحب كتاب العقل ومجتمع المعرفة، هناك دوما مشكلات تستعصي على كل حل، و سوف يظل هناك قدر من اللا عقلانية يفلت منكل عقل .
الإنسان المعاصر يعيش فصلا جديدا من ملحمته الأزلية فصلا مثيرا ومحيرا في آن واحد وذلك بعد أن كاد يصبح خصما لمعرفة هو صانعها، فهل يؤول به الأمر إلى أن يسلم روحه إلى شيطان معرفته .
فالتقنية المحررة للإنسان يمكن أن تستعبده. العامل يمكنه أن يعبر و عن حق أنه أصبح عبدا للتقنية لما تفرض عليه هذه الأخيرة إيقاع والقيام بحركات متتالية في خدمة الآلة، لكن ليست التقنية هي التي استعبدته بل الطريقة التي تستعمل بها طرف المجتمع هي التي تحتقر الإنسان .
التقدم العلمي هو تقدم لا معكوس، لكن لا مفر منه. فالمرور من تقنية إلى أخرى هو نتاج إرادة إنسانية وليس خضوعا إلى قدر محتوم . فالصينيون اكتشفوا البارود، لكنهم لم يكتشفوا معه المدفع بل اخترعوا الألعاب النارية .
فبدل أن يحرر التقدم العلمي والتكنولوجي الإنسان من بعض الإكراهات ليجلب أكثر فأكثر أوقات فراغ تخصص للتبادل والتواصل الإنساني، وللبحث الذاتي والتقدم الأخلاقي، جعلت الدول الغربية الحالية التقدم العلمي والتكنولوجي في خدمة النجاح الاقتصادي، ونتيجة هذا الاختيار يقول المفكر الفرنسي ألبير جاكار هو تراجع فكري للأخلاق .
شبكات التواصل والاقتصاد، أصبحت شركات ضخمة للتنميط كنتيجة لقبول المجتمع الدولي الآن لكانيزم اقتصادي مبني على التنافس. فالمطلوب من الإنسانية و بسرعة جعل الوسائل التقنية في مصلحة المحافظة على التنوع .ان ” تسليع ” كل شيء هو بمثابة الدود وسط الفاكهة بالنسبة للإنسانية الآن، يقول ألبير جاكار. تدمير الطبيعة، الوساطوية، النووي،” الترقيع” الجيني، علم “تحسين ” النسل ENGENISME والتولد المراقب ” PROCREATION ASSISTEE” هي أخطار جسيمة تهدد الإنسانية .
فالنزعات النووية ممكن أن تقع غدا ووقوعها سيساهم في فناء البشرية جمعاء في أيام معدودة. عدم احترام البيئة يمكنه أن يجعل كوكبنا غير قابل للحياة في غصون قرون أو عشريات، وتكاثر وسائل الاتصال الغير المباشرة يمكن أن يفضي وفي ظرف وجيز إلى اختفاء طعم التبادل والتواصل بين الأشخاص . التجارب الجينية يمكنها أن تفضي إلى إنسانية ” مضبوطة ” NORMALISE أي إنسانية فاقدة للمحرك الحقيقي الذي هو التنوع بين الناس .
أمام هذه الأخطار يقول ألبير جاكار، بأنه حان الوقت لتختار الإنسانية هدفا لمستقبلها. هذا الاختبار يجب أن يكون اختبارا ناتجا عن فعل جماعي ويتطلب ضرورة دمقرطة الأخلاقي .
هناك تناقض يعيشه عصر التقنية و التقنية في خدمة التنافس، هو تعظيم التقنية و التنقيص من قيمة التقني . الترتيب بين العمل الذهني و اليدوي هو ترتيب بليد . فالإنسان يفكر بكامل جسمه و بعقلنا نستعمل أيادينا بمهارة . فمهارة أيدينا هي نتاج الذكاء الذي يقود مهارة أيادينا أو كما يقول ” أرسطو ” إ”الإنسان ليس أكثر ذكاءا من سائر الكائنات الحية المحيطة لان له يدين بل لأنه ذكي له يدين ” .
لا أحد ينكر أن الاعتبارات اللأخلاقية لعبت دورا كبيرا في زوال العبودية ، لكن نهاية العبودية لعبت فيها التقنية دورا محررا.نعم التقنية محررة ومساهمة في التطور المادي للإنسانية،رغم أن عددا قليلا من سكان العالم هم المستفيدون ماديا منها والمستأثرون بجميع مزاياها .
التقنية وكسائر الاكتشافات الإنسانية لها جوانبها الإيجابية والسلبية .يقول فرانسوا بيكون:” بالعلم يمكننا فعل كل شئ ” ، فيجيب إنشتاين :” بأن هناك أشياء لا يجب القيام بها ” ، ويضيف يجب أن نحصن تفاعلات النيترونات بالحس السليم .
التكنولوجيا مزيج النعم والنقم ، وليس هناك بديل سوى المجازفة المحسوبة ، بقدر الإمكان من خلال أقصى درجات الحيطة والأخذ في الحسبان مايمكن توقعه من سيناريوهات ، لقد ولى إلى الأبد عصر البساطة و السكينة ، وكتب على الإنسان ركوب الصعاب.
(*) أستاذ العلوم بكلية ابن مسيك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.