إحباط محاولات اقتحام جماعية لمدينة سبتة    مسؤول أمني: انعقاد جمعية الأنتربول بمراكش يُجسد مكانة المغرب كفاعل موثوق في الأمن الدولي (صور)    أنظمة مراقبة تتعطل بمطار "أورلي"    برونزية "كان U20" لشباب نيجيريا    نادي يعقوب المنصور يحقق الصعود    مزراوي يكشف سر نجاحه مع مانشستر    أخنوش يمثل أمير المؤمنين جلالة الملك في حفل التنصيب الرسمي للبابا ليو الرابع عشر    عروض تفضيلية لموظفي الأمن الوطني لشراء السيارات بموجب اتفاقية جديدة مع رونو المغرب    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    إسرائيل تعلن بدء عملية برية موسعة في قطاع غزة    إشادة دولية واسعة بنجاح النسخة 87 من مؤتمر الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية بالرباط    احباط محاولة تهريب ثلاثة أطنان من مخدر الشيرا بمعبر الكركارات    المغرب يعيد فتح سفارته في سوريا.. نظام أحمد الشرع يستعد للاعتراف بمغربية الصحراء    الوداد يرفض التعاقد مع ميندي وبيدرو في "الميركاتو" الصيفي    البواري: "موسم طانطان"، حدث ثقافي بارز يجسد عراقة التراث والقيم الأصيلة لساكنة الأقاليم الجنوبية عبر التاريخ    مع انطلاق مهامه رسميا ...بابا الفاتيكان الجديد يبدأ بانتقاد تجاوزات النظام الرأسمالي    الحسيمة تحتضن مؤتمرًا دوليًا حول الذكاء الاصطناعي والرياضيات التطبيقية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنتخب مكتبها التنفيذي    في عرض افتتاحي حالم إحياء جمال الروح في لحظة واحدة    حموشي يوقع اتفاقية مع "رونو المغرب" لتوفير عروض تفضيلية لموظفي الأمن    بركة: الحكومة لم تحقق وعد "مليون منصب شغل" في الآجال المحددة    انتخاب المغرب على رأس شبكة هيئات الوقاية من الفساد    معين الشعباني:نهضة بركان قادر على خلط أوراق "سيمبا" في مباراة الإياب    كلمة عبد الجبار الرشيدي رئيس المجلس الوطني لحزب الاستقلال خلال انعقاد دورته العادية الثانية    القنصلية المغربية تقرّب خدماتها من الجالية في وسط إسبانيا    مسؤول أمني: المديرية العامة للأمن الوطني تشجع على الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة    رقمنة القوة: دور الشركات الكبرى في السياسة الدولية    في سابقة خطيرة..مطالب بطرد المهاجرين القانونيين من أوروبا    الجديدة : انطلاق تصوير الفيلم الجديد ''ياقوت بين الحياة والموت'' للمخرج المصطفى بنوقاص    الهابيتوس عند بيار بورديو بين اعادة انتاج الاجتماعي ورأس المال الثقافي    "الزنزانة 10" تحذر من تجاهل المطالب    سوريا.. تشكيل هيئتين للعدالة الانتقالية والمفقودين ل"جبر الضرر الواقع على الضحايا    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    بينهم آلاف المغاربة.. قاصرون مهاجرون في قلب تقرير حقوقي إسباني    متحف أمريكي يُعيد إلى الصين كنوزاً تاريخية نادرة من عصر الممالك المتحاربة    مأساة في نيويورك بعد اصطدام سفينة مكسيكية بجسر بروكلين تُسفر عن قتلى وجرحى    أوكرانيا تعلن إسقاط 88 مسيّرة    زيارة إلى تمصلوحت: حيث تتجاور الأرواح الطيبة ويعانق التاريخ التسامح    من الريف إلى الصحراء .. بوصوف يواكب "تمغربيت" بالثقافة والتاريخ    تنظيم الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 23 إلى 25 ماي الجاري    كرة القدم النسوية.. الجيش الملكي يتوج بكأس العرش لموسم 2023-2024 بعد فوزه على الوداد    ندوة ترسي جسور الإعلام والتراث    بعد منشور "طنجة نيوز".. تدخل عاجل للسلطات بمالاباطا واحتواء مأساة أطفال الشوارع    طنجة تستعد لاحتضان الدورة السابعة للمؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتنمية المستدامة تحت الرعاية الملكية    افتتاح فضاء بيع السمك بميناء الحسيمة ب60 مليونا    نهضة بركان تُنهي الشوط الأول أمام سيمبا التنزاني مُتقدمة بثنائية نظيفة    في طنجة حلول ذكية للكلاب الضالة.. وفي الناظور الفوضى تنبح في كل مكان    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الهادي التازي...حياة على خطى ابن بطوطة
نشر في أخبارنا يوم 03 - 04 - 2015

تكاد تؤرخ وفاة المفكر والعلامة المغربي عبد الهادي التازي لأفول صنف خاص من الشخصيات العلمية التي شكلتها أنماط تعليم مخضرم تجاور فيها التكوين الأصيل العتيق مع التشبع بالمعرفة الحديثة المنهجية، وصقلتها تجارب حياة ممتدة وحافلة بالمنعطفات.
برحيل العلامة التازي، يسدل الستار عن سيرة شخص تعادل أداء مؤسسة متكاملة العناصر، هو الذي كان الوريث الشرعي لسمات العلماء والمفكرين المتقدمين، حين جمع بين أصناف المعارف الشرعية والدنيوية، العلمية والأدبية، النظرية والتجريبية.
وبغض النظر عن تفوق الراحل في علوم مختلفة من التاريخ إلى اللغة، مرورا بالفقه والجغرافيا والأدب، فإنه طبع عطاءاته في هذه المباحث كلها بوعي الانتماء المغربي، متقفيا إسهامات مغاربة العصور السالفة في إغناء التراكم الكوني في المعارف والعلوم، ونابشا في الصفحات المطمورة من الإبداع المغربي ورابطا صلة الحاضر بالماضي، بهاجس التوثيق والضبط والتدقيق والتحقيق، وفاء للتاريخ وإنصافا للذاكرة.
ولعل المسار الدراسي التعليمي للراحل، الذي رأى النور بفاس عام 1921، في ظرفية مطبوعة بنير الاستعمار واتقاد الوعي الوطني، عكس تنوع روافد شخصيته العلمية والبحثية، وتكامل التكوين التقليدي الرصين مع الانتماء الى مدارات البحث العلمي المنهجي، فهو خريج جامعة القرويين بإجازة تعود الى عام 1947، وهو أيضا خريج جامعة محمد الخامس بالرباط، بدبلوم للدراسات العليا في القانون عام 1972، ثم هو حامل شهادة الدكتوراه من جامعة الاسكندرية تكريسا لحرصه، طيلة مساره العلمي والبحثي، على ربط الجسور بين المغرب والمشرق.
كان التازي يمارس الدبلوماسية بجبة العالم، وهو يحاضر عبر القارات، يفتح أذهان النخب العربية والأجنبية على عطاءات علماء المغرب وأعلامه عبر الحقب، وكان يمارس الدبلوماسية بعدة العالم، يقرأ الجغرافيا بوعي التاريخ ورهانات الحاضر بامتدادات الماضي، ويرمم ذاكرة الشعوب بأواصر وجسور محفوظة في ذاكرة الخرائط.
هو الرجل الذي سخر نفسه حافظا لعظمة واحد من أشهر الشخصيات العربية لدى العالم بأسره، فكان الوصي الأمين على أسفار ابن بطوطة، سليل طنجة، أكبر رحالة في التاريخ، والمحقق الضابط الذي قدم للانسانية تراث ذلك العلم الفذ في كتاب "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، مسخرا جهدا لا تقدر عليه المؤسسات والمراكز، بإبراز تفرد شخصية الرحالة الطنجي، وسبقه في التوثيق الجغرافي والتاريخي للأحداث وسمات البلدان والشعوب التي جاب ربوعها من المغرب الى الصين، وأبعد.
على خطى ابن بطوطة، كان التازي من الشخصيات التي عاشت على جناح طائرة، متنقلا بين مكتبات العالم، ومراكزه البحثية، محاضرا في المجامع والمؤتمرات، شرقا وغربا، وهو الذي حفر مكانه سفيرا لثقافة المغرب وتراثه لدى محافل رفيعة من حجم المؤتمر العالمي للأسماء الجغرافية بنيويورك، الذي ترأسه الفقيد، والمجامع العلمية العربية على غرار المجمع العلمي العراقي ومجمع اللغة العربية بالقاهرة ومؤسسة آل البيت ومجمع اللغة العربية بالأردن ومجمع اللغة العربية بدمشق وكذلك المجلس العلمي لهيئة المعجم التاريخي للغة العربية.
حتى الرمق الأخير، قفز عبد الهادي التازي على عوارض الزمن ووهن البدن، موقفا متعة الحياة على شغف البحث وحماس التأليف المتواصل، ليخلف وراءه مكتبة زاخرة بمآثر علمية خالدة، من قيمة كتابه الموسوعي والمرجعي حول "التاريخ الدبلوماسي للمغرب" وإحيائه لمخطوطات أعلام مغمورين في سجلات الماضي القريب والبعيد، كل ذلك بوعي عميق بموقع المغرب في قلب الحضارة العربية والإنسانية ونذر شخصي بإعادة الاعتبار لرجالاته وأمكنته وتقاليده وقيمه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.