الأسهم الأوروبية تسجل انخفاضا على خلفية تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط    مقتل 6 علماء نوويين في الهجوم الإسرائيلي على إيران    تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل يشل حركة الطيران في الشرق الأوسط    يونايتد يكمل إجراءات انتقال ماتيوس    كأس العالم للأندية.. 31 لاعبا مغربيا يشارك في المنافسة عبر 8 أندية    حسنية أكادير يتعاقد رسميا مع أمير عبدو مدربا جديدا للفريق    سياسة السدود، رافعة استراتيجية لتعزيز المرونة المائية والعدالة المجالية (بركة)    جيش الأردن يعترض صواريخ ومسيّرات    هل تم إضعاف مكافحة الفساد؟    حركة تعيينات جديدة تعيد رسم خارطة المسؤوليات القضائية    2.1 تريليون يوان.. شراكة الصين وإفريقيا التي تعيد رسم خريطة التجارة وتفتح آفاق الازدهار    إسرائيل تعلن تنفيذ ضربة استباقية ضد إيران وتحذر من رد وشيك    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    توقيف سائق متورط في سرقة موثقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    المجلس الوطني لحقوق الإنسان.. الرباط تحتضن استشارة وطنية مع الأطفال تتوج مسارا امتد لعام كامل    كيوسك الجمعة | الحكومة تطلق دينامية قانونية جديدة للنهوض بالسياحة المغربية    منحة الحج: عندما يتحول المال العام إلى ريع ديني مغلف بالخدمة الاجتماعية!    ما أحوجنا إلى أسمائنا الحقيقية، لا إلى الألقاب!    مُحَمَّدُ الشُّوبِي... ظِلُّكَ الْبَاقِي فِينَا    إسرائيل تضرب بقوة الصفوف العليا للقيادات الإيرانية    أنباء عن اغتيال القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي وعلماء كبار في البرنامج النووي    ضربة إسرائيل ترفع أسعار النفط    المجلس الأعلى للسلطة القضائية يصادق على لائحة جديدة من التعيينات في مناصب المسؤولية القضائية    إسرائيل تقصف مواقع حساسة داخل إيران وطهران تتوعد بردّ قوي    ميلاد الندوة الدولية -الدورة الأولى- مغاربة العالم وقضايا الوطن    المجموعات الغنائية بحلة أركسترالية بالبيضاء.. 50 عازفا موسيقيا لأول مرة بالهواء الطلق ضمن "أرواح غيوانية"    أربع حكمات مغربيات في كأس أمم إفريقيا للسيدات        الوداد يكتسح فريقا كنديا بسباعية    مخرجات "اجتماع مكافحة الفساد في القطاع المالي" تقصد قطاع التأمينات    توقيع اتفاقيتين لتمويل مشروعين لتوسعة وإعادة تأهيل المعهدين المتخصصين في فنون الصناعة التقليدية بالرباط وفاس    رسميًا.. نابولي يعلن التعاقد مع كيفين دي بروين في صفقة انتقال حر    بوريطة يتباحث بالرباط مع رئيس مجموعة الصداقة فرنسا-المغرب بمجلس الشيوخ الفرنسي    شهادات مرضى وأسرهم..        الحكومة تصادق على مرسوم لتحسين وضعية المهندسين بوزارة العدل    عجز الميزانية ناهز 23 مليار درهم خلال 5 أشهر    الملك محمد السادس يهنئ الرئيس بوتين    "لبؤات الأطلس" يثبتن بتصنيف "الفيفا"    الأهلي القطري يجدد الثقة في فتوحي    تقرير: الدار البيضاء ضمن قائمة 40 أفضل وجهة للمواهب التكنولوجية العالمية    كاظم الساهر يغني لجمهور "موازين"    بايتاس ينفي الاعتراض على إحالة قانون المسطرة الجنائية للقضاء الدستوري    مشاكل الكبد .. أعراض حاضرة وعلاجات ممكنة    فاس.. "نوستالجيا عاطفة الأمس" تعيد بباب الماكينة إحياء اللحظات البارزة من تاريخ المغرب    تحطم طائرة في الهند على متنها 242 شخصا    "350 فنانا و54 حفلة في الدورة السادسة والعشرين لمهرجان كناوة الصويرة"    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب            أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    









الصين القوة الناعمة.. غزو صيني كاسح للأسواق المغربية بباريس.. الصين القوة الناعمة..
نشر في العلم يوم 08 - 12 - 2016

غزو صيني كاسح للأسواق المغربية بباريس
العلم: باريس أحمد الميداوي
ظاهرة غزو البضائع والمنتجات الصينية ليست استثنائية في باريس حيث معظم العواصم الاقتصادية بما فيها الدار البيضاء والقاهرة وجاكرتا وغيرها، تشكو من الغزو التجاري الصيني الذي لم يعد يقتصر على المستلزمات المنزلية والمنتجات الكهربائية المختلفة، بل طال صناعات أخرى مثل الملابس والأقمشة والنسيج والأحذية وغيرها من المواد التي تنفرد فيها الصين بمهارة كبيرة في التقليد والاستنساخ وتعرضها بأثمنة رخيصة تشكل ضربة قاصمة لأحلام المعامل المحلية التي لا تقوى على المنافسة والاستمرار.
غير أن هذا الغزو يتخذ طابعا متفردا في باريس وضواحيها التي يقطنها ما يزيد عن 200 ألف صيني غالبيتهم العظمى تشتغل في قطاع التجارة وتغرق السوق الفرنسية بكم هائل من البضائع المتنوعة المستقدمة من المخازن العملاقة الموجودة بالبواخر الراسية في السواحل القريبة ومناطق الدول المجاورة.
ويجد الغزو الصيني موطنه المفضل في الأسواق العشوائية المغربية الواقعة في الضواحي والتي تعتبر منفذا رئيسيا للسلع المهربة، حيث تغرق هذه الأسواق بكميات هائلة من السلع الصينية من الإبرة إلى الدراجة إلى المواد الغدائية من أرز وشاي وتوابل وغيرها، حتى ينتابك الإحساس بأن المكان هو مقاطعة صينية تروج لصناعة بلدها.
والمتجول في بعض الفضاءات التجارية الباريسية، يحسب أن الصينيين فرغوا من العمل في الصين ففتحوا متاجر في شوارع باريس وأحيائها وأرصفتها .. متاجر بعضها بلاستيكي تم تشييده في الجهات الخلفية من المكان بلا رسوم ولا إيجار ولا تكاليف.
ولعل أكثر الأمور مدعاة للاستغراب، السلع الصينية المقلدة للآثار الفرنسية من تحف ولوازم أثرية اشتهرت بها فرنسا، مثل برج إيفل وقوس النصر وغيرهما من التحف التي يعمل الصانع الصيني على على استنساخها بغرض الاستفادة المادية القصوى منها، وهو ما يشكل تهديدا للصناعات السياحية الفرنسية في عقر دارها.
والملفت أن الصينيين وفور دخولهم إلى أي سوق يأخذون في التكيف مع عاداته وثقافته، فيعمدون مثلا في الأعياد الإسلامية بفرنسا، وفي شهر رمضان، إلى تسويق المنتجات الدينية مثل فوانيس رمضان والسجاد والسبح والساعات الحائطية المتضمنة لآيات قرآنية، وحتى الألبسة النسوية من خمار ونقاب وستائر رأس مختلفة.
ولأنها ذات أسعار متدنية للغاية، ولأن أصحابها لهم من الوسائل والطرق ما يجعلها تمر من قنوات سرية لا تخضع لأجهزة التفتيش والمراقبة، فإن هذه البضائع وخاصة منها الأقمشة والنسيج والأحذية، تلقى إقبالا كبيرا في الأوساط التجارية الفرنسية نفسها التي تروجها بأثمنة مختلفة بعد أن تزيح عنها إشارة "من صنع صيني" المعروفة لدى المستهلك برداءة جودتها. ويترتب عن ذلك أن يقع المستهلك ضحية احتيالين : السعر المضاعف والسلعة المعروضة بعلامة وماركات أخرى وهي في الأصل صينية.
والعقلية الصينية ميالة إلى تلبية رغبات ومزاج المستهلك الفرنسي والأوروبي التواق إلى التغيير والمتهافت على الموضة. فالصينيون يصنعون لكل فصل من فصول السنة ملابسه ومستلزماته وفقا لمناخه وألوانه، من البذلة والفستان إلى القبعات والنظارة والديكور المنزلي وغير ذلك من اللوازم الأخرى.
و"القوة الناعمة" حاضرة أيضا بقوة من خلال مطاعمها التي تغزو العاصمة الفرنسية، حيث لا يمكنك المرور من حي أو شارع باريسي دون أن تصادف مطعما صينيا يقدم الطهي الصيني بتوابله ونكهاته ومكوناته الغذائية المتنوعة وكذا بطقوسه الحميمية الضاربة في جذور الحضارة الآسيوية التي تشكل الصين نواتها الرئيسية.
فما أن تدلف من بوابة المطاعم الصينية البالغ عددها في باريس والضواحي نحو ألفي مطعم منها 360 من فئة ثلاث إلى خمس نجوم، حتى تجد نفسك محاطا بالضوء الأحمر(لون العلم الصيني) والموسيقى الهادئة الحاضرة مع طبق الطعام وفنجان القهوة، والانحناءة الدافئة للنادلة بفستانها الأحمر النبيذي، وغير ذلك من الطقوس المستنبتة من صميم البيئة الصينية المضيافة.
وما يلفت الانتباه من الناحيتين التجارية والثقافية هو تزاوج العقل الليبرالي الفرنسي مع النمط المحافظ الصيني، إذ أصبح الفرنسيون ينتبهون إلى أن هناك حضارات عظيمة غير تلك التي نشأت في أوروبا وامتدت إلى شمال أمريكا وأستراليا، يتعين التفاعل والتعامل معها بما يسهم في إغناء التنوع الثقافي بين الشعوب والحضارات، ويلغي النظرة النمطية السلبية التي يرسمها الأوربيون عن الآخر.
ولا أحد من المطاعم الموجودة بباريس والضواحي، يستطيع أن ينافس المطاعم الصينية لا من حيث النكهة والغنى والتنوع بشهادة الفرنسيين أنفسهم الذين يعتبرون الطبخ الصيني الأول عالميا، ولا من حيث التكلفة الغذائية التي تزيد من الإقبال عليها. وما من مطعم بالقرب من المطعم الصيني إلا وهو مرغم على التوازي مع الأثمنة الصينية أو الإفلاس حيث يشكو أرباب المطاعم من المنافسة القوية للمطاعم الصينية وخاصة الشعبية منها التي تعرض وجبات مسترسلة للزبون إلى حد التخمة بأسعار زهيدة جدا لا تتجاوز في الغالب سبعة يوروهات. فيمكن للزبون تناول وجبة أو اثنتين أو ثلاثة وفقا لحاجياته البطنية بنفس الثمن.
غزو تجاري يمتد من الأدوات البسيطة إلى الأجهزة الإلكترونية المتطورة، غزو مطعمي يكرس الحضارة الصينية الضاربة في أعماق التاريخ البشري: أليس في حضور القوة الناعمة ما يمهد لغزو ثقافي فكري باعتبار ميل معظم الدول الغربية إلى جعل اللغة الصينية ثاني أو ثالث لغة في مؤسساتها التعليمية. النمر الآسيوي كشر لا محالة عن أنيابه وبشكل مسالم في انتظار غزوات أخرى قد تأتي وقت قريب.
بقلم // أحمد الميداوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.