تفكيك خلية داعشية تنشط بين تطوان وشفشاون        مجلس المنافسة: التجارة الإلكترونية تجذب المستهلك المغربي والشركات الغذائية تتجه للتسويق الرقمي            ترامب يحث حماس على قبول "المقترح النهائي" لهدنة 60 يوما في غزة    غزة تباد.. إسرائيل تقتل 29 فلسطينيا بينهم 10 من منتظري المساعدات    وقفة احتجاجية بسلا ضد الإبادة الإسرائيلية في غزة ومطالب بفتح المعابر    تلسكوب "ألما" في شمال تشيلي يلتقط صورا غير مسبوقة لبدايات الكون    ثنائية جيراسي تمنح دورتموند بطاقة العبور لمواجهة الريال في ربع نهائي المونديال    دورتموند يعبر مونتيري ويضرب موعدا مع الريال في ربع نهائي كأس العالم للأندية    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع المدافع الإيطالي رودجيري قادما من أتالانتا    كيوسك الأربعاء | توسيع التدرج المهني أمل جديد للآلاف من الشباب بدون شهادات    النائبة الفرنسية نعيمة موتشو: فرنسا ينبغي ان ترفع صوتها ضد الاعتقال التعسفي لمواطنيها في دول استبدادية مثل الجزائر    الحر يبدأ التراجع في أوروبا وترقب حدوث عواصف رعدية    نيوكاسل الإنجليزي يعتذر عن مشهد مسيء في فيديو الإعلان عن القميص الثالث    روبرت كلارك يكتب في صحيفة التلغراف البريطانية: بريطانيا مطالبة بتصنيف "جبهة البوليساريو" منظمة إرهابية    طقس الأربعاء: استمرار الأجواء الحارة مع هبوب رياح قوية    تفكيك خلية إرهابية موالية لما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" تنشط بين تطوان وشفشاون    أطفال يفترشون الأرض أمام المركز الوطني للتخييم بالغابة الدبلوماسية.. مشاهد صادمة تستدعي تدخلاً عاجلاً!    سكان كتامة وإساكن يعيشون في ظلام دامس منذ أسبوعين.. والأجهزة معطلة بسبب انقطاع الكهرباء    31 قتيلا و2862 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    خمس سنوات حبسا نافذا في حق محمد بودريقة بتهم تتعلق بالنصب والتزوير    ملتقى فني وثقافي في مرتيل يستكشف أفق البحر كفضاء للإبداع والتفكير    كاريكاتير في مجلة "LeMan" في تركيا يشعل حالة غضب ويؤدي إلى اعتقالات واسعة    كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب-2024): لاعبات المنتخب الوطني "متحمسات لانطلاق المنافسات" (خورخي فيلدا)    ساكنة حي اشماعو بسلا تستنجد بالسلطات بسبب سيارة مهجورة    انطلاقة قوية للمناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي تُبرز طموح المغرب للريادة الرقمية (صور)    مهرجان موازين يستقطب أكثر من 3,75 مليون متفرج ويحتفي بأزيد من 100 فنان عالمي    حزب الاستقلال يكتسح الانتخابات الجزئية بإقليم الحسيمة    نشطاء حقوقيون ينتفضون ضد "تعديلات تقييدية" على المسطرة الجنائية    الريال يتخطى اليوفي بمونديال الأندية    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    عبد اللطيف حموشي يستقبل رئيس جهاز الاستخبارات الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة    السغروشني: الذكاء الاصطناعي لم يعد خيارا تقنيا بل ضرورة سيادية للمغرب    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    المغرب والسعودية عازمان على توطيد التعاون الاقتصادي    شيرين عبد الوهاب تتعثر فوق مسرح "موازين" وغادة عبد الرازق تصفق للظلّ    الكشف عن الأغنية الرسمية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    تقارير تفتيش تكشف تلاعبات مالية في شراكات "وهمية" بين جماعات ترابية وجمعيات يترأسها أقارب وزوجات المنتخبين    شيرين تهدد باللجوء الى القضاء بعد جدل موازين    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    بعد انخفاضات محتشمة... أسعار المحروقات تعود للارتفاع من جديد بالمغرب    الهلال السعودي يواصل الحلم بقيادة ياسين بونو.. مباراة ملحمية وبصمة مغربية حاسمة    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    العصبة تحدد موعد فترة الانتقالات الصيفية وتاريخ إجراء قرعة البطولة الاحترافية    آسفي... كأس الفرح وصرخة المدينة المنسية    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة    إبداع بروكسل يفك الحصار عن غزة    الصويرة تحتضن مؤتمر المدن الإبداعية 2026    الخطوط الملكية المغربية توسع شبكتها الدولية بإطلاق أربع وجهات جديدة    الصحة العالمية تحذر: الهواتف ووسائل التواصل تعزز مشاعر الوحدة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتن والمنهج في كتاب "إشكالية الخطاب العلمي في النقد الأدبي العربي المعاصر" للدكتور عبد العزيز جسّوس
نشر في طنجة الأدبية يوم 09 - 11 - 2009

إن َّ أكثر ما يعانيه القارئُ ويهاله ويهابه وهو يدلفُ إلى إيوان سفر نفيس هو أنْْ يقوم بمخض ما يقرأ من زبَدٍ وسمن ومصل، حتى يستطيع تمييز هذا الزبد والسمن عن ذلك المصل ويعزلهما عنه. وعنتُ القارئ ونصبُه يتعرّى كلما ازداد الكتابُ زبدا وسمنا؛ لأنّ مخْض القارئ لهما سيزداد عسرا. وكتاب الدكتور عبد العزيز جسّوس " إشكالية الخطاب العلمي في النقد الأدبي العربي المعاصر" من هذه الطينة التي كثر زبدُها وربا سمنُها وقلَّ مصلها وغاب غثاؤها.
والجلي أنَّ كل محاولةٍ تروم اختصارَ الكتابِ في وُريقاتٍ هي ضربٌ من التجنِّي عليه، والحال أنَّ مؤلفه ربأ به عن وهدة الاختصار وحماه من نحافة الابتسار، حيث أن الشريط الفكريَّ الذي يلفّ أعناقَ فصوله الثلاثة ويجدل ضفائرها يأبى افتراق أحدها عن الأخرى.
بفحولة هذا الكتاب هتك الدكتور عبد العزيز جسوس بكارة استقراء إشكالية إكساب النقد الأدبي العربي المعاصر الطابع العلمي، في شروطها التاريخية وتجلياتها النظرية وأبعادها المنهجية، وبالتالي إنتاج معرفة علمية بالظاهرة الأدبية وبتجلياتها النصية، تلك البكارة التي استعصت على كثير من غيره ممن يتعنتون بامتلاك نواصي البحث العلمي الأكاديمي، هتكها وفضّها من زمن خلا ووقت أدبر وولّى.
وبعدما حدّد المؤلفُ موضوعّ دراسته المتمثل في إشكالية الخطاب العلمي، وحدّد مجالها المنضويَّ تحت النقد الأدبي العربي المعاصر، وفضح طبيعتها ذات نقدِ النّقد، وأفصح عن نوعية متونها المهتمّة باستدعاء الخطاب العلمي في ممارستها التنظيرية والتطبيقية، أقبل ليؤثثها في فصول ثلاثة:
1 الفصلُ الأول: ينهض هذا الفصلُ على البعد التاريخي الذي كشف من خلاله الدارسُ على أنَّ النقاد تغيوا بالرّغم من تمايز بيئاتهم وأعراقهم مواكبة المستجدات العلمية، واستغلالها قصد إضفاء صفة العلمية على نقدهم انطلاقا من الثورة العلمية التجريبية التي شهدها القرن التاسع عشر، والتي ساهمت بشكل كبير في انعطاف العلوم الإنسانية في القرن العشرين وضمنها النقد الأدبي عن هويتها التقليدية إلى السّعي نحو حرز الشرعية في مصاف العلوم الأخرى، وتقليم مفاهيمه وبلورة تصورٍ جديدٍ حول مناهجه ونهله من معين مناهج العلوم الإنسانية كعلمي النفس والاجتماع.
وقد قسّم هذا الفصل إلى تمهيد تأريخي ليعقبه بأربعة محاور: المحور الأول خصّه بالحديث عن علاقة النقد الأدبي بعلم النفس، مصنفا أنماط الدراسةِ النفسيةِ للأدبِ المعتمدةِ على المرجعياتِ العلمنفسية إلى أربعة مستويات أساس:
-المستوى الأول: النقد النفسي الذي يتخذ مرجعيته من علم النفس الوعي.
-المستوى الثاني: علم النفس الأدبي الذي ينهض على علم النفس السلوك.
-المستوى الثالث: التحليل النفسي للأدب الذي ينحدر من التحليل النفس.
-المستوى الرابع: النقد الأسطوري المتفرع عن مستوى التحليل النفسي وعن نظرية كارل يونغ في اللاشعور الجمعي.
كما أردف الباحث هذا المحورَ بمحور ثان عالج فيه علاقة النقد الأدبي بعلم الاجتماع، موضّحا حدودَه الكبرى في النقد الاجتماعي للأدب ثم علم اجتماع الأدب بتفريعاته: كالبنيوية التكوينية والنقد الأيديولوجي وعلم الاجتماع التجريبي للأدب وعلم اجتماع النص الأدبي.
ثم وضع المؤلفُ محورا ثالثا تطرق فيه إلى علاقة النقد الأدبي بعلم اللغة، وقسم هذا المحورَ إلى مبحثين اثنين: الأول: الأسلوبية، والثاني: علم الأدب، كما فرّع هذا المبحث الأخير إلى مبحثين صغيرين: الأول يخص البنيوية أمّا الثاني فيهتم بالشعرية.
أما المحور الرابع فقد خصّه الدارسُ لعلاقة النقد الأدبي بخطاب التلقي، وقسمه إلى مبحثين: الأوّل يؤطّر لنظرية التلقي بتياراتها الأربعة: جمالية التلقي و جمالية القراءة وجمالية التناص وعلم اجتماع القراءة. في حين يسيّج الثاني لنظرية التواصل.
2 الفصل الثاني: يقوم هذا الفصل على البعد النظري الذي أبرز فيه الباحث سعي النقد الأدبيِّ إلى التعرف على ذاته ووعيه بوظيفته ومهمته رغبة منه إلى تأسيسه لأرضية صلبة تمتح من معين العلوم ليقف عليها وبالتالي ليستقل بهويته التي تؤهله إلى إثبات جدارته في إنتاج معرفة علمية بالظاهرة الأدبية وبتجلياتها النصية. وقد عالج المؤلف البعد النظري لهذه الإشكالية لإيضاح وظيفة النقد وطبيعته والتي اختزلها في طروحات مركزية ثلاث:
-النقد الأدبي والفن: إذ إن أقدم الطروحات النظرية التي رامت تحديد النقد الأدبي لطبيعته، هي الطرح الذي يستهدف إكساب الطابع الفني للنقد، باعتبار أن المادة الأولية للنقد هي الأدب، والأدب في حد ذاته فن، وبالتالي فن على فن.
-النقد الأدبي والعلم: ثاني الطرحات هي علاقة النقد بالعلم، وسعيه نحو إكساب صفة العلمية ليثبت جدارته العلمية أمام المعارف الأخرى والتي تقصيه من سلّم العلمية كالعلوم البحتة.
-النقد الأدبي والأيديولوجيا: ارتبط مفهوم الايدولوجيا بالنقد والتصق به منذ تبني النقاد الفكر الماركسي، متعللين بأنّ كل ممارسة إبداعية أدبية تنطلق من وعي أيديولوجي، وبما أنّ النقد هو استنطاق النّصوص ومحاورتها فإنه مطالبٌ بالتسلح بحمولةٍ أيديولوجية، والمعلوم أنّ النقد الذي يتمسّك بتلابيب العلوم لإضفاء صفة العلمية عليه والمعتمد أساسا على علم التشكيلات الأيديولوجية يرصد المضمونَ الأيديولوجيَّ القابعَ في النصوص الأدبية، وبالتالي يمسي هذا النقد خطابا أيديولوجيا على خطابٍ أيديولوجيّ آخر.
3 الفصل الثالث: وسم الباحث هذا الفصل بالبعد المنهجي وقد خصّه بمعالجة إشكالية علمية النقد الأدبي في بعدها المنهجي، بعدما نبّه إلى أنّ كلَّ منهج نقدي ينظم العلاقة بين الذات الدارسة والموضوع المدروس؛ بين الناقد والنص الأدبي المراد نقده، وأن سبيل علمية النقد الأدبي تتأبط ذراع وعي الناقد بأنَّ المنهج أسّ لكل عملية نقدية و يلزم على الناقد أن يتوفر على مؤهلات ثقافية ومعرفية لتؤهله لتوظيف المنهج المناسب واستثماره توظيفا واستثمارا ايجابيين.
وهكذا لمست من خلال هذا السفر النفيس الكتابة الجادة والعقل الكبير وقدّرت عناءَ مكابدة المخاض الفكري والمعرفي ومشاق البحث العلمي والأكاديمي المسؤول للدكتور عبد العزيز جسوس، فعفوا أستاذي إن تجرأ فضولُ قلم صغار القراء على الكتابة عن إصدار كبار الكتّاب، فعذرنا يكمن في رغبتنا في الإقرار بالفضل لأهل الحجا والعقل والتنويه بذويه. فهنيئا لكبير كتّابنا بمولوده الجديد وطوبى لقرّائه الذين نهلوا من حوضه وتلذذوا بزبده وسمنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.