برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية جيبوتي بمناسبة عيد استقلال بلاده    زيدوح يؤكد بمالقا: الحوار بين شعوب الفضاء المتوسطي هو الحل الأمثل لمواجهة التوترات والتحديات    سقوط قذائف البوليساريو قرب السمارة يفضح الوجه الإرهابي للجبهة الانفصالية    ارتفاع مبيعات الإسمنت بنسبة 9,5%    الذهب يتراجع مع صعود الدولار    المغرب يتصدر موردي الحمضيات للاتحاد الأوروبي بصادرات قياسية    بكين تؤكد التوصل إلى اتفاق تجاري مع واشنطن    "لبؤات الأطلس" تستعد لكأس أمم إفريقيا بمواجهة تنزانيا وديا    الوالي التازي يضع حدا للانتهازية والفوضى بملاعب القرب ويطلق برنامج "طنجة، ملاعب الخير"    نشرة إنذارية تحذر من ارتفاع مخاطر اندلاع حرائق الغابات    توقيف مواطن أجنبي بمطار محمد الخامس مبحوث عنه من طرف السلطات القضائية بدولة الإمارات    أمن طنجة يطيح بشبكة إجرامية تنشط في النصب والاحتيال والسرقة تحت التهديد بالسلاح    عاجل.. سماع دوي انفجارات في نواحي السمارة والسلطات تفتح تحقيقًا    شاطئ هوارة بطنجة يلفظ دراجة مائية محملة بالمخدرات    الطالبي العلمي: المغرب يعتمد مقاربة إنسانية في معالجة الهجرة        الجزائر وصناعة الوهم الكبير في "غيتو تندوف" بين حصار الهوية وإستثمار المعاناة    الملياردير هشام أيت منا.. تاريخ من الفشل يلازم رجلا يعشق الأضواء وحب الظهور    مناورات عسكرية جوية مغربية-فرنسية بمدينة كلميم    بحضور الأميرة لمياء الصلح.. فوضى تنظيمية خلال حفل كاظم الساهر ومسرح محمد الخامس يتحول إلى "حمام بلدي"    "أولاد يزة 2" يفوز بالجائزة الثانية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    موجة حر شديدة تجتاح منطقة البلقان مع تسجيل درجات قياسية    كاتس: خامنئي تفادى الاغتيال بالاختباء    قتيلة وجرحى في غارة إسرائيلية بلبنان    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    لماذا يخاف مغاربة المهجر من الاستثمار بالمغرب ويقتنون العقار فقط؟    300 ألف طلب في ساعة على سيارة "شاومي" الكهربائية رباعية الدفع    محمد مدني: دستور 2011 نتاج وضعية سياسية توفيقية متناقضة    سوريا ولبنان تستعدان للتطبيع مع "إسرائيل"    النصر السعودي يجدد عقد النجم البرتغالي رونالدو    مونديال الأندية.. الهلال يتأهل إلى دور ال16 والريال يتصدر بثلاثية نظيفة    توقعات طقس الجمعة بالمغرب    الوداد الرياضي ينهزم أمام العين الاماراتي    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصيّد ضحاياه عبر "تويتر"    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    "سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    ضجة الاستدلال على الاستبدال    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي        طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة وسؤال التنمية اليوم.. الجزء الثالث
نشر في العمق المغربي يوم 20 - 09 - 2019


أدوار الصناعات الثقافية
عملية تحويل الثقافة إلى صناعة يمر عبر مرحلة هامة ألا وهي مرحلة ” نمذجة” المنتج الثقافي الأصل إلى عملية صناعية Procédé Industriel قادر على عملية إنتاج وإعادة إنتاج الشكل الأصلي.
1- تجارب غير مقنعة:
هذا التحويل من الأصل الثقافي المحض إلى الشكل الثقافي-الصناعي ليس جديدا تماما في بلادنا، فقد استفادت الصناعات الغذائية أساسا من هذه العملية حيث قامت بتحويل منتجات الثقافة في مجال فنون الطبخ المغربي إلى منتجات صناعية-ثقافية مثل صناعة أنواع الكسكس والكسكس الجاهز وفي مجال التوابل.
لكن الملاحظ أن تلك التجارب بقيت جد محدودة، وما ندعو إليه في هذه المقالات المتواضعة هو الوعي بالمسألة ثم بعد ذلك نقوم ب” نمذجتها” وبالتالي نقوم بتحويل منتجات ثقافية عديدة إلى منتجات ثقافية–صناعية، سواء في فنون الطبخ ( القديد المغربي منافس للجامبو الإسباني) أو في مجالات أخرى متعددة. هذه المواد بما تحمله من حمولات ثقافية وطنية ومحلية قادرة على ضمان جزء من السوق العالمي خاصة لدى الدياسبورا المغربية بما يعني ذلك من تشغيل وربح العملة الصعبة.
ولربح مثل هذا الرهان، لا بد من إطلاق مبادرات صغيرة محليا، جهويا ووطنيا مع رعاية خاصة للتجارب النوعية من أجل تطويرها.
الصناعات الثقافية المقصودة هنا لها علاقات وطيدة ووشائج مع مجموعة من الصناعات خاصة الصناعة التقليدية والسياحة. إن التجارب الحديثة لمجموعة من الدول الإفريقية خاصة مالي ورواندا ذات دلالة كبيرة في هذا المضمار وقد أشرنا في المقال الأول لتجربة مالي.
2- تأثير غياب البعد الثقافي عن بعض المبادرات :
غياب البعد ” الثقافي” في كثير من المبادرات والبرامج الاقتصادية يكون له وقع سيء على تلك البرامج. ففي بلادنا مثلا تتوفر وزارة الفلاحة على مشروع مهم لتنمية شجرة الأركان من خلال الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان. الوكالة المذكورة تحدد مجال شجرة الأركان انطلاقا من إقليم الصويرة وخاصة ابتداء من منطقة” براكة الراضي” إلى حدود تافراوت. غير أن المهتم بالثقافة البدوية يعرف جيدا أن بداية شجرة الأركان تنطلق من منطقة آسفي وتحديدا من منطقة ” سبت جزولة” على الطريق الوطنية رقم 1 إلى ” براكة الراضي وما فوق. هكذا تضيع على المغرب وعلى السوق الدولية مناطق شاسعة لزراعة الأركان مع ما يحمله ذلك من ضياع لفرص الشغل ولتنمية مناطق تعيش الهشاشة المطلقة.
3- التأثيرات الإيجابية من دمج الثقافة في التنمية :
في تقرير البنك الدولي المعنون ب” المغرب في أفق 2040″ يقول معد التقرير السيد جون بيير شوفور بأن المغرب يلزمه الاستثمار في ” الرأسمال الغير مادي من أجل تسريع وتيرة الإقلاع الاقتصادي”.
ويذكرنا الكاتب في ذات المقدمة بمقولة المؤرخ الفرنسي الكبير فرناند بروديل حيث يقول: “لا يمكننا التكهن بالتاريخ لكننا قادرون على الاستعداد له”.
هكذا فإن الاستثمار في الصناعات الثقافية( اليدوية الفنية أو الثقافية الإبداعية) اليوم بالمغرب بإمكانه أن يساعدنا على مواجهة التحديات الكبرى التي تحيق ببلادنا وأساسا مواجهة:
– الإرهاب وفكر الإرهاب من تطرف وغلو
– ثقافة عدم تحمل المسؤولية لدى الأفراد ولدى مؤسسات الدولة.
وهذان التحديان أعتبرهما أهم التحديات التي تواجه بلادنا، كما أن دمج الثقافة في التنمية يكون له الكثير من التأثيرات المباشرة نجملها كالتالي:
الثقافة باعتبارها رابطا هوياتيا
إن مشاركة الأفراد في الدينامية الثقافية (الإبداعية والفنية اليدوية) تساهم في تطوير الحس بالانتماء المشترك لشعب واحد وبالتالي تكون عاملا حاسما في دمج، وحدة والترابط الوطني.
الثقافة باعتبارها عاملا مهما في عملية التلاحم الاجتماعي
التشديد على أهمية المثل الثقافية، والعمل على ترسيخ القيم الثقافية لدى الشباب ثم التأثير المباشر للثقافة في تقوية الإحساس بالهوية الوطنية، يسمح بضمان التلاحم الاجتماعي وبالتالي إعداد المجتمع لمواجهة التأثيرات السلبية للعولمة. وللتذكير فإن الدول السائرة في طريق النمو مثل بلدنا تتلقى التأثيرات السلبية للعولمة دون القدرة على مواجهتها.
الثقافة كعامل للاستقرار الاجتماعي
تطوير بعض الأنشطة المرتبطة بالثقافة في المجال القروي (سياحة ثقافية، تراث، فنون حرفية…) تساهم بخلق أنشطة مدرة للدخل وتحسين مستوى عيش السكان مما ينعكس إيجابيا على الحد من وتيرة الهجرة القروية (إيجابيا على البوادي والمدن). وفي هذا المجال نورد شهادة رئيس جماعة إحدى البوادي في دولة مالي، عمدة دوجو يقول أنه وبسبب توافد السياح وإمكانية العمل على المستوى المحلي، ساكنة القرية التي عرفت تناقصا حادا وصل للنصف في الفترة بين 1990 وسنة 2000، عرفت نوعا من الاستقرار بل ازديادا طفيفا.
ماذا يمكننا أن نقول نحن عن قرى سوس مثلا؟
تقوية الحس بالمواطنة
الثقافة وقد صارت مصدرا للرزق قادرة على المساهمة بدفع المواطنين على إنشاء وتطوير نموذج مجتمعي خاص، وبصيغة متفردة للعيش المشترك وبنموذج مبتكر لمفهوم الرفاه وبالتالي للمواطنة الكاملة.
تنمية وتطوير مفهوم المسؤولية
وذلك من خلال التركيز على نماذج ثقافية إنسانية مغربية ونحن لا نعدمها بكل تأكيد تمجد المسؤولية.
محاربة فكر التطرف
من خلال البحث المتواصل والحثيث عن نموذج مجتمعي خاص بنا يمجد للوحدة ويعلي من الاختلاف.
هذه مجموعة من النتائج المرجوة والمأمولة من دمج الثقافة في التنمية وجعل الثقافة أحد الركائز الأساسية في عملية تطوير المجتمع المغربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.