مباحثات تجمع بوريطة ودي ميستورا    باراغواي تعتزم فتح قنصلية بالصحراء        بوريطة يجري عدة لقاءات بنيويورك        بنك المغرب يتوقع استقرار التضخم عند 1% خلال 2025 قبل ارتفاعه إلى 1.9% سنة 2026    اعتراف رمزي بدولة فلسطين لتعزيز الضغط على إسرائيل في حرب غزة                            ضرب الكرة بالرأس في كرة القدم قد يغيّر بنية المخ ويؤثر على الذاكرة    محكمة الاستئناف بالحسيمة تُعدل أحكام قضية هتك عرض قاصر    منتدى أصيلة الثقافي يتوج الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي        الجمعية العامة للأمم المتحدة.. انطلاق المناقشة العامة رفيعة المستوى بمشاركة المغرب    الخنوس في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة من البوندسليغا    حموشي يمنح ترقية استثنائية للشرطي الذي توفي متأثرا بجروح أصيب بها إثر حادث سير بالقنيطرة        وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    ماكرون يُجبَر على السير نصف ساعة بعد منعه من المرور بسبب موكب ترامب    المغرب يتفوق على إسبانيا ويصبح ثاني أكبر مورد للطماطم إلى الاتحاد الأوروبي    حتى "الجن"، حاول الهرب من الجزائر    هل ظُلم أشرف حكيمي في سباق الكرة الذهبية؟    دعم مغربي رفيع المستوى يعزز مكانة مهرجان "مينا" السينمائي بهولندا    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    صيادلة المغرب يعودون من جديد إلى التصعيد ضد وزارة الصحة..    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    أيت منا يرد على احتجاج الرجاء بخصوص مشاركة الوردي في ديربي الأمل    حقوقيون يستنكرون التضييق المتزايد على الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي بالمغرب    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    رئيس مجلس جهة الشرق ورئيس جامعة محمد الأول يتفقدان أشغال إنجاز دار إفريقيا وتوسيع المركب الرياضي بجامعة محمد الأول بوجدة    بوريطة يبرز من نيويورك مكانة المغرب ودور إمارة المؤمنين في صون الإرث النبوي.. في الذكرى ال1500 لميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى            هدف حاسم لنايف أكرد ضد باريس سان جيرمان يلحق أول هزيمة للباريسيين هذا الموسم    عثمان ديمبلي بعد الفوز بالكرة الذهبية.. يشكر 4 أندية ويدخل في نوبة بكاء            الدكتور أومالك المهدي مديرًا جديدًا للمستشفى المحلي بأزمور... كفاءة طبية وإدارية لتعزيز العرض الصحي    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وعي الشعب التركي يفشل انقلاب الجيش في ليلة الكرامة
نشر في العمق المغربي يوم 24 - 07 - 2016

عاش الشعب التركي ليلة استثنائية يوم الجمعة 15 يوليوز2016 ، حيث نجح الشعب التركي في صور ملحمية بطولية ، افشال انقلاب عسكري استهدف تقويض النظام الديموقراطي التركي الذي ضحى من اجل الوصول اليه الشعب التركي عقودا من الزمن المضني والشاق . شعوب العالم الحر في رد فعل تلقائي على الانقلاب اعلنت عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن رفضها الانقلاب على السلطة الديموقراطية وتمسكها بالشرعية الشعبية ، لاحظنا باعتزاز شديد كيف عبر الشعب المغربي عن رفضه القاطع للانقلاب بعفوية وتلقائية ، هذا يبين ان الشعوب بدأت تتشبع بالقيم الديموقراطية التي تسمح بالتداول السلمي للسلطة وباتت شعوبا العالم تتلقح تدريجيا ضد فيروس الانقلابات العسكرية المدمرة للاوطان، المفتتة للبلدان . الشعب التركي استطاع ان يحمي الديموقراطية الوليدة لديه وان يستفيد من اخطاء ونكسات الاستبداد الشرقي حيث الدمار والدماء هي سيدة الموقف في الانقلابات العسكرية الانقلابات البعثية في سوريا والعراق شاهدة على الانحطاط الحضاري الذي وصل اليه العراق والشام .
المثال المصري شاهد على ان الانقلاب على الديموقراطية الشعبية لا يزيد البلاد الا تقسيما وارتباكا و يرفع منسوب الفتن والضغائن بين مكونات الشعب الواحد ، نظام السيسي بمصر صادر الارادة الشعبية ورهن المصير المصري لعقود اخرى وسيفشل حتما في اكتساب شرعية ولو استقوى بالسلاح داخليا وبالدعم الخارجي ، نفس الشئ يقال عن نظام الطاغية بشار الاسد الذي هجر وقتل الشعب السوري وعاث في الارض فسادا وبات بدون شرعية لا شعبية داخليا ولا دولية . الشعب التركي الذي اعطى العالم صورة الشعب الواعي المؤمن بالقيم الديموقراطية ووقف امام زحف الدبابات والاليات الثقيلة ، يعلم علم اليقين ان اي انقلاب على الديموقراطية في تركيا سيعني بكل تاكيد الرجوع الى دائرة الاستبداد الشرقي وتراجع تركيا عن موقعها الاقتصادي والسياسي الهامين بالعالم، حيث ان تركيا من بين اقوى 20 اقتصادا في العالم اليوم ، وتسجل اعلى مستويات النمو الاقتصادي عالميا ولها موقع سياسي كبير خصوصا تأثيرها المتزايد في العلاقات الدولية وعلاقاتها المتشعبة والممتدة يمينا ويسارا ، فتركيا رممت علاقتها بروسيا واسرائيل مؤخرا وتقيم علاقات استراتيجية مع امريكا وحلفائها الخليجيين في نفس الوقت، لها علاقات مستقرة ومتوازنة مع ايران ، فقليل هي دول العالم التي تجمع العلاقات الدولية المتناقضة كما استطاع اردوغان ذلك ، تركيا اصبحت لاعبا رئيسيا في القضية السورية ودعمت بقوة المعارضة السورية واحتضنت معارضة اسطنبول ، وادت الثمن غاليا في استهدافها بعمليات ارهابية، بتخطيط مباشر من الجماعات الارهابية التابعة لبشار الاسد ، واستقبلت تركيا ملايين المهجرين قسرا من اراضيهم في سوريا وجنست العديد منهم ، تركيا كذلك كانت ولا تزال ضد الانقلاب العسكري السيساوي بمصر واعتبرت ان الانقلاب على الرئيس المنتخب ديموقراطيا محمد مرسي لايخدم الديموقراطية الشرق اوسطية ويهدد السلم الاقليمي ، هذه المواقف الرصينة للنظام التركي جعلت منه النموذج السياسي المحتذى به في المنطقة الاسلامية التي تعج بالاستبداد والارهاب وخلط الدين بالسياسة وتبرير القتل باسم الطائفة او العرق او الدين وهذا لا يعني ان النظام التركي الحالي نجح في كل شئ ، بل هناك قضايا ماتزال عالقة وتنظر حلا ديموقراطيا مثل القضية الكردية وقضية الاعتراف بالمجازر التركية ضد الارمن .
استطاع النظام الاقتصادي التركي ان يحارب الفقر المدقع ولم يعد الشعب التركي يتسول رغيف الخبز كما الماضي ، واستطاعت تركيا تجاوز الاوضاع الصعبة التي تعيشه شعوبنا بسبب السياسات والخطط الاقتصادية التي طبقت على مدار عقود من الزمن ، وجسدتها سياسات اللبرلة المتوحشة التي تقدس اقتصاد السوق الحر المنفلت من اي ضوابط اخلاقية او اجتماعية وتجعل ربح الاقلية مكسبا على حساب الالام الجماهير الواسعة الكادحة ، وعمل النظام الاقتصادي التركي على معالجة الاسباب المتكررة للغضب الشعبي من فقر وبطالة وقمع وكبت وظلم وجعل النظام السياسي الديموقراطي التعددي متنفسا كبيرا ، وهذا مايبرر استجابة الشعب التركي لنداء اردوغان للنزول للساحات وطرد الانقلابيين منها ، هذا هو الدرس التركي التي استفدناه من هذا الانقلاب الفاشل، كلما تقوت الديموقراطية الداخلية ، كلما تمسك الشعب بنظامه السياسي . الاختلاف مع سياسات الاخوان المسلمين في مصر وسياسات حزب العدالة والتنمية في تركيا وغير تركيا لا يبرر بتاتا الانقلاب على التجارب الديموقراطية المنتخبة ،انتخابا ديموقراطيا ، فالايمان بالديموقراطية يجب ان يكون مبدأ يحترم ويرسخ في الادبيات وفي الممارسات ، فلا ينبغي التضحية بالديموقراطية والتداول السلمي على السلطة بمبرر فشل الممارسة الديموقراطية ،بل الصحيح هو المزيد من الممارسة والتمرين الديموقراطي الى حين ان تصبح الممارسة الديموقراطية قناعة راسخة في العلاقات السياسية بين الفرقاء السياسيين . واظن بان النظام الديموقراطي التركي استطاع ان يصبح قناعة شعبية راسخة تلهم جميع الشعوب الاخرى التي ماتزال تمني النفس باللحاق بالنموذج التركي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا .
ان شعوبنا المقهورة والمهضومة الحقوق ماتزال في مواجهة مستمرة مع تركة ثقيلة من الاستحواذ على السلطة والثروة من خلال مندرجات القمع والاذلال والفساد ، وتشير اليها معدلات الفقر والامية المرتفعة ، وتدني المستوى المعيشي للغالبية ، وترهل وضع الطبقة المتوسطة والفساد الاقتصادي والاداري المستشري في مختلف مفاصل الدولة ، وتزوير الارادة الشعبية باساليب مختلفة وسطوة الاجهزة الاستخباراتية الامنية على الحياة العامة والخاصة وتهميش اصحاب الكفاءات والخبرات لصالح اسر الحكام والمقربين من ابناء الانظمة وحوارييهم. لذلك فهذه الشعوب المقهورة تعتبر النموذج التركي نموذجها القريب والممكن التحقق ، اذا ما استطاعت شعوبنا ان تستفيق من غفوتها المديدة. وهذا ما يفسر رفضها القاطع لاي مساس بالنموذج الديموقراطي العلماني التركي عبر الانقلاب العسكري
باحث في العلاقات الدولية
المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.