الشرطة الفرنسية توقف رجلين على خلفية سرقة مجوهرات تاريخية من متحف اللوفر    لقجع: تنظيم "الكان" هو حلقة في مسارٍ تنموي شامل يقوده الملك منذ أكثر من عقدين    توقيف فرنسي من أصول جزائرية بمطار محمد الخامس مبحوث عنه دوليًا في قضايا إرهاب    سلا الجديدة.. توقيف سائق طاكسي سري اعتدى على شرطي أثناء مزاولة مهامه    كتامة: وجبة "طون" فاسدة تُرسل خمسة أشخاص إلى مستعجلات مستشفى ترجيست    رياضة الكارتينغ.. المنتخب المغربي يفوز في الدوحة بلقب بطولة كأس الأمم لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    غوتيريش يشيد بتعاون المغرب مع آليات حقوق الإنسان    ترامب يرفع الرسوم الجمركية على السلع الكندية    "مايكروسوفت" تطلق إصدارا جديدا من المتصفح "إيدج" المدعوم بالذكاء الاصطناعي    الليغا.. عز الدين أوناحي يهدف ويقود جيرونا للتعادل أمام أوفييدو    المغرب والجزائر تواصلان سباق التسلّح بميزانيتي دفاع تَبلغان 14.7 و22 مليار يورو على التوالي    مقررة أممية: وقف هجمات إسرائيل لا ينهي معاناة الجوع في غزة    حزب العمال الكردستاني يعلن سحب قواته من تركيا إلى شمال العراق استجابة لدعوة مؤسسه    المغرب يطلق "ثورة" في النقل الحضري: برنامج ضخم ب 11 مليار درهم لتحديث أسطول الحافلات    المهرجان الوطني للفيلم يحسم الجوائز    الجزائر على صفيح ساخن... مؤشرات انهيار داخل النظام العسكري وتزايد الحديث عن انقلاب محتمل    نصف قرن على المسيرة الخضراء... العيون تجدد العهد مع الملك والوطن    طقس الأحد: برودة بالأطلس والريف وحرارة مرتفعة بجنوب المملكة    زلزال بقوة 5,5 درجة يضرب شمال شرق الصين    الولايات المتحدة والصين يعملان على "التفاصيل النهائية" لاتفاق تجاري (مسؤول أمريكي)    ممارسون وباحثون يُبلورون رؤية متجددة للتراث التاريخي للمدينة العتيقة    إصابة تبعد الجمجامي عن الكوكب    إرسموكن :لقاء يحتفي بالذكرى ال50 ل"ملحمة 1975″ و محاكاة رمزية لها بحضور شاحنة "berliet" ( صور + فيديو )    الحزب الاشتراكي الموحد يستنكرإقصاء مدينة العرائش من الشطر الأول للبرنامج الوطني للنقل الحضري العمومي بواسطة الحافلات    طنجة: المغاربة يتصدرون منصة التتويج في النسخة الثالثة من بطولة "كوبا ديل إستريتشو"    الرقمنة أنشودة المستقبل الذكي    المغرب يصطدم بكوريا الشمالية في ثمن نهائي مونديال السيدات لأقل من 17 سنة    دوري أبطال إفريقيا: الجيش الملكي يتأهل إلى دور المجموعات بانتصاره على حوريا كوناكري الغيني    الملك يهنئ رئيس جمهورية كازاخستان    مشجعون من 135 دولة يشترون تذاكر نهائيات كأس إفريقيا في المغرب    الأمين العام للأمم المتحدة يثمن التعاون النموذجي للمغرب مع "المينورسو"    وفاة الملكة الأم في تايلاند عن 93 عاما    فيتنام: المغرب يوقع على المعاهدة الدولية للأمم المتحدة لمكافحة الجرائم السيبرانية    عجز سيولة البنوك يتراجع بنسبة 2.87 في المائة خلال الفترة من 16 إلى 22 أكتوبر    شركة فرنسية تطلق خطا بحريا جديدا يربط طنجة المتوسط بفالنسيا وصفاقس    الأمين العام للأمم المتحدة يبرز التنمية متعددة الأبعاد لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة    السوق الأوربية للفيلم... المركز السينمائي يدعو المهنيين لتقديم مشاريعهم حتى 24 نونبر المقبل    زينة الداودية عن صفقة زياش التاريخية: إنها الوداد يا سادة    نور عيادي تفتتح الدورة ال15 لمسابقة البيانو للأميرة للا مريم بأداء مبهر    افتتاح متميز لمعرض الفنان المنصوري الادريسي برواق باب الرواح    إسبانيا.. العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    قمة صينية أمريكية بماليزيا لخفض التوتر التجاري بين البلدين وضمان لقاء ترامب ونظيره شي    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة يعالج الاغتراب والحب والبحث عن الخلاص    وزارة المالية تخصص مبلغا ضخما لدعم "البوطة" والسكر والدقيق    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    التوقعات المبشرة بهطول الأمطار تطلق دينامية لافتة في القطاع الفلاحي    تقرير يقارن قانوني مالية 2025 و2026 ويبرز مكاسب التحول وتحديات التنفيذ    الأمم المتحدة: ارتفاع الشيخوخة في المغرب يتزامن مع تصاعد الضغوط المناخية    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    عبد الإله بنكيران والولاء العابر للوطن    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطبيع العربي الإسلامي الإسرائيلي

في السنوات الماضية كنا نسمع ونقرأ في الأخبار اليومية والصحف اليومية والأسبوعية إلى غير ذلك من وسائل الإعلام السمعي البصري، في كل مطلع الصراع العربي الإسرائيلي، وبين عشية وضحاها تغيرت المواقف والأهداف، وأصبح يطلع علينا موضوع التطبيع، والحقيقة وجدت شخصيا هذا الموضوع أقرب إلى الواقع من الصراع حيث أن الصراع بدأ منذ نكبة 1948 ولم تجن منه الأمة العربية إلا اليأس وقهر الشعب الفلسطيني المسكين، فالعالم العربي والإسلامي منذ حوالي 70 سنة وهو يهدد بالقضاء على إسرائيل دون أن يفعل شيء يذكر، بينما إسرائيل تبني وتشيد وتصنع وتتقوى يوما بعد يوم في كل المجالات الصناعية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية، والعالم العربي الإسلامي باق في مكانه دون تغيير ولا تبديل ولا تقدم تكنولوجي ولا علمي.
والسؤال المطروح:
ماهي القضية ذات الأولوية القصوى لدى الممانعون للتطبيع؟ وهناك من الأحزاب السياسية من كانت تقدمت بمقترح قانون يجرم التطبيع مع إسرائيل، واليوم هم من وقعوا هذا التطبيع:
هل القضية الوطنية = الصحراء المغربية؟ أم القضية الفلسطينية بالنسبة لهؤلاء الممانعون؟، وبكل إلحاح نود الجواب على هذا السؤال.
إذا لم نطبع مع إسرائيل هل نحصل على ما حصلنا عليه من انجازات دبلوماسية فيما يخص الوحدة الترابية وكيف؟
وهل يعلم العالم العربي والإسلامي انه من أهداف إسرائيل تحقيق هدفها الأسمى الذي هو إسرائيل الكبرى، تكون أو لا تكون؟ والتطبيع تعتبره المسلك الوحيد من أجل الوصول إلى خبايا الأمة العربية والإسلامية.
التطبيع هو سيف ذو حدين، قد يكون لصالح الإسرائيليين وقد يكون لفائدة الأمة العربية والإسلامية لوقف الصراع العسكري، والدخول في مفاوضات سلمية، وتفويت الفرصة على فكرة إسرائيل الكبرى، وفيما يخص هذا المبتغى لقد ناضلت إسرائيل من أجله قرون والأمر الذي سيشار إليه في مفهوم الهجرة اليهودية وتأسيس دولة إسرائيل الكبرى.
ومجمل القول، أردنا أم أبينا، إسرائيل موجودة وهي دولة متقدمة ديمقراطية، وصلت إلى ما وصلت من العلوم، والمعالم الحضارية والصناعية والتكنولوجية ما لم تستطع الأمة العربية والإسلامية التي لها موارد مالية جد هامة ما ليس لإسرائيل، ولكن لا تقاس بالمال ولكن ببناء الإنسان بناءا صحيحا، وإقناعه بقضيته الوطنية. ولابد هنا من البحث في كيفية "الهجرة اليهودية" التي من خلالها تم التخطيط لبناء دولة إسرائيل الكبرى من خلال خارطة الطريق.
إسرائيل من الوفاق الدولي إلى التطبيع:
إسرائيل خطر كبير لا يهدد بابتلاع الأرض الفلسطينية فحسب وإنما يهدد الوجود العربي بأسره إذا ظلت الأمة العربية في صراع مع هذا الكيان ولم تدخل بين جلده وعظمه من خلال التطبيع، فكلما راجع المرء تاريخ منطقة الشرق الأوسط، يجد أن الصراع العربي الإسرائيلي قد ظهرت اعراضه منذ سنة 1880، عندما بدأ أول المهاجرين اليهود من روسيا للاستطان في فلسطين، حيث فكر أنصار الصهيونية إقامة دولة إسرائيل في الشرق الأوسط وجمع شتات اليهود الصهاينة في هذه المنطقة التي كانت تعد جزءا من الامبراطورية العثمانية، ثم ظهر وعد بلفور المشؤوم الذي أوصى بإنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين المغتصبة وبالتالي قررت الدول العظمى آنداك والتي كانت تسعى إلى التخلص من المشاكل الإسرائيلية التي كانت تحدثها لها، واتفقت هذه الدول على ما يسمى بالوفاق الدولي والذي بموجبه شرع للهجرة اليهودية من مختلف الدول الحاضنة لها إلى فلسطين وذلك من أجل تهويد المشرق العربي وتم ذلك تحت المظلة الأمريكية حيث شملت بالعطف الحركة الصهيونية وإسرائيل حيث تنهض إسرائيل الكبرى على الأرض العربية في ظل شرعية الوفاق الدولي، مثلما نشأت إسرائيل الصغرى ونمت في ظل شرعية الحرب الباردة تارة والحرب الساخنة تارة أخرى، وبالمقابل تأييد التجزئة ونهب النفط والموارد العربية، والإمعان في تفسيخ المجتمع العربي، واستقطاع الأراضي العربية وسرقة مياهها، ونشر الفوضى والذعر، وتشجيع الأنظمة المستبدة والحركات الظلامية والدعاوات الانفصالية الطائفية والعرقية والدينية والسياسية، بخلاف أن جوهر الوفاق ومضمونه هو حقوق الانسان كحقه في الهجرة وحقه في الحرية وحقه في المعتقد السياسي والديني وحقه في ضمان أمنه وعمله ومستقبله وحقه في تشكيل مجتمعه وفق الرؤية التي يرغب أن يكون عليها وطنه بكل الوسائل المشروعة.
أقول هذا جميل جدا، وقد شاهدنا مثيلا لهذا الجمال منذ مطلع القرن العشرين في الولايات المتحدة وأساسا في مبادئ الرئيس الأمريكي ولسون، و بيانات عصبة الأمم وشرعه الأمم المتحدة، كلها ترسم للانسان العادي عالماملائكيا، إلا أنه حين يصل الأمر إلى تطبيق هذه المبادئ على العرب ينقلب الشيء إلى ضده، فمبادئ الرئيس ولسون تحولت إلى شركات النفط الأمريكية التي ظلت تنهب النفط العربي بلا تميز إلى أن نشبت حرب أكتوبر 1973، ومبادئ عصبة الأمم تحولت إلى صكوك استعمار وانتداب وتوطين لليهود في فلسطين.
أما شرعة الأمم المتحدة فقد اتسعت لتقسيم فلسطين وإنشاء إسرائيل وعدواناتها في سنوات 1956 و1967 و1982 والتفاصيل معروفة.
والمعروف أيضا وبكل جلاء أن تقتيل الفلسطينيين وتهديم بيوتهم وتشريدهم من أراضيهم خلال سنوات الانتفاضة الثلاث كان يتم بمباركة أمريكية تحت أروقة مجلس الأمن الدولي وشرعة الأمم المتحدة.
وهكذا نجد أن الوفاق الدولي أطل على المنطقة العربية بغرضين "انساني" و"سياسي".
الانساني تهجير مليوني يهودي إلى المشرق العربي وهم يضمنون الشق السياسي من الوفاق، وبالتالي إقامة إسرائيل عظمى تستمر في توسيعها على الأراضي العربية ما دامت تحظى بغطاء سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية ومدها بالأموال، وفي المفاهم الاستراتيجية لا يمكن أن يعد هؤلاء مهاجرين ولا مهجرين، بل هم من تحشدهم أمريكا تحت الراية الصهيونية للقضاء على الوجود العربي في الشرق الأوسط.
ومن خلال هذا التحليل نجد أن الوفاق كلمة مفخخة ظاهرها السلام وحقوق الانسان، وباطنها تلغيم المستقبل العربي، وتسويد العنصرية الصهيونية، وبالتالي القضاء على العرب باستطان أراضيهم ونهب ثرواتهم واستعباد إرادتهم.
ولقد آن الأوان للأمة العربية أن تبرهن للعدو قبل الصديق أن الوفاق أن لم يكن لمصلحة العرب فإن العرب لن يعملوا لمصلحة هذا الوفاق، وأن لهم إرادة حرة مستمدة من الشعوب العربية، وأن الموارد العربية وتجاربها التاريخية يؤهلهم لتصحيح مفهومات زائفة تجعل العالم يبدو وكأنه يمشي على يديه، وقد آن الأوان أيضا لتصحيح أوضاع العالم بأسره عن طريق إجباره على تصحيح موقفه اتجاه الأمة العربية.
ومن هنا فإن الفعل العربي لا ينبغي أن يكون رد فعل لإحدى نتائج المشروع الصهيوني، وإنما لا بد أن يكون الرد العربي آخذا بالاعتبار الخطر الاساسي، أي المشروع الصهيوني وهو وجود دولة عدوانية استطانية في فلسطين في موضع القلب من جسد الوطن العربي، حيث أن اليهود من غير سكان فلسطين فهم غزاة، ومهما طال بقاؤهم في الأرض العربية المحتلة سيأتي يوم لن يجدوا فيه من يحميهم فوق الأرض، ويخرجون حفاة عراة من هول ما يصيبهم جراء أعمالهم الوحشية من قتل الأطفال والأمهات والشيوخ وتدمير البيوت وتشريد الأبرياء من المدنيين، وعلى الأمة العربية أن تعلم أنها تواجه خطر الاضمحلال، إذا لم تواجه الخطر الصهيوني من جذوره بالتوجه نحو الوحدة العربية من أجل التحرير والتقدم والحرية والاستقلال الشامل والتخلص من التبعية والهيمنة الصهيونية العالمية، وحتى يتأتى للأمة العربية هذا، لا بد من الوحدة العربية الشاملة.
وتأسيسا على ما تقدم على الأمة العربية تفعيل المبادرات التالية
خلق القدرة الذاتية بكل السبل وبدون تأخير وعلى مختلف الصعد.
خلق آليات العمل والكفاح القومي لمواجهة الهجمة الامبريالية الصهيونية.
خلق العلاقات المبنية على الفهم وتبادل المصالح مع القوى الديمقراطية والتقدمية في العالم حتى لا تعزل نفسها.
العمل الجاد من أجل المصالحة العربية، وتثبيت آلية لم الشمل من خلال الوحدة العربية.
وضع الخطط الكفيلة بتعبئة الجماهير العربية على طريق التحرير والوحدة وصنع التقدم بكل مكوناته الحداثية والتكنولوجية.
والله سبحانه وتعالى يقول "ولقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر، ورزقناه من الطيبات وفضلناه على كثير من خلقنا تفضيلا" صدق الله العظيم.
وإذا ما دقق المرء في العبر والمعاني المستفادة من هذه الآية الكريمة وأمعن النظر فيما تطرح من قيم أخلاقية وإنسانية وحضارية يتضح له أنها تؤكد على قدسية ما يلي:
كرامة الانسان وأفضليته على غيره من المخلوقات
حريته في الانتقال والترحال والسفر
حقه في الرزق الطيب من غذاء وشراب وكساء
ولكن هل هذه القدسية بلا حدود أو قيود؟ قطعا لا، ولا يمكن أن تترك هذه القضايا المصيرية بلا ظوابط وإلا ساد عندها شريعة الغاب، وهذه ليست من مبادئ الشرائع الإلاهية السمحة، والتي جاءت لإرساء دعائم العدل والمساواة والمحبة والأخوة والتسامح بين بني البشر فوضع لها الضوابط والقيود والمؤيدات الجزائية والمدنية.
ومن التأكيد على رسوخ الحريات وحماية الحقوق والابتعاد عن مجتمع الاستهلاك بالانتقال إلى مجتمع الانتاج فرحم الله من قال "ويل لأمة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما تصنع"
وبالرجوع إلى بداية الصراع العربي الاسرائيلي فإن هذا الصراع تغلبت عليه السمة الحضارية، أي صراع وجود لا صراع حدود، وبما أن الصراع الأساسي للحضارة هو الانسان، لأنه الوسيلة والغاية في آن واحد، وأن الصراع الدائر على أرض فلسطين منذ القرن التاسع عشر هو صراع إنساني ديمغرافي في الدرجة الأولى والمحصلة النهائية، صراع بن حركة صهيونية عنصرية تهدف إلى ما تهدف إليه هو تجميع شتات اليهود كما ذكرنا سالفا والاتيان بهم إلى فلسطين أرض الميعاد، حسب ما يدعيه الأحبار اليهود، وإقامة وطن قومي لهم فيها على حساب شعبها التاريخي، وهذا ما نلمس نجاحه المرحلي في عهدنا هذا وبين حضارة عربية إسلامية ذات حقوق عادلة تهدف أول ما تهدف إليه هو الحفاظ على وجودها وكيانها وذلك بالحفاظ على عروبة فلسطين قلب الجسد العربي.
وقد قامت الحركة الصهيونية قبل قيام الدولة الصهيونية عام 1948 باستقدام المهاجرين اليهود إلى فلسطين تحت مظلة الانتداب البريطاني.
هذا الاستقدام زعزع البنية الديمغرافية في فلسطين لصالح اليهود بعدما كان من يقطن فلسطين منهم في نهاية القرن التاسع عشر لا يتجاوز عشرة آلاف نسمة.
لقد قامت الحركة الصهيونية وبموازاة من القوة المنتدبة قبل عام 1948 باستعمال كافة وسائل الارهاب والرعب لإجبار العرب على النزوح من فلسطين وبالتالي كان هذا الإجراء هو العنصر الآخر للخطة الصهيونية لزعزعة التفوق العرقي العربي في فلسطين لصالحهم.
وللإشارة هنا، فإن فلسطين كانت واحدة من الحضارات القديمة، ويعود تاريخها إلى أكثر من (5000) سنة وقد أثبتت الدراسات الأثرية أن سكان فلسطين القدماء كانوا عربا كنعانيين هاجروا إلى فلسطين من شبه الجزيرة العربية منذ أكثر من (5000) سنة، في مقال قادم سأتطرق فيه إلى تفصيل شامل عن تاريخ تعرض فلسطين إلى الاختلال من قبل عدة أجناس الشيء الذي يؤكد تاريخها العريق في الوجود منذ أكثر من (5000) سنة.
ومن الغريب أن الولايات المتحدة الأمريكية تناصر إسرائيل في تجاوزاتها وحروبها على الفلسطينيين العزل، والابداع في المجازر وانتهاك حقوق الانسان كما هو متعارف عليه دوليا، والتعنت في الانصياع إلى قرارات مجلس الأمن الدولي، وخرق الأعراف والمواثق الدولية وهي تعرف أن الخطر القادم إلى الولايات المتحدة هو إسرائيل حيث كتب سنة 1779 السياسي الشهير واحد واضعي إعلان استقلال أمريكا بنيامين فرانكلين "أن الخطر العظيم يتهدد أمريكا من اليهود، إنهم قوم أنانيون عنصريون إذا دخلوا بلدا عملوا على اسعباده، وهم لم يعتادوا العمل في المصانع ولا الحقول بل عملهم التجارة والمال فإذا اخترقوا أمتنا سيسيطرون على البنوك ووسائل الإعلام وسيتولون المناصب الهامة سواء في الحكومة، أو إدارة الاقتصاد وسيجلسون وراء المكاتب بينما أبناءنا سيجحدون في الحقول والمصانع لزيادة ثروات هذا الشعب الجشع، يجب أن نعمل بواسطة التشريع على منع قدومهم وهجرتهم إلى أمريكا وإلا سيلعننا أحفادنا حين تغدوا أمريكا التي ناضلنا من أجل استقلالها ملكا لهم".
ونجد أنه تحت ضغط اللوبي الصهيوني دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية التي تدل الدراسات على دور الصهيونية في أشغالها وكذلك الحرب العالمية الثانية التي مولتها الصهيونية العالمية وخرجت منها أمريكا قوية عالمية تتدخل في شؤون الدول الأخرى وباسم حقوق الانسان استطاعت أن تعرض على العديد الجنسية المزدوجة لليهود بعد قيام دولة إسرائيل كي يتسنى لليهودي أن يحارب في جيش إسرائيلي ثم يعود إلى أي بلد يشاء ليساهم في فرض السياسة الصهيونية على الحكومات المختلفة.
ويستنتج من ما سلف التطرق إليه في هذا المقال المتواضع أن إسرائيل تستهدف الأمة العربية والاسلامية في مخططها الجهنمي كافة وليس فلسطين وحدها وما هذه الأخيرة إلا وسيلة تبرر بها الغاية للوصول إلى نواياها الخبيثة من أجل القضاء على الوجود العربي في المنطقة وبالتالي السطو على الثروات الطبيعية العربية "النفط والماء" من خلال إنشاء إسرائيل الكبرى، ولكن أعتقد أن السماء أقرب لها من الوصول إلى أهدافها على حساب الأمة العربية، ان هذه الأخيرة سعت إلى الوحدة ونبذ الخلافات الثنائية والقومية، ووحدت جهودها وكلمتها وإمكانياتها المادية لتحدي مخطط الصهيونية الامبريالية العالمية التي من السهل انهزامها كما وقع لها أمام حزب الله في جنوب لبنان 2006، وها هي تنهزم مرة تلوى الاخرى أمام حركة حماس الفلسطينية في غزة الصامدة من خلال المقاومة الباسلة، وصمود هذه المقاومة وتصديها للعدو الغاشم بكل ما تملك من إرادة وإيمان بالحرية والاستقلال واسترجاع الأرض المغتصبة، فإنها ستنتصر، ستنتصر على العدو الصهيوني الغاشم ومن يدور في فلكها من الداعمين له.
وبناء على هذه الأسس راجعت إسرائيل نفسها، إذ وجدت أنها لا تستطيع القضاء على العرب بالسلاح وعادت لتجرب السبل الدبلوماسية من خلال التطبيع، وإنها لفرصة للعرب لا تعوض إن هم اغتنموها مجتمعين، ووقعوا معهم التطبيع فهو الذي سيكتفون به الأيادي الإسرائيلية والصهيونية العالمية، وبالتالي قد ينتصر العرب وما النصر إلا من عند الله.
أما الذين حاولوا إصدار قانون يجرم التطبيع أقول لهم آتونا بالحل غير التطبيع، ودونه ستبقى فلسطين حبيسة لا حرب ولا سلم وهم يتصارعون مع بعضهم البعض.
وللإشارة هنا، أن لقاء وقع بين جلالة المغفور له الحسن الثاني و أبو يوسف بالقصر الملكي في الدار البيضاء، ودار بينهما الحديث في موضوع القضية الفلسطينية، إذ قال جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله إلى أبي يوسف "إذا كنتم تعتقدون أن استرجاع فلسطين يكون بإلقاء إسرائيل في البحر فإن هذا لايزعجني أبدا ولكنني لا أومن بصحة هذا الأسلوب وجدواه".
فقال أبو يوسف "نحن أيضا لا نرى هذا الأسلوب يعيدنا إلى فلسطين ويعيد فلسطين إلينا، إننا واقعيون وكل ما نريده هو دولة فلسطين يتعايش فيها اليهودي والمسلم والمسيحي بصورة ديمقراطية"
وسأله الملك وماذا عن اليهود الأجانب؟ كان يقصد جلالته يهود الشتات الموزعين على بلدان العالم.
فرد أبو يوسف "إننا نقبل حتى أولئك الذين وصلوا بالأمس إلى فلسطين"
فقال جلالة الملك إذا كانت هذه هي أفكاركم فإني أضع يدي بيدكم، فتوكلوا على الله واعتمدوا علي.
وكانت أكبر هدية للفلسطينيين هي دخول الثورة الفلسطينية البوابة الملكية إلى الحل السياسي وأصبح الفلسطينيون في العالم يتمتعون بالاحترام، وكان اول لقاء الملك مع القيادة الفلسطينية الجديدة في عام 1967-1968.
وفي لقاء بأكادير قال جلالة الملك الحسن الثاني "الآن أشعر أنني أتخاطب مع مسؤولين يدركوا تمام الادراك أنهم لم يستطيعوا أبدا هزم اسرائيل وأنه سيفرض عليهم التفاوض معها يوما ما".
لهذه الأسباب في رأيي الشخصي التطبيع آن أوانه بحيث من خلاله قد يتوصل الجميع إلى حل شامل ودائم في المنطقة.
في المقال المقبل، ترقبوا أهمية القضية الفلسطينية لدى المغاربة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.