اختتام القمة الإفريقية حول الأسمدة وصحة التربة بمشاركة المغرب    هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينتج برامج تلفزيونية ناجحة في المستقبل؟    بيليغريني يفاجئ الزلزولي بتصريح مثير    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    في 5 دقائق.. 3 زلازل تضرب دولة جديدة    إحداث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"    أصالة نصري تنفي الشائعات    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    الصين تطلق قمرا اصطناعيا جديدا    حكم قاس على يوسف الحيرش بسنة ونصف حبسا نافذا بسبب تدوينات    شركات عالمية تتوجه نحو منع "النقاشات السياسية" في العمل    بعد محاولة اغتياله.. زيلينسكي يقيل المسؤول عن أمنه الشخصي    ما الذي قاله مدرب المنتخب المغربي النسوي عن مواجهة الجزائر؟    حراس خواص يشتكون غياب الأجور    "كونفرنس ليغ".. أيوب الكعبي يقود أولمبياكوس إلى اللحاق بفيورنتينا في النهائي    بركان تؤمن بالحظوظ في "كأس الكاف" .. ورئيس الزمالك يؤكد صعوبة المقابلة    تخصيص غلاف مالي بقيمة 98 مليون درهم لتأهيل المباني الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة لطنجة    منتخب فتيات الجزائر يتجنب الإعلام    حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    صدمة أوناحي وحارث القوية في الدوري الأوروبي    سعار عضال.. خيال مخابرات الجزائر في مقال    مديرية الأرصاد: طقس حار وقطرات مطرية مرفوقة بالرعد بهذه المناطق    العثماني يلتقي هنية في الدوحة والأخير يطلعه على مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة    هل جامعات المغرب مستعدة لتعليق تعاونها مع إسرائيل كما أعربت جامعات إسبانيا؟    موسيقى نساء تطوان بين الماضي والحاضر (1)    المحكمة الإدارية تقضي بأداء وزارة الصحة تعويضا لمتضررة من لقاح كورونا    الكعبي هداف دوري المؤتمر الأوروبي    عبد اللطيف حموشي يجري مباحثات ثنائية مع عدد من نظرائه الإسبان    حيار: إصدار بطاقة "إعاقة" لحظة تاريخية فارقة انتظرتها هذه الفئة منذ 40 سنة    الإيسيسكو تنظم أكثر من 60 نشاطا بجناحها في الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    نصف ولاية حكومة أخنوش.. التوازن الإصلاحي كلمة السرّ في النجاحات المحقّقة    وزارة الحج والعمرة السعودية تشدد في إجراءات دخول أداء المشاعر المقدسة    تداولات بورصة البيضاء تتشح بالأخضر    زعيم المعارضة في إسرائيل يدعو "نتنياهو" إلى إقالة "بن غفير"    بوريطة: الأمن الغذائي، أولوية استراتيجية ضمن السياسة الإفريقية لجلالة الملك    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    بايتاس… عدد الطلبات المتعلقة بالدعم المباشر للسكن تناهز 64 ألف طلب    الحكومة ترد على جدل أسترازينيكا.. اللقاحات في المغرب لا يتم العمل بها إلا بعد الترخيص    245 ألف ليلة مبيت سياحية بوجهة طنجة    الأمن يمنع ترويج آلاف "الإكستازي" بطنجة    الدورة 22 للمهرجان الدولي لسينما التحريك بمكناس        مرضى السكتة الدماغية .. الأسباب والأعراض    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية    تراجع أسعار السيارات الكهربائية لهذا السبب    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    ارتفاع أسعار النفط مدعومة بتقلص مخزونات الخام الأمريكية    المغرب يدخل القطيع المستورد من الخارج الحجر الصحي قبيل عيد الأضحى    بعد اعترافها بآثاره الجانبية المميتة.. هيئة أوروبية تسحب ترخيص لقاح كورونا من أسترازينيكا    ترقب استئناف المفاوضات بمصر وحماس تؤكد تمسكها بالموافقة على مقترح الهدنة    جوائز الدورة 13 لمهرجان مكناس للدراما التلفزية    متحف "تيم لاب بلا حدود" يحدد هذا الصيف موعداً لافتتاحه في جدة التاريخية للمرة الأولى في الشرق الأوسط    ريال مدريد يضرب بايرن ميونخ 2-1 ويتأهل رسميا لنهائى أبطال أوروبا    ملتقى طلبة المعهد العالي للفن المسرحي يراهن على تنشيط العاصمة الرباط    الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (593)    المؤرخ برنارد لوغان يكتب: عندما كانت تلمسان مغربية    السعودية تفرض عقوبات على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيرة وحديث
نشر في العمق المغربي يوم 06 - 11 - 2021

يحتفي الشعب المغربي قاطبة بالذكرى 46 للمسيرة الخضراء المظفرة، التي تعد حلقة مشرقة من حلقات مسلسل استكمال الوحدة الترابية، وإحدى الملاحم والإبداعات النضالية غير المسبوقة في تاريخ العالم، وهي ذكرى خالدة، قد يتيه فيها البعض بين متاهات سياقاتها التاريخية الوطنية والإقليمية والدولية، وقد يفضل البعض الآخر الخوض في تفاصيل ما تزخر به من دروس وعبر وقيم وطنية، وقد يحاول البعض الثالث إعادة تشكيل حلقاتها التاريخية واستحضار ما ميزها من تعبئة جماعية متعددة الزوايا ومن مشاهد العبقرية والتفرد، وقد يسارع البعض الرابع إلى تخليدها بما يليق بها من مظاهر الفرحة والفخر والاعتزاز، وكلها اختيارات مشروعة، من شأنها أن تحرك أوثار الذكرى وتنقل روحها إلى الأجيال المتعاقبة، من باب الاعتزاز بالتاريخ النضالي الوطني، ومن زاوية الافتخار بما رسمه الآباء والأجداد من ملاحم الفخر والبطولة، دفاعا عن وحدة الأرض وسلامة التراب.
ذكرى مجيدة، تحل في ظرفية خاصة واستثنائية، مرتبطة ليس فقط بجائحة كورونا التي لازالت تحل ضيفا ثقيلا بين ظهرانينا، بل وفي ظل سياق جيوسياسي إقليمي جديد، ارتفعت فيه جرعات السعار وتزايد فيه منسوب النباح من جانب أعداء السوء، الذين ظلوا على امتداد ستة عقود، أوفياء لممارسات الضغط والتحرش والابتزاز والدسائس والقلاقل والدسائس، ضد المغرب ووحدته الترابية، مستعملين كل الأساليب الوقحة والطرق القذرة، تارة بشراء الذمم وتارة أخرى بالتآمر وتارة ثالثة باستعمال سلاح الغاز، في إطار عقيدة عداء خالد، تقوت شوكته في السنوات الأخيرة، خاصة منذ واقعة الكركرات وما أعقبها من اعتراف أمريكي غير مسبوق بمغربية الصحراء ومن نجاح لافت للنظر لدبلوماسية القنصليات، ومن توسيع ناجع لشبكة الشراكات الاقتصادية والاستراتيجية التي باتت تربط المغرب بعدد من الأشقاء والأصدقاء عبر العالم.
أعداء سوء بات المغرب كابوسهم المزعج آناء الليل وأطراف النهار وشبحهم المخيف في الحركات كما في السكنات، لم ييأسوا على امتداد عقود من الزمن في استهداف المغرب عبر أساليب وقحة وطرق مفلسة، تتقاطع فيها مشاهد والمغالطات والأكاذيب والادعاءات، والدسائس الخفية والمعلنة وشراء الذمم والضغط والابتزاز، مستنزفين كل الطاقات والمدخرات لإرواء عطش عدائهم الخالد للمغرب ولصحرائه ومصالحه الاقتصادية والاستراتيجية، وقد كنا نمني النفس أن نرتاح من تهورهم وحماقتهم بعد إعلانهم عن قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق الأجواء أمام حركة الطيران المغربي، لكنهم تمادوا في الخرجات والزلات والحماقات الفاقدة للبوصلة، ضاربين عرض الحائط أواصر الأخوة والدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك وقواعد حسن الجوار.
مصيبتهم أن المغرب دولة مسؤولة ذات حضارة عريقة وتاريخ ضارب في القدم، لايهتم بضجيجهم، ولايسايرهم في لعبهم المفضوح وعاداتهم القدرة ومسرحياتهم الكرطونية، بل ويحقق المزيد من المكاسب الاقتصادية والنجاحات الاستراتيجية، في إطار من الصمت والرصانة والتبصر، وبدون شك، هذا النهج هو الذي يرفع من درجة جنونهم وحماقتهم ويقوي من منسوب حقدهم التاريخي الخالد العصي على الفهم والإدراك، والنتيجة المتوقعة تلقي المزيد من الضربات الناعمة وجني الخيبات تباعا، كان آخرها ما تعرضوا له من انتقادات حادة من قبل بلدان الجوار الأوربي بعد اتخاذ قرار وقف أنبوب الغاز المغاربي العابر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي في محاولة انتقامية بئيسة وحقيرة من المغرب، وقبله القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي الذي حشرهم في الزاوية الضيقة، دون إغفال إجماع الأشقاء في الخليج حول دعم قضية الوحدة الترابية للمملكة، وتوالي حلقات مسلسل الاعترافات بعدالة القضية الوطنية، وكلها ضربات وخيبات أفقدت الأعداء الخالدين البوصلة بشكل كامل، ولم يعد في جعبتهم سوى الرهان على "خطاب النسوان" والترويج لحوادث مكشوفة لم يعد أحد يصدقها أو حتى يهتم بأمرها، لأن السياريوهات تكون دوما غاية في الغباء، والإخراج يكون قمة في الجبن والوقاحة والانحطاط، كما حدث في مسرحية الاستهداف المزعوم لشاحنات جزائرية من قبل المغرب، وهي مسرحية، تعكس ليس فقط عمق الحقد ودرجة الوقاحة والعداء من جانب أعداء السوء، بل وتعبر عما وصلوا إليه من بؤس وعزلة ولخبطة وارتباك لافت للنظر.
في الوقت الذي راهن ويراهن فيه أعداء السوء على إنتاج ممارسات الحقد والتفرقة والشتات والدسائس والمؤامرات، راهن المغرب منذ المسيرة الخضراء على مسيرة البناء والنماء والازدهار، دون أن يهتم بالنباح والعواء واللغط، فحقق مكاسب تنموية متعددة الزوايا، قوت من القدرات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية والإشعاعية للمملكة، ووسعت من شبكة العلاقات الاستراتيجية الوازنة وفق قاعدة رابح / رابح، بشكل تحول معه المغرب إلى قوة إقليمية صاعدة ولاعبا محوريا في الملعب الإفريقي، أما الصحراء وبعد العودة إلى أحضان الوطن، تحولت رأسا على عقب، على مستوى التنمية والبنيات التحتية والتجهيزات والمرافق الحيوية، بعد أن كانت تعيش على إيقاعات البداوة، ويكفي قولا، أن العيون باتت اليوم، أكثر جذبا على مستوى البناء والازدهار، بل وفاقت الكثير من المدن المغربية في الوسط والشمال، وتبقى مسيرة النماء متواصلة في ربوع الأقاليم الجنوبية، في ظل النموذج التنموي للصحراء، الذي أطلق العنان للعشرات من المشاريع التنموية الكبرى والوازنة، من شأنها تجويد حياة الساكنة والرفع من مستويات التنمية البشرية، وعلى رأسها مشروع الطريق الرابط بين تيزنيت والداخلة الذي سيربط المغرب بعمقه الإفريقي، ومشروع بناء ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيجعل المغرب عموما والصحراء المغربية خصوصا، واجهة اقتصادية وتنموية ودبلوماسية أطلسية منفتحة على إفريقيا والعالم، دون إغفال المكاسب التنموية التي يمكن أن يحملها النموذج التنموي الجديد لجهات الصحراء، التي باتت تفصلها مسافات زمنية طويلة عن مخيمات "القياطن" و"العجاج" التي لم تجن إلا البؤس من نظام خائب، شغله الشاغل المغرب ولا شيء غيره.
أعداء السوء، لم يستوعبوا بعد، أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، لأن حقدهم الأعمى للمغرب، أعمى بصيرتهم وشتت أذهانهم، وبقدر ما نوجه لهم اللوم والعتاب القاسي، بقدر ما نشفق عليهم، لأنهم ينهكون أنفسهم ويستنزفون طاقاتهم وقدراتهم، بدل أن يكرسوا كل ذلك، لتنمية البلد والارتقاء بمستوى عيش الساكنة وضمان مستقبل آمن ومزدهر للشعب الشقيق الذي يستحق الأفضل والأجود، ويؤسفنا قولا، أنهم اجتهدوا طيلة عقود من الزمن لعرقلة مسيرة المغرب وكبح جماح طموحه الاقتصادي والتنموي والإشعاعي، عبر استهداف وحدته الترابية ومصالحه الاقتصادية والاستراتيجية، لكن كل مساعيهم باءت بالفشل الذريع، لأن المغرب اهتم ببناء نفسه وتطوير قدراته الذاتية بصمت ورصانة وتبصر، ولم يهتم بشأن ما ينتجونه من سيناريوهات غاية في الرداءة والانحطاط، إيمانا منه في أن المستقبل الآمن والمطمئن، يمر قطعا عبر بوابة التعاون الأخوي المشترك، والرهان على قضايا البناء والنماء والأمن والوحدة والاستقرار والعيش المشترك.
عسى أن ينعل الأعداء الشيطان، ويفطنوا أنهم يتجهون في طريق الإفلاس، ويفهموا جيدا بعيدا عن طقوس العداء التاريخي، أن مصلحتهم مع المغرب الذي ظل على الدوام وفيا لسياسة "اليد الممدودة" حرصا على روابط الدين والأخوة والدم واللغة والثقافة والتاريخ والمصير المشترك، عسى أن يستوعبوا أن قضية الصحراء حسمت منذ المسيرة الخضراء، وأن يهتموا بشأنهم الداخلي، ويخلصوننا من شرهم الدفين على الأقل، ولايمكن أن نختم، دون أن نترحم على مبدع ومهندس المسيرة الخضراء، الملك العبقري الحسن الثاني طيب الله ثراه، وعلى كل شهداء الوطن، وننوه بقواتنا المرابطة على طول الحدود، دفاعا عن وحدة الأرض وسلامة التراب، وهؤلاء جنود الوطن وعيونه التي لاتنام، وهم بذلك، يستحقون كل الاهتمام والدعم والتقدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.