أخنوش يترأس المجموعة الصحية لطنجة    المغرب ينادي ب"صندوق غذائي" بإفريقيا        مكتب الفوسفاط يتجاوز 5 ملايين طن من إنتاج سماد ثلاثي سوبر فوسفاط    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين من القوات الملكية الجوية    إسبانيا تعلن إنزال 12 طنا من المساعدات الغذائية جوا فوق غزة        النيابة العامة بالبيضاء توضح بخصوص فيديوهات وفاة "هشام منداري"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    حادث خطير يهز شاطئ كلابونيطا بالحسيمة: دراجة مائية تصدم سبّاحاً واستنفار أمني لتعقب الجاني    مجلس عبد المالك السعدي يصادق على إحداث ثلاث مؤسسات جامعية جديدة بإقليم الحسيمة    توقيف 6 صيادين مغاربة قبالة سبتة بتهمة تهريب مهاجر سري    العامل علمي ودان يواصل تنزيل مشاريع تنموية بإقليم شفشاون في الذكرى 26 لعيد العرش المجيد    غانا تسجل أول حالة وفاة بفيروس جدري القردة "إمبوكس"    أمرابط ينفي تقريب بوطيب من الوداد    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بانخفاض    برنامج صيفي للتأطير الديني يربط أبناء الجالية المغربية بالوسطية والاعتدال    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    المنتخب المحلي المغربي يحل بنيروبي    تصفيات كأس العالم 2026.. فيفا يحدد تاريخ مباراة الأسود وزامبيا    دراكانوف وقاسمي يختتمان المهرجان المتوسطي بالناظور    تشابي ألونسو يحسم مستقبل إبراهيم دياز مع ريال مدريد    الملك محمد السادس يرحب بتعزيز التعاون مع البيرو    درَكي و4 متهمين أمام ابتدائية إيمنتانوت في ملف تهريب دولي لأزيد من 4 أطنان من "الشيرا    السفير الصيني يختتم مهامه بلقاء وداعي مع رشيد الطالبي العلمي    فيروز تودع ابنها زياد بصمت موجع… ولبنان يشيعه إلى مثواه الأخير وسط دموع الشارع    ترحيل محمد البقالي بعد احتجازه على متن سفينة «حنظلة» والنقابة الوطنية للصحافة تدين وشقيقه يكشف التفاصيل    الرئيس الأمريكي يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي    حركة التوحيد والإصلاح تعلن تضامنها مع نشطاء سفينة "حنظلة"    مسؤول في مجموعة هيونداي روتيم: المغرب يتموقع كقطب مهم لجذب الاستثمارات الصناعية الأجنبية    منظمتان عبريتان: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة وتستنسخها في الضفة    القوات المسلحة الملكية تنعى ضابطين    رياض محرز يمتدح ملاعب المغرب ويؤكد: سنقاتل من أجل اللقب    تايلاند وكمبوديا توقفان إطلاق النار    احتفال بنهاية الموسم الدراسي بنكهة إفريقيا على شاطئ كابونيكر بمدينة المضيق.    "فانتاستك فور" يلقى الإقبال في أمريكا الشمالية    المصباحي يدعو إلى التنوير الرقمي    فرقة "ناس الغيوان" تمتع التونسيين        المنتظم ‬الدولي ‬مطالب ‬بالتدخل ‬الحازم ‬لوقف ‬خطر ‬نظام ‬الجزائر ‬على ‬جواره ‬المباشر‮ ‬:‬    ما علاقة السكري من النوع الثاني بالكبد الدهني؟        انطلاق فعاليات الدورة ال13 لمهرجان "صيف الأوداية" بسهرات جماهيرية وإشادة بتجربة حياة الإدريسي    انخفاض سعر الذهب إلى أدنى مستوى في نحو أسبوعين    حقيقة احتراق غرفة كريستيانو في النمسا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الإبادة مستمرة… إسرائيل تقتل 38 فلسطينيا في أنحاء غزة منذ فجر الاثنين    سليم كرافاطة يكشف عن أغنيته الجديدة"مادار فيا"    هل الكاف تستهدف المغرب؟ زعامة كروية تُقلق صُنّاع القرار في القارة السمراء    أنفوغرافيك | بخصوص تكاليف المعيشة.. ماذا نعرف عن أغلى المدن المغربية؟    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الدكتور سعيد عفيف ل «الاتحاد الاشتراكي»: اليوم العالمي يجب أن يكون مناسبة للتحسيس وتعزيز الوقاية    صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنهم يسخرون من ذكاء المواطن المغربي!
نشر في أخبارنا يوم 11 - 08 - 2011

ما يقدّم عبر الشاشة المغربية من مواد خلال رمضان الحالي، يطرح سؤالا عريضا حول موضوع تسيير المؤسسات الإعلامية الحيوية، كما أنه يعكس نظرة المسؤولين عن هذا القطاع للمواطن المغربي، وهي نظرة تحمل كثيرا من الإساءة والازدراء.
الخلاصة التي نستنتجها من مشاهدة جل الإنتاجات التلفزيونية الرمضانية، هي أن القائمين عليها يستهزئون بالمشاهد، ويعتبرونه قاصرا وساذجا، ومن ثم يقدمون له إنتاجات مغرقة في الضحالة والابتذال. ويمكننا الوقوف عند الحالات التالية:
1 افتعال الإضحاك المبتذل والسخرية الفجة في كثير من الأعمال المقدمة، في حين أن للكوميديا شروطاً ينبغي التزامها، سواء من حيث المضامين والمواقف أو من حيث الشكل وكيفية الأداء. يضاف إلى ذلك، أن مجموعة من تلك الأعمال الهزلية/ الهزيلة تمرّر وتكرّس ظواهر سلبية كالسحر والشعوذة والخيانة الزوجية واحتقار النساء، من خلال اجترار أمثال ومواقف شعبية. وبالتالي، يُطرح سؤال عريض حول ضعف تلك المسلسلات 'الكوميدية'، هل يتعلق الأمر بفقر إبداعي وبعُقم أصاب كُتّاب الدراما المغربية (على ندرتهم)، أم أن المسألة ترجع إلى اختيارات هذه القناة التلفزيونية أو تلك، ولطبيعة العلاقات التي تحكمها مع منتجي الأعمال الدرامية؟
2 استمرار بث مسلسلات مكسيكية وتركية مدبلجة بدارجة مغربية متسمة بالإسفاف، فضلا عن احتوائها على مضامين ومشاهد تتنافى مع هوية الإنسان المغربي من جهة، ومع خصوصيات رمضان المعظم من جهة ثانية. وعوض الاكتفاء باستهلاك إنتاجات من هذه الفصيلة، حَريٌّ بتلفزيوننا أن يبادر إلى إنتاج مسلسلات محلية جيدة، يمكن أن تكون مادتها الخام روايات مغربية رائدة لكتابنا المجيدين، أمثال: عبد الكريم غلاب ومبارك ربيع وإدريس الشرايبي ومحمد زفزاف والطاهر بن جلون ومحمد شكري والميلودي شغموم ومحمد برادة وغيرهم كثير.
3 الإكثار من الأسئلة الموجهة للمشاهدين والتي يحكمها الهاجس التجاري فقط؛ فبعد مشاهدة برنامج أو مسلسل ما، يُطلَب من الجمهور الإجابة عبر رسائل تلفونية قصيرة عن أسئلة 'تستبلد' الناس، فبالإضافة إلى تفاهتها لغةً ومحتوى، فهي تجعل الجواب في متناول الجميع تقريباً، والغاية من ذلك واضحة تمام الوضوح: تشجيع أكبر عدد ممكن من المتفرجين على المشاركة من أجل السقوط في الفخ، أي الطمع في الفوز بالجائزة الموعودة.
4 جعل المواطن المغربي ضحية لما يسمى 'الكاميرا الخفية'، من أجل الضحك عليه، في مواقف تثير الشفقة على الضحية، بالقدر نفسه الذي تثير الاشمئزاز من مصدر ذلك الإنتاج التلفزيوني الهجين. فالضحايا يكونون في الغالب مواطنين عاديين، يستدرجهم 'أبطال' الكاميرا الخفية لمواقف محرجة ومخيفة أحيانا، تجعلهم ينفعلون وتصدر عنهم سلوكات مفاجئة قد تنتج عنها عواقب وخيمة. عندما يقدم التلفزيون كاميرا خفية من هذا النوع، هل يقدّر مثلا ما قد ينتج عن اتهام مواطن بسيط بالسرقة، ودفْعِه إلى الهروب، حيث يقفز فوق سور إحدى الفيلاّت من شدة الخوف والتهمة الباطلة؟ وهل يحسب أصحاب هذا العمل غير النافع الحساب لسائق سيارة أجرة صغيرة وُضِعَ في مقلب حادثة مرور لا علم له بها، نتج عنها ادّعاءً إصابة رَجل بجروح في رأسه ودماء على وجهه؟ وهل يدركون عواقب محاصرة مواطن ما ومحاولة الرمي به في سيارة مخصصة للمجانين، أو الزج بآخر في منزل 'مسكون' بالأشباح؟ تُرى، هل يفهم القائمون على التلفزيون ما يمكن أن ينتج عن تلك الحالات وغيرها من نتائج مباغتة، إما نفسية أو جسدية على المواطن/ الضحية المغلوب على أمره، فضلا عن كونها تمس بكرامة هذا الأخير وإنسانيته وتشوّه صورته أمام الناس؟ يحضرني في هذا المجال 'فيديو' موجود على شبكة 'الإنترنت'، يصوّر فتاة لقيتْ حتفها نتيجة مزحة ثقيلة تسبب فيها بعض أصدقائها وصديقاتها. فقد اختبأ هؤلاء في غرفة صديقتهم من أجل سرقتها على افتراض أنهم لصوص، وما إن دخلت المسكينة الغرفة وهي تتحدث عبر الهاتف المحمول، وحاول اللصوص المزعومون القبض عليها، حتى لاذت بالفرار، فصدمتها سيارة كانت تسير في الشارع بسرعة!
الخلاصة، إذنْ، أن الكاميرا الخفية في صيغتها المغربية بقدر تعكس فقرا في المخيّلة، بقدر ما تعبر عن فقدان روح المسؤولية المواطنِة لدى منتجي تلك التفاهات. فليتحلّوا بشيء من التواضع، وليتعلموا من الآخرين كيفية إنجاز هذا الجنس التلفزيوني بطريقة إبداعية، تحمل الطرافة وتولد الابتسامة، ولكنها لا تسيء إلى الآخرين ولا تسعى لدفع المشاهدين إلى الضحك عليهم.
5 من مساوئ البرمجة الرمضانية أيضا، تخصيص فقرة يومية لتقديم النكات، حيث تقوم شركة إنتاج بتسجيل نكات يقدمها مواطنون من أعمار مختلفة، وتعرضها على أساس أنها إبداع تلفزيوني، يستحق أن تتقاضى عليه أموالا هامة! إن هذه المهزلة تستدعي التساؤل حول صفقات الإنتاج ببعض قنوات القطب العمومي في المغرب، إنْ من حيث مدى استجابتها لشروط الجدة والجودة وللإضافة النوعية (وليس الكمية فقط) المطلوبة في المشاريع المقدمة، أو من حيث مراعاتها لمبدأ تكافؤ الفرص بين مختلف الشركات.
عنوان مشترك يجمع، إذن، بين أغلب ما يقدم على التلفزيون المغربي خلال رمضان الحالي، هو الرداءة؛ رداءة تكرس التفاهة تحت مسمى الترفيه والهزال تحت مسمى الهزل، مما يغيب معه البعد البيداغوجي والتثقيفي والتوجيهي الذي يتطلبه شرط الخدمة العمومية في وسائل الإعلام السمعية البصرية.
ولو سئل وزير الإعلام الحالي في البرلمان أو في مؤتمر صحافي عن هذه الرداءة، لانبرى كعادته مدافعاً عن البرامج التلفزيونية، مستدلاً على ذلك بنسب مشاهدة مزعومة، تحاول الادعاء بأن المغاربة يُقبلون على تلك الإنتاجات التافهة (انسجاماً مع المقولة المصرية 'الجمهور عايز كدة'). والحال أنه إذا أُجريَ استطلاع للرأي، شفاف وموضوعي وشامل، حول الاختيارات البرامجية التي يفرضها المسؤولون عن التلفزيون ويباركها الوزير المعني القادم من اليسار، لعلموا علم اليقين أن المعلنين خاصة والمغاربة عامة أذكى من أن يجعلهم البعض أسرى ذوق منحط ووعي ساذج.
وصفة الفكاهة
قرأت مؤخرا خبرا يتحدث عن الأهمية العلاجية للفكاهة، جاء فيه أن دراسة أمريكية أظهرت ارتباط روح الفكاهة بتحسن نوعية حياة المصابين بمرض الانسداد الرئوي، إذ أن المرضى الذين يتمتعون بروح مرحة تقلّ لديهم إمكانية الإصابة بالاكتئاب والقلق ويتمتعون بنوعية حياة أفضل، وتقلّ عندهم نوبات المرض. لكن مصدر الخبر المذكور نسي أن يحدد لنا نوعية الفكاهة المطلوبة للعلاج؛ ولكنه في جميع الأحوال، لن يُدخل في اعتباره وصفة الفكاهة التي يقدمها التلفزيون المغربي، لأنها قد تحمل تأثيرا عكسيا لا قدّر الله.
الحمد لله، أن المغاربة جميعاً (الأصحاء منهم.. الله يديم عليهم العافية، والمرضى.. الله يشفيهم) محصنون من أية تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة للفكاهات السخيفة التي تملأ فضاءهم السمعي البصري.
رمضان كريم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.