بوريطة يشارك في اجتماع وزاري بمصر    صيادلة المغرب يحتجون على "اختناق القطاع" وسط جدل أسعار الأدوية المرتفعة    تداولات الافتتاح بورصة الدار البيضاء    في مواجهة منتخب النيجر.. أسود الأطلس يسعون لتأكيد مسارهم الصحيح    الفيفا تطلق المرحلة الأولى من بيع تذاكر مونديال 2026    مدرب ديجون السابق يشيد بنضج أكرد    الزفزافي يغادر السجن مؤقتًا لتشييع والده    جريدة «لوموند».. اللهم كثر حسادنا    المغرب يوسع أسواق التوت العليق إلى 26 دولة    الإصابة تبعد أشرف داري عن معسكر الأسود    ريال بيتيس يضم سفيان أمرابط على سبيل الإعارة    ناصر الزفزافي يحضر في جنازة والده    المكتبات تغص بالأسر والتلاميذ مع انطلاق موسم الدخول المدرسي                                سنتان ونصف حبسا نافذا لمتهمة بالإساءة للذات الإلهية    بلجيكا تتجه نحو الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء قبل نهاية 2025    الصين ترد على واشنطن: مكافحة المخدرات أولوية وطنية ولسنا مصدر الفوضى العالمية    لحماية الأطفال .. "روبلكس" تعطل ميزة المحادثات في الإمارات    مجزرة جديدة إثر قصف خيام نازحين    إلزام شركة "غوغل" بدفع 425 مليون دولار لتعويض مستخدميها عن جمع بياناتهم    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    موظفو المجلس الإقليمي بأزيلال يحتجون على "شطط" المدير العام للمصالح ويدعون إلى حوار عاجل    29 قتيلا في غرق قارب بنيجيريا    المنتخب البرتغالي مرشح لمواجهة المكسيك في إعادة افتتاح ملعب "أزتيكا" (وسائل إعلام مكسيكية)    مراكش.. احتجاجات بسبب "انهيار" شروط التمدرس بمؤسسة تعليمية بسعادة والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تحمل المسؤولية للمديرية الإقليمية    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    الجديدة.. مطلب ملح لفتح شارع L وفك الخناق عن محاور حيوية بالمدينة    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    ترقب بناء وتجهيز داخلية لفائدة المتدربين بالمعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية بتارجيست    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    لشبونة.. مصرع 15 شخصا وإصابة 20 آخرين إثر خروج عربة قطار سياحي عن مسارها    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    الدرك الملكي بأزلا يوقف مشتبها في سرقته لمحتويات سيارة إسعاف    "آبل" تتيح نموذجي ذكاء اصطناعي مجانا    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة    "الأسود" يواصلون التحضير للقاء النيجر            دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    جمعية ساحة الفنانين تطلق مخططها الاستعجالي لإنقاذ مايمكن إنقاذه    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورتريه: أشياء من المسار الفني والنضالي للفنان الريفي حسن تيبريت
نشر في طنجة الأدبية يوم 20 - 09 - 2023

كتابة البورتريه يمكن اعتبارها كتابة تطفلية، لكونها تقتحم خصوصيات المرء حتى ولو كانت لبقة ونيتها حسنة، فإنها تحاول قدر الإمكان مس وكشف محطات، يجهلها العامة، من مسار المعني الذي هو محور الموضوع. ومهما بلغت قوة الاحتكاك ودقة وصف المستهدف فلن تستوفي الكتابة مبتغاها، فما بالك ان كان هذا الشخص هو فنان بشخصية ممزوجة بين المناضل الهوياتي والمناضل الطبقي. طبعا المنتمي إلى جيلنا سيدرك أن الأمر متعلق بالفنان الملتزم حسن تيبريت والملقب أيضا ب (حسن أوريو)، هو قامة إبداعية قل نظيرها في زمن قل فيه الفن الصادق مثلما قل فيه الرجال الأحرار. انحاز فناننا إلى المستضعفين وقضاياهم دون أن يفرط في لسان أمه (الأمازيغية). فرضت عليه الهجرة أسوة بوالده الذي اختبر معاناة المنفى في بداية الستينات كحال غالبية رفاقه في تنظيم الاختيار الثوري بزعامة الفقيه البصري قبل أن تفرض عليه الهجرة للعمل بألمانيا. تمرن حسن على المسؤولية منذ صغره، سواء في مسقط ولادته بسيدي بوبكر إقليم جرادة حين بدأ يكتشف محيطه مع صيحات واضرابات عمال المناجم، أو إبان انتقالهم إلى مدينة العروي كمركز حضاري قريب لجذور انتمائهم (باكار، أيت سيدال، إقليم الناظور)، هناك سينخرط مبكرا في العمل الجمعوي والرياضي (لعب مع فريق العروي وفريق الهلال الناظوري لكرة القدم)، قبل أن ينحاز، اديولوجيا وسياسيا وتنظيميا، لليسار. حيث سيجعل من الأغنية الريفية الملتزمة إحدى جبهات النضال. فقد غنى عن الهوية الامازيغية المقموعة، وغنى عن عمال مناجم وكسان وسيدي بوبكر... كما غنى عن رموز المقاومة الريفية وعلى رأسهم الشهيد محمد امزيان.
كانت بدايته الأولى مع الأغنية الهادفة في فرقة "ايني نيغزار" بالعروي كعضو مؤسس لها، لكن حين أقدمت الدولة على التسويق للمسلسل الديمقراطي في منتصف السبعينات، ارتأى بعض الرفاق ومنهم حسن تيبريت استغلال هذا البصيص الديمقراطي للاستفادة منه ثقافيا على الخصوص، فالتحق بفرقة "ايني أومازيغ" التي ذاع صيتها مع جمعية الانطلاقة الثقافية سواء من حيث الكلمات القوية التي تنتقيها من التراث الريفي الأمازيغي، أو من حيث تبنيها ولحنها لقصائد شعراء شباب استفادوا واطلعوا على تجارب شعرية عالمية لكنهم تشبثوا بخصوصياتهم الأمازيغية، دون اغفال قضايا الكادحين كهم من همومهم الأساسية. لذلك وظفت جل الفرق الغنائية، أن لم نقل جميعها، اللحن الريفي القديم في قوالب ملائمة لآلات العزف العصري، وإلى يومنا هذا، ما زالت أغانيهم، لحنا وعزفا ومضمونا، تستقطب الجمهور الذواق. للأسف العديد من الفرق الغنائية كان مآلها التشتت والاندثار، (باستثناء فرقة بنعمان التي نتمنى لها الدوام)، مما دفع بفناننا حسن تيبريت إلى خوض تجربة الغناء الفردي، مقتصرا على آلة العود التي يذهل الجميع بروعة أدائه بكلمات لاذعة صادقة وصوت متناسق مع لحنه الشجي.
سنة 1984م، لا علاقة لها برواية جورج أورويل رغم تشابه محتواها بما عاشه تيبريت في ذلك الحول الأسود، بل ما عاشته المنطقة بأكملها. هي سنة مفصلية في مساره الشخصي والفني، وربما حتى السياسي، ففيها اختار الانضمام إلى الانتفاضة، الشيء الذي جعله عرضة للملاحقة التي لم تسلم أيضا عائلته من استفزازات الأجهزة بصنفيها العلني والسري، ولولا فراره إلى خارج الوطن لكان مصيره كمصير شهداء سنوات الرصاص.
في بلاد الباسك بإسبانيا، سيقضي سنوات منفاه الاضطراري يغني للهوية الأمازيغية وللحرية المفقودة وللوطن البعيد... يغني بنبرات صوته الحنون لكنه شامخ شموخ جبال الريف.
حين عاد الفنان والمناضل حسن تيبريت إلى الوطن أدهشته، بل أبكته التقلبات الحربائية الطاغية، ليقتنع أن حلمه لم يعد يتسع ها هنا! فقرر أن يتوارى خجلا إلى الظل أمام طغيان المادة وتنكر الغالبية لجلدهم الأول.
شئنا أم أبينا، ففناننا هذا، هو من رموز الأغنية الريفية الملتزمة بامتياز. ومهما قيل حول هذه القامة الفنية الراقية ستخذلنا الذاكرة قبل العبارة، وستبقى رمزيته أقوى من أن تختزل في أسطر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.