ارتبطت الإباحية بشكل وثيق بوسائل الإعلام، وارتبطت قصة نجاحها في الانتشار والتوسع بالثورة التي عرفها مجال الاعلام وتكنولوجيا الاتصال. ورغم الحديث عن عصور ذهبية للإباحية من قبل، غير أنها اليوم تعرف عصرها الذهبي المثال، والذي يتوقع أن يتعزز أكثر مع التطورات المنتظرة في العالم الافتراضي. وكانت معارضة مشاهدة المواد الإباحية تتهم بانطلاقها من خلفيات دينية وأخلاقية ومجتمعية، وكثيرا مع أشهرت فزاعة الحرية الشخصية لتبرير التسامح مع الإباحية وتسويغها. وسرعان ما دخل العلم على خط الجدل، لتحسم العديد من المؤشرات العلمية والبيانات الطبية أن الموضوع له وجه آخر لا يتعلق فقط بالفكر والرأي، وأن له علاقة بالصحة النفسية للنشء وخاصة المراهقين، ليفسح المجال للحديث العلمي عن الإدمان الإباحي ومخاطره: "إدمان مشاهدة المحتوى الإباحي هو حالة مرضية حقيقية". التأثير على الدماغ حسب قناة الحرة، كشف تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال عما يمكن لهذا للمحتوى الإباحي على الأنترنيت أن يفعله بعقول المراهقين على المدى الطويل، وكيف يمكن الحد من أضرار هذا الأمر. وحسب نفس المصدر، تشير دراسة أجراها باحثون من جامعة إنديانا العام الماضي، إلى أن حوالي 80 في المئة من المراهقين الأميركيين يشاهدون المحتوى الإباحي، العديد منهم بدأ في ذلك في بعد وصوله لسن العاشرة. بالنظر إلى "كيماء دماغ المراهقين" تظهر الأبحاث أن أدمغتهم أكثر ارتباطا بالمتعة من البالغين، خاصة مع نشاط الناقل العصبي "الدوبامين" الذي يشعرهم بالسعادة. وتشير الصحيفة إلى أن العديد من الباحثين يعتقدون أن المراهقين والشباب أكثر عرضة لمشاهدة المحتوى الإباحي بشكل "قهري" (يصبح تكرارها إجباريا)، إذ أنها قد تؤدي إلى بناء وجهات نظر "غير واقعية" حول ممارسات الجنس. ويقول علماء النفس "إنه من المهم التحدث إلى الأطفال عن المحتوى الإباحي من دون الشعر بالخجل"، والتوضيح لهم "أن التعرض لهذا المحتوى يمكن أن يكون جزءا طبيعيا من التطور" ولفتوا إلى أنه لا يجب التعامل مع هذا الأمر على أنه من "المحرمات"، ولكنهم يوصون أيضا باستخدام الأدوات التقنية "لتقليل فرصة رؤية الأطفال الصغار لمحتوى قد يكون غير مستعدين لرؤيته" "الإباحية القهرية" السلوك القهري، حسب موقع "أدلة MSD"، هي أفعال مُعيَّنة أو أعمال نفسية يشعر الأشخاص بأنَّهم مدفوعون بأداءها مرارًا وتكرارًا في محاولة للتقليل أو منع القلق الناجم عن الهواجس أو الوساوس. وحسب قناة الحرة، أجرت أستاذة الطب النفسي بجامعة كامبريدج، فاليري فون، أول دراسة رئيسية عن تأثير المحتوى الإباحي على الدماغ في 2014، إذ قامت بفحص نشاط الدماغ عند أشخاص لديهم "عادة قسرية لمشاهدة المحتوى الإباحي"، إذ تبين لها أن "نشاط الدماغ" في هذه الحالة يشابه نشاط الدماغ لدى "مدمني المخدرات"، والتي تنشّط مراكز "المكافأة". وكان المشاركون في الدراسة "الأصغر سنا" لديهم نشاط أكبر في "مراكز المكافأة" مقارنة بالمشاركين الأكبر سنا عند تعرضهم للمواد الإباحية، فيما أشار من لديهم عادات قهرية لمشاهدة هذا المحتوى إلى أنهم شاهدوا المواد الإباحية على الإنترنت لأول مرة في سن 13 عاما. ولكن هذه الدراسة، حسب نفس المصدر، لم تجب عن سؤال هام، فيما إذا تسبب الاستخدام المفرط للإباحية في تغييرات الدماغ هذه؟ أم أن هؤلاء الأشخاص لديهم سمات تجعلهم يميلون إلى استخدام "الإباحية القهرية"؟ وتوصلت عدة دراسات أجريت حول تأثير مشاهدة المواد الإباحية على المراهقين إلى أن "المركز العاطفي في الدماغ يتطور بشكل أسرع"، وهو ما قد يفسر "افتقار المراهقين للنضج" إذ أنهم لا يستطيعون "قمع رغباتهم الجنسية والأفكار والسلوكيات التي يثيرها المحتوى الإباحي". تحذير من "الهوَس المدمر" واضطرابات "الخط الأحمر" خلال الأيام الماضية أشعلت تصريحات للمغنية الأميركية الشهيرة، بيلي أيليش، حول إدمانها على المواد الإباحية منذ عمر 11 عاما، تساؤلات عدة حول أسباب الاعتماد النفسي وراء بعض الأشخاص للحصول على المتعة من مشاهدة المحتوى الجنسي، والآثار الكامنة وراء مشاهدة الأطفال لهذا المحتوى في أعمار يافعة. نيكول براوز، باحثة في جامعة كاليفورنيا، عبرت لوول ستريت جورنال عن قلقها حول ما يقوله الآباء للمراهقين عن المواد الإباحية. وأجرت براوز استطلاعا لرأي أشخاص بالغين كانوا في برامج متخصصة للامتناع عن "الإباحية القهرية"، إذ أفاد نحو 30 في المئة منهم شعروا بمشاعر تدفعهم للانتحار، ناهيك عن شعورهم بالعار داخل مجتمعاتهم. وتمنح الباحثة نصيحة للآباء وتقول: "إذا امتنعنا عن الخوض في الحوار .. واكتفينا بأن نقول: 'لا تشاهد المواد الإباحية، وإذا فعلت ذلك فهذا إدمان وسيؤدي إلى تلف عقلك'، فهذا مرعب .. إنها بعض الرسائل التي تزيد الأمر سوءا". أدوات تقنية لحظر "الإباحية" وينصح تقرير الصحيفة باستخدام طرق "لتصفية المحتوى الإباحي" وحظره من شبكة الإنترنت داخل المنزل، والتي تقيد المحتوى في أجهزة الأطفال والمراهقين. ويمكن للآباء التحكم في إعدادات الأجهزة، خاصة أجهزة آبل المختلفة، حيث يمكنك تقييد ظهور المحتوى الإباحي، ويمكنك تحديد قائمة بالمواقع المسموح تصفحها، أو وضع قيود بتحديد تصنيفات اعتمادا على العمر تتيح مشاهدة الأفلام والعروض وحتى الكتب والموسيقى. وذكر التقرير أنه يمكن وضع محددات وحظر على المحتوى الإباحي باستخدام أجهزة "غوغل" المختلفة من خلال تطبيق "فاميلي لينك" والذي يحظر على من هم دون ال13 عاما الوصول لهذا المحتوى.