وزير الخارجية البرتغالي: البرتغال والمغرب عازمان على تعزيز شراكتهما الاستراتيجية في مختلف المجالات    ترامب يعلن عن اتفاق تجاري مع اليابان يتضمن خفض الرسوم الجمركية إلى 15%    أكثر من 100 منظمة تحذر من "مجاعة جماعية" في قطاع غزة    خورخي فيلدا: الانضباط التكتيكي ساهم في التأهل إلى نهائي كأس إفريقيا    قيوح يشرف على إطلاق أشغال تهيئة المنطقة اللوجيستيكية أولاد صالح بإقليم النواصر    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    المغرب والصين على سكة المستقبل: قطارات فائقة السرعة وتعاون استراتيجي غير مسبوق    نقابة تحذر من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب وتشكك في معدل النمو    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بتنظيم المجلس الوطني للصحافة    حين تتحدث الجغرافيا بلغة التاريخ… البرتغال تصطف إلى جانب المغرب وتعترف بسيادته على صحرائه.    غزة تموت جوعا… التجويع الإسرائيلي يقتل 10 فلسطينيين خلال 24 ساعة    250 عامًا من الصداقة المغربية البرتغالية: تحالف راسخ يتجدد بدعم واضح لمبادرة الحكم الذاتي    أمن أكادير يحقق في دخول سيارة أجنبية إلى رمال الشاطئ    مهرجان "إيكودار" يعود في دورته السابعة بإداوكنظيف: الثقافة الحية عنوان للاحتفاء بالتراث والتنمية    معرض الصناعة التقليدية والفن التشكيلي يضيء فعاليات ربيع أكدال الرياض في دورته الثامنة عشرة        مديرية الأمن تكشف حصيلة حوادث السير خلا الأسبوع المنصرم    الإيرلندي فيرغوسون من برايتون الى روما على سبيل الإعارة    جامعة لقجع تحدد موعد افتتاح أول مكتب إقليمي للفيفا بشمال إفريقيا من الرباط    المغرب يتجه نحو إصلاح جذري في السياسة الدوائية    دراسة: متلازمة القولون العصبي لا ترتبط بحساسية الغلوتين    بعد 60 عاما.. أمريكا تفرج عن وثائق سرية حول اغتيال مارتن لوثر كينج    إسرائيل تتسبب في تصدّع داخل اليونسكو بعد إعلان انسحاب الولايات المتحدة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب        أنفوغرافيك | ماذا نعرف عن موقع المغرب في مؤشر المواطنة العالمي لسنة 2025؟    ارتفاع الأسهم الأوروبية بعد اتفاق تجاري بين واشنطن وطوكيو    المنتخب المغربي يتأهل لنهائي كأس أمم إفريقيا للسيدات    وفاة شاب في بئر فحم بجرادة تفتح من جديد ملف "الساندريات" و"الإهمال التنموي"    كيوسك الأربعاء | البنك الإفريقي يُدعم الفلاحة التضامنية ب100 مليون أورو    جديد في قضية اعتقال مستشارة جماعية بالحسيمة بتهمة حيازة وترويج الكوكايين    الجديدة: موسم التين للتبوريدة في نسخته الثانية    باكستان: 221 شخصا لقوا مصرعهم في الأمطار الموسمية    المغرب ثاني أكثر دولة في العالم استهدافا بالهجمات السيبرانية خلال أسبوع    الصين تفتح سوقها أمام المغرب: إعفاء جمركي شامل يدعم المبادلات التجارية ويعزز الشراكة الاستراتيجية    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    النهضة البركانية تحتفي بدرع البطولة    السر في ملعب الحسن الثاني … لماذا يؤجل الفيفا الإعلان عن ملعب نهائي كأس العالم 2030 …؟    طنجة.. مداهمة شقة بحي العرفان تُسفر عن توقيف 4 شبان وفتاة (صور)    بنك المغرب يختبر العملة الرقمية    لاعب اتحاد طنجة عبد العالي معاطي يستعد لمغادرة الفريق نحو الزمالك    أصيلة.. توقيف مبحوث عنه وطنياً وحجز 646 قرصاً مهلوساً    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    لفتيت: مكاتب حفظ الصحة ستغطي جميع الجماعات بحلول 2026 بدعم يفوق مليار درهم    الكلاب الضالة تسببت في 100 ألف حالة عض سنة 2024... ووزارة الداخلية تبرمج مراكز للإيواء    بمشاركة دراكانوف ولازارو ومصطفى ترقاع.. الناظور تحتضن النسخة 11 من المهرجان المتوسطي    ارتفاع جديد يسجل في أسعار المواد الغذائية واللحوم في الصدارة    على غرار ما يفعل الشاعر    أمسية مطرون تحتفي بالتنوع الثقافي    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    ليالي صيف الاوداية تلتهب على منصة كورنيش ابي رقراق    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع        زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعليمنا لا يصلح لأداء سنتيم عنه
نشر في العمق المغربي يوم 30 - 11 - 2016

أطل علينا مجلس السيد عزيمان "المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي" خلال دورته العاشرة للجمعية العمومية المنعقدة الاثنين الماضي بالرباط، خلص خلالها إلى المصادقة على مشروع الرأي الذي يقضي بإلغاء مجانية التعليم في المدرسة العمومية، وبذلك فرض رسوم على العائلات المغربية لتعليم أبنائهم في المدارس العمومية، وهذا مؤشر خطير على أن المدرسة العمومية تباع في المزاد العلني بل هو تجاه مباشر وصريح لخصخصتها.
يا سيد عزيمان اين أنتم من إصلاحكم الذي تتبجحون به دون فرضه واقعا على التعليم العمومي، وإن كنتم تجهلون واقع هذا التعليم سنذكركم لعل الذكرى تنفعكم.
فالمدرسة العمومية المغربية تعاني نوعا من الارتجالية والتخبط، ويظهر ذلك في غياب معالم واضحة ونوايا حسنة لإصلاح التعليم لدى الحكومة المغربية. فعوض الارتقاء بالمدرسة العمومية وتجويد أدائها، نلاحظ أنها تتعرض لهجمة شرسة من طرف الحكومة المغربية بإيعازمن أجهزة صندوق النقد والبنك الدوليين للقضاء عليها وخصخصتها.
فمثلا خلال بداية الموسم الدراسي الحالي صرح تلميذ يدرس بإحدى مدارس "تامسنا" بأنهم يجلسون بأعداد وصلت إلىثلاثة تلاميذ وأربعة في طاولة واحدة وأنهم يحسون بالألم جراء التزاحم وتأثير الجزء الحديدي للطاولة عليهم، حيث أقسامهمتضم 60 و70 تلميذا في القسم الواحد. فهل نطالب تلميذا كهذا بأداء مقابل عن جلوسه على تلك الطاولة؟
لقد أصبح الاكتظاظ في الفصول الدراسية والخصاص المهول في الموارد البشرية المخصصة لقطاع التربية الوطنية مشيرين خطيرين دالين على ما آلت إليه أوضاع القطاع. خاصة بعد استغناء أو تسريح"إن صح التعبير" الوزارة لعدد كبير ممن تقدموا بطلبات التقاعد النسبي، حيث تم إفراغ المدرسة العمومية منهموتسريحهم للعمل في القطاع الخاص، علاوة على المستفيدين أيضا من التقاعد العادي،ليبلغ العدد الإجمالي للمغادرين حسب تصريح الوزارة إلى 16.172 موظفا(ة) فضلا عن الخصاص التراكمي الذي يعرفه القطاع لمواسم دراسية متوالية فاق 20000 مدرسا بتصريح من وزير التربية نفسه، من جهة أخرى، فالخصاص أيضا قد مس الأطر الإدارية للمؤسسات، حيث تعيش مجموعة من المؤسسات على واقع غياب المديرين والحراس العامين، وخير دليل على ذلك أن مجموعة من الثانوياتوالإعداديات يسهر على تسييرها مدير واحد دون حراس عامين، علما أن مجموع تلامذتها يصل أحيانا إلى 1500 تلميذ(ة).
اليوم في ظل هذه الظروف نجد أنفسنا أمام واقع مر يصعب إزاءه التدريس ببيداغوجيا الكفايات التي تبناها المغرب مطلع الألفية الثالثة، فكيف يمكن الاشتغال بالمجموعات في ظل 60 و70 تلميذا في القسم؟ وكيف للمدرس أن يشرح الدروس بشكل يتفاعل معه فيه التلاميذفي ظل هذه الوضعية الكارثية؟ إذا علمنا أن معظم الوقت يضيع في تدبير فضاء التعلم.وكيف للمدرس أن يدرس في أقسام مشتركة من المستوى الأول الابتدائي الى المستوى السادس؟ أهذه الجودة؟ فماذا وفرت الحكومة للنهوض بهذا القطاع في إطار تطبيلها للجودة؟ وماذا وفرت لأبناء المغاربة كي تطالبهم بالمقابل المادي للتعلم؟
ناهيك عن ذلك، فالبنيات التحتية لمجموعة من المؤسسات مهترئة ومهددة بالسقوط في أي وقت على رؤوس الأساتذة والتلاميذ، كما تعاني مجموعة من المدن المغربية من انعدام المؤسسات التعليمية ما يتطلب من التلاميذ قطع مسافات طويلة لوصولهم إلى مؤسساتهم في ظروف صعبة يستحيل خلالها عليهم متابعة دراستهم في جو يسمح لهم بالتحصيل الجيد، فضلا عن إغلاق العديد من المؤسسات العمومية في الآونة الأخيرة وتفويتها للقطاع الخاص.
وعليه فعندما نتحدث عن المنظومة التعليمية في المغرب مع وجود نقاش عام يقر بأزمة التعليم، فإننا نؤكد أن هذه الأزمة هي أزمة مفتعلة، فالمدرسة العمومية تتعرض للتدمير عن سابق إصرار من الحكومة، ولنا في وضعية الأساتذة المتدربين، والوضعية الحالية لمجموعة من الأطر التربوية والإدارية المكونة التي ترابط بمعتصم الموت في مراكشحيث تأبى الدولة المغربية توظيفهمرغم الخصاص المهول خير دليل على افتعال أزمة التعليم. خاصة أنه في الوقت الذي كان فيه جميع المغاربة ينتظرون وصفة جدية من الحكومة للنهوض بقطاع التعليم ببلادنا، وإنقاذه من الوضع المتأزم الذي يتخبط فيه، ها هي حكومة المملكة المغربيةتسعى لتوظيف مجموعة من الطلبة دون تكوين عبر قانون التعاقد مع الأكاديميات، فكيف يعقل لطالب لا يفقه شيئا في أسس التدريس أن يدرس أجيال المستقبل؟
وقد أشار الكاتب سعيد يقطين في مقال سابق له سنة 2012 إلى أن المنظومة تعرف نوعا من الارتجالية بقرارات عاجلة غير مبنية على تشخيص واضح حيث أوضح ذلك بقوله: "ورغم مرور أكثر من نصف قرن على الاستقلال ما تزال الأمية الأبجدية ضاربة أطنابها، ولا حديث عن الأميات الأخرى. قد تعلق هذه النتائج أحيانا على التعريب، أو تتوجه باللائمة على الأطر التربوية، أو على البرامج، وكلها ذرائع لا أساس لها. فالمشكل الحقيقي يكمن في الاختيارات التي لم تكن مبنية على أسس سليمة. وحين يكون التغيير مبنيا على "قرارات" عاجلة، يسود الارتجال ويهيمن التجريب".
من خلال المشيرات السابقة فالمدرسة العمومية المغربية تتعرض لهجمة شرسة عن سبق إصرار وترصد لتدميرها وتفويتها للقطاع الخصوصي.
هنا نتساءل: ماالحل؟ الحل هو أن التعليم العمومي المغربي يحتاج إلى مجهودات كبيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إن أرادوا حقا إنقاذه، وقبل ذلك يحتاج لأصحاب النوايا الحسنة وصدق الإصلاح، وهذا لن يتأتى إلا بتوظيف عدد كبير من الموارد البشرية المكونة تكوينا رصينا لسد الخصاص، وإحداث مجموعة من المؤسسات التعليمية لتخفيف البنية عن باقي المؤسسات، علاوة على ضرورة التكوين المستمر للأساتذة الممارسين لمواكبة المستجدات في الحقل التربوي، كما يجب إعادة النظر في المناهج الدراسية وفي المقاربات البيداغوجية الحالية بالتركيز على الكيف بدل الكم، تلك إذن مجموعة من التوصيات التي رفعها المهتمون والمتخصصون إلىالحكومة المغربية، لكن غياب إرادة جادة للإصلاح تجعل من تلك التوصيات حبرا على ورق.
وهنا أقف حائرا وأستوقفكم لأتساءل: هل هذا تعليم يصلح لأداء سنتيمواحد عنه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.