زوما في الرباط .. المغرب يقترب من تفكيك عقيدة الانحياز الجنوب إفريقي    "أكسيوس": أمريكا طلبت من إسرائيل التوقف عن مهاجمة القوات السورية    أخنوش: 340 ألف أرملة بدون أطفال تستفيد لأول مرة من الدعم المباشر    توقيف شاب مشتبه به في قضية اعتداء خطير بحي العرعر بطنجة    عيد العرش: رؤية ملكية رائدة من أجل مغرب متقدم ومزدهر    وزارة: برنامج "GO سياحة" يذلل العقبات أمام المقاولين في القطاع السياحي    ميناء طنجة المتوسط يعلن عن استثمار ضخم بقيمة 5 مليارات درهم لتوسعة محطة الشاحنات    وسط إشادة المؤسسات المالية الدولية.. أخنوش يعبر عن فخره بوضعية الاقتصاد الوطني وتدبير المالية العمومية    الأمم المتحدة…الضفة الغربية تشهد أكبر نزوح منذ 1967    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بإحداث "مؤسسة المغرب 2030"    إطلاق تجربة نموذجية لصيد الأخطبوط بالغراف الطيني دعما للصيد البحري المستدام والمسؤول        وفد من منظمة التحرير الفلسطينية يزور وكالة بيت مال القدس الشريف بالرباط    الاتحاد صوت الدولة الاجتماعية    صحيفة كندية: الداخلة، «ملتقى طرق» يربط بين فضاء البحر المتوسط ومنطقة جنوب الصحراء    فقدان السيطرة على حافلة يتسبب في مصرع سيدة وجرح آخرين قرب محطة باب دكالة بمراكش    أخنوش يكشف بمجلس المستشارين خطة الحكومة لإنعاش الاقتصاد الوطني وتنزيل الإصلاحات رغم الإرث الصعب    الوزيرة السغروشني: الحكامة الرقمية رافعة لإدارة عمومية شفافة وفعالة في إفريقيا    "طقوس الحظ" إصدار جديد للكاتب رشيد الصويلحي"    "الشرفة الأطلسية: ذاكرة مدينة تُباد باسم التنمية": فقدان شبه تام لهوية المكان وروحه الجمالية    مورسيا تحقق في "جرائم الكراهية"    أخنوش يستعرض بالبرلمان خطة الإنعاش الاقتصادي والإصلاح في ظل "الإرث الصعب"    "دراسة": الإفراط في النظر لشاشة الهاتف المحمول يؤثر على مهارات التعلم لدى الأطفال    وفاة معتصم "شاطو" أولاد يوسف بعد قفزه من خزان مياه واحتجازه عنصرًا من الوقاية المدنية    تنظيم حفل بمناسبة انتهاء مدة الخدمة العسكرية للفوج ال39 من المجندات والمجندين بالقاعدة الأولى للبحرية الملكية بالدار البيضاء    إحداث "مؤسسة المغرب 2030" يوحد الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وبهبات رياح من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    وزارة الفلاحة تدافع عن جمعية مربي الأغنام والماعز وتؤكد أن حساباتها تُدقَّق سنويا    تضامن واسع مع الإخوة الشبلي بعد حبسهما بسبب مطالبتهما بكشف ملابسات وفاة أخيهما    لامين جمال يثير تفاعلاً واسعاً بسبب استعانته ب"فنانين قصار القامة" في حفل عيد ميلاده    حكيمي يختتم الموسم بتدوينة مؤثرة    وفاة أكبر عداء ماراثون في العالم عن عمر يناهز 114 عاما    موجة حرّ شديدة وأجواء غير مستقرة بعدد من مناطق المملكة    تقارير أرجنتينية.. المغرب وقطر والبرازيل في سباق محتدم لتنظيم كأس العالم للأندية 2029    بورصة البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    المنتخب المغربي يواجه مالي في ربع نهائي "كان" السيدات    قارئ شفاه يكشف ما قاله لاعب تشيلسي عن ترامب أثناء التتويج    "فيفا": الخسارة في نهائي مونديال الأندية لن يحول دون زيادة شعبية سان جيرمان    العيطة المرساوية تعود إلى الواجهة في مهرجان يحتفي بالذاكرة وينفتح على المستقبل    فرانكو ماستانتونو: مكالمة ألونسو حفزتني.. ولا أهتم بالكرة الذهبية    إسبانيا: توقيف عشرة أشخاص إثر اشتباكات بين متطرفين يمينيين ومهاجرين من شمال أفريقيا    كيوسك الثلاثاء | توجه جديد لتقنين استعمال الهواتف داخل المؤسسات التعليمية    الإفراط في النظر لشاشات الهواتف يضعف مهارات التعلم لدى الأطفال    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحتضن دورة تكوينية لفائدة وفد فلسطيني رفيع لتعزيز الترافع الحقوقي والدولي    اليونسكو تُدرج "مقابر شيشيا" الإمبراطورية ضمن قائمة التراث العالمي... الصين تواصل ترسيخ إرثها الحضاري    "مهرجان الشواطئ" لاتصالات المغرب يحتفي ب21 سنة من الموسيقى والتقارب الاجتماعي        الذّكرى 39 لرحيل خورخي لويس بورخيس    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    لأول مرة.. دراسة تكشف تسلل البلاستيك إلى مبايض النساء    وفاة مؤثرة مغربية بعد مضاعفات جراحة في تركيا تشعل جدلا حول سلامة عمليات التخسيس    مهرجان ربيع أكدال الرياض يعود في دورته الثامنة عشرة    تواصل ‬موجات ‬الحر ‬الشديدة ‬يساهم ‬في ‬تضاعف ‬الأخطار ‬الصحية    وفاة الإعلامي الفرنسي تييري أرديسون عن عمر ناهز 76 عاما    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين لَوْثَة "داعش" و الهلال الخصيب
نشر في أخبارنا يوم 01 - 07 - 2014

إن جدلية التاريخ مُحَدِّدَة في استيعاب التطورات المتسارعة في منطقة الهلال الخصيب، وهي تسمية قديمة تضم المناطق من حوض نهري دجلة و الفرات إلى بلاد الشام، نظرا لِغِناها حضارةً و شعوباً، وَ أُورِدُ هذه التسمية لضرورة استحضار الخَيط الناظم للوقائع السابقة في تفسير الجيوستراتيجة الآنية، لهذا لا بد من التركيز على إشارتين أساسيتين :
الأولى تتعلق بالرجوع إلى أُصول معاهدة سايكس-بيكو 1916 التي قسمت المنطقة و أبقت على امتدادات التدخل الخارجي الاستعماري.
الثانية مرتبطة بدراسة النموذج اللبناني في فهم دواليب الطائفية التي تأطر الاصطفافات و العصبيات المتحكمة في الوضع الإقليمي.
هذه المعادلة الثُّنائية تُفضي إلى َسِتِّ خلاصات تحليلية للوضع :

1) كل المُعطيات و الدلائل، حتى من داخل المطبخ الاستخباراتي الأمريكي، تُأشر على أن شبكة الإرهاب العالمي للقاعدة، و منذ نشأته، تنتهي خيوطها عند اللوبي العالمي للتصنيع التسليحي و النفطي، و هي مقولة تجد سندها عبر التسريبات الأولى لاحتضان الاستخبارات الباكستانية (الأمريكية) لخلاياها الأولى، التمويل السعودي لمدارسها الخيرية و تأطير أيديولوجيتها الدينية، و كذا وضع خط أحمر كشرط للموساد لتغطيتها بالامتناع عن تنفيذ أي عملية إرهابية داخل الكيان الصهيوني، وهو ما يتأكد للحظة، و لابد من وضع الأصبُع حول هذا الاتفاق الأساسي الذي وفر البيئة الحاضنة ل"داعش" و أخواتا الآن.
2) إن تَنَبُّه تحالف الناتو إلى خطورة تراكم قوة جبهة الحِلف الإيراني و الهلال الخصيب (العراق، سوريا، 8 آذار لبنان، الفصائل الفلسطينية)، و بمظلة روسية و زحف هادئ للصين، فرض على الحلف الأمريكي تغيير أولوياته خصوصا مع إنهاك الجبهة السورية، بإعادة خلق بؤرة جديدة بالعراق تحت تسمية "داعش"، و التسميات لا يُصبح لها معنا إذا حُسِمت الخيارات الاستراتيجية الكُبرى، و المَطلوب تجييش كل الغاضبين على الأخطاء الفادحة للتسوية السياسية (المالكي) تحت الاحتلال اتجاه بقية الطيف العراقي، و الهجوم السريع لخلق كيان سُني في وسط العراق مع الاحتفاظ بخطوط الربط الشمالية لحماية قواعدها بسوريا، و هو ما يُحيل على مؤامرة سايكس-بيكو ثانية لمحاولة تقسيم العراق لشمال كردي، وسط سني و جنوب شيعي، و مخطط البقية يُحاكُ في الخفاء، آخرها الانسداد الطائفي المُوَجَّه في لبنان و الذي عطل لحدود اللحظة الفرز الرئاسي بين 8 و 14 آذار.

3) إن خلاصات الدرس السوري تأشر على نجاح النظام في استمالة كل الطوائف إلى صفه في مُقابل نُفورِ هذه الأخيرة من همجية المُقاتلين الأجانب ل"داعش" و أخواتها، فقَدَّم البَعث نفسه كضامن و حام للتنوُّع الطائفي و الديني في مقابل العصبية "السنية" الإرهابية، إلى درجة نجاح النظام في جَذْب أصوات السنة المعتدلة و رموزها في الانتخابات الأخيرة، بغض النظر عن سياقها، كما أن العداء كان متأصلا بين الأكراد و التيارات "الجهادية" التي أبادت أُسرا كردية بكاملها و قصفت كنائس تاريخية لمسيحيي الشرق. معطيات فرضت على حلف الناتو استجداء التعاون الأمني للنظام السوري، و البحث عن جسور مشرفة لقادة الجيش "الحر"، المُندحر، لإيجاد مخرج للتحكم في تهديدات مقاتلي التيارات "الجهادية" بعد العودة لأوربا، تخوفا من أي ضربات ارتدادية تعيد للأذهان "غزوة" البُرجين و تفجيرات لندن و مدريد و ما أحاط بها من تكتم، و محاولة فرض تسوية بعيدة المنال مع تغير معطيات الأرض.
4) أكيد أن الوجه الجديد ل"داعش" بنسختها العراقية، سيبحث على التأصل القبلي لضمان أريحية أفضل للانسياب في النسيج العراقي، و هو ما حدى بها لفتح الجسور مع العشائر السنية الغاضبة، الطوائف و الجماعات الطُرُقية (النقشبندية، كتائب العشرين، الراشدين...) المُهمشة من الغالبية الشيعية المستأثرة بالسلطة، و حتى مع بقايا القوة المٌنَظمة من البعثيين، إلا أن هذا المشهد اللحظي غير ثابت بل سيكون مُتغيرا وفق تقدم العمليات اتجاه بغداد، خصوصا و أن التعاقد مع تنظيمات دولية إرهابية، تتعدد رؤوس إمارتها، ضرب من العبث، و لا يدخل إلا في باب البراكماتية الآنية. و لا بد من تسجيل الحياد السلبي وتَدَبْدُبِ جيش البشمركة الكُردي أثناء مرور فيالق "داعش" شمالا، مما يزكي التحليل بوجود توافقات كبرى، بتغطية من الناتو و اللوبي الامريكي لتحييد آبار نفط الشمال من الصراع.

5) إن حجم هذا الارتباط التواطُئي الدولي تمويلا و تسليحا، بنسق مؤسس على قاعدة المصالح الجيوستراتيجية للكولونيالية الجديدة، يفرض طرح قراءة مضادة لهذا المخطط التقسيمي للمنطقة، إن المقاومة المبدئية تقتضي : - أولا : الدفاع عن الدولة الوطنية الديمقراطية الضامنة لحقوق كل الطوائف، بما يضمن انخراطها كأفراد و ليس تكتلات في بناء مشروع الدولة / المؤسسة القوية و العادلة. - ثانيا : ضرورة التسريع بالتقارب السوري - العراقي و ما يمكن حشده إقليميا لمواجهة خيارات التجزيء الذي طُبِلَ له كثيرا تحت يافطة "الشرق الأوسط الجديد"، و تقليعة "داعش" إحدى تمظهراتها.
6) إن الفوضى المُنَظَّمَةَ لمتغيرات الشرق الأوسط لا بد أن ترخي بظلالها على المنطقة المغاربية، التي يطبعها الاستبداد و الفساد، باعتبار فوضى السلاح بليبيا و قوة امتدادات القاعدة بهذا البلد في ظل غياب شبه كلي للدولة، كذلك قوة فعل الخلايا "الجهادية" بتونس، دون إغفال هيكلة خلايا تنظيم القاعدة بالساحل و الصحراء، و ما تشكله من تهديد للمنطقة، مخاطر تفرض نفس خيارات التكتل، ببناء وحدة مغاربية قوية، على أساس سيادة الشعوب، الديمقراطية الشاملة و العدالة في توزيع مقدرات الثروة، ما سيؤدي بالضرورة إلى مواجهة شعبية لبؤر الإرهاب و تجفيف منابع توظيف القاعدة و روافدها لشبابنا المُحْبَطِ، فكما ينتعش الإرهاب في تربة التهريب و الانغلاق المَرَضِي.

فلنفتح حدودنا على مُوَاطَنَةٍ مغاربية مؤسسة على الديمقراطية الحقيقية، وأكيد أن هذا المدخل سيؤدي إلى
عزل جماهيري لبُذور الإرهاب الدولي وضَحْدِ أُطْروحات غُلاةِ الطائفية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.