المغرب يقرر إعادة فتح سفارته في دمشق    الجديدة.. الأبواب المفتوحة للأمن الوطني تنطلق بتوشيح حموشي بوسام الأمير نايف للأمن العربي    إسبانيا.. توقيف عنصر موالي ل "داعش" بالتعاون مع المخابرات المغربية    لشكر: لا نشارك في تزكية العبث .. ونرفض اختلاس "ملتمس الرقابة"    الهاكا تضرب بيد القانون.. القناة الأولى تتلقى إنذارا بسبب ترويج تجاري مقنع    طنجة تحتضن أول ملتقى وطني للهيئات المهنية لدعم المقاولات الصغرى بالمغرب    شركة "نيسان" تعتزم غلق مصانع بالمكسيك واليابان    جلالة الملك يدعو إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالضفة الغربية وقطاع غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات    الأمن الوطني يطور سيارة ذكية بكاميرات متطورة تنافس النماذج العالمية    إشبيلية الإسباني يعلن مواجهة فريق مغربي في مباراة ودية    الدورية الذكية "أمان".. منظومة ذكاء اصطناعي في خدمة أمن الوطن والمواطنين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    توقيف ثلاثة أشخاص متورطين في ترويج الكوكايين والسرقات بإمزورن    شاب يضع حدًا لحياته شنقًا ب "طنجة البالية"    "استئنافية طنجة" تؤيد إدانة رئيس جماعة تازروت في قضية اقتحام وتوقيف شعيرة دينية    مزبار: المثقف الحقيقي هو من يُعلم الفكر النقدي ويتحمل مخاطرة المواجهة الفكرية    وزارة الصحة تنبه لتزايد نسبة انتشار ارتفاع ضغط الدم وسط المغاربة    تدنيس مسجد في فرنسا يثير غضب الجالية    فيلم بين الجرأة والاعتبارات الأخلاقية يعرض بمشرع بلقصيري    مجموعة مدارس إحسان بالجديدة تنظم مهرجانا ثقافيا تحت شعار: ''تراث الأجداد بيد الأحفاد'    الانتربول: المغرب أثبت قدرته على مواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار    بوحمرون يربك إسبانيا.. والمغرب في دائرة الاتهام    الناخبون البرتغاليون يدلون بأصواتهم غدا لانتخاب ممثليهم بالجمعية الوطنية    "الكاف" يُحدد تاريخ للاتحادات لتقديم أسماء النوادي المشاركة قاريا    عباس في قمة بغداد: ندعو إلى إلزام حماس بتسليم السلاح للسلطة    الملك محمد السادس يعلن إعادة فتح سفارة المغرب بدمشق    الوزير كريم زيدان في لقاء مفتوح مع مؤسسة الفقيه التطواني    نهضة بركان أمام فرصة ذهبية للاقتراب من المجد القاري ضد سيمبا التنزاني    الوداد يواجه بورتو البرتغالي وديا في ثاني مبارياته التحضيرية لمونديال الأندية    الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    وكالات روسية: بوتين يستضيف أول قمة روسية عربية في أكتوبر المقبل    إفران تعتمد على الذكاء الاصطناعي للوقاية من حرائق الغابات ومكافحتها    تحت شعار "فخورون بخدمة أمة عريقة وعرش مجيد".. انطلاق النسخة ال6 لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بمدينة الجديدة (صور)    الفيفا تكشف توقعاتها لمداخيل كأس العالم 2030.. إيرادات غير مسبوقة    مغرب الحضارة: أولائك لعنهم الله لأنهم سرطان خبيث الدولة تبني وهم يخربون.. ويخونون    محمد صلاح مهاجم ليفربول يحدد موعد اعتزاله    "السينتينليون".. قبيلة معزولة تواجه خطر الانقراض بسبب تطفل الغرباء    عملية سرقة بمؤسسة "روض الأزهار" بالعرائش: الجاني انتحل صفة ولي أمر واستغل لحظة غفلة    ورشة تكوينية حول التحول الرقمي والتوقيع الإلكتروني بكلية العرائش    سميرة فرجي تنثر أزهار شعرها في رحاب جامعة محمد الأول بوجدة    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي عند الدخول الجامعي 2025-2026    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تترأس حفل افتتاح الدورة ال28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    معاناة المعشرين الأفارقة في ميناء طنجة المتوسطي من سياسة الجمارك المغربية وتحديات العبور…    الزيارة لكنوز العرب زائرة 2من3    أقصبي: استوردنا أسئلة لا تخصنا وفقدنا السيادة البحثية.. وتقديس الرياضيات في الاقتصاد قادنا إلى نتائج عبثية    الدرهم يرتفع بنسبة 0,4 في الماي ة مقابل اليورو خلال الفترة من 08 إلى 14 ماي(بنك المغرب)    منظمة: حصيلة الحصبة ثقيلة.. وعفيف: المغرب يخرج من الحالة الوبائية    اليماني: تحرير أسعار المحروقات خدم مصالح الشركات.. وأرباحها تتجاوز 80 مليار درهم    أبرز تعديلات النظام الأساسي ل"الباطرونا"    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    تغازوت تحتضن مؤتمر شركات السفر الفرنسية لتعزيز التعاون السياحي المغربي الفرنسي    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في زمن الوباء الأجدى تقريب المحاكم من السجناء
نشر في العمق المغربي يوم 02 - 05 - 2020

بعد صدور قانون الحجر الصحي، الذي يمكن جوازا تسميته بقانون (استثناء)، بسبب تفشي فيروس كوفيد-19، والذي منح الدولة صلاحية اتخاذ كل ما تراه هي مناسبا، بحسب درجة الاستثناء تلك، من الطبيعي أن يتم خرق القوانين، ومن الطبيعي أيضا، حالة التطرف في خرقها، ظهور مقاومة ترنو العدول والملائمة.
فعلى سبيل المثال، اتخذت وزارة العدل، وما يسير في فلكها(…) استثناء يروم التقاضي عن بعد، في القضايا التي لم يطلها الاستثناء، وهي القضايا الجنائية، والقضايا الجنحية، وكذا القضايا الاستعجالية، نظرا لطبيعتها التي لا تقبل الاستثناء في حد ذاتها. إذ مع مرور الوقت، ورغم هذا الإستثناء الذي يعتبر استثناء من الإستثناء، وخوفا من تفشي وباء كوفيد-19 بين السجناء، طال مقص الاستثناء جزء يسيرا مما يمكن تسميته بالمحاكمة العادلة، فصيرها غير عادلة، حسب المفهوم نفسه، بعد أن لجأ إلى ما يسمى بالتقاضي عن بعد.
وقد أفرز هذا الإجراء، المتخذ من طرف واحد، بناء على ما يخوله قانون(الاستثناء)، جدلا بين المهتمين، خاصة في صفوف هيئة الدفاع، التي تتمتع بهامش من الحرية في التعبير عن آراءها. فمنهم من رأى فيه تدبير احترازي مؤقت، يتماشى مع الظرفية التي يمر منها العالم قاطبة، وهناك من رأى أنه تدبير يضرب في الصميم مبادئ المحاكمة العادلة وبالتالي هضم حقوق المتقاضين..
وكلا الآراء، تعتمد على حجج مختلفة. الأول، الذي يحبذ هذا الإجراء، يرى أنه كان قبل فرض حالة الطوارئ، موضوعا على موائد النقاش، في أفق اعتماده بشكل رسمي كوسيلة في التقاضي؛ ومادام الوضع الصحي الوطني والعالمي، اليوم يحتم اللجوء إلى هذه الطريقة في التقاضي، فلا بأس إذن من اعتمادها، ولو كان ذلك على حساب خرق القوانين السائدة. أما الرأي الثاني، الذي عارض هذا الإجراء، يرى فيه مساسا بمبادئ المحاكمة العادلة، وضرب لحقوق المعتقلين، وخرق سافر للقوانين، بما فيها الدستور، الذي يعتبر أسمى القوانين.
وإذا كان الأمر يتعلق بدولة القوانين والمؤسسات، فإنه لا يمكن اللجوء إلى أي مقتضى أو العمل به، إذا كان يتعارض مع القوانين السائدة، خاصة وأن الأمر يتعلق بالحريات. وحرية الأشخاص، سلبها بأي وجه من الأوجه، لا يتم إلا عبر قوانين سارية ومعمول بها. سيما، وأن أي إجراء من الإجراءات القانونية، المنصوص عليها في هذه القوانين، إن لم تتم وفق ما هو منصوص عليه على وجه سليم، تعتبر باطلة، كأن لم تكن، خاصة في القضايا التي تتعلق بسلب الحريات. ثم إن ما بني على باطل يعتبر باطلا. والقول بإيجاز التقاضي عن بعد، ولو أدى ذلك إلى هضم حقوق الناس، فقط لوجود ظرفية مؤقتة، يبقى أمرا غير يستساغ. وبدل هذا، كان الأفضل، ما دام هناك استثناء، تعطيل العمل بجل المحاكم، وتمديد أمد الاعتقال الاحتياطي إلى حين انتهاء الحجر الصحي.
ثم إنه إذا كان ما عيب عن التقاضي عن بعد، وليد حالة الاستثناء هذه، هو عدم إحضار المتهم إلى قاعة المحاكم، وما يستتبعها من إجراءات، لتتحقق بذلك محاكمة عادلة، فإن من بين شروط هذه الأخيرة، هناك أيضا علنية الجلسات، وهو مبدأ يعتبر من بين المبادئ الأساسية للتقاضي.
وحالة الحجر الصحي المفروضة، يمكن الاستنتاج معها، دون صعوبة، عدم تحقق هذا المبدأ في المحاكمات التي تجري أطوارها خلال فترة الحجر الصحي، لسبب بسيط جدا، هو حظر ولوج العموم إلى المحاكم. ثم إن مبدأ علنية المحاكمات، له شروط خاصة، وله أيضا استثناءات. وفي الأول والأخير، تحقق هذا المبدأ لا يستقيم فقط بترك أبواب قاعات المحاكم، التي تجري خلالها أطوار المحاكمات، مشرعة.
إن القول بعدم تحقق محاكمة عادلة، لمجرد أنه لم يتم إحضار المعتقل إلى قاعة المحكمة، وبدل ذلك الاستعاضة بتقنيات التواصل عن بعد، ربما ليس هذا هو مربط الفرس في الأمر كله، وليس القشة التي قصمت ظهر المحاكمة العادلة، لأن هناك أشياء أخرى مغيبة، يتحتم وجودها تحقق محاكمة عادلة، منها علنية الجلسات.. بل إن ما يجعل مآل هذه التجربة، تجربة التقاضي عن بعد، يؤول إلى الفشل، هو الصعوبة في التواصل.
لقد أبانت الأيام القليلة الأخيرة، التي اعتمد فيها هذه التجربة، عن مشاكل عديدة، أغلبها تقنية، تعطلت فيها الجلسات بين الفينة والأخرى، إما بسبب ضعف التغطية، أو بسبب عدم جودة الصوت أو الصورة أو هما معا.. وما قد ينجم عن هذا من ضرر، قد يحيق بالمقررات القضائية إن إيجابا أو سلبا، قد يفوق بكثير حجم ما يترتب في هذا الشأن، حالة عدم تحقق ضمانات المحاكمة العادلة، كما هو متعارف عليه وطنيا وكونيا.
إن الدولة، وأي دولة، ما كان لها أن تكون كذلك، لولا توافر عدة شروط، من بينها شرط الشعب/الأمة. وهنا بالذات، قد يثار تساءل من بين تساؤلات عديدة، هل الدولة، بمفهومها كنظام قائم، هي من أوجدت الشعب أم الشعب هو من أوجد الدولة/ الأنظمة؟ وبالتأصيل الفلسفي لهذه الإشكالية، بوجود عقد، سمي عقدا اجتماعيا بين الأنظمة والجماعات، يظهر أن الجماعة، اختارت من يسهر على نظامها، وأمنها، وسلامتها.. مقابل شروط خاصة. وهو التأصيل الذي لا يدع مجالا للشك، للقول بأن الشعوب والجماعات، هي من أوجدت الأنظمة، وليس العكس.
وعلى غرار هذا المقال، وبالتبعية، لا يمكن تصور وجود وزارة عدل، ووجود محاكم، ووجود قضاة، ووجود محاماة، ووجود جيش عرمرم من موظفي وزارة العدل، دون وجود جرائم ودون وجود معتقلين. فغياب هؤلاء، بالضرورة يعني غياب أولئك. فوجود جل من يشتغل في مجال القضاء، منوط بوجود قضايا خلافية من جرائم وغيرها.. وهناك بعض الدول الأوربية، قبل زمن كورونا طبعا، كانت تتمتع بالرخاء التام، وكانت تعتمد نظام قضاء فعال، أصبح من يشتغل في نظام القضاء عندها عاطلا عن العمل، بعدما انعدمت الجريمة، ولم يعد السجانون يجدون ما يسجنون، وصارت السجون خاوية على عروشها.
إذا، فبناء على هذا، ومادام الأمر يتعلق بحجر صحي، لا يمكن معه تأجيل مثل هذه القضايا، فإنه من الممكن اعتماد ما يمكن تسميته بتقريب المحاكم من المعتقلين، مادامت الأولى موجودة بسبب هؤلاء ورهن إشارتهم. إذ من الممكن إيجاد فضاءات داخل المعتقلات، وداخل السجون تستخدم كقاعات للمحاكمات، بشكل مؤقت؛ ينتقل إليه القضاة والمحامون وكتاب الضبط.. وهناك تعقد الجلسات بالقرب من المعتقلين؛ وبهذه الطريقة، التي تبدو على الأقل مرضية للجميع، سيتم تجنيب وقوع الأسوء ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.