اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الثاني عشر .. بوزنيقة، 17 – 19 أكتوبر 2025 : وثيقة حول المغاربة المقيمين بالخارج    بوعياش تدعو لتحويل الإرادة السياسية لإلغاء الإعدام إلى فعل تشريعي    الاهتمام العالمي بكأس إفريقيا بالمغرب يدفع "الكاف" إلى تمديد فترة اعتماد الصحفيين    مؤشر مازي يرتفع ببورصة الدار البيضاء    إسرائيل تنشر قائمة 250 معتقلاً للإفراج    كأس العالم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يضرب موعدا مع أمريكا في الربع النهائي    بدء بيع تذاكر مباراة المغرب والكونغو    نجوم مغاربة يحتفون بخمسينية المسيرة    عروض سينمائية للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب    فرقة أكنول تقدم عملها المسرحي الجديد «حلم ليلة سفر»    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    مونديال الشباب: وهبي يؤكد أن مجهودات اللاعبين والتزامهم يقوي حظوظ الفوز    فعاليات مدنية تطالب بتكريم المخرج الراحل محمد إسماعيل ابن تطوان    أبوظبي تستضيف كأس السوبر المصري مابين سادس وتاسع نونبر المقبل بمشاركة 4 أندية    المغرب يحبس أنفاسه.. في انتظار خطاب الملك!    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام    إسرائيل تبدأ الانسحاب من أجزاء من غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار    نقابة تستنكر "التدهور المقلق" للخدمات الصحية بجهة سوس ماسة وتوجه اتهامات للوزارة    مركز حقوقي يطالب الحكومة المغربية بالتدخل لإطلاق سراح معتقلي أسطول غزة    من هي ماريا كورينا ماتشادو الفائزة بنوبل للسلام؟    متوسط عجز السيولة البنكية يرتفع بنسبة 4,44 في المئة من 2 إلى 8 أكتوبر    ارتفاع أسعار الذهب للأسبوع الثامن على التوالي    فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام 2025    متشرد ينهي حياة تلميذ بتازة    أرفود تستعد لاحتضان الدورة 14 للملتقى الدولي للتمر بالمغرب    هل تُعاقَب فجيج لأنها تحتج؟    زلزال عنيف بقوة 7.4 درجات يضرب جنوب الفلبين وسط تحذيرات من وقوع تسونامي    الزعيمة الفنزويلية ماريا ماتشادو تفوز بجائزة نوبل للسلام لعام 2025    محكمة ألمانية تنظر في دعوى جماعية ضد "ميتا" بعد تسريب بيانات    المنتخب المغربي يعادل رقم إسبانيا وألمانيا القياسي ب 15 انتصارا متتاليا    بروكسل تطلب معلومات من منصات إلكترونية بشأن حماية الأطفال    قرار يثبّت سعر بيع "الدقيق المدعوم"    ولاية أمريكية تنفذ أول إعدام منذ 15 عاماً بحق مدان باغتصاب وقتل مراهقة    "مؤسسة منتدى أصيلة" تصدر كتابا تكريما لمحمد بن عيسى تضمن 78 شهادة عن مسار الراحل    مهرجان فيزا فور ميوزيك يكشف عن برنامج دورته الثانية عشرة        تفاصيل فرار متهم أثناء إعادة تمثيل جريمة قتل بطنجة    متدخلون يبرزون من نيويورك دينامية الدعم الدولي لمغربية الصحراء ولمخطط الحكم الذاتي        تواصل ارتفاع أسعار الأسماك والخضر والفواكه يزيد من إنهاك القدرة الشرائية للمغاربة    أشبال الأطلس يطيحون بكوريا ويتأهلون بجدارة إلى ربع نهائي المونديال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    أزمة في مركز تحاقن الدم بتطوان بسبب تراجع مخزون الأكياس الحيوية    انتشال جثة مهاجر جديدة من مياه سبتة    من طنجة إلى "الأطلسي الإفريقي" .. نحو ميثاق للوعي البحري المشترك            القصر الصغير.. البحر يلفظ كميات ضخمة من "الشيرا" واستنفار أمني لتتبع خيوط شبكة دولية    أطعمة شائعة لا يجب تناولها على معدة خاوية    دراسة: الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تغير أعداد البكتيريا المعوية النافعة    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تململ عراقي من التدخلات الإيرانية
الصحافة الإماراتية
نشر في العلم يوم 14 - 03 - 2009


بقلم :د. باقر النجار(*)
اصطبغت العلاقة بين العراق وإيران بصبغة جديدة في مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين. بل أن هذه العلاقة وفي ظل السيطرة الاسلاموية الشيعية على السلطة فيها ، قد فسرت على أنها امتدادا لما يسمى «بدولة ولاية الفقيه».
وقد عزز من هذا الحكم تحديدا ، تمكن جماعات «مجلس الثورة الإسلامية- جماعة الحكيم ، على قطاعات مهمة داخل الدولة العراقية الجديدة. ونتيجة لضعف الدولة العراقية الجديدة أو بالأحرى انتفاؤها في الحالة العراقية وقوتها ، بل وتضخم هذه القوة في الحالة الإيرانية، ولربما كذلك نتيجة للغياب العربي عن العراق، فقد أضحى الأخير واقعا تحت تأثير النفوذ الإيراني . والذي بات يأتي إليها من خلال وسائط اقتصادية وسياسية ودينية وثقافية كما أنه قد يأتي أحيانا من خلال بعض من جماعات الداخل العراقي ذات الامتدادات الأيديولوجية لما يسمى بالدولة الدينية في نموذجها الإيراني، أو من خلال القوة الاقتصادية الإيرانية المتمثلة في إغراق الأسواق العراقية بالمنتجات الصناعية الإيرانية أو من خلال أشكال أخرى من الدعم الاقتصادي ولربما المالي الذي يأتي أما للدولة العراقية الجديدة. والتي باتت تملك علاقة متميزة لا تتسم بالندية ، وهو دعم يأتي إما عن طريق مد العراق بحاجتها من الكهرباء أو السلع الاستهلاكية وغيرها ، أو من حيث انفتاح الأسواق العراقية على السلع الإيرانية، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بينهما من 800 مليون دولار عام 2006 إلى ما
يزيد على الملياري دولار عام 2008 (جريدة أوان/ 7/3/2009). أو أنه دعم يأتي إلى الجماعات السياسية المختلفة العراقية المنضوية في مؤسسة الحكم العراقية الجديدة ، أو تلك المناوئة له مثل ما قيل عن دعمها لبعض الجماعات السنية المتشددة أو في دعمها لجماعات الصدر المناوئة للوجود الأميركي في العراق.
ويرسمُ البعض صورة قائمة على حالة من الاستسلام للقوة والنفوذ الإيراني. إلا أن مثل هذا القول لم يكن إلا انطباعا أو حكما خاطئا للمزاج العراقي الجديد الذي بات يتشكل نحو الوجود والنفوذ الإيراني فيها. فكما أن كلنا أو جلنا قد أعتقد أن العراق قد لا يقوى على الممانعة السياسية والعسكرية للوجود الأميركي فيها، بل إن بعضنا قد افترض حالة من الاستسلام قد تدوم طويلا، إلا أن حالة الممانعة العراقية للوجود الأجنبي قد أذهلت الوجود الأميركي فيها قبل أن تذهلنا.
وبالمثل، فإن البعض منا لم ير في العلاقة بين إيران القوية والعراق الضعيفة إلا في تلك الامتدادات المذهبية أو أنه في واقع أمره لم يرغب إلا في أن يراها في هكذا امتداد. فرغم أن العراق وإيران تشتركان في كون قطاعا مهما منهما يذهب في اعتناق مذهب الاثنا عشرية عند المسلمين الشيعة، إلا أنهما وفي الوقت ذاته ينتميان إلى مدرستين فقهيتين مختلفتين، ليس من حيث الموقف أو الفهم الفقهي فحسب، وإنما هو كذلك من حيث درجة تماهي (ذوبان) السياسة في الدين.
ففي الوقت الذي تقوم فيه المدرسة الفقهية، أو لنقل مدرسة ولاية الفقهية الحاكمة في إيران على درجة كبيرة جدا من التماهي بين الدين والسياسة. فإن المدرسة الفقهية العراقية، أي مدرسة النجف الفقهية، تضع خطا فاصلا وواضحا بين الدين والسياسة، بل إنها ، وفي أحايين كثيرة، قد حاولت أن تنأى عن الزج بنفسها في أتون السياسية الداخلية إلا في القضايا التي ترى أنها مصيرية وملحة ، ويتطلب منها موقفا واضحا.
ورغم أن البروز القوي لإيران قد أعطى مدرستها الفقهية حضورا سياسيا قويا في الإطار الإقليمي، مقابل ضمورا عراقيا واضحا ، إلا أن ذلك قد لا يعني تسيدا أو انفرادا للأول على الآخر الذي يبقى في منظور أتباعه المرجعية الفقهية الأولى، وهو حضور قد يستعيد مع الزمن ، ومن تكاثر الخطأ الإيراني في الإطار الإقليمي ، قدرا كبيرا من قوته وأتباعه. وبالطبع فإن الحضور الإيراني في الداخل العراقي لم يكن في كل أحواله حضوراً مرحبا به، حيث من الممكن تلمس ممانعة عراقية باتت واضحة وصريحة عُبر عنها بشكل جلي أثناء الزيارة الأخيرة للرئيس العراقي الأسبق، ورئيس مجلس تشخيص النظام ، على أكبر هاشمي رافسنجاني. فرغم أن هذه الزيارة قد ندد بها من قبل الكثير من الفصائل السياسية اليسارية والسنية، إلا أن يأتي التنديد بها والتظاهر ضدها من جماعات حزبية وقطاعات شعبية شيعية ، رغب البعض في أن يراها امتدادا لحالة التشيع الإيراني، لهو في واقع أمره مؤشرا مهما في سياق فهم الحالة العراقية الجديدة.
فالحزب الإسلامي العراقي(الإخوان المسلمين) رغم مشاركته في السلطة، قد أصدر بيانا منددا بالزيارة ، كما أن ضياء الشكرجي، القيادي السابق في حزب «الدعوة »المشارك في الحكم ، قد ندد هو الآخر بالزيارة ولقاءات رافسنجاني بعدد من المسؤولين العراقيين. بل إن البعض في العراق قد وجد في رفض المرجع الشيعي الأعلى، السيد على السيستاني، للدعوة الموجهة إليه من قبل السيد هاشمي رافسنجاني لزيارة إيران، نوعا من الرفض للتدخلات الإيرانية المتزايدة في الشأن العراقي الداخلي، بقول الأخير تعليقا على هذا الرفض:« أطلعت على انشغاله (أي أية الله السيستاني) بالخلافات التي تنشأ من خلال تصرفات القوى السنية والشيعية، إضافة إلى القوى الموالية للثورة الإسلامية في إيران.
(جريدة الأخبار اللبنانية 6/3/2009) بمعنى آخر أن الممانعة العراقية لم تقتصر في ذلك على الوجود الأميركي، بل انسحبت هي الأخرى على النفوذ الإيراني المتزايد فيها. مثبتا العراق مرة أخرى، أن التماثل المذهبي لا يقوده بالضرورة نحو تماهي سياسي.
فالتضامنية الطائفية قد تستطيع أن تخلق تحالفا قد يكون قادرا أحيانا على نسج تحالفات عبر قطرية، إلا أنه يبقى تحالفا هشا لا يقوى دائما على مواجهة المصالح الوطنية للأمة. وأن توظيفه قد يخدم البعض بعض الوقت إلا أنه لا يمكن أن يقوى على الحياة كل الوقت.
(*) كاتب بحريني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.