كشفت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون من جامعة "آرهوس" في الدنمارك أن الموسيقيين يستجيبون للألم بطريقة مختلفة عن غيرهم، ما يفتح آفاقا جديدة لفهم العلاقة بين التدريب الموسيقي وإدراك الألم، ويسهم في تطوير أساليب علاجية مبتكرة لمرضى الألم المزمن. وأوضحت الدراسة أن الألم المزمن يؤدي عادة إلى تقلص "خريطة الجسم" في الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن تتبع الإحساس في أعضاء الجسم، إلا أن هذا التأثير لا يظهر بالدرجة نفسها لدى جميع الأشخاص؛ إذ يتمكن بعضهم من تحمل الألم بشكل أفضل بفضل انخفاض الحساسية العصبية في الدماغ. وفي هذا الصدد، قام الباحثون بتحفيز الألم لدى مجموعة مكونة من 19 موسيقيا و20 شخصا خارج المجال الموسيقي، باستخدام بروتين آمن يعرف باسم "عامل نمو الأعصاب"، الذي يسبب آلاما عضلية مؤقتة تستمر لأيام عدة. كما تم استخدام تقنية "التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة" لرسم وقياس خريطة اليد في أدمغة المشاركين قبل وبعد التعرض للألم. وأظهرت النتائج أن الموسيقيين امتلكوا قبل التجربة خريطة دماغية لليد أكثر دقة، وارتبطت درجة دقتها بعدد ساعات التدريب الموسيقي التي تلقاها كل مشارك. وخلال فترة الألم، أبلغ الموسيقيون عن شعور بانزعاج أقل مقارنة بغير الموسيقيين، كما تبين أن خريطة اليد في أدمغة غير الموسيقيين تقلصت بعد يومين فقط من الألم، بينما ظلت ثابتة لدى الموسيقيين، بل إن الأكثر تدريبا بينهم كانوا الأقل شعورا بالألم. ويأمل فريق البحث أن تسهم هذه النتائج في تفسير قدرة بعض الأشخاص على تحمل الألم بشكل أفضل، وأن تساعد في تطوير طرق علاجية لإعادة تدريب الدماغ لدى المصابين بآلام مزمنة، مع دراسة ما إذا كان التدريب الموسيقي يحمي أيضا من تأثيرات الألم على الانتباه والإدراك.