لفتيت يحذر الولاة والعمال من الاستغلال الانتخابي لبرامج التنمية الترابية            نبيل فهمي يقترب من خلافة أبو الغيط في منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية    الدولار يستقر مع ترقب المستثمرين لتوضيحات حول السياسة النقدية الأمريكية    نادي الجزيرة الإماراتي يُنهي تعاقده مع الحسين عموتة    فتيان الدراجة المغربية يعودون بفضية من ليبيا    كومان: لا أطيق الانتظار.. واخترت النصر السعودي لهذا السبب    كالافيوري يقود أرسنال لهزم مانشستر يونايتد في قمة الجولة الأولى من الدوري الإنجليزي    طقس الإثنين.. أجواء حارة مع هبوب الشركي بعدد من الجهات    اغتصاب جماعي لطفل قاصر بموسم مولاي عبد الله أمغار    خرائط ‬تنبؤ جديدة ‬لمواجهة ‬حرائق ‬الغابات ‬بالمغرب    باحث يفكك خلفيات واقعة رفع أعلام البوليساريو الوهمية في مقبرة الكصابي بكلميم (فيديو)    درك واد لاو يشن حملة واسعة لمحاربة الجريمة وضبط الدراجات النارية المعدلة والمخالفة للقانون            الإفراط في ممارسة ألعاب الفيديو يُعرض المراهقين للتوتر والاكتئاب    مصر تؤكد الدعم لإعادة إعمار غزة    المغرب واستفزازات الجزائر!    إصلاح التقطيع الجماعي..    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ابتسام لشكر وإشكالية الحرية...    "خيرونا" يجهّز عرضًا جديدًا لأوناحي    وفد دبلوماسي أمريكي رفيع المستوى يزور الصحراء المغربية    دراسة: العنف يرفع خطر إصابة المرأة بأمراض القلب والأوعية    زيلينسكي والقادة الأوروبيون يبحثون في البيت الأبيض شروط اتفاق سلام في أوكرانيا    فيدرالية اليسار الديمقراطي بتيسة تدق ناقوس الخطر بشأن الأوضاع الاجتماعية وتنتقد المنع والتهميش    كأس آسيا لكرة السلة: المنتخب الأسترالي يتوج باللقب على حساب نظيره الصيني    قرار هدم يثير الجدل بأزمور: مهاجر مغربي يشتكي من قائدة الملحقة الادارية الاولى    مظاهرات في إسرائيل تطالب بإنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن ونتانياهو يعتبرها "تعزز" موقف حماس    ماكرون: بوتين يريد استسلام أوكرانيا    السكتيوي: قوة شخصية اللاعبين وثقتهم بأنفسهم كانت حاسمة في المباراة ضد الكونغو الديمقراطية    بطولة إفريقيا للاعبين المحليين لكرة القدم.. المغرب يتأهل إلى ربع النهائي بفوزه على الكونغو الديمقراطية    الصحافة من بوابة الثقافة في ذكرى رحيل غلاب    "سينما الشاطئ" تحل بطنجة وتحتفي بالإبداع المغربي في الهواء الطلق    مؤرخان إسرائيليان ‬يقارنان المحرقة.. ‬والإبادة في‬ غزة!‬    إدغار موران : إسرائيل/ فلسطين : ثنائية النَّظرة            الصيادلة يعلنون عن احتجاج وطني تنديدا بنظام تسعيرة الأدوية بالمغرب    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الغابون بمناسبة العيد الوطني لبلاده    لأول مرة..الصين تكشف عن روبوت برحم صناعي قادر على الحمل والولادة    البيجيدي يسائل وزير الداخلية حول مشاركة طوطو في مهرجان القنيطرة وضمانات التزامه بقيم المجتمع    أنفوغرافيك | خلال 2024.. المغرب ثاني وجهة استثمارية في شمال إفريقيا    ميرغت.. الزمان والمكان والذاكرة    130 سربة و42 ألف خيمة.. موسم مولاي عبد الله أمغار يسجل مشاركة غير مسبوقة    الصيادلة يصعدون ضد وزارة الصحة بسبب تجاهل مطالبهم المهنية    الجزائر.. السلطات توقف بث قنوات تلفزية بسبب تغطيتها لحادث سقوط حافلة بوادي الحراش    "لاغتيست" يشعل منصة "رابأفريكا"    بورصة الدار البيضاء تنهي أسبوعها على وقع ارتفاع طفيف لمؤشر مازي    هكذا يتجنب عشاق ألعاب الفيديو متاعب العين    دراسة: أطباء يفشلون في تشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أي اتهام.... صرخة حرة من مخيمات تيندوف
نشر في العلم يوم 27 - 10 - 2009

وقبل أن أجرم وقبل أن تعلو أصوات المنافقين الكذابين المنبطحين، وقبل أن يعطى الضوء الأخضر لأصحاب المهمات القذرة المستفيدين من الريع كي يردوا بطريقتهم المعهودة على كلامي هذا، أود قول شيء مهم: لست أنا السارق ولا أنا الخائن ولست من الذين شيدوا المنازل في تندوف وموريتانيا واسبانيا ولست آكلا لحق اليتامى المشردين بعيدا عن وطنهم ولا أنا من الذين ينعمون بالسلطة منذ أكثر من ثلاثة عقود ولست إبنا لأحدهم، لم أنهب قط حق أحد ولم أستولي عليه، لست قبليا ولا عنصريا، أنا حتى ليس لي وطن بعد أن أمن من آمنهم شعبي على مصيره على أنفسهم وذويهم وشيدوا المنازل الفخمة وتجنسوا ما شاءوا من جنسيات البلدان المجاورة وتخلوا عن قناعاتهم ومواقفهم واختاروا ملذات الدنيا وسحر بلدانها التي سمحت لهم بدخولها وتركوا الناس الذين جاؤوا بهم إلى هذا المنفى يصارعون مصيرهم بأنفسهم، لم أتزوج بعد رغم عشقي الشديد لجمال بنات بلدي وحلمي بأن أبني أسرة صغيرة مستقرة وهادئة بعيدا عن فوضى الصراعات والنزاعات التي عادة مايذهب الناس البسطاء ضحية لها، لكنني كغيري من أبناء جيلي لايمكنني أن أكمل نصف ديني فأبناء المسؤولين والمسؤولين أنفسهم أحلوا
الزواج على أنفسهم مثنى وثلاثة وأربعة وحرموه على غيرهم من خلال التنافس في استعراض الإمكانيات الضخمة أثناء وبعد الزواج قبل أن يستشعرون خطر تعداد السكان الذي تطالب به المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وأنه ربما يكون العدد قليل أو آخذ في النقصان نتيجة الهجرة وأمور أخرى ويجب أن يرفع فعمدوا إلى تشجيع الزواج مؤخرا من أجل التكاثر بتحريم نحر الجمل ودوران السيارات حول مكان العريس يوم فرحه ورفع أصوات الموسيقى وهي مظاهر اعتاد الإنسان الصحراوي القيام بها ولا علاقة لها بقلة أو كثرة تكاليف الأعراس، ونسوا أن الناس لاتملك الإمكانيات مثلهم ولاتستطيع أن تلد أبناء سيحرمون من العيش بكرامة عندما يضطر الأب إلى مد يده لأجلهم، ونسوا أيضا أنه لايمكننا أن نلد أبناء سوف لن يدرسوا مثل أبنائهم في البلدان المجاورة وغير المجاورة لأن التعليم عندنا اضعف من يدرس فيه الكبار فما بالك بالصغار، وكغيري من الناس المساكين هنا سأضطر إن أنا تزوجت إلى أن أسرق أو أنافق حتى أضمن لقمة عيشي وعيش عائلتي.
أما مواطن بسيط لا احمل حتى جواز سفر لأتمكن من حق التنقل والسفر كأي إنسان في هذا العالم باعتبار ذلك حقا أساسيا من حقوق الإنسان ولا يمكنني أن أحصل على فيزا ولا حتى أن «أحرق» فمن سوء حظي أن منفايا ليس مطلا على البحر ولا على المحيط، أبي أفنى عمره في ساحات القتال وأمي عانت وتأثرت غيرها من الأمهات بواقع المنفى الصعب وهي أيضا كغيرها اضطرت لتربية أبنائها من أجل أن تراهم رجالا ونساء يعتمدون على أنفسهم وليسوا متطفلين عند غيرهم، ليس لدي راتبا شهريا ولا سنويا، وأنا مثل كثيرين من أبناء جلدتي إنسان حتى لا أقول مواطن في فيافي لا تستطيع حتى الحيوانات الاستمرار حية فيها، أنا وأمثالي كثيرين لا أملك حتى حق الكلام ولا حق التعبير، لكن توجد نوع من حرية الرأي غريبة يتغنى البعض بها هذا اسمها: «الناس تقول ما تشاء والنظام يفعل ما يشاء»، أنا وأمثالي كثيرين لا نملك حتى الحق في القراءة ففي منفايا هذا لا توجد صحف ولا مجلات ولا قنوات تلفزيون ولا إذاعات، وحتى لايتهمني البعض بأنني نسيت او تغافلت عن ذكر وسائل إعلام توجد فعلا في منفايا هذا أصرح مكرها بأنه توجد إذاعة وطنية وتلفزيون أصبح على ما يبدوا فضائيا شخصيا لم
أشاهده فضائيا ليس لأنني لا أريد بل لأنه لا يوجد إلا على تردد قمر اصطناعي واحد لا أعرف حتى اسمه وإذا حاولت البحث عنه فيستوقف بث التلفزيون قبل حتي أن اضبط المقعر على ذلك القمر، وقبل أن أنسى لأنني أكاد لا أشعر بوجودهم، وتوجد صحيفة واحدة اسمها «الصحراء الحرة» لا اعرف حقا إن كانت شهرية أم سنوية أم ظرفية لكنني أعلم أنها ليست أقصد الصحيفة ليست حرة وأن لا أحد يقرأها اسألوا الناس ، توجد أيضا مجلة اسمها 20 ماي تتوقف لعشر سنوات قبل أن يصدر منها عدد ويقال أنها لسان حال التنظيم السياسي أي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ولا اعرف إن كان هذا اللسان يتوقف كل هذه المدة عن الكلام لأنه لم يجد ما يقوله أم بسبب آخر لكنني أعلم على الأقل أن هذا اللسان طويل جدا في التحدث عن أمور أخرى لا علاقة لها بهذا التنظيم ولا بمبادئه، وبالمناسبة هي الآن متوقف منذ أكثر من ثلاثة سنوات رغم وجود طاقم وغرفة تحرير وأجهزة إعلام آلي لكن ربما لا توجد آلة للتكثير تخيلوا لسان حال البوليساريو تنقصه آلة للتكثير لا أعرف حتى إن كان سيصدقني من لايعرف هذه الحقيقة المرة.
وسط هذا الواقع المر.. حاولنا التغيير دون جدوى في منتصف العام ألفين وثلاثة أسست دون ترخيص، ففي منفايا هذا لا يرخص للإعلام الحر ولا حتى للكلام الحر، أسست مجلة «الأمل» كمجلة مستقلة لا تتبع لأي جهة ولا تتأثر بأي توجه سياسي، هدفها نشر الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، وبعد صدور عددها الأول أنضم الى المشروع الشجاع مجموعة من الشباب بعضهم أصابه الملل وسكت في وقت وجب فيه الكلام وبعضهم لا يزال على العهد وما بدلوا تبديلا.
وفي سنة 2009 كان قد صدر من مجلة «الأمل» ثلاثة وعشرون عددا، وبعزيمة وصبر أصحاب المشروع الحلم أصبحنا أكثر انتشارا من كل مجلات وصحف النظام ورغم أن التمويل كان عبر تبرعات الأشخاص في كثير من الأحيان إلا أنني لا أنكر أنني كنت أمد يدي من أجل المساعدة الى بعض الجهات في النظام في كل مرة نعجز فيها عن تمويل مجلتنا لسبب واحد هو أن تستمر المجلة في الصدور وان لا تتوقف كما أراد لها البعض ولأنني أيضا كنت اعتقد ومازلت أن أي إمكانيات حصلنا عليها وعلى قلتها ليست سوى حقا قليلا من حقوقنا المهضومة وهي لست منحة أو غرضا تبرع به النظام لنا، لكن ومع مرور الوقت ضاق النظام ذرعا بنا وبألسنتنا الطويلة التي كانت أطول من لسان حالهم مجلة «20 ماي» ولأننا أصبحنا جريئين ولم نكن منافقين ولا منبطحين وقد رفضنا في كل مرة التخلي عن مبدئنا القائم على احترام حرية الرأي والتعبير وقول الحقيقة مهما كانت مرة أو قاسية رغم أن هذه القسوة لم يشعر بها إلا من هم في سدة الحكم وكما يقول المثل الشعبي «الي ما فيه أعظام ما ايرادس»، وفي هذه الفترة كان قد انظم الى الفريق مجموعة أخرى كانت أكثر شجاعة وتحمسا للفكرة ، ونلنا احترام وتشجيع القراء.
ولأن لكل بداية نهاية فقد أراد البعض أن يوقف هذا الزحف الوليد من عصارة الضغط والألم والمعاناة في مخيمات المنفى، ولعله كان المتنفس الوحيد لأولئك الذين يؤمنون بحرية الرأي والتعبير ولايقبلون كون ذلك مؤجل الى مالا نهاية مخالفة أن ينتهي بنا المطاف أمواتا قبل حتى أن يجهر بالحقيقة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم «الساكت عن الحق شيطان اخرس».
لكن ومن سخرية القدر أصبحنا نحن الشياطين بعينهم في مخيماتنا «المعززة والمكرمة»، لاتستغربوا ففي بلدي المغلوب على أمره كل شيء يفهم بالمقلوب، ولأن الأمور بخواتمها فقد أضحت «الأمل» وفريقها جرما يجب إنزال العقاب به بطريقتهم الخاصة، فتوقفت المجلة وغابت عن الصدور وسكت الشياطين عن الكلام غير المباح.
لماذا غابت الأمل عن الصدور؟
تلك قصة أخرى فصولها أكثر مرارة وألما سأحكيها عندما يحين الوقت لأنني أؤمن بحرية الرأي والتعبير حق طبيعي من حقوق الإنسان في كل زمان ومكان وليس حقا يعطى أو يمنح بموجب قانون أو دستور أو بمزاج أشخاص لايهمهم سوى ضمان مصالحهم واستمرارهم في سدة حكم مشؤوم.
وقبل أن يتهمني أي أحد أردت أن يعرف الجاهزون للاتهام وتلفيق الأكاذيب والنفاق الى من يوجهون الاتهام ومن يستحق العقاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.