بينما يحبس الشرق الأوسط أنفاسه ترقّباً لما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل سيصمد، يتوجب على الغرب أن يستعدّ للردّ الإيراني الحتمي بعد شهر من "الإذلال" الذي تعرّضت له طهران على يد إسرائيل والولاياتالمتحدة. خيارات إيران للردّ أصبحت محدودة، بعدما دُمرت قدراتُها العسكرية التقليدية بشكل كبير بفعل الضربات الإسرائيلية الأخيرة، بما في ذلك تدمير جزء كبير من مخزونها من الصواريخ الباليستية، والتي أُسقط العديد منها فوق الأجواء الإسرائيلية. في ظل هذا التراجع، من المرجح أن تعود إيران للاعتماد على أدواتها غير التقليدية، وتحديداً عبر وكلائها المنتشرين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ورغم أن قواها التقليدية مثل "حزب الله" في جنوبلبنان و"الحوثيين" في اليمن قد تراجعت بشكل كبير، إلا أن الحوثيين قادرون بسهولة على إعادة الانتشار تحت السيطرة الإيرانية لاستهداف الممرات البحرية في البحر الأحمر من جديد. مثل هذه التحركات قد تؤدي إلى اضطراب الأسواق المالية وتفاقم التوتر العالمي، وهو المناخ الذي لطالما ازدهرت فيه إيران. ومع ذلك، قد تتوخى طهران بعض الحذر، لتجنب إغضاب شريكتها التجارية الصين، التي تمرّ أكثر من 45% من وارداتها النفطية عبر هذه الممرات المائية. في المقابل، من المرجّح أن تلجأ إيران إلى وكلاء جدد أو ناشئين لم يحصلوا بعد على نفس السمعة الدولية التي اكتسبتها الميليشيات الشيعية في العراق. ومن بين هؤلاء، تبرز جبهة جديدة تنشط في شمال إفريقيا: جبهة البوليساريو. تُعد "البوليساريو" ميليشيا ماركسية تتلقى دعماً من إيران و"حزب الله"، وتشنّ هجمات ضد المغرب باسم "تحرير الصحراء الغربية"، وهي منطقة خاضعة لإدارة المغرب منذ اتفاق وقف إطلاق النار برعاية الأممالمتحدة عام 1991، ويحظى المغرب بدعم الولاياتالمتحدة وفرنسا، ومؤخراً بريطانيا أيضاً، في إدارته لها. زعيم الجبهة سبق أن أشاد بالهجوم الذي شنّته حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وأعلن تضامنه العقائدي مع "محور المقاومة" الإيراني، ويدعو إلى تشكيل جبهة موحدة تمتدّ من إيران ومرتفعات الجولان إلى غزة والصحراء الغربية. وقد زوّدت إيران "البوليساريو" بصواريخ وقذائف على مدى السنوات الماضية، واستخدمت هذه الأسلحة مؤخراً في هجوم استهدف مدنيين بالقرب من مخيم تابع للأمم المتحدة في المغرب. كما تم إحباط مخطط للهجوم على مكتب الاتصال الإسرائيلي في المغرب، وهو ما يفتح المجال لاحتمالات أخرى أكثر خطورة، منها استهداف المصالح البريطانية في المنطقة، ضمن تصاعد التعاون بين الجبهة والنظام الإيراني ووكلائه في المنطقة. من الواضح أن بريطانيا هي أيضاً هدف ضمن قائمة الانتقام الإيراني، رغم أن الحكومة البريطانية ظلت خارج دائرة التفاعل المباشر في هذا الصراع بسبب تزايد الفجوة في الثقة بينها وبين كل من واشنطن وتل أبيب. لقد حان الوقت لكي يتحرك الغرب فعلياً. ففي واشنطن، تحرّك مشرعون من الحزبين الأسبوع الماضي لطرح مشروع قانون يصنّف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية. وينبغي على بريطانيا أن تحذو نفس الحذو. وبعد أن دعمت المملكة المتحدة مخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، فإنها مطالبة اليوم بدعم حليفها المغربي، وشريكها الأمريكي، والدفاع عن مصالحها الأمنية الخاصة، من خلال تصنيف جبهة البوليساريو منظمة إرهابية. *روبرت كلارك هو باحث في معهد يوركتاون بواشنطن العاصمة. خدم سابقاً في الجيش البريطاني.