معهد الجيوفيزياء يوضح تفاصيل هزّتَي مكناس وأسباب عودة النشاط الزلزالي    مركز التنمية لجهة تانسيفت يجدد هياكله بمراكش    حوض سبو.. السدود تسجل نسبة ملء تبلغ 42,8 في المائة    مدافع "الأسود": جاهزون للتحدي القاري    نتائج الجولة الأولى من دور المجموعات    رئيس النيابة العامة يشكو الخصاص في القضاة والموظفين ويدعو لتطوير التشريعات استجابة للتطورات    أمريكي يفوز ب1.8 مليار دولار في اليانصيب ليلة عيد الميلاد    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء        الجزائر تُقرّ قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار وتعويضات.. وباريس تندد وتصف الخطوة ب«العدائية»    2025 عام دامٍ للصحافة: غزة تسجل أعلى حصيلة مع 43% من الصحفيين القتلى حول العالم    وزارة العدل الأمريكية تحصل على مليون وثيقة يُحتمل ارتباطها بقضية إبستين    إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد حانوكا اليهودي في ملبورن الأسترالية    تهنئة مثيرة لترامب تشمل "حثالة اليسار"    قناة "الحوار التونسية" تعتذر للمغاربة    "الجمعية" تحمّل السلطات مسؤولية تدهور صحة معطلين مضربين عن الطعام في تادلة وتطالب بفتح الحوار معهما    حصانة مهددة واستقلالية في دائرة الخطر.. محام يفسّر أسباب رفض قانون المهنة الجديد    شدّ عضلي لا أكثر.. الركراكي يطمئن الجماهير على سلامة رومان سايس    الركراكي: "إصابة أكرد مجرد إشاعة"    السلطات الأمريكية تحقق في صعوبة فتح أبواب سيارات تيسلا    14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة        أنفوغرافيك | حصيلة 2025.. الجرائم المالية والاقتصادية وغسيل الأموال    سلا .. تواصل الجهود لتصريف مياه التساقطات المطرية    إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين    حادثة سير مروعة تودي بحياة أب وابنته ضواحي برشيد        الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    فيدرالية اليسار الديمقراطي تحذر من حالة الشلّل الذي تعيشه جماعة المحمدية    فوز مثير لبوركينا فاسو وبداية موفقة للجزائر وكوت ديفوار والكاميرون في "كان المغرب"    معارض إفريقية متنوعة للصناعة التقليدية بأكادير ضمن فعاليات كأس إفريقيا للأمم 2025    بالإجماع.. المستشارين يصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة        أجواء ممطرة وباردة في توقعات اليوم الخميس بالمغرب        بالملايين.. لائحة الأفلام المغربية المستفيدة من الدعم الحكومي    ندوة علمية بكلية الآداب بن مسيك تناقش فقه السيرة النبوية ورهانات الواقع المعاصر    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    ماذا يحدث للجسم بعد التوقف عن حقن إنقاص الوزن؟    اتحاد طنجة لكرة القدم يتحدى العصبة الوطنية الاحترافية بعقد الجمع العام    ملتقى العيون للصحافة يعالج دور الإعلام في الدفاع عن الصحراء المغربية    ارتفاع مخزون سد عبد الكريم الخطابي بإقليم الحسيمة بعد التساقطات المطرية الأخيرة    ‬ال»كان‮«: ‬السياسة والاستيتيقا والمجتمع‮    "ريدوان": أحمل المغرب في قلبي أينما حللت وارتحلت    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر        توفيق الحماني: بين الفن والفلسفة... تحقيق في تجربة مؤثرة    نص: عصافير محتجزة    أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    رهبة الكون تسحق غرور البشر    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا متجاوزا 4500 دولار للأونصة    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها        الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا زمن السقوط بالسكتة الشعبية
نشر في أخبارنا يوم 18 - 02 - 2011

سقطت أنظمة استبدادية بالسكتة الشعبية، فيما اكتشفت أنظمة أخرى فجأة ان لها شعوبا، لكن خيالها لم يجمح بعيدا، فهي ما تزال تنظر اليها على أنها مجرد بطون جائعة، فعمدت على وجه الاستعجال الى مراقبة اسعار الطحين والطماطم والزيت، حتى لا تخرج من عقالها، ونسيت أن حاملي تلك البطون يملكون احلاما وتطلعات وشوقا جارفا الى الحرية والكرامة، ورغبة اكيدة ليس فقط في ترميم الشرخ العميق في جدار وطن جريح، بل يريدون اليوم اقتلاع وباء الفساد من جذوره، وليس فقط معالجة نتائجه بالمراهم المهدئة والمسكنات الظرفية.
واذا ما قمنا بقراءة هادئة لأدبيات ما تبقى من الأنظمة التي لم تمسها بعد ‘السكتة الشعبية'، فاننا نصاب بالذهول لكونها تعتبر الشعب مفهوما جديدا لا مرجعية له في ثقافة العرب العاربة، فيما حول عرب النفط أرجاء العالم العربي المعوزة الى منتجعات للدعارة والقمار، واستثمروا في فقر اخوانهم العرب قليلا من الفكة، فيما الارصدة من العيار الثقيل تنام راضية مرضية في البنوك الامريكية والاوروبية الصهيونية الى حين يصادرها الحلفاء لدى حلول السكتة الشعبية، بعد ان يطالب الشعب وفئاته المحرومة باستعادة المال المنهوب من ارضها وعرقها.
لقد انتهى ذلك العهد الذي اعتبرت فيه أنظمة الاستبداد ان الشعب فكرة جديدة ودخيلة، وما ذكى وهممها كونها لم تستمد شرعيتها من المنطوق الشعبي الحر، وانما استندت الى أساطير ودجل وشعوذة سياسية وجدت لها منظرين مرتزقة و مؤرخين رسميين ومحللين ومحرمين سياسيين، وكلاب حراسة شرسين بأنياب طويلة تنهش في جسد كل من تجرأ على الجهر بسؤال الشرعية.
ها قد انطلق عهد السكتات الشعبية، لكن السؤال يظل قائما: هل اسقاط الديكتاتور يعني بالضرورة اسقاط الديكتاتورية، التي كان لها من الوقت ما يكفي لنسج شبكات متداخلة ومتقاطعة، اخترقت كل مجالات الحياة من أمن واقتصاد ومؤسسات واعلام وولاءات خارج الحدود، وتواطؤات من ديمقراطيي أوروبا وامريكا، ومن منظمات دولية شكلت لها رأس مال هائلا من تجارة تسويق صورة الديكتاتور عالميا والترويج له وكأنه المنقذ من الضلال وحامي حمى أمريكا وأوروبا واسرائيل من خطر الاسلام، ومحاربة كل دعوة الى الانتفاض والانعتاق واحقاق الحق.
وقد أحبطت انتفاضة الجماهير العربية من سيدي بوزيد الى ميدان التحرير، كل هذه الصيغ الملتوية التي هدفت الى تأجيل الثورة الى أجل غير مسمى، وهو ما سيدفع بالمتربصين بالشعوب الى مراجعة حساباتها بالكامل.
وقد تصيب الهدف اذا هي راهنت على دعم الثورة، وستخلف موعدها مع التاريخ ان هي عادت الى التآمر عليها، واصرت على دعم من تبقى من المفسدين في الارض.
فمن رحم ثورتي تونس ومصر خرج قاموس عربي جديد نقحت صفحاته من المصطلحات المتآكلة والمفردات ذات الرنين الصداح والمعنى الاجوف، والكلمات التي ضجيجها اقوى من مدلولها، كما تخلص القاموس العربي الجديد المنبثق من معاناة الشعب من كل الامثال و الحكم التي ربت الانسان العربي على الانهزام والخضوع والامتثال وطاعة الحاكم، حتى لو كان على ضلال وظلم وجبروت، واوصته بالصمت لانه من ذهب، فيما الذهب تكدس في خزائن الطغاة، من البحر الى البحر.
و أسدت له نصائح بحفظ اللسان لانه يؤدي بصاحبه الى التهلكة، (ألم يقل أحدهم: لساني سبع ان تركته أكلني)، وبالتزام الصمت حيث يجب الكلام، حيث تبارى شعراء الديكتاتور والمداحون في تعداد فضائل السكوت وفوضوا للطاغية الجلاد وحدة الحق في القول والفعل.
لقد خرج القاموس الجديد منتصرا من خضم ثورتي تونس ومصر.. وما ستليها من ثورات شعبية أخرى، حيث ستتخلص اللغة وقاموسها دفعة واحدة من الحمولات الاستبدادية المزروعة في صلب الكلمات، فاللغة ليست بريئة، كما يقول علماء السيميولوجيا، وعاشت الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.