أسدلت هيئة الحكم بغرفة الجنح التلبسية بابتدائية مراكش بحر الأسبوع المنصرم، الستار عن الفصل الأول محاكمة عناصر الشبكة المتهمة بسرقة الرواج الهاتفي، والحكم عليهم بمدد سجنية متفاوتة وتطويق أعناقهم بغرامات مالية كل حسب موقعه بهرم الشبكة وكل حسب درجة تورطه ومسؤوليته. نصيب المتهم الرئيسي من الأحكام حدد في 15 شهرا حبسا نافذا وغرامة 20 ألف درهم، فيما توقف حظ شريكته عنذ حدود نصف سنة حبسا نافذة ونفس الغرامة المالية. باقي الأظناء توزعت عليهم أحكام سجنية تمتد من خمسة إلى ثمانية أشهر، فيما خرجت متهمة واحدة توبعت في حالة سراح بثلاثة أشهر حبسا موقوف التنفيذ. المتهمون الثمانية اختلفت أوضاعهم المهنية والاجتماعية باختلاف درجة تورطهم ضمن نشاط الشبكة، حيث جاء في المقدمة موظف بنكي يتبوأ منصب مدير وكالة بنكية أدين بخمسة أشهر حبسا نافذا، وكذا مهاجر مقيم بالديار الأمريكية حيث يعمل بأحد الأسواق الممتازة، خرج من غلة الأحكام بنصف سنة حبسا نافذا وبعض ما تيسر من الغرامة المالية. فصول الواقعة تعود إلى بداية يونيو الماضي، حين قادت تحقيقات مصالح مراقبة التراب الوطني الكشف عن نشاط غير قانوني وصف بالخطير تديره شبكة عنكبوتية، تمتد خيوطها من مدينة القصر الكبير مرورا بالعطاوية بإقليم قلعة السراغنة وصولا إلى عاصمة النخيل. تم رصد تحركات عناصر الشبكة ووضعهم تحت المراقبة والتتبع، بعد أن قادت الخيوط الأولى إلى ارتباطهم بشبكة دولية متخصصة في سرقة الرواح الهاتفي اعتمادا على تقنيات وأجهزة متطورة. دقت ساعة الحقيقة يوم السادس من يونيو وانطلقت قافلة الأجهزة الأمنية (الديستي والشرطة القضائية) في تجميع الحصاد، ليتم توقيف ثمانية أشخاص ضمنهم امرأتان، متوزعين على المدن المومإ إليها، فتمت في هذا الإطار مداهمة منزل بالحي العسكري بمراكش واعتقال المتهم الرئيسي وشريكته مع ضبط ومصادرة عدة معدات وأجهزة تقنية. ببلوغ هذه المرحلة، تأكد للمحققين خطورة نشاط هذه العناصر باعتبارهم ينشطون ضمن شبكة إجرامية دولية، متخصصة في النصب عن طريق إجراء اتصالات هاتفية دولية بطريقة تدليسية، مع ما يستتبع هذه الاقترافات من مس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية، والمضاربة في صرف العملات الأجنبية. تأكد كذلك بأن الرؤوس المدبرة والممسكة بخيوط الشبكة، يتوفرون على تكوين متخصص في مجال المعلوميات، كما نجحوا في استقطاب مستخدمة تعمل بشركة اتصالات وطنية رفقة شقيقها، إلى جانب مدير إحدى الوكالات البنكية بمراكش وعناصر أخرى يديرون وكالات ومحلات لبيع الأجهزة المعلوماتية وشرائح الهاتف المحمول. يعتمد الأسلوب والمنهجية على الولوج للموقع الإلكتروني لإحدى شركات الاتصالات الدولية مقرها الاجتماعي بقبرص، ومن ثمة تحميل أرقام هاتفية موصولة بمجيب آلي، يفرض تعريفات مالية مرتفعة، ليتم بعدها توجيه رسائل نصية للضحايا، الذين يتم اختيارهم بشكل اعتباطي ومطالبتهم بالاتصال العاجل على هذه الأرقام بدعوى توفرهم على معلومات مهمة، دون أن يدروا بزيف هذه التصريحات، وأن الغرض منها هو استدراجهم لإجراء مكالمات احتيالية بتكلفة مالية مرتفعة. تقنية مكنت عناصر الشبكة من جني تحويلات مالية مهمة من الخارج مقابل هذه العمليات الاحتيالية، تجاوزت سقف المليون درهم لكل واحد منهما، فضلا عن مضاربتهما في صرف العملات. بانكشاف هذا النشاط الخطير، تم ضبط ومصادرة كمية كبيرة من المعدات والتجهيزات المعلوماتية المتطورة، و977 شريحة اتصالات هاتفية، وإيصالات لتحويلات مالية من الخارج، وبطاقات دولية للائتمان البنكي، بالإضافة إلى هواتف محمولة، فيما قادت التحقيقات إلى إماطة اللثام عن وجوه بعض المتورطين، وارتباطاتهم بشبكات إجرامية دولية تتحرك في شكل أخطبوط يمتد بأذرعه داخل وخارج الوطن. اسماعيل احريملة