"حقوق المؤلف" يوضح "تغريم مقهى"    بوصوف يناقش تنزيل الحكم الذاتي    مئات التونسيين يتظاهرون ضد السلطة تحت شعار "المعارضة ليست جريمة"    المنتخب المصري يتعادل مع الإمارات    ارتفاع حصيلة ضحايا "حادثة الفنيدق"    النجمة الذهبية تزين "سماء بلا أرض" في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    أخنوش من الرشيدية: "الأحرار حزب الإنصات والقرب... ومهمتنا خدمة كل جهة بالوتيرة نفسها"    ميسي يقود إنتر ميامي لحصد الدوري الأمريكي    سبتة المحتلة .. متابعة إسبانية في قضية اعتداء جنسي على قاصرين مغاربة        وزارة بنسعيد تغرم المقاهي بسبب الموسيقى    حزب الحركة الشعبية يعقد الدورة السادسة لمجلسه الوطني بالحسيمة (صور)    طنجة.. توقيف سائق الشاحنة المتورط في دهس عاملة نظافة وفراره بالعوامة    المنتخب العراقي يعبر إلى دور الربع    الفرقة الوطنية تحقق في فيديو يتضمن تهديداً للزفزافي    11 قتيلا في هجوم مسلح داخل فندق بجنوب إفريقيا    هيئات الصحافة والنشر تهاجم الوزير بنسعيد وتصف تصريحاته بالفضيحة    في وقفات احتجاجية جهوية.. الممرضون يحتجون للمطالبة بتنفيذ اتفاق يوليوز 2024 وتحسين أوضاعهم المهنية    فتاح تؤكد البعد الاستراتيجي للشراكة الاقتصادية المغربية-الإسبانية    الوالي التازي يضع طنجة على درب المدن الذكية استعداداً لمونديال 2030    بايتاس يهاجم صنّاع الفرجة السياسية ويستعرض حصيلة الحكومة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    قدمت من طنجة.. ضبط أكثر من طنين من الحشيش على متن شاحنات بميناء الجزيرة الخضراء        جمال السلامي: الأهم هو أننا تفادينا مواجهة المغرب في كأس العالم    توقيع ثلاث اتفاقيات لتطوير البنيات التحتية اللوجستية والتجارية بجهة الداخلة–وادي الذهب    القصر الكبير : الإعلامي "إبراهيم بنطالب" يُوَجِّهُ رسالة مستعجلة الى السيد باشا المدينة بتدخل بشأن وضعية دار الثقافة    جمعيات حماية المستهلك تثمن تحرك مجلس المنافسة ضد التلاعب بالأعلاف    لقجع يستقبل دياغنا نداي بالمعمورة        مصر تدعو إلى نشر قوة دولية بغزة    ستون صورة ومغرب واحد نابض بالعاطفة.. افتتاح استثنائي يكرّس المغرب في ذاكرة الصورة    ريتشارد يحتفي بإطلاق نيالا ويستعد لتمثيل سوريا في الدوحة    لجنة تحكيم ثلاثية دولية لاختيار أفضل عرض سيرك لسنة 2025 بالدورة 7 للمهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة    الجزائر تستعمل لغة غير لائقة في مراسلاتها الدولية وتكشف تدهور خطابها السياسي    المكتب الشريف للفوسفاط يستثمر 13 مليار دولار في برنامجه الطاقي الأخضر ويفتتح مزرعته الشمسية بخريبكة    الركراكي: حكيمي يبذل جهداً كبيراً للحاق بالمباراة الأولى في "كان 2025"    وزير الصحة يجدد في طوكيو التزام المغرب بالتغطية الصحية الشاملة    أخنوش من الرشيدية: من يروج أننا لا ننصت للناس لا يبحث إلا عن السلطة    أنشيلوتي: مواجهة المغرب هي الأصعب في مجموعتنا في كأس العالم 2026    مشعل: نرفض الوصاية على فلسطين    ملاحقات في إيران إثر مشاركة نساء بلا حجاب في ماراثون    سطات .. انطلاق فعاليات الدورة 18 للملتقى الوطني للفنون التشكيلية نوافذ    تزنيت : دار إيليغ تستعد لاحتضان ندوة علمية حول موضوع " إسمكان إيليغ بين الامتداد الإفريقي وتشكل الهوية المحلية "    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كورونا" الذي أربك العالم
نشر في أخبارنا يوم 30 - 03 - 2020

أربك العالم بمشارقه ومغاربه، لا يعترف بمفاهيم التقدم أو الرخاء أو الغطرسة، ولا بمفردات الفقر والتواضع والانحطاط، عجزت أمامه كبريات البلدان الفاعلة في المجال العالمي، بكل ما أوتيت من إمكانيات وقدرات اقتصادية ومالية وعسكرية وتكنولوجية هائلة، تواضعت أمامه كبريات المختبرات الطبية العالمية التي باتت تسابق الزمن بحثا عن لقاح، يكبح جماح العدوى وينقذ العالم من حالة الهلع والترقب والانتظار، وانحنت أمامه بشكل قسري، بلدان ذات منظومات صحية واجتماعية غاية في التقدم .. إنه "كورونا المستجد" كوفيد 19، الذي بعثر الأوراق والحسابات، وغير العادات وأنماط العيش، راسما عبر العالم، مشاهد من الهلع والخوف، كاشفا مدى ضعفنا وعجزنا وتواضعنا، ومدى محدودية وقصور خططنا واستراتيجياتنا ومنظوماتنا الصحية والاجتماعية.. فيروس، لم يترك دولة أو حكومة، إلا وأربكها وشل حركاتها وفرض عليها قسرا، أن تسخر كل طاقاتها وإمكانياتها وقدراتها للتصدي له ومحاصرته ...كورونا المستجد، بالقدر ما رسم مشاهد الخوف والهلع والحزن والترقب عبر العالم، بالقدر ما استعجل الدول لاتخاذ ما تراه مناسبا من قرارات وخطوات لاحتوائه والسيطرة عليه، توحدت جميعها حول إغلاق الحدود والرهان على التقيد بضوابط الوقاية والسلامة، وإلغاء الكثير من التظاهرات الرياضية والثقافية وتوقيف الدراسة وتقييد تحركات السكان، وضخ اعتمادات مالية للدعم الاقتصادي والاجتماعي .

المغرب كغيره من بلدان العالم، انخرط مبكرا في الحرب ضد "كورونا"، عبر اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الاستباقية الناجعة، التي جمعت بين الجوانب التوعوية والتواصلية (التوعية والتحسيس) والجوانب الإجرائية (توقيف الدراسة، إلغاء التظاهرات الرياضية والثقافية والدينية، إغلاق الحدود، فرض حالة الطوارئ الصحية، منع السفر والتنقل عبر المدن، إحداث لجنة اليقظة الاقتصادية، إشراك مصالح الصحة العسكرية في حملة مواجهة الجائحة...) والجوانب التضامنية (إحداث الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة جائحة كورونا، فتح حساب لمساهمات المواطنين)، وهي قرارات وإجراءات، روعي فيها التدرج، استحضارا لتطورات الحالة الوبائية للفيروس عبر العالم، وتقديرا لأهمية وفعالية النهج الوقائي والاحترازي، في التصدي للجائحة العالمية، في ظل محدودية قدراتنا المادية ومستوى منظومتنا الصحية، قياسا لدول متقدمة في جوارنا الأوربي، أربكها الفيروس المرعب، رغم قوة ومتانة منظوماتها الصحية والاجتماعية، كما هو الشأن بالنسبة لدول كإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها.

كورونا العنيد، وضع المغرب كغيره من بلدان العالم، أمام امتحان فجائي في قيم المواطنة والمسؤولية والتضامن والتعاضد والتكافل والالتزام والتضحية والصبر وقوة التحمل ونكران الذات، امتحان فجائي عسير للدولة والمجتمع والمواطن على حد سواء، بالنسبة للدولة، لا يمكن إلا تثمين ما أبانت عنه من مسؤولية، بناء على ما تم اتخاذه من قرارات وإجراءات وقائية وإجرائية، بشكل قوى الإحساس، بتواجد دولة قادرة على مواجهة الأزمات والمحن، وقادرة أيضا على حماية الشعب من كل المخاطر المحتملة والحوادث الفجائية، بالنسبة للمجتمع، فقد أبانت مختلف الشرائح الاجتماعية عموما، عن مستوى من النضج والالتزام والتضامن والتكافل والتعبئة الجماعية، سواء على مستوى انخراط العديد من الأشخاص المعنويين والذاتيين في المساهمة في الصندوق المحدث لتدبير ومحاربة جائحة كورونا، أو عبر الحملات الافتراضية التي أطلقت للتوعية بالتزام المكوث بالمنازل وعدم الخروج إلا عند الضرورة القصوى، أو بالتقيد الجماعي بما أصدرته وتصدره السلطات العمومية من قرارات وإجراءات وقائية، أو بانخراط مسؤول لعدد من المؤسسات والهيئات في التعبئة الجماعية لخدمة الوطن في هذا الظرف الاستثنائي، في قطاعات كالصحة والتعليم والقضاء والأمن والإدارة الترابية وغيرها، أو بالالتزام بحالة الطوارئ الصحية، أما المواطن، فقد أبان بشكل عام، عن مستوى من المواطنة والنضج والمسؤولية، في التزامه وتقيده بما يصدر عن السلطات العمومية من قرارات وتدابير وقائية، باستثناء ما تم تسجيله من خرق لحالة الطوارئ الصحية في بعض المدن، التي شهدت مسيرات معزولة غير مفهومة وغير مبررة، عكست بجلاء، ما يعشش في عقول بعضنا، من ممارسات العبث والتهور والجهل وانعدام المسؤولية والمساس الصارخ بسلطة القانون، وهي ممارسات، لابد أن تواجه بما يناسبها من حزم وتطبيق صارم للقانون، لأننا في معركة من أجل الوطن، شأننا في ذلك، شأن كل بلدان العالم، وأي تصرف أو سلوك عبثي، هو عبث بالوطن واستخفاف بما يبذل من مجهودات على قدم وساق، حفاظا على السلامة والصحة العامة.

نحن الآن، في وضعية استثنائية، استعلجت اتخاذ تدابير وقرارات استباقية أحيانا صعبة، ثمنتها ونوهت بها جملة من المنابر الإعلامية الدولية، وفي هذا الصدد، واعتبارا لتطورات الحالة الوبائية على المستوى الدولي، وقياسا لسرعة انتشار العدوى في العالم خاصة في الجوار الأوربي والارتفاع التدريجي للحالات المؤكدة على المستوى الوطني، ليس أمامنا، إلا التحلي بروح المواطنة وقيم الالتزام والمسؤولية والتضحية ونكران الذات، بالتقيد الحرفي بحالة الطوارئ الصحية، وتجنب الخروج إلا للضرورة القصوى (العمل، التسوق، التطبيب ...)، والتعامل الصارم، مع كل مشاهد العبث والجهالة والانحطاط وانعدام روح المسؤولية، حفاظا على الصحة العامة، لأننا ندرك تمام الإدراك، أن قدراتنا الاقتصادية والصحية محدودة، ولا يمكن البتة، لمنظومتنا الصحية، أن تتحمل ما يحدث في بلدان متقدمة كإيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا، التي أحرجها وأرهقها الانتشار المهول للفيروس، رغم إمكانياتها المادية ومستوى منظوماتها الصحية.

وفي ظل هذا الوضع الصحي الحرج، ليس أمامنا كمغاربة، إلا التعبئة الجماعية واستثمار ما تم القيام به من تدابير استباقية، وتوحيد طاقاتنا وما نتقاسم من قيم وطنية مشتركة، من أجل محاصرة الوباء المرعب، حفاظا على صحتنا العامة، وإنقاذا لمنظومتنا الصحية من الانهيار، إذا ما ارتفعت الحالات المؤكدة، بشكل قد يخرج فيه الوضع الصحي عن السيطرة، وهذا ما لا نتمناه لبلدنا، ومن قادته جهالته أو تهوره إلى الخروج وخرق حالة الطوارئ الصحية، فقد اخترق القانون وأخل بالنظام العام وأحدث الفوضى والاضطراب، وساهم في تشكيل بيئة حاضنة تسمح بانتشار العدوى، معرضا حياته وحياة أشخاص آخرين لخطر الإصابة بالفيروس الكاسح، وفي هذا الصدد، واستحضارا لقدراتنا الصحية، وبناء على ما وصلت إليه دولة مثل إيطاليا، من وضعية صحية حرجة جدا، جراء الارتفاع المخيف للإصابات المؤكدة ولحالات الوفيات اليومية، من واجبنا أن نأخذ الدرس والعبرة، و ليس أمامنا من خيار، إلا التحلي بقيم المواطنة والانضباط والالتزام بحالة الطوارئ الصحية بعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، في إطار الإسهام الجماعي في المحافظة على الصحة العامة، والتخفيف من أعباء أناس مواطنين فرضت عليهم مهنتهم أن يكونوا في الجبهات الأمامية في هذه الحرب المجهولة، من أطباء وممرضين ورجال أمن ورجال وأعوان سلطة، وهؤلاء يشتغلون يوميا ولساعات طوال من أجلنا، ومن واجبات المواطنة، أن نخفف عنهم المحن والعناء، بالتقيد بحالة الطوارئ وتجنب الخروج إلى الشوارع ما أمكن، إلا للضرورة القصوى، تاركين للدولة، الفرصة لتدبير ما تقتضيه المرحلة الحرجة، من إجراءات، مواكبة قادرة على حماية الأمن الاقتصادي والاجتماعي والغذائي.


وقبل الختم، نشير إلى بعض ما واكب ويواكب عمليات تسليم تراخيص التنقل، من انزلاقات غير مقبولة في بعض المدن، ومن خرق لحالة الطوارئ، في ظل تنقل بعض المواطنين فرادى وجماعات إلى المقاطعات الحضرية، بحثا عن التراخيص، كما نشير إلى ما اعترى عمليات التسليم من فوضى في بعض الأحياء الشعبية، نتيجة تهافت الجميع على هذه التراخيص بمبرر أو بدونه، وهنا، نهيب بالسلطات المحلية، بإيلاء عمليات تسليم التراخيص أهمية قصوى، لاعتبارين اثنين، أولهما: أن الكثير من المواطنين لم يتمكنوا من تسلم التراخيص، وبعضهم يضطر إلى الخروج لقضاء أغراضه بدون ترخيص، مخترقا بذلك حالة الطوارئ الصحية، وثانيهما: أن تسليم التراخيص لكل من هب ودب، من شأنه التشجيع على الخروج إلى الشوارع بمبرر أو بدونه، وفي هذه الحالة، قد لا تتحقق الغاية من إلزام السكان على المكوث بالمنازل (محاصرة الوباء والحد من انتشار العدوى)، لذلك، لابد لأعوان السلطة، من الانتقال إلى المنازل، وتسليم ترخيص وحيد لرب الأسرة فقط - ماعدا حالات العمل -، للقطع مع حالات التهافت والفوضى، وندعو بالمناسبة وزارة الداخلية، إلى استعجال تنزيل صيغة إلكترونية بديلة من شأنها عقلنة وضبط عمليات تسليم التراخيص، والقطع مع شاب العملية من ممارسات العشوائية والارتباك، ونختم بدعوة المواطنات والمواطنين، إلى التحلي بروح المواطنة والتضحية ونكران الذات، إسهاما في كسب الحرب الشاملة على فيروس مرعب، لا يعترف بالعظمة أو القوة أو البساطة أو الضعف، محاصرته والتغلب عليه، تمر قطعا، عبر احترام ضوابط الوقاية والسلامة، والمكوث بالمنازل، والقطع مع ممارسات التهور والجهالة، في انتظار التوصل إلى لقاح يكبح جماح الوباء ويخلص البشرية من أحاسيس التوتر والرعب والترقب والانتظار، مع التنصيص على أن "لجنة اليقظة الاقتصادية" لابد أن توجه البوصلة نحو بعض الفئات الهشة التي تضررت بشكل مباشر من الأزمة القائمة (مياومون، أنشطة غير مهيكلة (بيع بالتجوال، تجارة الرصيف، حرف ...)، في ظل سريان حالة الطوارئ الصحية، وفي هذا الصدد، بالقدر ما أكدنا على ضرورة المكوث بالمنازل، بالقدر ما نؤكد على ضرورة التفكير في المعيش اليومي لمن حولته "كورونا" إلى عاطل عن العمل، إلى أجل غير مسمى، أما "اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي"، فلابد أن تستثمر ما قدمته وتقدمه هذه الجائحة العالمية، من دروس وعبر...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.