مع الساعات الأولى لصباح أمس الإثنين بدأت تخيم سحابة من التوتر والترقب بأجواء الفضاء الخارجي لمبنى محكمة الاستئناف بمراكش، حيث بدأت تتوافد بعض السيارات الأمنية لتأخذ موقعها بالمكان، فيما بعض أعوان السلطات المحلية يجوبون المكان لاستكناه تفاصيل ما يجري ويدور. تحركات أشرت على أن المحكمة مقبلة على استقبال أطوار محاكمة تعد بالكثير من التوجسات، بحيث لم تكد عقارب الساعة تشير إلى التاسعة حتى بدأت طلائع شبابية تنتظم في وقفة احتجاجية، وتعلو أصواتها بشعارات تمتح من أدبيات «الحراك الجامعي». إنزال أمني ملحوظ لمتابعة تحرك طلابي معدود، انقشع غباره عن إحالة 13 طالب على مكتب قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها توبعوا على خلفية المواجهات الدامية التي اندلعت نيرانها بالحي الجامعي وانتهت بخسائر جسيمة وإصابات متفاوتة في صفوف بعض عناصر القوات العمومية والطلبة على حد سواء. استقدمت المجموعة من مقبعها بالسجن المحلي، وأخضعت للتحقيق التفصيلي أمام المسؤول القضائي المومأ إليه، قبل أن يتم إرجاعها لمواقعها في انتظار استكمال التحقيقات وتبيان «الخيط الأبيض من الأسود» في الاتهامات الموجهة للمتهمين ومدى تورطهم من عدمه في المنسوب إليهم. لم تفوت المجموعة المحتجة الفرصة دون مواكبتها بالمتعين من التنديد والاحتجاج، فضربت موعدا «فايسبوكيا» للانخراط في احتجاج مفتوح أمام مبنى المحكمة متدثرة بلافتة خط عليها بالبنط العريض مطلب الإفراج عن زملائهم المتابعين، ووقف ما اعتبر عسكرة الفضاء الجامعي. المعلومات المتوفرة تشير إلى أن 11 من الطلبة المتابعين قد وضعوا تحت مجهر التحقيق التفصيلي، في انتظار عرض اثنين آخرين حالت ظروفهما الصحية دون إحالتهما ضمن «وفد» المجموعة التي توزعت على السجن المحلي بولمهارز (5 طلبة) وسجن الأوداية (8 طلبة). حيث تم تسييجهم من طرف النيابة العامة بتهم ثقيلة تصب بمجملها في خانة «تخريب جزء من مبان عمدا، وضع أشياء في الطريق العام لتعطيل المرور ومضايقته، محاولة إضرام النار، تخريب أشياء مخصصة للمنفعة العامة، إهانة موظفين أثناء قيامهم بمهامهم، المشاركة في التجمهر المسلح والضرب والجرح بواسطة سلاح أبيض الناتج عنه إراقة دماء»، وإحالتهم على قاضي التحقيق باستئنافية مراكش في حالة اعتقال. أولى حلقات التحقيق التمهيدي، انطلقت بداية الأسبوع الماضي، حيث تم الإستماع لإفادة الأظناء في محاضر رسمية، قبل أن يتم إرجاعهم لمواقعهم خلف أسوار السجن المجلي وتحديد أول أمس الإثنين كموعد لاستكمال الشوط الموالي من التحقيقات. وكانت فضاءات الحي الجامعي بمراكش قد شهدت مواجهات دامية بين مجموعة من الطلبة وعناصر القوات العمومية التي تم انتدابها لمنع مسيرة احتجاجية تجاه رئاسة جامعة القاضي عياض احتجاجا على تأخير صرف المنحة. مواجهات استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة البيضاء من حجارة وقنينات غاز وزجاجات المولوتوف، دون إغفال العصي والهراوات وخراطيم المياه وكل ما طالته الأيادي من أخشاب وقضبان حديد. وضعت «الحرب أوزارها» بعد سقوط العديد من الضحايا في صفوف الطرفين بين معطوب وجريح، وطالت عوادي التخريب والتدمير كل التجهيزات والممتلكات وحولت الحي الجامعي إلى فضاء خراب ينعق فيه البوم والغراب، فيما ارتفع زعيق سيارات الإسعاف ليغطي المكان، ويشرع رجال الوقاية المدنية في نقل المصابين والجرحى صوب المستشفيات لتلقي العلاجات الضرورية. اسماعيل احريملة