اللجنة الوطنية لتحرير سبتة ومليلية تحتفي بذكرى استرجاع وادي الذهب وتدعو للاصطياف تحت الراية المغربية    بتعاون مغربي.. اسبانيا تحبط تهريب 3 طن من الكوكايين    المنتخب المغربي يعزز حظوظه في التأهل بالفوز على زامبيا    إصابة شاب بطلق ناري خلال عرض التبوريدة    وادي الذهب بين الأمس واليوم...    السكتيوي يكشف عن تشكيلة المنتخب الوطني المحلي أمام زامبيا    تسجيل 3 وفيات جراء الحرائق في إسبانيا    بائع قهوة يسبب حريقًا هائلًا في جبال شفشاون    أمن أكادير يوضح حقيقة فيديو التراشق بالحجارة في تارودانت    ذكرى وادي الذهب والإنسان المحِبُّ    الجديدة .. التبوريدة النسوية تلهب الأنظار بموسم مولاي عبدالله أمغار    اعتراض سفينة محملة بثلاثة أطنان من الكوكايين غرب جزر الكناري بتعاون مع المغرب    عروض التبوريدة النسوية تجذب أنظار عشاق الفروسية بموسم مولاي عبد الله                ظاهرة السخرية من الأديان، الأسباب والأبعاد        العطلة الصيفية…هكذا غيّر تراجع القدرة الشرائية عادات المغاربة في السفر وقضاء العطل        بعد تتويجه بالسوبر الأوروبي.. حكيمي ضمن أكثر ثلاثة لاعبين أفارقة تتويجًا بالألقاب    مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.. الوفد المغربي: "وفقا للرؤية الملكية المتبصرة.. المغرب يجعل من التعليم ركيزة استراتيجية للتعاون جنوب-جنوب"    تحقيق أممي يعلن انتهاكات ترقى إلى "جرائم حرب" في الساحل السوري    سعر عملة بيتكوين يبلغ مستوى قياسيا جديدا يتجاوز 124 ألف دولار    حقوقيون ينبهون إلى تزايد انفضاح قضايا الفساد ويطالبون بعرض كل القوانين على القضاء الدستوري    النقيب الجامعي يتهم الرميد بارتداء عمامة المتطرف ضد ابتسام لشكر ويدعوه لعدم التأثير على القضاء    المغرب يعزز موقعه في صناعة السيارات بمشروع توسعة ضخم لمصنع ستيلانتيس    سعر "بيتكوين" يبلغ 124 ألف دولار        فنتانيل ملوث يخلف عشرات القتلى بالأرجنتين    ألفيس بيريز: البطل الذي فتح... صخرة    عادل شهير يطرح كليب أغنيته الجديدة سيري باي باي -فيديو-    القضاء الكوري يرفض تعويض ملحن أمريكي    دراسة: ألم "فصال الركبة" يخف بتدريب المشي    نصائح ذهبية لتجنب حوادث الآلات الكهربائية    أسعار النفط ترتفع    ارتفاع أسعار الذهب مدعومة بتراجع الدولار    متى تخرج مصر من المنطقة الرمادية؟    ديرها غا زوينة.. مفكر كبير كيكشف مصايبنا/ لائحة بأسماء اللي على باب الحبس/ ابتسام لشكر والعدل والإحسان (فيديو)    بورنموث يضم دياكيتي لاعب تولوز    الدورة الثانية لمهرجان "سيني بلاج" من 15 إلى 30 غشت الجاري بعدد من مدن المملكة    الاتحاد الألماني يرفع قيمة جوائز كأس ألمانيا    درجات الحرارة الدنيا والعليا المرتقبة غدا الجمعة    أهم منصات الصين الإعلامية الرسمية ترد التاريخ للمغرب بنشر خريطة المغرب بصحرائه موحدة    حين تتحطم الأكاذيب على جدار الاستخبارات المغربية الصلب    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للانترنت    فريد الصمدي مدير مهرجان السلام والتعايش ببروكسيل يكرم في العاصمة الرباط    "قطبية" دوغين و"مدينة" أفلاطون    سلطان يلهب الجمهور ب"الركادة"    وفاة مبدع «نجمة أغسطس» و«اللجنة».. صنع االله إبراهيم        الدكتور بوحاجب: غياب مراقبة الجودة أحيانا يفتح المجال أمام التلاعب بصحة الناس..!!    تفشي بكتيريا مرتبطة بالجبن في فرنسا يودي بحياة شخصين ويصيب 21 آخرين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدخل حقيقي للإصلاح.. محبة الأستاذ
نشر في العمق المغربي يوم 30 - 05 - 2018

تطور الإنسان وتطورت معه مقاربات التدريس وطرائقه وتنوعت أساليبه، لكنها كلها مجمعة على ضرورة تخريج المواطن الصالح الذي يتشبع بقيم الجماعة ويعيش من أجلها وينافح عنها.
جميل أن نسمع مثل هذه الخطابات من مسؤولين ومؤطرين وخبراء تربويين؛ جميل أن نسمع منهم أن المثلث البيداغوجي قد أعطى الأولوية – في ظل تقلباته التي فرضتها طبيعة المجتمعات وتقدم البحوث البيداغوجية – للمتعلم والمتعلمة؛ فأصبحت كل السياسات تخدمهما وتدعو إلى صون كرامتهما.
سأتحدث لكم يا سادة من فيض تجربتي في القسم مدرسا، ثم من شذرات تجربتي في الميدان مشرفا ومؤطرا تربويا أتعامل بشكل مباشر مع الأساتذة باختلاف أجيالهم وثقافاتهم وتكويناتهم بل وطبائعهم أحيانا.
في القسم؛ لا يمكنك أن تعطي ما عندك وأن تحرك في المتعلم نوازع الشغف بالعلم ومحبته لذاته إلا إذا كنت تحب مهنتك أولا، وتحب هذا المتعلم الجالس أمامك كل يوم، تحبه مثلما تحب أبناءك تماما، وهذا ما يجعلك تكرس ساعات طوالا للإتيان بكل جديد ينفعه في مساره ويعزز قيمه ومعارفه ومهاراته.
حينما أصبحت مشرفا تربويا كنت أظن أن ذلك الدفق العالي من المحبة سينقص لأنني أتعامل مع أساتذة برابط مهني صرف، لكن صدقوني وبدون أدنى مبالغة: لا يمكن أن ينجح لا الأستاذ ولا المشرف ولا الإدارة إذا كانت جذوة تلك المحبة منطفئة، إذا كان ذلك الدفق من المحبة متدهور الصبيب وفي حاجة إلى علاج عند طبيب.
عندما تحب هذا الأستاذ فإنك تبذل ما تستطيع من جهود لتقرب إليه ما استجد من أفكار ونظريات فتصير عنده قابلة للتحقيق والتفعيل، تستشعر وأنت تقلب مئات الصفحات من الكتب أنك لا تقرأ لذاتك، وإنما تقرأ بعقول العشرات من الأساتذة، لتجيب لكل واحد عن إشكالاته، فتصبح بذلك أمة في القراءة وأمة في المحبة، لأن القراءة محبة للمقروء ومحبة لثمرة المقروء وهي البيان للإنسان من أجل أن يتفاعل الوجدان وينعكس على الأركان.
إن محبة الأستاذ عندي تشبه خمرة العشق عند السادة الصوفية، فهي محبة خالصة لا تقصد ما يفنى وإنما تروم ما يبقى؛ والباقي هو الباقي.
هذه التجربة البسيطة أيها السادة أكدت لي حقيقة كبيرة وملفتة للانتباه؛ وهي أن لا إصلاح بدون محبة الأستاذ، محبة تأتي من فلذات أكبادنا توقيرا واحتراما وتشريفا للأستاذ، وإنما يكون ذلك في أهم صوره من خلال غرس تلك المحبة في الأسرة عوض أي تربية لهم على ما يخالف ذلك، وتأتي من الإدارة توفيرا لأجواء العمل المناسبة، وتأتي من الوزارة بفتح صنابير رد شيء من الحقوق المهضومة للأستاذ، حقوق بشتى أطيافها وألوانها المادية والمعنوية؛ ذلك أن الأستاذ قد لا يكون بحاجة إلى مزيد من الدريهمات لترقية مستواه المعيشي بقدر ما يكون محتاجا إلى الروح المعنوية والهمة العالية والالتفاتات الرمزية.
ولا يكون ذلك إلا بالاشتغال على زوايا متعددة إن شئنا لنشئنا أن يكون في مستوى التطلعات المستقبلية القيمية منها والعلمية؛ ومن تلكم الزوايا:
⦁ العناية الإعلامية بصورة الأستاذ: وذلك بتصحيح الصور المنفرة من أشرف المهن والتي تتخذ من الأستاذ محطة للسخرية وغيرها، هذه الصورة إذا لم تصحح بالبرامج الهادفة والأفلام المتميزة فستسيطر الرداءة على واقعنا أكثر مما هي عليه الآن.
⦁ تخصيص وزارة الأوقاف مساجد المملكة بخطب منبرية رصينة رافعة من قيمة معلم الناس العلم والخير، فمنبر الجمعة بإمكانه أن يحدث تحولات جمة في هذا السياق، خصوصا وأننا في بلد يوجد به أكثر من خمسين ألف مسجد، فما بالك بعدد المصلين في الجمع.
⦁ اشتغال المجتمع المدني على هذه النقطة بشكل يعزز قيمة حب الأستاذ وتقديره؛ وقد بدأت بوادر هذا العمل التطوعي الناضج والراقي تبرز في أنشطة بعض الجمعيات المهنية والعمومية. والمطلوب هو مزيد من تكثيف الجهود في مستقبل الأيام والسنوات حتى تصير محبة الأستاذ وكأنها من المقدسات؛ وأحسب أنها أقرب إلى ذلك.
⦁ اتجاه الوزارة والدولة عموما نحو سياسة التوازن والمقاربات التربوية عوضا عن المقاربات الزجرية في معالجة مشاكل العلاقة بين المتعلم وأستاذه؛ لأن مثل تلك المعالجات الزجرية لا تزيد الطين إلا بلة؛ مما نرجو له جميعا أن ينقص من مجتمعنا كثقافة العنف والهدر المدرسي وأشكال التمييع في المشهد المدرسي والحياة وسط وخارج المؤسسات التربوية.
⦁ نهج وزارة الثقافة لسياسات تخدم هذه النقطة، وهنا يمكنها أن تبدع أفكارا كثيرة؛ كفكرة أفضل كتاب في السنة من إنتاج الأساتذة كل في مادته وتخصصه، وكفكرة جائزة أفضل مؤسسة في السلوك المدني والقيم المدرسية؛ وغير ذلك من الأفكار التي ستعطي لهذه الوزارة أدوارا جديدة وفلسفة تشاركية في بناء قيم وثقافة الأجيال الصاعدة.
هذا غيض من فيض أفكار كثيرة يقع على عاتق الأفراد والجماعات والدولة بكل دواليبها تصحيحها لإرجاع شيئ من بريق المحبة وإكسير الرحمة لمربي الأجيال؛ الأستاذ والأستاذة اللذين اختارا مهنة من أصعب المهن لتربية جيل في ظروف اجتماعية تزداد تعقدا يوما بعد يوم.
فهونوا على آبائنا وأمهاتنا من رجال التعليم لأنهم بوصلة الإصلاح، وعلى أكتافهم مر الجميع، فلنقوِّ تلك الأكتاف وإلا انهار الكيان وتضعضع العمران، وآنئذ لا عمران ولا إنسان.
* مشرف تربوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.